كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : فيما بَدا أنّ فساد المنظومة السياسية بدأ يطاول التلقيح ضد وباء كورونا، لم يسجل امس اي تطور ايجابي ملموس على جبهة الاستحقاق الحكومي، واستمرت السلبيات هي الطاغية عليه رغم الحراك الداخلي الخفي او المعلن، وكذلك رغم الجولات الخارجية للرئيس المكلف سعد الحريري الذي يبدو انه يتجاوز فيها التأليف الى المرحلة التي ستبدأ بعده. في وقت اكد معنيون بهذا الّاستحقاق الدستوري انه ما زال يراوح مكانه وانّ لقاء جديداً مرتقباً بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون يمكن ان يبنى عليه لاستعجال الولادة الحكومية التي دارت حولها توقعات متفائلة في الايام القليلة المنصرمة رغم السجال المستمر بين تيار “المستقبل” و”التيار الوطني الحر”.
أبدت اوساط سياسية استهجانها للمراوحة المتواصلة في الملف الحكومي على وقع التحلل المستمر في الدولة، مشيرة الى انّ مبادرة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل لم تتمكن من كسر الجمود، بل حاولت أن ترمي المسؤوليات على الآخرين عبر اقتراح إقرار الإصلاحات قبل تشكيل الحكومة، وكأنه اراد بذلك أن يسدد الكرة الى ملعب المجلس النيابي ورئيسه، في حين انّ هناك فصلاً بين الامرين. وبالتالي، فإنّ الربط بين الإصلاحات والحكومة هو مفتعل وغير مبرر.
ونبّهت الاوساط الى انّ إمعان المعنيين في المكابرة والانفصال عن الواقع سيؤدي الى الانزلاق شيئاً فشيئاً نحو انهيار غير منظم، إذ بدلاً من ان نهبط الى الهاوية بنحوٍ متدرج يقلّل من حجم الاضرار ويسمح بالصعود منها مجدداً، يتعاظم الخوف من ان يصبح انهياراً فوضوياً، تكون كلفته هائلة ومعالجته شديدة التعقيد.
اللقاحات والهم الحكومي
وكانت الاوساط المعنية في بعبدا قد انشغلت أمس باللقاحات ضد وباء كورونا التي أجريت في القصر الجمهوري ومجلس النواب، ولم تعر الاستحقاق الحكومي اي اهتمام وسط صمت يوحي بكثير من الشلل الذي اصاب معظم الوساطات الخارجية والداخلية التي بقيت في الكواليس السياسية والديبلوماسية في ظروف من الصعب الحديث عنها في العلن او اعتبارها قابلة للتطبيق نتيجة القطيعة الشاملة التي تسببت بها المواقف المتشنجة الاخيرة.
في بيت الوسط
وفي “بيت الوسط” لم يسجل للحريري العائد من ابو ظبي اي نشاط علني يتناول الازمة الحكومية. وتحدثت مصادره لـ”الجمهورية” عن ”انّ الجمود ميزة المرحلة الحالية، وليس هناك اي منفذ الى اي مخرج للمأزق القائم”.
واكدت اوساط قريبة من “بيت الوسط” لـ”الجمهورية” انّ الحريري متمسك بموقفه بتأليف حكومة من 18 وزيرا من الاختصاصيين غير الحزبيين وفق المبادرة الفرنسية، وانّ كل ما يطرح خلاف ذلك هو غير صحيح. واعتبرت “انّ ما تم ترويجه اخيراً هو “مشروع مشكلة” ولا يقدم اي حلول، وينم عن سوء نية”.
ونفت المصادر نفسها حصول اي اتصال بين باريس و”بيت الوسط”، وقالت انّ الحديث عن اتصالات أجراها موفد الرئيس الفرنسي باتريك دوريل بالحريري هي “مجرد خبر خاطىء لا اساس له من الصحة”.
تحرّك بخاري
والى ذلك، وفي اطار تحركه الديبلوماسي الناشط منذ عودته من الرياض أخيراً، إلتقى سفير خادم الحرمين الشريفين في لبنان وليد بن عبدالله بخاري أمس في مقر إقامته في اليرزة، السفيرة الأميركية دوروثي شيا، وتناول البحث خلال اللقاء “مجمل المستجدات السياسية الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية إضافة إلى موضوعات ذات اهتمام مشترك”. وأكد بخاري “ان موقف المملكة العربية السعودية، يشدد على التزامها بسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، وخصوصاً على ضرورة الإسراع في تأليف حكومة قادرة على تحقيق ما يتطلع إليه الشعب اللبناني”، وذلك بحسب معلومات رسمية وزّعتها السفارة السعودية بعد اللقاء.
وتوقفت مراجع ديبلوماسية وسياسية عند اللقاء بين بخاري وشيا. وقالت لـ”الجمهورية” انه لقاء استثنائي في توقيته ومضمونه، فهو وإن جاء في اطار اللقاءات التي يعقدها بخاري فإنه يعطي حركته أبعاداً تتخطى اللقاءات التي اجراها مع بقية السفراء العرب والغربيين للتشاور في مختلف التطورات على الساحة اللبنانية، خصوصاً انهما دخلا في تفاصيل الازمة الحكومية في اعتبارهما من المهتمّين بالمقدار عينه بهذا الملف”. وأكدت هذه المراجع انه سيكون لهذا اللقاء تتمة، وانّ بخاري وشيا اتفقا على التشاورالمتواصل في المرحلة المقبلة.
وفي غضون ذلك، افادت “الوكالة الوطنية للإعلام” الرسمية انّ سفير لبنان في فرنسا رامي عدوان التقى أمس نظيره السعودي فهد الرويلي “وتم التداول في تطورات العلاقات الثنائية والإقليمية إنطلاقاً من مكانة المملكة في منطقة الشرق الأوسط، وتأكيد علاقات الود والأخوة بين البلدين، وحرص المملكة على مواكبة جهود اللبنانيين في نهضة بلدهم ونموه في شتى المجالات”.
جنبلاط
وفي المواقف السياسية ذكّر رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، خلال اجتماع الكتروني مع أركان “لقاء سيدة الجبل” و”حركة المبادرة الوطنية”، بمقرارات الحوار الوطني الذي انعقد بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري في 2 آذار 2006، وقال انّ “تلك القرارات تصحّ لأن تشكّل ركيزة مهمة لمعالجة عدد من القضايا التي لا تزال عالقة وتؤثر في الواقع الداخلي اللبناني”، وكرر رفضه “الطروحات المتتالية المتعلقة بالمؤتمر التأسيسي”، معتبراً أنها “تهدف الى إسقاط إتفاق الطائف وصيغة المناصفة التي أرساها تمهيداً لاستبدالها بالمثالثة”، مؤكداً تمسّكه بـ”اتفاق الطائف” بكل مندرجاته التي لم تطبق جميعها، ولا سيما منها إلغاء الطائفية السياسية وتطوير النظام السياسي اللبناني ليحقق المساواة المفقودة بين المواطنين”. وأكد رفضه لقانون الانتخابات الحالي، معتبراً أنه “مشوّه ولا يضمن صحة التمثيل السياسي”، مجدداً الدعوة الى “تعديله وتطويره ليصبح أكثر عدالة وتمثيلاً لمختلف فئات المجتمع”.
غضب شعبي
وفيما تسبّب تلقي عدد من النواب اللقاح بموجة من الغضب الشعبي وتهديد البنك الدولي بوقف مساهمته، اعتبرت مصادر نيابية ان هذا التلقيح في المجلس امس يعود إلى ضرورات طبية وتشريعية، بعدما سُجّلت وفاة نائبين وإصابة اكثر من 20 بوباء كورونا، ما دفع النواب الى إبداء الخشية من المشاركة في اجتماعات اللجان والعمل التشريعي. كذلك لفتت المصادر إلى أنّ هناك اكتظاظاً في الجزء الصالح من مقر مجلس النواب بفعل تضرر جزء منه نتيجة انفجار المرفأ، ما يبرر أخذ الاحتياطات.
وكان تلقّي عدد من النواب اللقاح أثار غضباً شعبياً ترجم عبر مواقع التواصل الإجتماعي، ولاقاه غضب دوليّ تجلى تغريدة نشرها ممثل البنك الدولي في لبنان ساروج كومار، اشار فيها الى أنّه “بناءً على تأكيد الخروقات، فإنّ البنك الدولي قد يجمّد تمويله لدعم اللقاحات في لبنان”. وناشَد كومار “الجميع، بغضّ النظر عن منصبكم، التسجيل عبر المنصة وانتظار الدور”.
وعلى الأثر، أعلن رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري “نيته الاستقالة اعتراضاً على تجاوز اللجنة”، الا انه عاد لاحقاً وقال: “ما حصل اليوم خرق لا يمكننا السكوت عنه وهو محاولة تمييز مجموعة من الناس نحترمها ونحترم دورها، ولكن عندما نطلب من المواطنين النزول الى مراكز التطعيم، لا يجوز التمييز. ونستغرب ونستنكر ما حصل وهو دقّ إسفين في عمل الخطة الوطنية لأننا لا نميّز بين مواطن وآخر وما حصل غير مقبول ونحن كلجنة أبدينا اعتراضنا”، مضيفاً: “كنت أمام موقف حرج وردّ الفعل المنطقي كان الاستقالة، ولكن هناك لجنة كان يجب أن أتواصل معها وكثر من أعضاء اللجنة أرادوا الاستقالة معي، وأنا اعتبر انّه يجب عدم السكوت عن الخلل والتصدي له، ويجب صدور بيان توضيحي والوعد بعدم تكراره”. وقال: “البنك الدولي يراقب، وسجّل الخرق اليوم وهو في صدد اتخاذ إجراء تجاه هذا الخرق، وتمنّى عليّ عدم الاستقالة وغداً يعقد اجتماع للجنة الساعة السادسة، وسأضعها في تفاصيل ما جرى وسيكون للجنة مجتمعة التصرف واتخاذ قرارها. رغبتي الشخصيّة هي الاستقالة، ولكن هناك مسؤوليّة وطنية بتمنيع الشعب اللبناني ولا مشكلة مع وزارة الصحة، لكن ما جرى اليوم خطأ كبير ويجب تبريره، ويمكن الاستمرار في عملنا اذا كان التبرير مقنعاً”.
وفي السياق، أوضح الامين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر أنّ ”عدد النواب الذين تلقوا اللقاح هو 16 بوجود فريق من وزارة الصحة والصليب الاحمر”، لافتاً إلى أن “كل أسماء النواب الذين تلقوا اللقاح موجودة على المنصة الرسمية وبحسب الفئة العمرية، وحان دورهم. وهذا ما فعلناه باعتبار انّ النواب هم الاكثر عملاً في القوانين واجتماعاتهم دائمة، وخوفاً من ان ينقلوا العدوى الى المجتمع اذا ما أصيبوا”.
وأعلن القصر الجمهوري، في بيان، أنّ “رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واللبنانية الأولى السيدة ناديا عون تلقيا اللقاح ضد “كورونا” مع عشرة من أعضاء الفريق اللصيق والملازم للرئيس، الذين سجلوا أسماءهم وفقاً للأصول على المنصة الخاصة بالتلقيح”. ودعا عون في المناسبة اللبنانيين الى “الاقبال على تسجيل أسمائهم على المنصة لتلقي اللقاح والمساهمة في مكافحة انتشار هذا الوباء”.
ردود
وتعليقاً، نشر رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” سامي الجميّل فيديو يروي فيه انه تلقى اتصالاً من مجلس النواب، وطُلب منه “بطاقة هويته وبطاقة هوية عائلته من أجل التسجيل وأخذ اللقاح من ضمن الدفعة الاولى”. وأكد أنه رفض وعائلته التسجيل لأنه لا تنطبق عليهم الاولويات لأخذ اللقاح. وقال: “يتم الاتصال بكافة النواب والوزراء الحاليين والسابقين من أجل التسجيل وأخذ اللقاح”.
وأصدرت الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية” بياناً تسأل فيه عن “الجهة التي أصدرت الأمر باستقدام اللقاحات إلى المجلس النيابي واستطراداً إلى القصر الجمهوري؟”، وطالبت “بفتح تحقيق شفاف وسريع لتحديد المسؤوليات في هذا الأمر، لأنّ النواب الذين تم الاتصال بهم لتلقي اللقاح كانوا قد تسجلوا قانونياً ورسمياً على المنصة الرسمية، واعتبروا أن دورهم قد جاء فعلاً للتلقيح”.
الاصابات والوفيات
وأعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 2723 إصابة جديدة (2701 محلية و22 وافدة)، ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات الى 359320، وكذلك تسجيل 59 حالة وفاة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات الى 4446 منذ تفشي الوباء في شباط من العام الماضي.
اسرائيل تهدد
على صعيد الجبهة الجنوبية، قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إنه إذا تحولت تهديدات الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أفعالاً، فالنتيجة ستكون “مؤلمة للحزب وقادته، وللأسف لمواطني لبنان أيضاً”.
وخلال جولة لتقويم الوضع عند الحدود مع لبنان، قال غانتس: “أنهيتُ للتو تقويماً للوضع في فرقة الجليل التي تحرس أكثر حدود إسرائيل حساسية في هذه الأيام”، مهدداً أنه “إذا تحولت تهديدات نصرالله و”حزب الله” إلى أفعال، فالنتيجة ستكون مؤلمة لـ”حزب الله” وقيادته وللأسف لمواطني لبنان، الذين يستخدمهم هذا الحزب درعاً بشرياً لأنه يخبّئ تحت بيوتهم مخزون أسلحة وصواريخ”. وأضاف: “سنستمر في تعزيز بلدات خط المواجهة وهذه المنطقة الجميلة من البلاد، وسنمنح أولوية لتحصين الشمال الذي يشكل جزءاً من قوتنا مقابل أعدائنا”.