بدا واضحاً ان المناخات الداخلية سياسياً وحزبياً وطائفياً بدأت تنحو في اتجاهات سلبية بل ربما تتسم بقدر كبير من الخطورة وسط الاهتراء الذي تتسبب به ازمة تعطيل #تشكيل الحكومة الجديدة وما يتفرع عن جولات السجالات والتراشق الحاد من تداعيات لا تنحصر فقط بالمسار الحكومي وانما تتسع الى قضايا ذات بعد دستوري وسيادي. ذلك ان السخونة التي طبعت الجولة الأخيرة من السجالات التي فجرها المؤتمر الصحافي لرئيس “#التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل مع نواب ومسؤولين لدى كل من “تيارالمستقبل” والحزب التقدمي الاشتراكي و”القوات اللبنانية” وتيار “المردة” ابرزت الاحتدام العميق الذي بات يطبع الانسداد السياسي ويقيم فرزا كبيرا وواسعا في البلاد بين الفريق الممسك بورقة التعطيل والافرقاء الاخرين، حتى لو لم يكن الامر دوما على قاعدة الفرز القديم بين معسكري 14 و8 آذار. وليس أدل على ذلك من الموقف البارز والحاد الذي اتخذته بدورها حركة “امل” امس من مواقف باسيل ولو انها لم تسمه اذا جاء بيان الحركة غداة هجوم ناري شنته محطة “ان بي ان” على باسيل ليسلط الضوء مجددا واكثر من أي وقت مضى على شبه العزلة السياسية الداخلية التي اضحى عليها واقع العهد وتياره الحزبي بعدما باتت تحالفاته محصورة تقريبا بـ”حزب الله” وحده. ولكن هذا الواقع لن يساعد في تذليل العقبات المتراكمة والمتزايدة امام تشكيل الحكومة اذ تكشف أوساط بارزة معنية بالمسار الحكومي المعطل لـ”النهار” ان المعطيات الواقعية التي تجمعت في الفترة الأخيرة تشير الى تفاقم التعقيدات التي سيزج بها في طريق رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي عاد مساء امس الى بيروت وان الطروحات التي اعلنها باسيل في مؤتمره لم تكن اقتراحات للحل والتسوية بل هي تثبيت لشروط تبدأ بتوسيع الحكومة وتمر بالثلث المعطل والا فلن تكون حكومة. ولوحظ في هذا السياق ان محطة”او تي في” الناطقة باسم “التيار الوطني الحر” راحت تركز مساء امس على ان المشاورات الحكومية تجاوزت تركيبة الـ 18 وزيرا وانها تدور حول 22 او 24 وزيرا. لكن أوساط بيت الوسط اكدت عدم صحة المعلومات التي نقلت عن موافقة الرئيس الحريري على حكومة من 22 وزيرا ووصفتها بانها مجرد تمنيات او تحليلات بعيدة كليا عن الواقع. ولفتت الأوساط المعنية الى ان ما يتردد عن وساطة محتملة قد يقوم بها “حزب الله ” استنادا الى اقتراح توسيع التشكيلة الحكومية لا يخرج عن اطار توزيع الأدوار بين فريقي العهد والحزب لدفع الحريري قدما نحو الخيار الحاسم إما التسليم بشروط العهد وتياره مدعوما من الحزب وإما بدء التفكير جديا بالاعتذار، علما ان الحريري ليس في وارد الرضوخ لهذه المعادلة في أي شكل. ولذلك ترجح الأوساط نفسها ان تتسم الأسابيع المقبلة بتصعيد في معركة العض على الأصابع بما يخشى معه من مزيد من التداعيات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية وسط دوامة تفتقد الى أي افق للانفراج.
وامس اشتعلت جبهة ميرنا الشالوحي – عين التينة اذ اصدر المكتب السياسي لحركة “أمل “بيانا اعتبر فيه انه “أن الاوان قد حان لوقف المتاجرة بالمواقف ورهن الوطن للمصالح والاهداف الموهومة، وان ينظر بعضهم إلى احتياجات الناس التي كفرت بدولتها وسياسييها، وأصبحت على قاب قوسين او ادنى من الانفجار الاجتماعي”. وشدد على “ان البلد يحتاج في هذه اللحظة الصعبة الى حكومة توقف الانهيار الكارثي الذي تتدحرج كرته على اكتاف المواطنين، حكومة خارج لعبة الشروط ومحاولات “التذاكي” عبر ابتكار عوامل تعطيل بدلاً من التسهيل، وجعل الدستور مطية “عرجاء” لتفسيرات “همايونية”، واللعب مجدداً على اوتار الطوائف والمذاهب والحقوق، بدلاً من التقاط الفرصة للخروج من الوضع المأزوم من خلال الاسراع بتأليف حكومة مَهَمّة ترتكز على ايجابيات مبادرة دولة الرئيس نبيه بري بمندرجاتها الوطنية التي تؤسس لحكومة لا أثلاث ولا أرباع ولا حصص فيها لأي طرف، حكومةٌ بأجمعها هي حصة كل الوطن”.
استهداف #بكركي
وفي جانب آخر من الاحتدامات اثار موقف المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في شأن دعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى مؤتمر دولي من اجل لبنان ووصفه له بانه إجهاز على صيغة لبنان استياء واسعا ترجمه موقف عنيف للجنة الاسقفية لوسائل الاعلام أكدت فيه “أن منطق الاستقواء الذي يستخدمه البعض اسلوباً ونهجاً هو بعيد كل البعد عن اسلوب ونهج بكركي ولا يمكن إتهامها به على الاطلاق “.وأسفت اللجنة “أن يكون نجل المرجعية الشيعية الوطنية المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أحد الذين تسرّعوا في اطلاق الأحكام المسبقة على الدعوة الى المؤتمر الدولي بدل إجراء قراءة متأنية للاسباب الموجبة التي دفعت البطريرك الراعي الى اطلاق هذه الدعوة”. وأكدت “أن الخوف على صيغة لبنان هو من المشاريع الغريبة عن الكيان اللبناني والمستوردة من دولة من هنا ومشروع من هناك. وليس صحيحاً أن مؤتمراً دولياً هدفه دعوة مقصودة أو غير مقصودة لاحتلال لبنان وتصفية سيادته بل الأصح أن مثل هذا المؤتمر هو الذي يحمي لبنان من الاحتلال ويرفع الوصاية المقنّعة عنه ويستعيد سيادته وقراره الحر المخطوفين”. وأعلنت “أن إسطوانة التخوين باتت ممجوجة، فكيف اذا أتت ولا نظنّها إلا من باب الخطأ من نجل المرجعة الشيعية ” .
عريضة “القوات”
وسط هذه المناخات لم يكن الجدل المتصاعد حيال تطورات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الا نسخة مطابقة عن الانقسامات الحادة التي تطبع كل الملفات الداخلية وسط الازمة السياسية المستفحلة . ولكن التطور الأبرز في هذا السياق تمثل امس في تسليم وفد من نواب تكتل “الجمهورية القوية” نائبةَ منسق الامين العام للامم المتحدة الخاص في لبنان نجاة رشدي، عريضة موقعة من نواب التكتل تطالب الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في انفجار مرفأ بيروت. وتأتي العريضة بحسب الحزب، “لانعدام الثقة لدى الناس بالتحقيق المحلي ومن تمكنه من كشف الحقيقة كما هي في هذه الجريمة والدليل على ذلك تعرضه لما يتعرض له من عراقيل”.
وبعد تسليم العريضة وعقد مؤتمر صحافي في نادي الصحافة انضم النواب “القواتيون” الى حشد كبير من أهالي ضحايا انفجار المرفأ الذين تجمعوا امام مبنى نادي الصحافة دعما لهذه المبادرة وتأكيدا لضرورة تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية. وكان وفد من اهالي ضحايا الانفجار زار المحقق العدلي الجديد القاضي طارق البيطار في قصر العدل في بيروت. ونقل متحدث باسم الوفد بعد اللقاء عن البيطار “تأكيده لنا بأن كل الحصانات ستسقط امام التحقيق الشفاف”.
الدولار الطالبي
وفي شأن مطلبي تحرك أولياء الطلاب اللبنانيين في الخارج، فنفذوا عتصاما أمام مصرف لبنان، للمطالبة بتنفيذ قانون الدولار الطالبي والضغط على مصرف لبنان والمصارف لتحويل الاموال للطلاب في الخارج الذين يعيشون في ظروف صعبة. وأكدوا “الاستمرار بتحركهم حتى تحقيق المطالب”. تخلل الاعتصام قطع للطريق لبعض الوقت.
وجال المحتجون على عدد من المصارف في شارع الحمرا وعمدوا الى طرد الموظفين من مكاتبهم واغلاق بواباتها، مشددين على ان “تحركاتهم ستستمر بشكل تصاعدي حتى تحقيق أهدافها”. كذلك قام عدد من اهالي الطلاب في طرابلس بتحرك مماثل.