تصدّرت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إحياء يوم القادة الشهداء المشهد السياسيّ والإعلاميّ، بما تضمنته من مواقف في ملفات عديدة أبرزها ملف الحكومة ومعادلات الردع مع جيش الاحتلال، حيث تناول السيد نصرالله الشأن الداخلي والشأن الإقليمي بالتوازي مقدماً قراءة تقوم على اعتبار أن صمود محور المقاومة وتضحياته أوصلت المشروع الأميركيّ للهيمنة الى الفشل، ومن خلاله التحالف الإسرائيلي السعودي إلى المأزق، بحيث وجدت الإدارة الأميركية الجديدة أمامها تهديدات استراتيجية زادت حدة في زمن اشتغال الإدارة السابقة بملفات المنطقة لترجيح كفة خيارات الثنائي الإسرائيلي السعودي، وهي تجد أمامها اليوم أولويات بحجم تحدي النمو الصيني والتقدم الروسي، من دون القدرة على تخديم هذه الملفات في ظل شرق أوسط مشتعل ومتجه نحو الانفجار، وما عادت ممكنة مواجهة التحديات الجديدة والوجودية بالنسبة لواشنطن من دون تبريد ملفات المنطقة ولو على حساب المكانة التي منحتها إدارة ترامب للثنائي الإسرائيلي السعودي، الذي يعيش ارتباكاً في التأقلم مع السياسات الجديدة وبما يخص التفاهم النووي مع إيران او مستقبل حرب اليمن، أو كيفية ترتيب الأولويّات في سورية والعراق وفلسطين، ليخلص الى ان صفقة القرن قد ماتت، وأن الزمن هو زمن محور المقاومة، وبفعل تضحيات وصمود وإنجازات هذا المحور سيكون بمستطاعه التأسيس للمرحلة الجديدة بمزيد من الإنجازات، وفرض إرادته على حساب مشروع الهيمنة الأميركية المتراجع، وبصورة أخص على حساب الثنائي الإسرائيلي الأشد تأثراً بهذه المتغيرات وبالفشل المتراكم في حروب المنطقة. وفي هذا السياق رسم السيد نصرالله معادلات المواجهة مع جيش الاحتلال بتذكير كيان الاحتلال بأن جبهته الداخلية ستشهد في أي حرب مقبلة ما لم تعرفه منذ نشأة الكيان، وفقاً لمعادلة قرية بمستعمرة ومدينة بمدينة، وصولاً لتفكيك تهديد رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي حول الأيام القتالية وفقاً لمعادلة، هذا التهوّر سيتدحرج الى حرب تذوقون مرارتها وتدفعون ثمن الانزلاق إليها.
أما في الشأن الداخلي فقد فصل السيد نصرالله في الكثير من الملفات، نال منها التحالف مع التيار الوطني الحر نصيباً لجهة تأكيد إنجازاته من دون إغفال الحاجة إلى تطويره، مذكراً بالمكاسب التي حققها طرفاه والظلم اللاحق بالتفاهم باختصاره بالحديث عن الفشل في موضوع بناء الدولة، مؤكداً الحاجة للتقييم المشترك، ولكن ليس في العلن، وما يترتب عليه من نتائج تباعد نفسيّ وفتح الفرص للمتربصين بالفريقين وبتحالفهما.
الحملات الإعلامية ومشروع شيطنة حزب الله ومضبطة الاتهام الجاهزة بوجهه أمام أي حادث او واقعة، كانت في كلمة السيد نصرالله تحية لجمهورها الوفي ودعوة للابتعاد عن رد الشتيمة بمثلها، واعتبار لغة الشتائم علامة ضعف، وتأكيد أن هذه الحملات تزيد المقاومة ثقة بقوتها وحضورها وأحقية قضيتها ولا يمكن أن تفتّ في عضدها أو تضعف من عزيمتها.
قضيتان محليتان بارزتان نالتا من كلمة السيد مكانة خاصة، الأولى قضية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت وتساؤل السيد نصرالله عن مبرر حجز التحقيق التقني الذي يحدد اسباب الانفجار لدى المحقق العدلي، وإشارته الى تأثير التحقيق على مصير تعويضات شركات التأمين على المتضررين وتساؤله عما إذا كان هناك مَن يستفيد من هذا الاحتجاز للتحقيق، خاتماً بدعوة لإفراج فوري عن التحقيق.
في الشأن الحكومي تضمنت مقاربة السيد نصرالله محاولة ربط مع الفريقين الرئاسيين المعنيين بالملف الحكومي والتجسير بينهما، مقدّماً دعوة لصيغة تبدو قائمة على توازن الأرباح في الصيغة الحكومية، تصلح لتشكيل تطوير لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري بإضافة زيادة عدد الوزراء الى 20 او 22 وزيراً بما يتيح إراحة فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ويتيح إعادة البحث بالتركيبة التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري، وبالمقابل تفهم تمسك الرئيس الحريري بوزارة الداخلية.
في الرابط بين الإقليمي والداخلي ضرب السيد بيده على الطاولة محذراً من دعوات التدويل والحديث عن الفصل السابع، معتبراً ان هذه المشاريع هي إعلان حرب، عدا عن عدم واقعيتها ومخاطرها على السيادة والمصلحة الوطنية.
في الشأن السياسي اللبناني كان لقاء خلدة الذي ضمّ القيادات الدرزية في دارة النائب طلال إرسلان، لتأكيد أحقية المشاركة في الحكومة، والدعوة لحكومة من 20 وزيراً، بينما جدّد الحزب السوري القومي الاجتماعي دعوته إلى الدولة المدنية كحل لأزمات البلد، فيما كان مجلس النواب يشهد سجالاً حول قرض البنك الدولي الخاص بدعم العائلات الأكثر فقراً، انتهى بإرحاء البحث للأسبوع المقبل.
وأكد السيد نصرالله “أن الحديث عن تدويل الملف اللبناني، يعني أننا نجلب كل دول العالم الى لبنان لتحقيق مصالحها وهذا يخالف مصلحة لبنان ويتعارض مع مبدأ السيادة”. وتابع “أقول للبعض غنه بالذهاب الى التدويل قد تكون البداية عندكم إلا أن النهاية بالتأكيد لن تكون عندكم خاصة عندما تدخل الدول الكبرى وبعضها يريد مصلحة “إسرائيل” وقد يؤدي ذلك الى الحديث عن ملفات تتعلّق بالتوطين وتضييع حقوق لبنان في البحر والنفط”.
وحول ملف التحقيق بانفجار المرفأ، قال: ”معلوماتنا تقول إن التحقيق الفني لدى الجيش انتهى وأرسل الى المحقق العدلي، أي أن التحقيق انتهى والإعلان عنه مهم للبلد على مختلف المستويات ولكل الناس خاصة أهالي الشهداء والمتضررين”، وتابع “الاخوة في حزب الله تابعوا الملف مع الجهات المعنية وقالوا إن الموضوع عند القضاء وبالعادة لا يعلن الجيش عن التحقيقات، المسألة اليوم عند القضاء والجهة المعنية القضائيّة من واجبها أن تعلن الجانب الفني بتحقيق مرفأ بيروت ومن حق الشعب اللبناني أن يعرف الحقيقة وبعد ذلك نذهب الى تحميل المسؤوليات وهناك عائلات شهداء ومتضررين، ومن هؤلاء مَن لديه عقد تأمين وشركات التأمين تنتظر نتائج التحقيق كي تدفع أو لا. وهذا الأمر قد يُحسّن وضع العائلات والمنطقة التي تضررت وهو أمر حيوي لمدينة بيروت وحق للأهالي”.
وعن ملف تشكيل الحكومة، قال السيد نصر الله “لا أعتقد أن أحداً لا يريد تشكيل الحكومة، نعتقد ان الكل يريد تشكيل الحكومة وهذا مصلحة الجميع”. وقال: ”نتفهم مواقع البعض مثل الرئيس المكلف بأنه لا يريد ان يكون لفريق واحد الثلث الضامن، لكن ما لا نتفهمه هو الإصرار على 18 وزيراً، لأن البعض يعتبر أن هدف هذا الأمر هو الإقصاء والإلغاء”، وتابع “إذا سرنا بهذا الأمر نطمئن الجميع، ولذلك إذا هذه النقطة يُعاد النظر فيها هذا قد يشكل مدخلاً لمعالجات معقولة تُخرجنا من الطريق المسدود بالملف الحكومي”.
وعن التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، أكد السيد نصر الله على “متانة هذه العلاقة بما يخدم المصلحة الوطنية”، ولفت الى أن “الكلام بالإعلام وتناول هذا التفاهم يضرّ ولا يفيد بل يفيد الشامتين لأنه يمكن حل الأمور بين الطرفين (الحزب والتيار) عبر النقاشات في الغرف المغلقة”.
وعن سورية لفت إلى أنّ حديث الأميركيين أنّ مهمّتهم لم تعُد تشمل حماية النفط هناك ترافق مع إعادة إحياء تنظيم “داعش” الإرهابي، مؤكّداً أنّ مَن هزم “داعش” سابقاً سيُلحق الهزيمة به مجدّداً.
أمّا عن الإدارة الأميركية الجديدة، رأى أنّ أولوياتها هي الصين التي تشكّل تهديداً كبيراً لها على المستوى الاقتصادي، بينما لا أحد يتحدث اليوم عن صفقة القرن التي يبدو أنها انتهت أو باتت في حالة تراجع نتيجة صمود الشعب الفلسطيني والقيادات الفلسطينية ومحور المقاومة.
وتوجّه السيد نصر الله إلى رئيس أركان العدو الإسرائيلي بالقول “إنّنا لا نبحث عن مواجهة ولا عن حرب، ولكن إن فرضتم حرباً فسنخوضها”، مهدّداً “إن قصفتم مدينة سنقصف مدينة وإن قصفتم قرى سنقصف المستوطنات”.
في غضون ذلك وفيما أٌفيد أن الحريري يغادر بيروت اليوم في جولة خارجية جديدة تبدأ من الدوحة وعددٍ من الدول الأوروبيّة، يبدو أن الاشتباك السياسي على خط بعبدا - بيت الوسط مرشح إلى مزيد من التصعيد والأزمة الحكومية إلى مزيدٍ من التأزم لا سيما مع ظهور جبهة تصعيد سياسية تضُم عدداً من الكتل النيابية والأحزاب والقوى رافضة للصيغة الحكومية المطروحة والتي يشوبها خلل دستوريّ وميثاقيّ وسياسيّ، بحسب ما تقول أوساط فريق 8 آذار لـ”البناء”.
وأمس عُقِد في دارة رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان في خلدة اجتماع موسّع بحضور رئيس “الحزب السوري القومي الاجتماعي” وائل الحسنية ورئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب والشيخ نصرالدين الغريب، وكبير مشايخ البياضة الشيخ أبو سهيل غالب قيس وقاضي المذهب الشيخ نزيه أبو ابراهيم، وعدد من الفاعليات الروحيّة والسياسية والحزبية.
وأكد الوزير السابق صالح الغريب بعد الاجتماع أنّ “التعدّي الحاصل، وبصورة علنية، على حقّ طائفة مؤسسة للكيان اللبناني، من خلال الإجحاف في تمثيلها داخل الحكومة، حيث يتمّ خفض هذه النسبة إلى النصف في حكومة من 18 وزيراً، والتي يُصرّ بعض المعنيين عليها، من خلال التحجّج بحكومة اختصاصيين، هي فعلياً لا تمتّ إلى مبدأ الاختصاص ولا إلى الميثاقية بصلة، بل نراها حكومة كيدية بامتياز تهدف إلى تحجيم الدروز عبر إلغاء التنوع السياسي الذي يفوق عمره عمر لبنان بمئات السنين، وهذا تعدٍّ مرفوض شكلاً ومضموناً، وموقفنا منه لن يتغيّر مهما تغيّرت الظروف أو تبدّلت، والتاريخ شاهد على ما نقول”. وإذ ثمّن لقاء خلدة عالياً “موقف فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووقوفه إلى جانب هذا الحق مطالباً إياه بالاستمرار فيه والتشبّث بتطبيق الدستور، طالب “الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله بعدم السماح بالخلل بالتوازنات السياسية الدقيقة في الجبل، وفي قلب الطائفة الواحدة، طائفة أبناء التوحيد العروبيين المقاومين، لما يشكل ذلك من تهديد على السلم الأهلي والعيش الواحد”. فيما اتهم وهاب الحريري بالاعتداء على حقوق الطائفة الدرزية. أكدت مصادر مشاركة في اجتماع خلدة لـ “البناء” أنّ اسلوب الحريري في عملية التأليف يعني أن الأزمة الحكوميّة طويلة جداً ولا حلّ الا بتوسيع عدد الحكومة الى 20 وزيراً لتحقيق الميثاقية وتصحيح الخلل الطائفي. ولفتت الى ان قوى سياسية عدة مغيّبة عن التشكيلة كاللقاء التشاوري والحزب السوري القومي الاجتماعي.
وأكد رئيس الحزب وائل الحسنية أنه “في ظلّ الأزمات والمشكلات والتعقيدات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان واللبنانيون، فإنّ على الجميع أن يتحمّلوا مسؤولياتهم الوطنية، وأن يدفعوا باتجاه تحصين البلد وصون استقراره وحماية أمنه الاجتماعي”.
وقال في تصريح لـ “وكالة أنباء آسيا”
عن لقاء خلدة: ”لبّينا دعوة رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان إلى دارة خلدة، وكانت مناسبة عبّرنا فيها بوضوح عن موقفنا الثابت، بضرورة قيام دولة مدنية ديمقراطية ترسّخ مبدأ المواطنة، وتكون ضامنة لحقوق المواطنين الواحدة على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم وأحزابهم وقواهم”.
وأكد الحسنية أنّ “الموقف الذي عبّرنا عنه واضح، ونحن نحرص على حقوق الشعب الواحدة ونشدّد على الوحدة الوطنية، ومطلبنا الدائم والذي نعمل على تحقيقه هو تقويض النظام الطائفي الذي هو ولّادة كلّ الأزمات والمشاكل”.
وعلى خط موازٍ انتقد “اللقاء التشاوري” الأسلوب المتبع بتأليف الحكومة. ودعا في بيان إثر اجتماعه الدوريّ، في دارة النائب عبد الرحيم مراد إلى تشكيل “حكومة أقطاب مصغرة مدعومة بأكبر عدد من المستشارين التقنيين والاختصاصيين والتكنوقراط بحيث تكون حكومة إنقاذ قادرة على اتخاذ التدابير والإجراءات السريعة لوقف الانهيار والشروع في انتشال البلاد من الهاوية والعمل على بناء الدولة”.
من جهته رفض رئيس كتلة “النواب الأرمن” النائب هاغوب بقرادونيان كلام الحريري الذي ضمّ حصة كتلته إلى حصة تكتل لبنان القوي، مؤكداً بأن كتلة الأرمن تتمتع باستقلالية تامة وإن عقدت تحالفات سياسية مع قوى أخرى، وبالتالي لها حق التمثيل بوزير مستقل اختصاصي يتم اختياره بالتنسيق معنا ولا يُحتسب من حصة أحد.
في المقابل رأى المكتب السياسي لتيار “المستقبل” في بيان أن “ردود الفعل على خطاب الحريري خلت من أي مضامين سياسية وضجت بنعرات طائفية لا قيمة لها”. وعكست تغريدة حسين الوجه، المستشار الإعلامي للحريري على “تويتر” اتجاهاً لتهدئة السجال الإعلامي مع بعبدا بقوله إن الحريري “تمنى على الزملاء النواب في كتلة المستقبل والأخوة والأخوات في تيار المستقبل، عدم الانجرار للسجال الكلامي رداً على الحملات التي تستهدفه”. وأضاف: ”انهم يلهثون وراء اشتباك اسلامي - مسيحي، ولن يحصلوا على هذه الفرصة مهما اشتدت حملات التحريض وإثارة الضغينة بين ابناء الوطن الواحد”.
أما تكتل لبنان القوي فقد اعتبر أن “ما صدر عن الرئيس المكلّف من مواقف يشكّل انتكاسة للميثاق الوطني وللشراكة السياسية المتوازنة”.
وبعد اجتماعه الدوري إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل أكد التكتل أنه “قدّم كل ما يمكن لتسهيل عملية تشكيل الحكومة الى حدّ عدم المشاركة، وكل اتهام لرئيس الجمهورية بأنّه يريد الثلث المعطّل، هو اتهام باطل يتلطى وراءه من يريد ممارسة سياسة الإقصاء والعودة الى زمن كان فيه رئيس الجمهورية الشريك المغبون والضعيف في سلّم السلطة. ان هذا الزمن ولّى الى غير رجعة، فاذا كانت نية الشراكة موجودة فالحلّ متوفر فوراً، اما اذا استمرت عملية الإقصاء مسيطرة فهذا يعني أن هناك مَن يريد استمرار الأزمة لغايات غير معلومة”.
وفيما تشتد المنازلة بين بعبدا وبيت الوسط أجرى رئيس الجمهورية جولة أفق ومشاورات مع مستشاريه للاطلاع على الأجواء الدولية ولتقييم الموقف الداخلي حيث استقبل مستشاره للشؤون الروسية النائب السابق أمل أبو زيد الذي أطلعه على نتائج زيارته إلى موسكو مشيراً إلى أن “الجانب الروسي أبدى استعداده لتقديم هبة من اللقاح الروسي إلى لبنان”. وأوضح أبو زيد أن البحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تناول أيضاً الوضع السياسي الداخلي عموماً، والوضع الحكوميّ “خصوصاً لا سيما في ضوء ما نسب الى القيادة الروسية من معلومات غير دقيقة”. كما استقبل عون النائب الياس بوصعب الذي قال بعد اللقاء “سمعت الرئيس الحريري يقول إنه على استعداد لأن يقترح على رئيس الجمهورية ثلاثة او أربعة أسماء ليسمّي منهم الرئيس وزيراً للداخلية، وذلك خلافاً للأعراف والتقاليد التي كانت معتمدة لا سيما بعد “الطائف”. فالرئيس الهراوي رحمه الله هو من سمّى وزير الداخلية وكذلك الرئيس اميل لحود والرئيس ميشال سليمان ولم يقترح عليهم أحد هذه الأسماء. ما يدل على أن الرئيس الحريري ينوي اعتماد نمط جديد في تشكيل الحكومات، وهذا ما لا يقبل به الرئيس عون مطلقاً”. وأوضح بوصعب أنه تمنى على الرئيس عون العمل خلال ما تبقى من العهد على تحقيق أمرين أساسيين، الأول المضي حتى النهاية في موضوع التدقيق المالي الجنائي، والثاني تنظيم طاولة حوار للبحث في تطبيق ما تبقى من اتفاق الطائف ليصبح لبنان دولة مدنية فعلية تؤكد هويته العربية من جهة، وتطبق اللامركزية الإدارية الموسّعة من جهة أخرى، فضلاً عن تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية”.
وعلمت “البناء” أن بعض الوسطاء عرضوا حلاً وسطياً لعقدة وزارة الداخلية في ضوء كلام الحريري الأخير بأن يقدّم عون لائحة من 3 أسماء يختار أحدهم الحريري، إلا أن بعبدا رفضت هذا الاقتراح واعتبرته خرقاً للأعراف في تأليف الحكومات.
إلى ذلك برزت الحركة الديبلوماسية اللافتة للسفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو التي زارت بكركي غداة زيارتها السفير السعودي وليد البخاري. أما السفيرة الأميركية دوروثي شيا فزارت رئيس الكتائب سامي الجميّل في بكفيا. ما يدلّ على حجم التدخل الأميركي الفرنسي في الشؤون الداخلية اللبنانية. وفي موقف سعودي مستغرب قال نائب وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان: ”الرئيس رفيق الحريري اغتالته ميليشيات الغدر الإيرانيّة التي ضاقت ذرعاً به وبمشروع النهضة الوطنيّ الذي كان يدافع عنه”.
على صعيد آخر، تحوّل قرض البنك الدولي لدعم الأسر الأكثر فقراً إلى قضية خلاف بين النواب خلال جلسة للجان المشتركة لدرس مشروع قانون القرض. وتمّ تسجيل ملاحظات من بعض الكتل النيابية حول طريقة تحويل هذا المشروع الى مجلس النواب عبر موافقة استثنائية من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال من دون المرور بمجلس الوزراء مجتمعاً واعتبروا هذا الأمر مخالفة دستورية. وأشارت المعلومات عن وقوع سجال كبير خلال الجلسة حيث اعترض على الاتفاقية بعض النواب معتبرين أنّ الإذعان لشروط البنك يعدّ تخلياً عن السيادة.
وأوضح وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال رمزي المشرفية لـ”البناء” أن ”قرض البنك الدولي سيُغطي شريحة واسعة من العائلات اللبنانية المحتاجة فعلاً على أن يستحصل لبنان على قرض ثانٍ في حال لم يشمل القرض الأول كافة العائلات الفقيرة”، ولفت إلى أننا “لم نحسم بعد توزيع القرض بالدولار أو بالليرة اللبنانية على أن تحسم الحكومة هذا الأمر قريباً”. وأشار المشرفية إلى أن “القرض يشمل حوالي 145 ألف عائلة فقيرة وفي حال قررت رئاسة الحكومة ووزارة المال دفعه بالدولار سيرفع العدد إلى 200 ألف عائلة”. وشدد على أن “عملية التوزيع ستتم وفق معايير واضحة وشفافة بعيداً عن المحسوبيات والوساطات وبالتنسيق مع البنك الدولي”.