اتسعت في اليومين الماضيين رقعة الاحتجاجات الشعبية على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، والتي فاقمها قرار الاقفال العام، فطالت الى جانب طرابلس مناطق في بيروت والجية وتعلبايا وشتورة. وسجلت في طرابلس تصاعد وتيرتها وتحولها الى اشتباكات مباشرة بين المتظاهرين وقوى الامن.
وتفاقمت المخاوف من ان تؤدي هذه الاحتجاجات لخروقات كبيرة للاقفال العام ما يؤدي لارتفاع عداد «كورونا» مجددا ليطال الـ5 آلاف اصابة يوميا. وتتركز الجهود حاليا على تفعيل عمل النقابات المعنية بالتعاون مع الوزارات المختصة لفرض نوع من اللامركزية في مكافحة الوباء من خلال تكليف البلديات بالتنسيق والتعاون مع فرق طبية متابعة المصابين من منازلهم لمحاولة التخفيف من الزحمة التي تشهدها المستشفيات.
الاحتجاجات مؤامرة؟!
وفيما بدت الاحتجاجات الشعبية المتنامية مفهومة تماما ومبررة، خاصة ان القسم الاكبر من اللبنانيين هم مياومون ما أدى لتوقف اعمال معظمهم مع تفشي «كورونا»، لم تتردد مصادر رسمية بالاعراب عن تخوفها من محاولة البعض لعب ورقة الشارع من جديد لفرض شروطها بالسياسة، خاصة بعد الوصول الى حائط مسدود بالملف الحكومي. وقالت المصادر لـ«الديار»: «تحرك الشارع في هذا التوقيت بالذات يطرح اكثر من علامة استفهام خاصة مع المنحى الذي تتخذه بعض التحركات في طرابلس حيث يتم اللجوء للعنف والتخريب».
اذا كالعادة تضع قوى السلطة اي تحركات احتجاجية باطار «المؤامرة» لتؤكد مرة جديدة انها بعيدة كل البعد عن وجع الاكثرية الساحقة من اللبنانيين وانها تعيش حقيقة في عالم آخر معتقدة ان مبلغ الـ400 الف ليرة والذي لا تتجاوز قيمته الـ50 دولارا اميركيا والذي تمنحه للعائلات الاكثر فقرا قادر على احتواء انتفاضة جوع مقبلة لا محال.
فبحسب معلومات حصلت عليها «الديار» فمن المقرر ان تستفيد 250 الف عائلة خلال الشهرين المقبلين من المساعدات التي يوزعها الجيش وتبلغ قيمتها 400 الف ليرة لبنانية. وقد استفادت في المرحلة السابقة 220 الف عائلة من هذه المساعدات علما ان الاسماء التي تطالها عملية التوزيع تصل لقيادة الجيش من رئاسة مجلس الوزراء ويتم التدقيق فيها.
العين على باريس
وكما كان متوقعا لم تؤثر حركة الشارع على الجمود الحكومي المتواصل. وبحسب معلومات «الديار» فإن جميع الفرقاء يترقبون حركة فرنسية تنتشل الملف من المراوحة وهم يعولون بشكل اساسي على البيان الذي صدر عن الاليزيه بعد اتصال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بنظيره الأميركي الجديد جو بايدن واشار البيان الى «تناول الرئيسين بعض القضايا الشائكة منها الملف النووي الإيراني والأوضاع في لبنان ومخاطر وباء كورونا والمناخ» وحديثه عن وجود «تقارب كبير في وجهات النظر» بين الرئيسين حول القضايا الدولية الرئيسية… وتقول مصادر «الثنائي الشيعي» ان الجميع يترقب اليوم ما اذا كانت «واشنطن» ستفرج عن الملف اللبناني فتسمح لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بتشكيل حكومته، لافتة في حديث لـ«الديار» الى ان فرنسا كانت ولا تزال تسعى لحلحلة الازمة من منطلق انه لا يليق بها الاخفاق في الملف اللبناني بعد كل الجهد الذي بذله رئيسها الذي زار بيروت مرتين، مضيفة: «لا شك ان اي زيارة جديدة له ستكون مرتبطة مباشرة بقدومه للاعلان عن حل ناضج ونهائي وهذا بات مرتبطا على ما يبدو بالتوجهات الأميركية الجديدة في المنطقة بعد استلام بايدن مهامه».
شيا على خط بعبدا ـ عين التينة
في هذا الوقت، لفتت الحركة الاميركية التي سجلت يوم امس على خط بعبدا- عين التينة والتي بدا واضحا انها مرتبطة بمساعي استئناف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية. والتقت السفيرة الاميركية دوروثي شيا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي اكد لها «حرص لبنان على استمرار علاقات الصداقة والتعاون بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية في اطار من التفاهم والاحترام المتبادلين والتمسك بالقيم المشتركة». وتم التطرق خلال الاجتماع، وفق بيان القصر الجمهوري، الى مسألة التفاوض لترسيم الحدود البحرية الجنوبية حيث اكد الرئيس عون «موقف لبنان لجهة معاودة اجتماعات التفاوض انطلاقا من الطروحات التي قدمت خلال الاجتماعات السابقة. ومن بعبدا، انتقلت شيا الى عين التينة حيث استقبلها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي عرض معها الاوضاع العامة لا سيما تداعيات الازمة الخانقة التي تعصف بلبنان. وأثار بري موضوع مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية غير المباشرة، مشددا على «أهمية إستئنافها بزخم نظرا لأهمية النتائج المتوخاة منها للبنان ولتثبيت حقوقه السيادية وإستثمار ثرواته». وبحسب المعلومات، فان اللقاءين اللذين عقدتهما شيا لم ينحصرا بملف الترسيم بل قاربا كل الملفات المطروحة والمرتبطة بالازمات اللبنانية المتعددة، لكن بدا واضحا استعداد واشنطن لتفعيل مساعيها مجددا للدفع باتجاه استئناف مفاوضات الترسيم معولة على بعض الليونة اللبنانية وبالتحديد على قدرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري تليين موقف الوفد اللبناني الرسمي.
موازنة 2021… حاضرة
ماليا، أفيد يوم امس عن احالة مشروع الموازنة العامة لعام 2021 إلى رئاسة مجلس الوزراء مرفقاً بتقرير مفصّل عن الأسس المعتمدة في إعداد المشروع وأبرز التغيّرات بين قانون موازنة 2020 ومشروع موازنة العام 2021.
وفور الاعلان عن ذلك، دعا رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الحكومة للاجتماع استثنائيا «لاحالة مشروع الموازنة الى مجلس النواب في ظل الشلل في مسار التأليف والوضع المالي المتدهور وضرورة اقرار الاصلاحات المالية وضبط الانفاق خارج فوضى الاثني عشرية وتعزيز اعتمادات وزارة الصحة».