لا مناص من تكرار تسمية المعطّلين بأسمائهم، فكشف هؤلاء مراراً أقل الممكن في ظل قبضهم على عنق البلاد وأرواح اللبنانيين المهدَّدين بأبشع الأزمات بفعل منع أي حل لأي من الملفات الوطنية العالقة، من تشكيل الحكومة الى الانهيار الاقتصادي إلى التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.
وفي هذا السياق التأكيدي على مسؤولية هذه الجهات المتحكمة بكل شيء، جاءت إطلالة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لتعيد تصويب النقاش الى جوهره: هل ثمة قناعة لدى هؤلاء الأفرقاء ببقاء الكيان؟
في ملف انفجار المرفأ، أكد جنبلاط ما كان كشفه سابقاً بأن النيترات المشؤومة تم الإتيان بها لاستخدامها في ضرب المدن السورية بالبراميل، بدل سلاح الكيماوي من أجل التدمير، وجدد تمسكه الثابت بإستمرار التحقيق، لجهة “من أتى بالمواد، من لبنانيين وحلفاء للنظام السوري، ومن تسبب بالإنفجار”، مشيرا الى أنه “ليس لائقاً” بحق أمين عام حزب الله حسن نصرالله أن “يملي بالإنتقال من التحقيق بالإنفجار إلى التعويض”، مشدداً على ضرورة “رفع الوصاية عن القضاء اللبناني”.
حكوميا، استغرب جنبلاط كيف ان التأليف عالق بسبب الثلث المعطل فيما الجميع يعلن أنه لا يريد هذا الثلث، “فالأسبوع الماضي قال السيد حسن نحن لا نريد الثلث المعطل، وسمعت من نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف أنهم يعترضون على الثلث المعطل، وأنه قد سمع من وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف أنه ضد الثلث المعطل، فإذا من يصر على الثلث المعطل؟”، مستبعدا ان يكون تعطيل جبران باسيل “الإلغائي” للتأليف متأتٍ عن قرار ذاتي منه فقط، وتوجه بالسؤال الى نصرالله عما إذا كانت القناعة ببقاء لبنان دولة قائمة أو بتحويله فقط مساحة لصواريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
جنبلاط لاقى كلام البطريرك مار بشارة الراعي “بأنه يجب إيجاد نوع من التلاقي الدولي للحفاط على الكيان اللبناني”، لكنه أكد أنه “ليس ممن يحلمون بالعودة إلى القرارات الدولية كقرار 1559″، لافتا إلى ان “البطريرك نادى بالحياد من أجل لبنان الكيان وليس من أجل المسيحيين فقط، ونحن مع الكيان ونحن لا نريد أن نكون سلعة على طاولة المفاوضات”؛ داعيا للعودة الى نتائج حوار 2006 وإلى تطبيق اتفاق الطائف.
وفي الشق الحكومي، كشفت مصادر متابعة عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية أن رفض نصرالله للثلث المعطّل ودعوته فريق رئيس الجمهورية للتخلي عن التمسك به لم يأتِ من فراغ “بل أتى نتيجة رسالة تم ابلاغها من الجانب الروسي ومفادها رغبة القيادة الروسية بتسهيل مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري بتشكيل حكومة مهمة من وزراء اختصاصيين ومستقلين عن الأحزاب السياسية”.
وأشارت المصادر الى أنه “انطلاقا من هذا الموقف الروسي والرغبة الايرانية، أعلن نصرالله تأييده الحريري برفض اعطاء الثلث المعطل لأي فريق مقابل عدم تمسك الرئيس المكلف بحكومة من 18 وزيرا، ولذلك رفع رئيس التيار الوطني الحر سقف مطالبه”.
وفي هذا السياق، أشار عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار الى انه “لم ير أي جديد في كلام باسيل الأخير لأنه ما زال يردد المعزوفة نفسها المتمثلة بالدفاع عن حقوق المسيحيين وإثارة العصبيات والغرائز المذهبية وكأنه بحصوله على الثلث المعطل يؤمن حقوق المسيحيين”، قائلا: “من المؤسف ان هذا الرجل لم يعط أي وزن وأي اعتبار للبنانيين الذين ضاعت حقوقهم بعدما كان بالإمكان تشكيل حكومة توقف الانهيار وتقوم بالاصلاحات المطلوبة، فالبلد ذاهب الى مزيد من التأزم طالما استمر الرئيس ميشال عون بالسماح لصهره بأن يصادر ويرهن رئاسة الجمهورية الخاصة”.
ورأى الحجار في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية ان “الجولات التي يقوم بها الحريري في هذا الجو المشحون تأتي لكسر هذا التعطيل ولترميم علاقة لبنان مع المحيطين العربي والدولي.
وعن قدرة المجتمع الدولي على الضغط والتدخل لتشكيل حكومة، لفت الحجار الى ان “المجتمع الدولي يبدي استعداده لدعم لبنان، لكن هذا الدعم يجب ان يمرّ بتشكيل الحكومة، إلا أن تجاربنا مع ميشال عون ليست مشجعة لأنه سبق له وأن خرب البلد ودمّر لبنان في العام 1989 من خلال حربي الإلغاء والتحرير، فإلى أي مدى يستطيع المجتمع الدولي ان يؤثر على جماعة عون وعلى فريق كل همه كيف يسيطر على لبنان وبأي ثمن؟”.
ورأى الحجار ان صرخة البطريرك الراعي “موجهة بالدرجة الأولى الى عون مباشرة لأنه لم يردع صهره باسيل عن تدمير البلد، وتأتي صرخته من أجل تشكيل حكومة ووضع البلد على السكة الصحيحة”.
وتعليقا على دعوة البطريرك ايضا، رأى عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب أنيس نصار ان “الراعي عندما توصّل الى قناعة بأن أبواب الحل مقفلة، أطلق صرخة باتجاه فتح هذه الأبواب وعدم ترك البلد ينهار أمام أعين اللبنانيين والمجتمع الدولي، لأن المشكلة تكمن بإدارة الدولة”.
وفيما تكتل الجمهورية القوية يتحضر لوقفة نيابية وشعبية الى جانب بكركي ودعم الراعي، ذكّر نصّار في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية بالاجتماع الذي عُقد في القصر الجمهوري في الثاني من آب 2020 بحضور معظم القيادات السياسية للتباحث بإنقاذ لبنان، وكيف ان “كل المقررات التي اتخذت لمنع السقوط لم يُنفذ منها شيء، والأفرقاء يتلهون بتشكيل الحكومة، فاضطر البطريرك الى اطلاق مبادرة من أجل لبنان”، مستبعدا تشكيل حكومة في وقت قريب بعد ان “تحوّل باسيل الى الناطق الرسمي باسم العهد”.
على صعيد آخر وفي الشأن الصحي، أثارت الشائعات التي تحدثت عن تلقيح أكثر من 10 الاف شخص من الذين لم تُسجل أسماؤهم عبر المنصة الرسمية بلبلة في القطاع الطبي، الأمر الذي نفته مصادر وزارة الصحة عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية هذه الأخبار التي تهدف الى الاساءة لعمل الوزارة والطواقم الطبية التابعة لها بعد أن سارت عملية التلقيح بطريقة طبيعية، مؤكدة ان عملية التلقيح تجري بانتظام ووفق الجداول الاسمية في المنصة.
المصادر دعت المواطنين لعدم الأخذ بالاشاعات والاعتماد فقط على المعلومات التي تصدر عن وزارة الصحة العامة وعن مكتب وزير الصحة.