بدت طرابلس، عاصمة الشمال، وساحة الاحتجاجات الشعبية ضد امتداد الفقر المدقع، وانعدام وسائل العيش الضرورية، من خبز وطعام وخضار، مع ارتفاع أسعار الخضار والفواكه، ليل أمس، كأنها أشبه بساحة حرب، مع إشعال الحرائق في السيّارات، وإطلاق قنابل المولوتوف، إذ ردّت القوى الأمنية بإطلاق الرصاص المطاطي، ورمي متبادل للحجارة، الصغيرة والكبيرة..
وتأتي هذه التطورات، في وقت تغمض السلطة الحالية عينيها عمّا يجري، وتدفن رأسها في الرمل، وتترك القوى الأمنية والفقراء الساخطين وجهاً لوجه، بعد تحذير القوى الأمنية من استخدام القوة لمنع سقوط سراي طرابلس بيد العناصر المحتجة.. وتجاوز عدد المصابين الـ250 إصابة، تولى الصليب الأحمر اللبناني نقل 35 إلى المستشفيات، وتم مداواة الباقين ميدانياً وعددهم 67 مصاباً، وتولت العناصر الأمنية معالجة المصابين من عناصرها.
وليلاً، حاول المحتجون الدخول إلى السراي من الناحية الخلفية، وأشعلوا النيران في السيّارات، كما القوا القنابل، واستقدمت القوى الأمنية تعزيزات محذرة من أنها ستتعامل بشدة وحزم لمنع اقتحام السراي.
وكشف الصليب الأحمر اللبناني أن المواجهات أدّت إلى إصابة 6 جرحى، تمّ نقلهم إلى المستشفيات وتم إسعاف 46 في المكان.
وفيما رأت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان ما يحصل في طرابلس له علاقة بالوضع الاقتصادي واستمرار الأقفال العام لافتة إلى أنه لو كانت الأحداث لها رسالة سياسية لكانت نوعية المشاركة مختلفة والشعارات كذلك مع العلم انه يمكن استثمارها سياسيا.
وأشارت إلى أن عنوان التحرك هو الغلاء وانعكاس استمرار الأقفال على الوضع الاقتصادي. ورأت أن موضوع الحكومة ليس مرتبطا بما يحصل من تحركات على الأرض لأن من يتحركون على الأرض ضد التركيبة السياسية واسقاطها كلها.
وقال الرئيس سعد الحريري انه قد تكون جهات وراء التحركات في طرابلس، التي تستغل وجع النّاس لتوجيه رسائل سياسية، داعياً إلى عدم الاعتداء على الأملاك الخاصة والأسواق والمؤسسات الرسمية.
واشارت مصادر مواكبة لاحداث عاصمة الشمال الى ان توتر الاوضاع الامنية في مدينة طرابلس تحت عناوين تفاقم الضائقة المعيشية التي يعانيها المواطنون ولاسيما ذوي الدخل المحدود والمحتاجين قد يكون احد الاسباب لمايحصل، ولكن يبدو أن هناك من يحاول استغلال هذه التحركات الشعبية والتلطي وراءها لتاجيج التوتر لغايات وأهداف خبيثة بعيدة كل البعد عن المطالب الشعبية المحقة. وقالت ان الفراغ الحكومي جراء تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، ووجود حكومة مستقيلة وسلطة عاجزة عن القيام بالمهمات المنوطة، يتسبب بفراغ مميت تستغله الجهات المشبوهة نفسها للتحرك من خلاله أيضا لتنفيذ غاياتها الخبيثة على حساب ومطالب المواطنين المحتجين ضد المسؤولين المتهاونين في الاهتمام بمصالح الشعب ومطالبه المعيشية التي تدهور يوما بعد يوم من دون مبالاة، سوى الاهتمام بمصالحها ونفوذها.
وشددت ان لملمة الوضع وإعادة الامور الى طبيعتها يتطلب تحمّل المسؤولين بالسلطة وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ميشال عون مسؤولياته الدستورية للافراج عن التشكيلة الوزارية التي سلمه أياها الرئيس المكلف سعد الحريري وإصدار مراسيم تاليفها بسرعة لكي تتولى مهماتها وتباشر في حل الأزمة المالية والمعيشية بما ينعكس ايجابا على التخفيف من الضائقة الصعبة التي يعاني منها الناس في كل لبنان.
وخلصت المصادر إلى القول ان مايحصل من توترات واحتجاجات شعبيه في مختلف المناطق مرده الى الفراغ الحكومي وتحلل السلطة في اكثر من مكان، وكلما طال هذا الفراغ، كلما تراكمت الازمات ومعها الاحتجاجات الشعبية والتي قد يصعب تطويقها ووضع حد لها اذا بقي المسؤولون على عدم مبالاتهم في تسريع تشكيل الحكومة العتيدة.
الملف الحكومي.. الجمود
على الصعيد الحكومي، قالت أوساط مراقبة لـ«اللواء» أن الانتظار لا يزال سيد الموقف في الملف الحكومي فلا الاتصالات التي تتم بعيدا عن الأضواء قادرة على أحداث الخرق المطلوب فيه ذلك أن الطرفين الاساسيين في هذه العملية لم يبديا أي تراجع عن المواقف لافتة إلى أن ما من مساع جديدة إنما لا تزال تلك القديمة والتي تدور حول العقد المعروفة.
وأعربت المصادر عن اعتقادها أن السؤال المطروح يتصل بكيفية ترتيب تواصل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف على قاعدة مواصلة البحث من النقاط العالقة والتفتيش عن ثغرات حتى وإن كان الأمر صعبا.
وفي السياق، كشف مصدر فرنسي أن الاتصالات لم تنقطع مع كل من الرئيس الحريري، ورئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل.
وترددت معلومات ان الرئيس الحريري يحضر لمصارحة الرأي العام بالموقف الحكومي، مع ترجيح ان يكون في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط المقبل.
وفي هذا السياق، يتحدث الثنائي عن مبادرة انقاذية جديدة بدفع فرنسي مباشر بعد تواصل وتنسيق جهات من الاليزيه معه ومع قوى لبنانية وازنة من اجل دفع قطار تشكيل الحكومة الى الامام، وعلم هنا ان الاليزيه طلبت بشكل مباشر وشخصي من عون التنازل في مسالة وزارتي الداخلية والعدل، واصرت على الوسطاء لايجاد حل وسط يقضي بتسمية الرئيسين عون والحريري شخصيتين حياديتين لهاتين الوزارتين مرشحة اسماء محددة لتوليهما ما زالت قيد الدرس.
واذا صحت التوقعات، فان تجاوز عقبة هاتين الوزارتين لا يعني تشكيل الحكومة، حيث يبقى موضوع حصة رئيس الحزب الديمقراطي طلال ارسلان، وقد أُبلغ الوسطاء انه لا يمكن السير بتسهيل التشكيل قبل التوافق على توسيع الحكومة ومنح المير مقعدا يجد فيه عون ورئيس التيار الحر جبران باسيل منفذا غير معلن للحصول على ما يشبه الثلث الضامن.
غير ان المحاولة الفرنسية الجديدة التي تاتي هذه المرة بالتنسيق الكامل مع ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن لن تتولاها فرنسا بشكل مباشر وكامل، اذ تشير المعلومات ان واشنطن تعتزم ارسال موفد اميركي رئاسي الى لبنان، مؤكدة ان جولة السفيرة الاميركية دوروثي شيا منذ يومين الى بعبدا وعين التينة تاتي في اطار التمهيد وجمع المعلومات قبل وصول موفد بلادها.
ووصف مصدر في الثنائي الكلام عن التمديد لرئيس الجمهورية بعد انقضاء ولايته بـ«المعيب والمرفوض»، ويصبح لزاما على عون اسكات جوقة مستشاريه ونوابه ووزرائه عن التفوه بهذا الكلام الممجوج …رد الثنائي «بهذا القرف» على جس النبض الرئاسي للتمديد المزعوم هو ابلغ توصيف للصعوبات التي يواجهها مع الحالة العونية التي تخطت كل الحدود الحمراء وباتت تشكل عبئا عليه.
إلى ذلك واصلت السفيرة الأميركية دوروثي شيا تحركها الاستطلاعي تجاه المسؤولين، فألتقت وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبه، وتم خلال اللقاء «التأكيد على العلاقات المشتركة بين لبنان والولايات المتحدة وضرورة تعزيزها وتقويتها في العام الجاري».
وقال الوزير وهبه لـ«اللواء»: انه اجرى مع السفيرة شيا جولة افق في كل ملفات العلاقات الثنائية وسبل المحافظة على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة في ظل الادارة الجديدة، لا سيما ان اميركا تلعب دور الوسيط في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية وهو دور اساسي ويهمنا ان يستمر بزخم ونحن نتمسك به، على امل ان التوصل الى تسوية تضمن حقوق لبنان الوطنية في ارضه ومياهه.
واوضح وزير الخارجية ان السفراء عادة يقومون كل اول سنة بجولة على المسؤولين لإعداد تقرير عن الاوضاع المستجدة في الدول التي يعملون بها، فكيف الان مع وجود إدارة جديدة لا بد ان تضعها السفيرة في صورة الاوضاع عامة من كل الجوانب عبر تقرير او مفكرة ترسلها للخارجية الاميركية.
وعن موعد استئناف المفاوضات قال وهبه: ان الامر مرتبط بمسعى الوسيط الاميركي والوفود الثلاثة اللبناني والاميركي والاسرائيلي، علماً ان الوفد الدولي جاهز دوماً لإستضافة اي إجتماع للمفاوضات.
اجتماعات كورونا وخطة اللقاح
في غضون ذلك، إنصب إهتمام حكومة تصريف الاعمال على مواجهة تفشي فيروس كورونا، عبر اجتماعات متتالية استمرت حسب معلومات «اللواء» من العاشرة صباحاً حتى السابعة، منها اطلاق الخطة الوطنية للقاح كورونا، واجتماع للجنة الوزارية لكورونا لوضع خطة الطوارىء الصحية التي وضعتها اللجنة التقنية لمواجهة كورونا، برعاية وزارتي الصحة والداخلية».موضع التنفيذ لا سيما لجهة توفير اكبر عدد من اجهزة التنفس. واجتماع لجنة المساعدات لمن هم دون خط الفقر، حيث تقرر زيادة عدد العائلات المشمولة بمساعدة ال 400 الف ليرة الى 300 او 400 الف عائلة ومع امكانية زيادة المبلغ الى 800 الف ليرة.
واكد رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب خلال اجتماع اللجنة الوزارية «أهمية خطة الطوارىء الصحية ووضعها قيد التنفيذ سريعا»، مشددا على أنها «يجب أن تتضمن تأمين أجهزة التنفس الاصطناعية في القرى والبلدات والبلديات ولدى المؤسسات الصحية المختلفة»، مشيرا إلى أن «دراسة تمويل هذه الخطة ستتم في وقت لاحق».
وناقش المجتمعون «خطة ما بعد الإقفال»، فأشار دياب إلى أن «لا شيء يمنع من تمديد الإقفال في حال تفاقمت الأعداد، مع التشديد على ضرورة التوازن بين الوضعين الصحي والاقتصادي».
ومساءً، عقدت اللجنة الوزارية لمواجهة وباء كورونا اجتماعاً، برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، جرى خلاله عرض مشروع خطة الطوارئ الصحية، وواقع المستشفيات الحكومية، وقدرتها الاستيعابية، وما حصل بالنسبة لجهوزية هذه المستشفيات، والفاتورة المرتفعة لدخول المستشفيات الخاصة.
كما ناقش المجتمعون خطة لمواجهة السلالات المتحورة لكورونا، و«خطة ما بعد الاقفال»، فأشار دياب إلى ان «لا شيء يمنع من تمديد الاقفال، في حال تفاقمت الأعداد».
وكان أعلن من السراي الحكومي، عن خطة لقاح وباء كورونا، بحضور وزاري وطبي وصيدلي، فضلاً عن ممثلين للبنك الدولي، واليونسيف ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن هدف الخطة، تحقيق مستويات عالية من التلقيح في المجتمع التي تصل إلى حدود 80٪ خلال العام 2021، للتخفيف من التفشي المرضي، وتحقيق الإصابات، وعدد الوفيات.
وعرض رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة الجرثومية عبد الرحمن البزري التفاصيل التقنية والتنظيمية للخطة والآليات المعتمدة في مراحل استيراد اللقاح وعملية التلقيح وما بعدها، وقال: «تهدف الخطة إلى الحماية المجتمعية وفق أسس ومعايير علمية واضحة، وتم تشكيل لجنة متخصصة لمتابعة الشفافية في عملية التلقيح. كما تهدف إلى توجيه المواطن ومتابعته في مراحل التلقيح ومراقبة الآثار السلبية للتلقيح».
كما أوضح النائب عاصم عراجي أن «بدء عملية التلقيح لا يعني وقف الإجراءات الوقائية من ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي وغيرها»، وقال: «عملية التلقيح ستمتد إلى أواخر العام الحالي، على عدة مراحل، للوصول إلى مناعة مجتمعية 80 في المئة، وإذا طبقنا الخطة بشكل صحيح فسنصل إلى بر الأمان في نهاية العام».
إضراب للثانويين والإداريين
مالياً، ومع انكشاف مواد الموازنة العامة للعام 2021، والتي تمس الموقع الوظيفي المالي والصحي والاجتماعي للموظفين والأساتذة الثانويين، دعا الأساتذة في التعليم الثانوي في لبنان إلى عقد جمعيات عمومية في الثانويات ودور المعلمين اليوم استعداداً لاعلان الإضراب المفتوح، لإسقاط مشروع الموازنة.
وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، منحت لبنان في تقريرها أدنى تصنيف ممكن ان تمنحه على الإطلاق، أي مرتبة C، وهي مرتبة تعكس الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البلد.
وجاء في بيان صدر عن لقاء النقابيين الثانويين إلى ان المواد التي تستهدف المكتسبات هي:
١- تخفيض التصنيف الصحي لأساتذة التعليم الثانوي من الدرجة الأولى نحو الثانية،(المادة ١٠٥).
٢- حرمان الأساتذة والموظفين الجدد من المعاش التقاعدي بعد إقرار مشروع الموازنة،ويعامل معاملة المنتسبين للضمان الإجتماعي، وهذا ما يفتح باب «التعاقد الوظيفي». (المادة ١٠٦)
٣- حرمان ورثة الأستاذ الثانوي والموظف المتوفي من المعاش التقاعدي كاملاً واحتساب نسبة ٤٠% فقط منه. (المادة ١٠٧).
مخاوف من حركة الشارع
واستمرت التحركات إلاحتجاجية امس على شكل تظاهرات وقطع طرق، بين الشمال وبعلبك وضهر البيدر والشوف وصولا إلى ساحل المتن والى صيدا والنبطية، لكن كان اللافت للإنتباه عدم تبنيها من قبل اي طرف، حتى من المجموعات المعروفة في حراك 17 تشرين الاول، بعدما تخللها من اعمال شغب وحرق وتعدٍ على الجيش، الذي أعلنت قيادته في بيان امس، أن «31 عسكرياً أصيبوا بجروح مختلفة ورضوض جراء تعرضهم للاعتداء والرشق بالحجارة وقنابل المولوتوف والمفرقعات النارية من قبل عدد من المحتجين، أثناء تظاهرات شهدتها مدينة طرابلس في تاريخ 26/1/2021. وتضررت آليات عسكرية وعتاد، وقد تم توقيف خمسة أشخاص لإقدامهم على التعدي على الأملاك العامة والخاصة وافتعال أعمال شغب والتعرض للقوى الأمنية.وقد بوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص».
وأثيرت مخاوف من ان تكون وراء التجركات أيادٍ فتنوية تستغل مشاعر الناس وفقرهم، وقد ردت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية، عبر الميادين، على ما شهدته البلاد من تحركات واحتجاجات بدأت يوم الإثنين الماضي، بالقول: أن «سياسة ليّ الذراع لن تنفع، واستغلال غرائز الناس في استحقاق دستوري (تشكيل الحكومة) لن يفيد».
وقالت المصادر: أن «ما ينفع لبنان، هو عودة الرئيس المكلف إلى الدستور وتأليف حكومة إنقاذ بالتفاهم مع رئيس الجمهورية».
وكانت اعمال الشغب مدار تعليقات المسؤولين، حيث قال رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب خلال اطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد كرونا: مفتاح الحلول للأزمات في لبنان، هو تشكيل حكومة تكمّل الإصلاحات التي بدأناها، وتطبّقها، وتتابع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتبدأ بتنفيذ الخطة الاقتصادية التي وضعتها حكومتنا، بعد إجراء تعديلات عليها بحكم المتغيّرات التي حصلت بعد وضع الخطة. الأولوية السياسية اليوم يجب أن تكون لتشكيل حكومة. مع بعض تدوير الزوايا،هناك امكانية لاختصار معاناة لبنان عبر تشكيل الحكومة التي أمامها تحديات كبيرة.
واضاف دياب: صرخة الناس مفهومة ومسموعة، اللبنانيون يواجهون تحديات ضخمة. لكن ما رأيناه في اليومين الماضيين لا يشبه مطالب الناس، ولا يعبّر عن معاناتهم. ما رأيناه محاولة لخطف مطالب الناس واستخدامها في معارك سياسية. لا يجوز تخريب مدينة طرابلس لتوجيه رسائل سياسية منها. غير مقبول أن تبقى طرابلس، أو أي منطقة صندوق بريد بالنار. لا يجوز قطع الطرقات على الناس، في سياق منطق التحدي بالسياسة. الحكومة لا تتشكّل ولا تتعطّل بالدواليب المشتعلة وقطع الطرقات والاعتداء على مؤسسات الدولة واستهداف قوى الأمن الداخلي والجيش.
وكانت المواجهات تجددت أمس لليوم الثالث في مدينة طرابلس في شمال لبنان بين قوات الأمن ومتظاهرين محتجين على قرار الإغلاق العام في ظل أزمة اقتصادية، غداة إصابة عشرات بجروح. وكما في اليومين الماضيين، رمى عشرات الشبان الحجارة وقنابل المولوتوف والمفرقعات باتجاه عناصر القوى الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة وخراطيم المياه لتفرقتهم. وحاول المحتجون مجدداً اقتحام مبنى سرايا طرابلس، كما سار آخرون في مسيرات جالت في المدينة.
وأسفرت مواجهات الأربعاء، وفق ما أعلن الصليب الأحمر اللبناني، عن إصابة 22 شخصاً تم إسعافهم ميدانياً، فيما نقل شخص إلى المستشفى. وقال محمّد (25 عاماً)، متظاهر ملثم فقد عمله مؤخراً في تصليح السيارات، «اتخذنا قرارا بمواصلة تحركاتنا مهما كلف الثمن (…) لأنه لم يبق لنا ما نخسره في البلد».
وأضاف «نحن نعيش في المدينة بظروف بائسة، لم أترك بابا إلا طرقته لكنني لم أجد فرصة عمل تؤمن قوتنا اليومي». وقال محمد عز الدين (20 عاماً)، الذي يعمل في متجر لبيع المنظفات، «نحن هنا لنطالب بالأكل، الناس جاعوا»، مشيراً تحديدا إلى الأحياء الشعبية والفقيرة في مدينة طرابلس.
كما أعلن الجيش اللبناني «إصابة 31 عسكرياُ بجروح ورضوض» خلال المواجهات، مشيراً إلى توقيف خمسة أشخاص اتهمهم بـ«التعدي على الأملاك العامة والخاصة وافتعال أعمال شغب والتعرض للقوى الأمنية».
وأقدمت مجموعات صغيرة من المتظاهرين على قطع طرق رئيسية في شمال لبنان وفي البقاع ومدخل بيروت الجنوبي.
كما تجمع محتجون في وسط بيروت، قبل ان تفرقهم قوات الأمن والجيش. ويشهد لبنان منذ نحو أسبوعين إغلاقاً عاماً مشدداً مع حظر تجول على مدار الساعة يعدّ من بين الأكثر صرامة في العالم، لكن الفقر الذي فاقمته أزمة اقتصادية متمادية يدفع كثيرين الى عدم الالتزام سعياً الى الحفاظ على مصدر رزقهم. ولا يمنع تشدّد السلطات في تطبيق الإغلاق العام الذي يستمر حتى الثامن من شباط وتسطير قوات الأمن يومياً الآف محاضر الضبط بحق مخالفي الإجراءات، كثيرين خصوصاً في الأحياء الفقيرة والمناطق الشعبية من الخروج لممارسة أعمالهم.
289660 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 3906 إصابة جديدة، و76 حالة وفاة، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد إلى 289660 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط الماضي.
الى ذلك، تزور وزيرة الصحة والسكان المصريّة هالة زايد لبنان اليوم الخميس، في زيارة قصيرة تمتد من الثامنة والنصف صباحاً حتى العاشرة. وتلتقي خلالها وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن ويعقدان مؤتمراً صحافياً مشتركاً داخل قاعة كبار الزوار في المطار، لتتوجّه بعدها إلى المستشفى المصري في العاصمة بيروت حيث ستتوجّه بكلمة أخيرة حول زيارتها، لتغادر.
وبالتوازي مع الزيارة تصل إلى بيروت ثلاث طائرات من المساعدات الصحيّة والإجتماعيّة المقدّمة من مصر للشعب اللبناني عبر الحكومة.