كتبت “الأنباء” تقول: لالنتيجة التي انتهى بها لقاء الرئيس المكلف سعد الحريري مع رئيس الجمهورية ميشال عون، لم تكن مفاجئة في ظل سقف التعطيل العالي الذي يواصل رفعه فريق التيار الوطني الحر، وقد عكسه بوضوح بيان رئاسة الجمهورية بعد اللقاء، ليستمر بذلك احتضار البلد، فيما فريق الحُكم مصرّ على طرح شروط التعجيز والهدف كله “الثلث المعطل”. هذا الثلث الذي وصفه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بالكويكب القادم من زُحل “الذي يكره لبنان والإنسان”.
وفيما مسعى رئيس الجمهورية الحصول على هذا الثلث التعطيلي تحت عنوان “تسمية الوزراء المسيحيين”، رغم أنه هو نفسه كان رفض منح نفس الحق الافتراضي لمن سبقه في رئاسة الجمهورية، فإنّ ما يحتاجه لبنان فعلاً ليس حصصاً وأثلاث لتأمين مستقبل سياسي لمن لا مستقبل له، بل يحتاج لرجال دولة يعيدون للمواطن لقمة عيشه وكرامته بدلاً من التلهي باللعب على حافة الهاوية فوق أنقاض ما تبقّى من لبنان ومؤسساته.
مصادر مواكبة لما جرى، كشفت لجريدة “الانباء” الالكترونية ان الحريري بادر إلى الاتصال بالرئيس عون للقائه والتداول معه في موضوع الحكومة “على خلفية ما حققته جولاته العربية والدولية من تقدم على خط تقديم المساعدات المالية والعينية المشروطة بإحراز تقدم في المسار الحكومي”، وبالتالي “ما كان يأمله الحريري من عون ان تكون فكرة تشكيل حكومة مَهمة قد نضجت عنده بعد أربعة أشهر من التعطيل والبلد في حال انهيار حقيقي، لكن حسابات حقل الحريري لم تتطابق مع بيدر عون المتمسك بالثلث المعطل والذي بات يرفض حكومة الـ18 وزيرا، ما يعني ان مصير الحكومة بات معلقا والناس متروكة لقدرها”.
مصادر بيت الوسط أوضحت لجريدة “الانباء” الالكترونية أن الرئيس المكلف “قام بما يفرضه عليه الواجب والدستور، فهو يعرف أكثر من غيره ان البلد يعيش كارثة حقيقية وإذا لم يتوفر له الدعم المالي المطلوب فإنه قد يعلن إفلاسه، ولذلك سعى مع أصدقاء وأشقاء لبنان لتأمين هذا الدعم، لكن يبدو ان هناك فريقاً غير مهتم بمنع انهيار البلد، ولا يهمّه سوى المكاسب المصلحية التي تعوّد عليها منذ بداية مشاركته في السلطة”.
وفي هذا السياق، أشار عضو كتلة المستقبل النائب نزيه نجم في حديث لجريدة “الانباء” الالكترونية ان “الحريري كان واضحًا جداً عندما أعلن من بعبدا انه اذا لم تشكل حكومة بالمواصفات التي تحدث عنها فليس من أحد مستعد لمساعدة لبنان، وإذا لم تشكل الحكومة وفق المبادرة الفرنسية ليس بالامكان انقاذ لبنان، وإنقاذ الوطن لن يتم الا من خلال الحكومة التي طرحها الحريري، ومن الخطأ التكلم بمئة لغة فمَن يريد ان ينقذ البلد عليه أن يتكلم بلغة واحدة”.
عضو كتلة الوسط المستقل النائب علي درويش رأى من جهته في حديث لجريدة “الانباء” الالكترونية أن زيارة الحريري الى بعبدا أكدت رغبته للخروج بحكومة “إنما الأفرقاء ما زالوا متمترسين أمام بعضهم لتسجيل خرق ما والخروج بمواقف معينة لن تكون داخلية بانتظار مبادرات خارجية”، معتبراً أن “الجميع في غرفة الانتظار ينتظرون مؤشرات خارجية بعد ان فقدوا زمام المبادرة للأسف، وهذا الامر يتأكد يوماً بعد يوم”.
وفي ضفة فريق العهد، فإن مصادر التيار الوطني الحر كررت مقولة أن الحريري يتجاوز وحدة المعايير في أن تكون كل القوى السياسية ممثلة في الحكومة، وقالت لجريدة الأنباء الإلكترونية: “حسناً فعل رئيس الجمهورية بالقول له: هيك مش ماشي الحال”.
وأمام هذا الكباش المستمر بين بعبدا وبيت الوسط، أسفت مصادر عين التينة عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية لعدم إحراز تقدم في الملف الحكومي، لكنها رأت ان الأبواب لم توصد بعد، وهناك إمكانية للخروج بحل ما ربما يساعد على تدوير الزوايا.
معراب أيضاً شاركت عين التينة أسفها، حيث أشار مسؤول الإعلام والتواصل في القوات اللبنانية شارل جبور في حديث لجريدة “الانباء” الالكترونية الى ان ما يحصل على مستوى تأليف الحكومة “أمر مؤسف للغاية”، مؤكدا أن “ما يطفو على سطح الأزمة هو الأولوية المصلحية للفريق الحاكم على حساب أولوية الناس”.
واعتبر جبور ان “تشكيل الحكومة في ظل الوضع المأساوي والكارثي على غرار ما وصلت إليه البلاد لا يتطلب أكثر من 48 ساعة فيما البلاد تنتظر في ظل خلافات حول عدد الوزراء 18 أو 20 وزيراً وثلث معطل، ومن يسمي وزيري العدل والداخلية. فالبلد ينهار والدولار يرتفع والمواد الاساسية تفتقد، وهناك من يتلهى”.
وقال مسؤول الإعلام والتواصل في القوات اللبنانية “أصبحنا على مسافة عشرة أيام ليكون مضى على التكليف أربعة أشهر والامور ما زالت تراوح مكانها ولا يوجد أي أفق للحل، خصوصًا وأن الحريري كان بجولة خارجية، فعلى الرغم من المساعي التي قام بها والوساطات التي قام بها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ونداءات البابا فرنسيس والرئيس ماكرون كل ذلك لم يفلح بتغيير أولوية الفريق الحاكم، ما يقتضي بداية التفكير في مجريات الأحداث لخلق صدمة سياسية تعيد خلط الاوراق. فلا يبدو اي أفق، الحريري لا يريد ان يخضع للفريق الآخر، وهذا الفريق المدعوم من حزب الله لا يريد التفريط بنفوذه وحساباته، وسنبقى بهذه الدوامة الى ما لا نهاية وهناك من يفكر بسلطة نفوذ، لذا يقتضي على الحريري ان يعيد التفكير جدّياً بأن التعاون مع هذا الفريق غير مُجدٍ، ولو تشكلت الحكومة لا أمل بالاصلاح ويجب ان يكون قد وصل الى قناعة تدفعه الى اتخاذ موقف مغاير”.