غداة “اللقاء المنفرد” الذي عُقد مساء الأربعاء بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، سادت أجواء من الكتمان حول مجريات اللقاء، خصوصاً أنّ الحريري تجنب الالتقاء بصحافيين أو التحدث إليهم، كما أنّ الجانب الفرنسي امتنع عن إصدار أي بيان رسمي عن الموضوع. غير أنّ مصدراً فرنسياً رفيعاً أكد لـ”نداء الوطن” أن ماكرون ما زال على موقفه الداعي إلى “تشكيل حكومة مهمة بأسرع وقت ممكن، على أساس شروط خريطة الطريق الفرنسية التي وضعت في آب ووافقت عليها الأطراف السياسية اللبنانية”.
وإذ نفى أن تكون هناك “أي مبادرة فرنسية جديدة أو اقتراح فرنسي جديد” تجاه لبنان، لفت المصدر الفرنسي الرفيع إلى أنّ خريطة الطريق الفرنسية لا تزال هي نفسها “وشروطها ما زالت قائمة”، وأضاف: “بات ينبغي أن يقتنع (رئيس التيار الوطني الحر) جبران باسيل، بضرورة تطبيق هذه الشروط التي كان وافق عليها من أجل التوصل إلى تشكيل حكومة بأسرع وقت لإنقاذ لبنان”.
ويرى العارفون بحقيقة الموقف الفرنسي منذ إطلاق ماكرون مبادرته الإنقاذية للبنان، أنه خاطر بشكل كبير في التدخل في الشأن السياسي اللبناني من أجل انقاذ لبنان، وهو يدرك أنّ الطبقة السياسية عاجزة عن الترفع عن حساباتها المحلية وخلافاتها، لكنه بقي مستمراً في محاولة إنقاذ البلد مع الدفع باتجاه تشكيل حكومة لبنانية تقنع الأسرة الدولية بإمكانية مساعدة لبنان ودعمه.
وبما أنه مضطر للتعامل مع هذه الطبقة السياسية لأنه، بصفته رئيس دولة، لا يمكنه التعاطي إلا مع المسؤولين في لبنان، رأى الرئيس الفرنسي أنه من الأفضل ألا يدخل علناً في خلافات لا يريد الدخول فيها، ولكنه في الوقت نفسه يبدي عزمه على إنقاذ البلد وشعبه، خصوصاً وأنّ أوساطه قالت مراراً إنّ الرئيس الفرنسي أقدم على مجازفة بتدخله لإنقاذ البلد، والآن بات المطلوب من السياسيين في لبنان أن يتحملوا مسوؤليتهم للمضي قدماً في تطبيق خريطة طريق تشكل الحل الوحيد لإخراج البلد من محنته، والرئيس الفرنسي لم يتخلّ عن شروطه في هذا المجال.
وبينما تتجه الأنظار السياسية والصحافية نحو زيارة ماكرون المرتقبة إلى المملكة العربية السعودية، اكتفت مصادر فرنسية مطلعة على جدول زيارات الرئيس الفرنسي إلى الخارج بالتأكيد لـ”نداء الوطن” أن زيارته إلى السعودية “لم يتم تحديد موعدها بعد”.