في الوقت الذي جدد فيه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط دعوته الى “السلطة العمياء والحاقدة تاريخياً، للكف عن العبث بأمن طرابلس كما عبثت ببيروت وغيرها”، اشتعلت حرب التصريحات مجددًا بين بعبدا وبيت الوسط بعد اتهام مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية الرئيس المكلف سعد الحريري “بالإصرار على التفرّد بتشكيل الحكومة”، ورد الحريري داحضا كل مزاعم العهد وافتراءاته.
وفيما تجددت المواجهات بين المتظاهرين في مدينة طرابلس وبين الجيش والقوى الأمنية، ما ينذر بتطورات خطيرة. وبعد الكلام الجريء للقيادي توفيق سلطان في توصيفه لواقع ما حصل في طرابلس وكشفه فضائح هذه السلطة في تركها الناس فريسة الجوع من جهة وفريسة الاستغلال لتحركاتهم من جهة ثانية، وضحايا في لعبة عنف خطيرة، استغربت مصادر طرابلسية في حديث مع جريدة “الأنباء” الالكترونية دخول تكتل “لبنان القوي” على خط المواجهات التي تجري في طرابلس عبر توزيع اتهامات يميناً وشمالاً وربط الأحداث بتشكيل الحكومة، مؤكدة ان “ما يحصل في المدينة هو أكبر بكثير”، متخوفة من “أيادٍ خارجية قد تكون مسؤولة عن جزء مما يجري، خاصة وأن التحقيقات الأولية أظهرت ان الذين أقدموا على حرق بلدية طرابلس ليسوا من الجنسية اللبنانية”.
النائب السابق مصباح الأحدب وصف في حديث مع جريدة “الأنباء” الالكترونية ما يجري في عاصمة الشمال بأنه “نتيجة لمطالب محقة ووضع اجتماعي مأساوي وفقر مزمن يزداد يوما بعد يوم”، قائلا: “اذا كان مستوى الفقر في لبنان يبلغ اليوم 60 في المئة فإن الارقام في طرابلس مخيفة بعد أن تجاوزت 80 في المئة”. لكنه حذّر من “أجندات خارجية وصراع أجهزة يعمل على ضرب منطقة بأكملها، وإلا ما مبرر الاعتداء على السراي وحرق البلدية لحرمان طرابلس من السلطة المحلية”، منبهاً من ان يكون ما يجري “مقدمة لحرب أهلية”.
وقال الأحدب: “في العام 1975 بدأت الحرب الأهلية في منطقة معينة ثم انتقلت الى كل المناطق في ظل حكومة مستقيلة لا حول لها ولا قوة”، مضيفا “اذا كان هناك كباش بين فريقين يسعى كل منهما لتنفيذ ما يخدم مصالحه فإن البلد يتطلب خطة انقاذية، سائلاً: “ماذا يمكن ان تفعله الحكومة المستقيلة عندما تنفد الامكانيات التي يقدمها مصرف لبنان بدعم بعض السلع الأساسية؟”.
في غضون ذلك قفز إلى الواجهة الانذار الجديد الذي رفعه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، عبى إعلانه رغبته القيام بزيارة ثالثة الى لبنان “بعد التحقق من أمور اساسية”، معتبرا أن النظام اللبناني بمأزق، مجددا العمل على تشكيل حكومة في لبنان حتى ولو “كانت غير مكتملة المواصفات”، مشددا على مبادرته التي سبق وأطلقها باعتبارها الوحيدة التي تسمح بالتقدم نحو حل في لبنان.
وتعليقاً على تصريح ماكرون، رحّبت مصادر في بكركي عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية بزيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان، سائلة: “وهل بقي لنا غير المبادرة الفرنسية؟”. المصادر فسّرت حديث ماكرون عن تغيّرات معينة ينتظرها لزيارته لبنان، بأنه “اذا لم يلمس من الطبقة السياسية استعدادا لحلحلة الأمور الخلافية وأولها تشكيل الحكومة، قد لا يزور لبنان”، آملة ان “تُشكّل الحكومة قبل الزيارة كي يتمكن ماكرون من وضع آلية اصلاحات وعد بها ومن بينها عقد مؤتمر اقتصادي ومالي لدعم لبنان والافراج عن أموال سيدر”.
من جهتها، أوساط بعبدا رحّبت بإعلان ماكرون، وادّعت ان التواصل لم ينقطع بين رئيس الجمهورية ميشال عون ونظيره الفرنسي.
وحول امكانية تشكيل الحكومة قبل الزيارة بعد حرب التصاريح التي استعرت أمس، رأت مصادر بعبدا في حديثها مع جريدة الأنباء الالكترونية أن “كل شيء وارد شرط أن يتفهم الرئيس المكلف ان الطريقة التي يريد تشكيل الحكومة على أساسها لم تعد صالحة”.
بدوره، عضو كتلة المستقبل النائب نزيه نجم رأى في حديث مع جريدة الأنباء الالكترونية أن “اشارة ماكرون الى أمور يجب أن تتغير قبل زيارته الى لبنان أمر محق، وإذا لم تتغير هذه الامور واحترام الاتفاق الذي تعهدت به القوى السياسية في قصر الصنوبر، فلماذا سيأتي؟”، مطالبا السلطة بأن “تحترم هذه الاتفاقية وتقول لماكرون أننا أنجزنا ما طلبته منا، وقد بدأنا بإصلاح الكهرباء وشكلنا الهيئة الناظم، وشرعنا بإصلاح القضاء، وهو في المقابل سيعقد المؤتمرات الاقتصادية لدعم لبنان والافراج عن أموال سيدر”.
وعن حرب البيانات بين بعبدا وبيت الوسط، شدد نجم على ان “الحريري أعطى كل ما يريده المجتمع الدولي وقدٍم تشكيلته الحكومية الى عون على هذا الاساس”. أما اتهامه بالوقوف وراء أحداث طرابلس “فمردود عليهم جملة وتفصيلا”، بحسب نجم، “لأن الحريري لم يتعوّد ضرب أهله بل المحافظة عليهم، والقاصي والداني يعرف من يقف وراء أحداث طرابلس”.