اليوم تبدأ أولى مراحل إنهاء الإقفال العام تدريجيًا، بعد شهر من تدابير إغلاق البلد بمعظم قطاعاته، لكن ذلك لا يعني على الإطلاق أن الأمور باتت في وضع مطمئن، فأرقام الوفيات والإصابات على حالها من التفاقم، وإذا كان ضروريًا تأمين لقمة العيش للعاملين في الكثير من القطاعات المقفلة وهو ما فشلت به السلطة بكل المقاييس، فذلك يجب أن يقترن بالتزام تام بالوقاية وعدم التفلت ومخالفة التدابير الوقائية. وفي هذا الوقت فإن الإقفال السياسي أمام ولادة الحكومة لا يزال على حاله مع إلتزام قوى التعطيل فرض شلل تام على الحياة العامة، رغم الإشارات الدولية والمطالبات الداخلية بفتح مسار للحلول، وكأن هناك إصرارًا على إسقاط الدولة بكل ما تمثل من قيم ودستور ونظام وشراكة وطنية، على حد تعبير البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظته أمس.
في الصحة، أشار مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور فراس الأبيض لـ “الأنباء الإلكترونية” الى أن التقارير الطبية أكدت أن خطة الطوارئ هذه المرة لم تؤدّ الى الغرض المطلوب. وقال إنه كان يتمنى تمديد الخطة حتى منتصف هذا الشهر، أو لحين وصول اللقاح، نظرا لإرتفاع عدد الإصابات وحالات الوفاة، لافتا الى أن خوف المعنيين ينطلق من القلق من حفلات عيد العشاق في الرابع عشر من شباط، ما قد يتسبب بزيادة عدد المصابين كما حصل في حفلات رأس السنة.
مصادر أمنية أوضحت لـ “الأنباء الإلكترونية” أن “لا تراخي في الإجراءات المتخذة التي ستبقى على نفس الوتيرة من التشدد، لأنه من غير المسموح العودة الى الفلتان كما حصل في شهر الأعياد. وقالت إن “كل من يخالف التدابير الأمنية سيعرض نفسه للملاحقة القانونية إبتداء من تسطير محاضر ضبط، وصولا الى حجز السيارات، أو سجن المخالفين وتغريمهم مبالغ مادية بحسب نوعية المخالفة”.
وأكدت المصادر “التشدد بما يخص سيارات نقل الركاب، وضرورة إلتزام السائقين بما هو مسموح به، لأن المخالفين سيتعرضون للملاحقة أيضا”، ونبهت المواطنين غير المسموح لهم الإلتحاق بعملهم ضرورة أخذ الإذن بواسطة المنصة.
وفي هذا السياق أوضح رئيس إتحاد النقل البري بسام طليس لـ “الأنباء الإلكترونية” أن هناك إتفاقا سينفذ على مراحل بخصوص عمل السيارات العمومية. المرحلة الأولى تتعلق بالسيارات السياحية الصغيرة التي ستبدأ العمل ابتداء من صباح اليوم براكبين والسائق مع التزام التباعد ووضع الكمامة. أما الفانات فخمس ركاب مع السائق والإلتزام أيضا بالتدابير نفسها. والباصات المتوسطة ثمانية ركاب مع الإلتزام بالتدابير. وأبدى طليس إرتياحه لهذا الإجراء والتعاون مع وزارة الداخلية.
رئيس اللجنة الطبية في وزارة الصحة والمشرف العام على اللقاحات الدكتور عبد الرحمن البزري أشار لـ”الأنباء الإلكترونية” الى أن “الوضع حرج وأرقام الإصابات مزعجة، ولكن لا يمكن إبقاء البلد مقفلا، وكان من المفترض إيجاد صيغة لفتح البلد بشكل مدروس لا يؤدي الى الفوضى وتسمح للقطاعات بالعمل، لكن للأسف لم تتمكن اللجنة من التوصل الى هكذا صيغة، فنحن بلد مفلس وإستمرار الإقفال يتطلب توفيرالمساعدات المالية للناس”.
وحول اللقاح أكد البزري وصوله منتصف هذا الشهر، وأن عدد الذين سجلوا أسماءهم أصبح أكثر بكثير من اللقاحات التي ستصل في المرحلة الأولى، وعلى هذا الأساس بدأنا تسريع وصول اللقاحات على مراحل وبحسب الكميات سنزيد عدد مراكز التلقيح إذا زادت الأسماء.
وكرر البزري الإعلان وصول 28 ألف لقاح في الدفعة الأولى، مشيرا الى ضرورة تلقيح ما نسبته 80 الى 85 بالمئة من المقيمين كي يصبح لبنان بمنأى عن الخطر. ولفت إلى أنه تم توقيع إتفاق مع شركة فايزر واسترازينيكا وإتفقنا على اللقاح الروسي وندرس كيفية الإستفادة من اللقاح الصيني. وإعتبر أنه إذا وصلنا الى تلقيح نسبة 45 الى 50 بالمئة نكون قد نجحنا الى حد ما في وضع حد لانتشار الفيروس.
الى ذلك فإن جريمة قتل الناشط لقمان سليم لا تزال تتفاعل تداعياتها، بالتزامن مع تواصل التحقيقات وتحضيرات العائلة لمراسم التشييع، وقد استمرت المواقف المنددة بالجريمة. وإلى موقفه من إستمرار تعطيل ولادة الحكومة كان للبطريرك الراعي موقف عالي النبرة من قتل سليم، معتبرا أن اغتياله هو اغتيال للرأي الآخر الحرّ، ودافع جديد لوضع حد لكل سلاح متفلت يقضي تدريجيأ على خيرة وجوه الوطن.
مصادر بكركي قالت لـ”الأنباء الإلكترونية” إن خطاب الراعي عالي النبرة “مرده الى اللامبالاة عند المسؤولين بعد تزايد عمليات الإغتيال في الآونة الأخيرة، وبالتحديد ما بعد حادثة المرفأ، والتمادي المقصود في تعطيل تشكيل الحكومة، وكأن الأمر لا يعنيهم وهو مرتبط فقط بمصالحهم الخاصة وما يستطيعون الإستفادة منها”.
ووصفت المصادر ما يحصل على الصعيد الحكومي “بالظاهرة المخيفة خاصة بعد محاولة الراعي رأب الصدع وجمع الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري لكنه فشل، ورغم ذلك هو على إستعداد لتجديد المساعي إذا ما لمس بوادر إيجابية لدى الطرفين”.
من جهتها أشارت مصادر بيت الوسط لـ”الأنباء الإلكترونية” أن “لا جديد يذكر على الصعيد الحكومي، وأن الرئيس الحريري إنتقل من القاهرة الى أبو ظبي لمتابعة الإتصالات التي يجريها مع الرؤساء العرب، على أن يتوجه الى باريس للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والوقوف على آخر المستجدات السياسية بشأن تشكيل الحكومة، على أن يعود الى بيروت آخر الأسبوع”. ونفت المصادر علمها بتحديد موعد لزيارة الحريري الى قصر بعبدا وقالت إنّ الأمور مرهونة بأوقاتها.
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : التعطيل يُمدّد الإقفال السياسي.. وفوضى الالتزام تهدّد الرفع التدريجي للإقفال الصحي