سلطة الاحتلال تبدأ عملية تسليم اللقاح للفلسطينيين، ومن يحتلّ السلطة في لبنان يضع بني جلدته في مصاف آخر مواطني الدول المستوردة للقاحات، مفسحاً في المجال أمام مواصلة عدّاد الموت مساره المتصاعد ليحصد أمس أرواح 61 مصاباً بـ”الكورونا” على إيقاع قرع متسارع لطبول الانهيار والتحلّل، مالياً واقتصادياً وصحياً، وصولاً إلى شحّ أجهزة الأوكسجين في المستشفيات وحليب الأطفال في الصيدليات.
من السيئ إلى الأسوأ تتدهور أحوال الجمهورية، والقيّمون عليها لا يزالون غارقين في “شتيمة” رئيسها مستغرقين في البحث عن سبل “مسحها بدقن” الوسطاء، وآخرهم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي زار “بيت الوسط” أمس، وتولى، حسبما نقلت مصادر مواكبة لحركته، مهمة إجراء عملية “مونتاج” لفيديو بعبدا، بالأصالة عن نفسه باعتباره كان مشاركاً فيه بآذان صاغية لإهانة الرئيس سعد الحريري، وبالوكالة عن الرئيس ميشال عون الذي آثر عدم الاعتذار عن شتيمته للحريري والالتفاف عليها، عبر دفع دياب إلى زيارة الأخير والإيحاء بأنّ “صفحة الفيديو طويت”.
عدا عن ذلك، تؤكد المصادر أنه “من السذاجة بمكان، الاعتقاد بأنّ حل عقدة التأليف سيكون على يد دياب، وما شهدناه (أمس) ليس أكثر من مجرد توطئة إعلامية لعقد لقاء جديد بين عون والحريري بقوة دفع من مبادرة البطريرك بشارة الراعي، وذلك بالتوازي مع جهود لتدوير الزوايا يتولاها رئيس مجلس النواب نبيه بري بمؤازرة من “حزب الله” تمهيداً لمرحلة ما بعد دونالد ترامب”، موضحةً في هذا السياق أنّ سلسلة تحركات تصبّ في خانة ترجمة “رفع الحظر” الذي كان يفرضه “الحزب” على عملية تأليف الحكومة قبل تسلم الإدارة الأميركية الجديدة ولايتها اليوم، “سواء عبر حراك اللواء عباس ابراهيم أو من خلال جولة دياب وإيفاد بري النائب أنور الخليل إلى بكركي، لإبداء عين التينة استعدادها للمساهمة في الحلحلة الحكومية بالتنسيق مع البطريرك الراعي”.
وإذ تستبعد أن تسفر مجمل التحركات الحاصلة والجهود المستجدة عن “نتائج ملموسة قريبة خارج نطاق السعي إلى استئناف لقاءات رئيس الجمهورية والرئيس المكلف”، تشدّد المصادر المواكبة على أنّ “إحداث الخرق المنشود يحتاج إلى مزيد من الوقت، خصوصاً وأنّ رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لن يستسلم بسهولة إلى محاولة سحب البساط الحكومي من تحت قدميه، كما أنّ الرئيس المكلف لن يرضى بالرضوخ لشروط باسيل ولن يقبل بمنحه ثلثاً معطلاً ظاهراً أو مقنّعاً في التشكيلة الوزارية المرتقبة”. غير أنّ الأكيد في ضوء المستجدات أنّ “هامش التعطيل لدى باسيل بدأ يضيق مع دخول “حزب الله” على خط تذليل العقبات”، وفق ما ترى المصادر، سيما وأنّها نقلت عن مقربين من “الحزب” تأكيدهم عزمه على “الدفع باتجاه خلق ديناميكية جديدة في الأيام المقبلة، عبر تزخيم محركات الموفدين لترطيب الأجواء بين بعبدا وبيت الوسط، والمساهمة في إيجاد مخرج للمأزق الحكومي لا يكون فيه غالب ومغلوب”.
أما المطلعون على أجواء دوائر الرئاسة الأولى، فيجزمون بأنّ اللقاء بين عون والحريري وضع على السكة “لكن ما يجري بحثه أولاً هو استئناف التواصل الهاتفي بينهما، تمهيداً لعقد هذا اللقاء”، مشيرين إلى أنّ المعضلة الأساس تتمحور راهناً حول سؤال مركزي: “من يتصل بالآخر؟ فهل يبادر عون إلى الاتصال بالحريري لدعوته إلى اللقاء في بعبدا، أو يأخذ الثاني المبادرة فيتصل بعون لطلب اللقاء؟”.
وبانتظار حسم هذه المعضلة، يبقى الثابت الوحيد وفق أوساط واسعة الاطلاع أنّ “ما بعد 20 الجاري (تاريخ تنصيب جو بايدن اليوم) لن يكون كما قبله حكومياً، وبالأخصّ أنّ “حزب الله” تحرّر من كابوس ترامب وسيعمد بالتالي إلى السعي لتدوير الزوايا الحادة في بعبدا وميرنا الشالوحي، والدفع باتجاه نقل الملف الحكومي نحو محطة جديدة تلاقي قطار الانفتاح الإيراني على الإدارة الأميركية الجديدة”.