لا يزال القرار الذي اتخذته الغرفة السادسة في محكمة التمييز، والقاضي بكف يد القاضي العدلي فادي صوان عن ملف انفجار مرفأ بيروت، يتفاعل ويتصدر المشهد العام. وقد تواصلت اعتصامات أهالي شهداء الانفجار الذين طالبوا بالإسراع في تعيين محققٍ عدلي جديد، فكان أن وافق مجلس القضاء الأعلى مساء أمس، في تعيينٍ سريع ولافت، على القاضي طارق بيطار محققاً عدلياً مكان سلفه القاضي الذي قضى بفخ “الارتياب”.
الحزب التقدمي الاشتراكي الذي رفع الصوت محذراً من محاولات إعدام فرص كشف الحقيقة في انفجار المرفأ التي أصابت كل اللبنانيين دون استثناء، لفت في بيانٍ لمفوضية العدل فيه إلى أن قرار محكمة التمييز، “كان اعتمد تعليلاً يفتقر لأي أدلةٍ حسيّة، أو واقعية، أو حقيقية، من شأنها أن توصل المحكمة للنتيجة التي توصّلت اليها”، وذكّر بموقف رئيسه، وليد جنبلاط، منذ لحظة وقوع الانفجار الفاجعة بضرورة السير بالتحقيق بكل السبل، ومع كل المعنيين دون أي استثناء، وكشف الحقيقة كاملة.
وفيما لا شيء يؤكّد أن لا يلقى القاضي العدلي الجديد مصير “الريبة” نفسه لسلفه، وصفت مصادر قضائية عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية القرار، “بالمؤامرة على القضاء اللبناني برمته”، مشيرةً إلى أن، “ما يتعرّض له الجسم القضائي اليوم من استهدافٍ مفضوحٍ لتدجينه لم يحصل مثيلاً له في تاريخ لبنان، وفي عزّ الحرب الأهلية، وعز الوصاية السورية”.
المصادر القضائية اعتبرت أن، “التبرير الذي صدر عن محكمة التمييز بأن صوان هو من بين المتضررين في انفجار المرفأ، ما يجعله غير حيادي ومتعاطفاً مع المتضرّرين، ليس مقنعاً، لأن كل اللبنانيين دون استثناء تضرّروا بشكل إنسانيٍ ومعنوي، وبالتالي لا يمكن اتهامهم بعدم الحياد والانحياز، لأن ما حصل في مرفأ بيروت لم يحصل مثيلاً له منذ الحرب العالمية الثانية، فهذا الانفجار الذي دمّر نصف العاصمة بيروت، وأدّى إلى 200 شهيد، وأكثر من 6000 جريح، واهتزّ له العالم بأسره، فهل يعقل أن لا يتأثّر به القضاء اللبناني إنسانياً ومعنوياً؟”
عضو المجلس الدستوري السابق، القاضي أنطوان مسرّة، وصف في حديثٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية قرار الغرفة السادسة في محكمة التمييز، “بالخطير جداً، ويشكّل أكبر فضيحةٍ في تاريخ القانون اللبناني”، سائلاً، “هل الحياد بأن تكون غير معني بما جرى؟ وكيف يمكن لقاضٍ نزيهٍ وعادل أن يعتبر نفسه بأنه غير معنيٍ بالكارثة التي حصلت؟ وكيف يمكن للقضاة “الأوادم” إخفاء مشاعرهم أمام هول الكارثة؟ فهذا تفسير خطير للحياد”، مستغرباً “صمت المسؤولين الرسميين عن تمرير مثل هذا القرار الذي يعبّر عن مستوى المهانة التي وصل إليها البلد”.
مسرّة سأل: “مِن أين سيأتون بقاضٍ غير معني؟ ولا يُفهم مما جرى سوى لفلفة الموضوع”، داعياً من أسماهم بالقضاة المستقلين والأوادم إلى، “رفض استلام هذا الملف مخافة أن يكون مصيرهم هو مصير القاضي صوان”.
تزامناً، لا زالت المواقف الحكومية على حالها كما أشارت مصادر مطّلعة عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية، ولم يطرأ أي تطور جديد يشي بانفراجٍ قريب على صعيد التأليف بانتظار ما قد يعلنه رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، في مؤتمره الصحافي يوم الأحد.
وفيما يستكمل الرئيس المكلّف سعد الحريري جولته الخليجية ووصوله إلى الإمارات بعد قطر، استبعد عضو كتلة المستقبل، النائب عاصم عراجي، تشكيل الحكومة في وقت قريب، معتبراً أن، “موضوع الحكومة معقد جداً، وأن باسيل أبلغ رئيس الجمهورية أنّه لا يريد الحريري على رأس الحكومة، وهو الذي يقرّر، على ما يبدو، المواقف التي يتخذها الرئيس عون. وبناءً عليه يبدو عون محرجاً جداً، ولهذا السبب يعمد إلى تصعيد المواقف بوجه الحريري، تارةً من خلال التمسّك بالثلث المعطل، وتارةً عن طريق المطالبة بحقوق المسيحيين، فيما الهدف الأساسي واحد، ويتلخص بإبعاد الحريري، وإحراجه لإخراجه وتقديم اعتذاره”.
عراجي أكّد في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أن، “الحريري ليس بوارد الاعتذار حتى الساعة”، مشيراً إلى أن، “كلام الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، عن الحكومة لا يساعد على حل الأزمة، لأنه من جهة أيّد اعتراض الحريري على الثلث المعطل، ومن جهةٍ ثانية دعا إلى حكومة من 20 أو 22 وزيراً، ما يعني أنّه يحاول إرضاء حلفائه، وهذا ما لن يقبل به الحريري”.
في هذه الأثناء، تواصلت عملية التلقيح ضد فيروس كورونا في كل المراكز المعتمدة على امتداد المناطق اللبنانية، حيث أشارت مصادر صحية عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ عدد الأشخاص الذين تلقوا اللقاح بات حوالي 15 ألف شخص، معتبرةً أن الأهم هو الاستمرار بوصول دفعات اللقاح في موعدها، وفي المقابل تحفيز اللبنانيين على الاستمرار بالتسجيل عبر المنصة الرسمية وعدم الخوف من هذه الخطوة التحصينية الضرورية لمواجهة الوباء، والحد من انتشاره.
وكشفت المصادر أن القسم الأكبر من الأطباء تناول اللقاح، بالإضافة إلى عددٍ كبيرٍ من كبار السن، وأنّ التلقيح سيتواصل ليشمل أطباء الأسنان والصيادلة.