بدأ العد العكسي لاتخاذ القرار الحاسم الجديد المتعلق بحالة الاقفال العام قبل 8 شباط الحالي وسط وقائع صحية لا تزال تثير الخوف الكبير في ظل أعداد حالات الوفاة التي تجاوزت امس رقما قياسيا غير مسبوق ناهز الثمانين، كما في ظل وقائع سياسية واقتصادية واجتماعية تتزاحم دفعة واحدة نحو مزيد من التدهور والاهتراء. واذا كان المشهد الدراماتيكي الذي يقترب من حافة انهيار شامل على كل المستويات يفرض الخروج من الاستعصاء السياسي الذي يحاصر ازمة تأليف الحكومة، فان الساعات الـ48 الأخيرة التي شهدت تصاعدا في الرهانات لدى بعض الجهات السياسية على المبادرة الفرنسية لم تحمل أي معطيات إيجابية يمكن البناء عليها لتوقع انفراج طال انتظاره. ذلك ان ذروة آمال المراهنين على الوساطات الداخلية بين قصر بعبدا من جهة، وبيت الوسط وعين التينة من جهة أخرى، تدنت الى حدود بذل الجهود لمنع تجدد السجالات بين المقار الثلاثة والسعي الى إحلال “هدنة” كلامية علها تسمح بإعادة تحريك الوساطات الداخلية من جهة وتشجيع الجانب الفرنسي على المضي في مسعاه المتجدد لتعويم مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون من جهة أخرى. وعكس هذا السقف المتواضع للطموحات الداخلية حيال الازمة الحكومية، وفق مصادر واسعة الاطلاع، ما تأكد للمعنيين بالازمة من ان أي تحرك فرنسي جدي جديد ومن ضمنه تحديد موعد جديد للزيارة الثالثة التي يزمع الرئيس الفرنسي القيام بها للبنان لن يكون واردا قبل انجاز اتفاق داخلي نهائي على #تشكيل الحكومة الجديدة وليس قبل ذلك.
وفي ظل هذه المعطيات لا تتوقع المصادر نفسها أي تطور إيجابي في شأن كسر الجليد الذي يحكم العلاقة المتوترة بشدة بين رئيس الجمهورية ميشال #عون ورئيس الحكومة المكلف سعد #الحريري بما يسمح بالرهان على معاودة لقاءات بعبدا والبحث مجددا في التشكيلة الحكومية. بل ان هذه المصادر ذهبت ابعد في استبعاد أي حلحلة حكومية قبل اتضاح الاتجاهات المتعلقة بملف العلاقات بين الإدارة الأميركية الجديدة وايران في غضون الأسابيع المقبلة باعتبار ان فرنسا تربط في شكل مباشر إمكانات نجاح مبادرتها في لبنان بالسلوكيات والاتجاهات الإيرانية المقبلة حيال الولايات المتحدة وكيفية ترجمتها من خلال مواقف “حزب الله” وحليفه “التيار الوطني الحر”. ومن هنا تتخوف المصادر ان يقبل البلد على تفاقم كبير وخطير في ازماته خلال الأسابيع المقبلة في ظل الاختناقات الواسعة التي يتسبب بها الاقفال والصعوبة الكبيرة في التسامح في إجراءات الاقفال بعدما دفع لبنان كلفة موجعة للغاية بشريا وصحيا ثمنا للتراخي في فترة الأعياد. ولفتت المصادر الى ان الفترة الفاصلة عن موعد 14 شباط الذكرى الـ16 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري يفترض ان تبلور بداية مخرج للازمة والا فان أبواب التصعيد ستكون مشرعة على الغارب.
تحرك الحريري
وفي غضون ذلك يواصل الرئيس الحريري تحركه الخارجي الذي بدأه قبل أسابيع ويقوم اليوم بزيارة للقاهرة يلتقي خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح #السيسي لعرض التطورات اللبنانية والإقليمية وبطبيعة الحال ستتناول المحادثات ملف الازمة الحكومية نظرا الى الاهتمام المصري المعروف بالوضع اللبناني والجهود التي تبذلها عبر سفيرها في لبنان سعيا الى حل للازمة. وأدرجت أوساط بيت الوسط زيارة الحريري للقاهرة في اطار ما سبق للرئيس المكلف ان اعلنه من انه سيقوم بزيارات عدة للخارج الى دول عربية وغربية في محاولة لاعادة علاقات لبنان مع الدول الشقيقة والصديقة.
في كل حال لم تغب الأجواء السجالية والتصعيدية ورد “تكتل لبنان القوي” على ما وصفه بـ “الحملة المبرمجة لتحميل” رئيس الجمهورية وتكتل لبنان القوي مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة. وقال ” اذا كنّا كتكتل نيابي قد قدّمنا كل التسهيلات الى حدّ عدم مشاركتنا بالحكومة تسهيلًا لتشكيلها ولم نطالب سوى باعتماد المعايير الواحدة لإعطائها الثقة إلا أننا نرفض رفضاً قاطعاً ما يرّوج له فريق رئيس الحكومة المكلّف من أن دور رئيس الجمهورية هو إصدار مرسوم تشكيل الحكومة وليس المشاركة الكاملة في عملية التشكيل شكلًا وأسماء وحقائب وعدداً”.
التحقيق مع سلامة
وسط هذه الأجواء برزت تطورات قضائية جديدة على الخط المصرفي – المالي. اذ حدد قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور جلسة في الثامن من شباط الحالي لاستجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وآخرين بجرم الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة ومخالفة قرار إداري تبعا لادعاء النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون عليهم. وفي موازاة ذلك واستعدادا لتزويد السلطات السويسرية بالأجوبة اللازمة على طلب المساعدة القضائية المتعلقة بتحويلات مالية عائدة لحاكم مصرف لبنان ومساعدته ماريان الحويك وشقيقه رجا سلامة، أرسل النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، كتبا إلى كل من: حاكم مصرف لبنان، مفوض الحكومة لدى المصرف المركزي، هيئة التحقيق الخاصة ولجنة الرقابة على المصارف، طلب بموجبها إيداعه كل المعطيات الواردة في طلب المساعدة السويسرية على أن يرسل الخميس المقبل جوابه الى السلطات السويسرية.
في المقابل، تحرك الهم المعيشي مع المعلومات التي تتوقع اقتراب موعد رفع الدعم عن المواد الغذائية والحيوية الاساسية. وفي السياق، رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال #حسان دياب اجتماعًا للجنة الوزارية للبحث في موضوع ترشيد الدعم التي ناقشت برامج الدعم والسيناريوات المقترحة بهذا الخصوص.
ما بعد الاقفال
اما في ما يتعلق بالازمة الوبائية فبدأ الاعداد لاتخاذ القرار الحكومي في شأن مرحلة ما بعد الاقفال العام. ورأس وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن اجتماعا مشتركا في وزارة الصحة لمتابعة ملف وباء كورونا، ناقش تصورا أوليا لخطة المرحلة المقبلة، وتم البحث في وضع آلية تطبيقية للرعاية المنزلية لمرضى كورونا، وتقديم ما أمكن من أدوية ومستلزمات وأجهزة أوكسيجين منزلية من خلال عدد من الجمعيات المعنية وبمؤازرة من نقابتي الاطباء والممرضين وبتنسيق مع وزارتي الصحة والداخلية والبلديات. وافادت معلومات ان إجتماعا سيعقد اليوم للجنتين الصحية والفنية في وزارة الصحة لتقييم الاقفال العام وان هناك توجها لإعادة فتح البلد تدريجيا ابتداء من 8 شباط بعد وضع خطة خروج آمنة ومتدرجة للمرحلة التي تلي الاقفال والتي ستحددها اللجنة الوزارية في اجتماع يعقد في السرايا . اما على صعيد مؤشرات الازمة فسجل عدد مخيف وقياسي امس في حالات الوفاة بلغ 81 حالة فيما سجلت 2770 إصابة بكورونا.
من جهة ثانية، وصلت الى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت بعد ظهر أمس، طائرة لشركة “طيران الشرق الأوسط” آتية من دبي، وعلى متنها ثمانية من اللبنانيين المفرج عنهم في #الإمارات العربية المتحدة قررت أبوظبي إطلاقهم، استجابة لوساطة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبرهيم.