لم يعد غريباً ان يشهد الواقع ال#لبناني المتوغل نحو سقوف إضافية من التداعيات المأسوية للازمات السياسية والصحية والاقتصادية والمالية والاجتماعية بداية صعود لافت لدعوات الى تدويل الازمة اللبنانية برمتها على غرار ما كانت تشهدها حقبات الحروب والهدنات الهشة التي تفصل بين جولة قتالية وجولة أخرى. ذلك ان الغياب الفادح لاي تحرك داخلي مؤثر نحو انهاء “ازمة العصر” المتمثّلة بتعطيل #تشكيل الحكومة الجديدة ومنع أي استجابة جدية وحقيقية للمبادرة الفرنسية اليتيمة المطروحة على الطاولة، كما للمبادرة الداخلية وعلى رأسها تحرك بكركي ومن بعده مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، أدى الى تفجير اليأس المتحكم لدى الكثير من الجهات الناشطة في اتجاه الدفع بالبلد نحو حقبة انقاذية يبدو واضحا ان السلطة المتحكمة بالبلد الآن تمعن في وضع العراقيل أمامها. وما زاد طين التعطيل والمكابرة والمعاندة السلطوية التي تحول دون الافراج عن حكومة لن يمد العالم يدا للبنان لدعمه ومساعدته على الخروج من كارثته قبل ولادتها، الحدث الترهيبي الاجرامي باغتيال الكاتب والناشر والناشط السياسي #لقمان سليم الامر الذي استحضر مع ظروفه الترهيبية ظروفا مماثلة لتلك التي أعقبت انفجار مرفأ بيروت في آب الماضي. انكشفت مع حادث الاغتيال مجددا حالة الانهيار المخيفة التي آلت اليها السلطة امام عودة الاغتيالات والتسيب المخيف في توقيت تزامن مع مرور ستة اشهر عقيمة كاملة بعد انفجار مرفأ بيروت وسط تعطيل وتعثر التحقيقات القضائية، الامر الذي جعل لبنان مكشوفا امام العالم بأسوأ صور الانكشاف. في إزاء هذه الوقائع الدراماتيكية يمكن القول ان طلائع المواقف التي بدأت تدعو الى التوجه الى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بل حتى الى استدراج وصاية دولية على لبنان باتت مفهومة ومبررة وبديهية سواء كانت قابلة للتنفيذ الواقعي ام اصطدمت بعقبات دولية وداخلية تحول دون ترجمتها الى إجراءات ملموسة. واذا كانت الأصوات المنادية بالاحتكام الى الأمم المتحدة بدأت ترتفع مع التحركات المنتفضة على لقمان سليم، كما مع مواقف لنواب وشخصيات سياسية وتنظيم عرائض تطالب بتحقيق دولي في الاغتيال، فان ابرز ما سجل امس على المستوى الداخلي تمثل في مواقف جديدة للبطريرك الماروني #الكاردينال بشارة بطرس الراعي يمكن وصفها موضوعيا بانها شكلت ذروة مواقف بكركي الصارخة والبارزة من الازمة بكل وجوهها. وقد اكتسبت مواقف البطريرك الراعي دلالات مهمة ليس لجهة تصعيد نبرته الغاضبة حيال السلطة وإجهاض كل المبادرات لتشكيل الحكومة والتلويح بعودة الثورة فحسب، وانما أيضا لإطلاقه مطلبا واضحا وبارزا يكمل موقفه من حياد لبنان بعقد اجتماع دولي حول لبنان برعاية الأمم المتحدة، كما قرن ذلك في مجال ادانة اغتيال جريمة لقمان سليم بالدعوة الى وضع حد للسلاح المتفلت.
في موضوع الحكومة قال “كنا نعول بثقة على تأليف حكومة مهمة وطنية انقاذية، كبداية محاولة لردم الهوة. لكن الآمال خابت بسبب تغلب المصالح الشخصية والفئوية وعجز المسؤولين عن التلاقي والتفاهم… شعبنا يحتضر والدولة ضمير ميت. جميعُ دول العالم تعاطفت مع شعب لبنان إلا دولته. فهل من جريمة أعظمُ من هذه؟ نادينا فلم يسمعوا. سألنا فلم يُجيبوا. بادرنا فلم يتجاوبوا. لن نتعب من المطالبة بالحق. وشعبنا لن يرحل، بل يبقى هنا. سينتفضُ من جديد في الشارع ويطالبُ بحقوقه، سيثورُ، ويحاسب…مهلا، مهلا أيها المسؤولون! فلا الدولة ملككم، ولا الشعب غنم للذبح في مسلخ مصالحكم وعدم إكتراثكم “. وأعتبر “إن وضع لبنان المنهار يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة يثبت لبنان في أطره الدستورية الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدي عليه، والمس بشرعيته، وتضع حداً لتعددية السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستورية واضحة تحسم النزاعات، وتسد الثغرات الدستورية والإجرائية، تأمينا لإستقرار النظام، وتلافيا لتعطيل آلة الحكم عدة أشهر عند كل إستحقاق لإنتخاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة” . وقال “لقد أدمى قلبنا وقلوب الجميع في اليومين الأخيرين استشهاد الناشط لقمان محسن سليم، ابن البيت الوطني، والعائلة العريقة. إن اغتياله هو اغتيال للرأي الآخر الحر، ودافع جديد لوضع حد لكل سلاح متفلت يقضي تدريجيأ على خيرة وجوه الوطن.”
بدوره متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران #الياس عودة حمل بشدة على المسؤولين لافتا الى ان “الموت طال معظم بيوت وطننا إما بسبب كارثة 4 آب أو بسبب الجائحة أو الفقر والعوز، لكن مسؤولينا منشغلون بأنفسهم يعيثون فسادا وحقدا. اللبنانيون مقهورون، والحكام همهم الحصص والمكاسب والثلث المعطل، ألا يكفي تعطيل تشكيل الحكومة، وتعطيل حركة البلد وشلها؟ كم بيت يجب أن يهدم بعد؟ كم شاب وشابة يجب أن يهاجرا بعد؟… بعد إغتيال العاصمة ها نحن نشهد سلسلة اغتيالات كان آخرها منذ يومين. لم إسكات الناس؟ لم كم الأفواه؟ وهل إخماد الأصوات الحرة يطفئ جذوة الحرية ويخنق صرخات الناس؟ ليس بالقتل وإسكات المفكرين وقادة الرأي تتم الغلبة. الغدر دليل ضعف. واجهوا الآخر بالفكر، قارعوا الحجة بالحجة. إن حرية الرأي حق كفله الدستور، والحوار أفضل طريق للاقناع”.
يشار في هذا السياق الى ان مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا السابق، ديفيد شينكر، نعى الناشط لقمان سليم، قائلاً: “ارقد بسلام صديقي لقمان. حزب الله هدّدك ولكن كلّما كانوا يحاولون ذلك لم يُخيفوك. أخذوا حياتك ولكنّهم لن يأخذوا صوتك ورسالتك. لبنان للبنانيين وإنقاذ بلدهم أمرٌ يعود لهم”.
الحريري الى باريس
على الصعيد السياسي أفادت معلومات ان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة #سعد الحريري الموجود في ابوظبي بعد زيارته الأخيرة لمصر سينتقل الى باريس في اليومين المقبلين للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل #ماكرون. واشارت الى ان الحريري سيضع الرئيس ماكرون في نتائج اتصالاته الداخلية والخارجية وما يعيق مسار تشكيل حكومة الانقاذ الى جانب التطورات الدراماتيكية المتتالية في بيروت كما سيطلع منه على اجواء اتصاله برئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاسبوع الماضي. ومن المتوقع ان يعود الحريري الى لبنان قبيل نهاية الاسبوع.
في غضون ذلك يبدأ صباح اليوم تنفيذ المرحلة الأولى من خطة تخفيف #الاقفال العام في بعض القطاعات لفترة أسبوعين على ان تليها ثلاث مراحل أخرى ما لم يجر التمديد لاي من المراحل تبعا لتقويم اعداد الإصابات في نهاية كل مرحلة . ومع ان انخفاضا نسبيا سجل في عدد #الوفيات والإصابات في اليومين الأخيرين فان الوضع الوبائي لا يزال خطيرا ومقلقا نظرا الى استمرار الاختناقات في المستشفيات وتجاوز نسب الفحوص الإيجابية المعدلات العالمية . وسجل تقرير وزارة الصحة امس 2081 إصابة و54 حالة وفاة.