في الذكرى السادسة عشرة لاغتيال رفيق الحريري، الرجل والحلم والمسيرة، كان اللبنانيون على موعد مع المصارحة وكشف الحقائق. رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط كان في قمة الوضوح بتوصيفه للواقع القائم لناحية اعتباره ان “الحكم عبثي، والحاكم تدميري”، و”إذا ما أراد هذا الحاكم الانتحار، فلينتحر وحده”. فيما الرئيس سعد الحريري أماط جزءاً واسعاً من اللثام عن مداولاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون حول تشكيل الحكومة المعطّلة حتى الآن بإرادة مباشرة من عون، في حين استعد مسبقاً التيار الوطني الحرّ لهذا الانكشاف، فشنّ حملة مسبقة على الحريري ثم أكلمها بعد الكلمة، لكنها لم ترق إلى مستوى الردّ الفعلي والحقيقي ولا إلى مقارعة الحجة بالحجة.
مصادر سياسية متابعة أشارت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية الى ان “الأكيد أن التيار الوطني الحر سيعمل على فتح معركة سياسية مع الرئيس المكلف، وستؤدي إلى مزيد من تعطيل الإستحقاق”، مشيرة إلى أن “البيان الرئاسي الذي صدر ردا على الحريري وجاء فيه أنه ليس بالإمكان الردّ على ما قاله من خلال بيان، إنما كان تمهيداً لردّ أوسع، في ظل استعداد رئيسه جبران باسيل لعقد مؤتمر صحافي الأسبوع المقبل في سياق واضح حول التكامل بين القصر الجمهوري وميرنا الشالوحي”.
المصادر أشارت الى ان “ما كشفه الحريري ينطوي على أن عون متمسك بالثلث المعطل، وبالتالي المعركة شخصية بالنسبة له ولجبران باسيل الذي سيسارع إلى الرد ولو بعد أسبوع، ما يعني أن الأزمة مستمرة وستتصاعد أكثر”، لافتة إلى أن “تسريب الحريري بشكل غير مباشر للأسماء التي اقترحها عون كانت للرد عليه، وإثبات أنه هو الذي انقلب على ما كان اقترحه سابقاً، فيما الرئيس المكلف كان قد سلّم تشكيلته التي تتضمن الأسماء المقترحة من عون، لكن الأخير رفض الموافقة عليها، بسبب الإستئثار والإبقاء على قدرة التعطيل لأي قرارات حكومية”.
المصادر رأت أن “خطاب الحريري يؤسس إلى مرحلة جديدة، يمكن اختزالها بثلاث نقاط، النقطة الأولى هي الحفاظ على التهدئة السياسية الداخلية على قاعدة ربط النزاع ومنع إعادة التوتر المذهبي السني الشيعي. النقطة الثانية إعلان المواجهة الحقيقية مع عون، ورفض الإبتزاز الذي يستخدمه وباسيل في مسألة تمثيل المسيحيين، مذكراً بإلتزامه بالمناصفة والحرص على الصلاحيات والتمثيل المسيحي الحقيقي، أما ثالثاً فهي التركيز على استعادة علاقات لبنان الخارجية، من خلال تعزيز العلاقات مع دول الخليج بالدرجة الأولى لأنها الطرف الأساسي في أي عملية مساعدة لتحقيق الإنقاذ الإقتصادي”.
موقف الحريري تكامل سياسياً مع موقف جنبلاط، والذي وضع إطاراً عاماً للمرحلة المقبلة، بينما عون لا يزال يفكر بطريقة إنتحارية على قاعدة عليّ وعلى أعدائي، وهي سترتد بشكل سلبي أكثر على اللبنانيين ككل.
في هذه الأثناء، فإن الواقع الصحي يترقب نتائج إيجابية منتظرة مع انطلاق عملية التلقيح في لبنان بعد وصول أول شحنة. وكانت العملية بدأت في 3 مراكز هي مستشفى رفيق الحريري الجامعي ومستشفى الروم ومستشفى الجامعة الأميركية، على ان تتوسع المراكز تباعًا لتشمل 22 مركزاً على امتداد المناطق اللبنانية.
ومع انطلاق عملية التلقيح، فإن المعركة التي يجب ان تنطلق الآن هي تحفيز اللبنانيين والمقيمين على أخذ اللقاح والتسجيل من خلال المنصّة الوطنية وعدم الإصغاء للشائعات والتخويف من تلقي اللقاح، وهو الحل الوحيد المتاح لمواجهة كورونا والخروج من هذا الكابوس.
وفي هذا السياق، اعتبر دكتور الأمراض التنفسية ربيع ابو شامي في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية ان موضوع التلقيح ضد وباء كورونا “أمر أساسي ومهم للسيطرة على الجائحة، في ظل عدم التزام المواطنين بالإرشادات الصحية الصادرة عن المراجع الطبية إن في موضوع التباعد الاجتماعي أو ارتداء الكمامة، بالاضافة الى فشل الدولة في تطبيق خطة إغلاق للبلد بشكل صحيح، فبعد ثلاثة أسابيع من الاقفال الذي أعلنته الدولة لا تزال الإصابات وأعداد الوفيات تسير بشكل تصاعدي، بالإضافة إلى أن الإقفال أتى بفصل الشتاء والحجر المنزلي حيث ان كل إصابة أدت الى اصابة كل أفراد العائلة”.
وقال أبو شامي إن “الأمل الوحيد هو اللقاح، سواء اللقاح التقليدي كاللقاح الروسي أو الصيني أو الفايزر، فأول لقاح يأتي يجب على المواطنين أن يتناولوه. وأشار أبو شامي الى أنه “بالمقارنة مع دول أخرى فعدد الذين تسجلوا على المنصة التي أعلنتها وزارة الصحية قليل، كما أن طريقة الاعلان عن اللقاح وشرح فوائده لا تزال قاصرة عن التوضيح للمواطنين، فاللقاحات المعلن عنها خضعت لدراسات علمية مكثفة منذ سنة، وأثبتت فعاليتها، لذلك يجب أن نثق بالعلم ونخرج من نظرية المؤامرة، ونذهب الى التسجيل على المنصة، فالدول المجاورة سبقتنا بكثير بوصول اللقاح وبعدد الذين تسجلوا على المنصة، فإذا لم نسجل ونحصل على اللقاح سوف يؤدي ذلك الى الفشل بالسيطرة على جائحة كورونا، لذلك ندعو المواطنين الى التسجيل والثقة باللقاح، لأنه الأمل الوحيد للخلاص من الوباء، ويجب ان يكون للناس خيارات بتناول اللقاح وذلك على أسس علمية، علما ان كل انواع اللقاحات المعلن عنها مهمة وتؤدي الى تحصين المجتمع ضد الوباء”.
وشدد ابو شامي على أن “80% من المجتمع اللبناني يجب ان يتلقح، للسيطرة على الوباء، ولا غنى عن الكمامة وغسل الأيدي والتباعد، فلا خلاص لنا الا بتناول اللقاح لأن به خلاصنا الوحيد من الوباء”.
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : مع انطلاق عملية التلقيح.. المعركة الآن للتحفيز على التسجيل لأخذ اللقاح مصارحة سياسية في ذكرى رفيق الحريري.. العبثية تنحر البلاد وهكذا عطّل عون الحكومة