كتبت صحيفة ” الأنباء ” الالكترونية تقول : في المجلس النيابي أمس حدثان، الأول إيجابي تمثل بإقرار مشروع القرض مع البنك الدولي لبرنامج دعم الأسر الأكثر فقراً بعد طول تأخير، وقد نجح اللقاء الديمقراطي في “إعادته الى صيغته المجدية” ليشمل العائلات الفقيرة بالتغطية الصحية الشاملة، وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وطلاب الجامعة اللبنانية من أبناء العائلات الفقيرة. أما الحدث الثاني فأثار جدلاً على خلفية المخالفة المتمثلة بتلقي عدد من النواب اللقاح المضاد لكورونا في خرق للأولويات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية ووافقت عليها وزارة الصحة في لبنان، اضافة الى اعتماد باحة المجلس النيابي مركزاً للتلقيح من خارج المراكز المعتمدة.
وكأن “الواسطة” باتت خطوة إلزامية إعتمدها أهل التشريع والقانون لتجاوز التوصيات والسير بعملية التلقيح. إلّا أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فقد أعلن النائب المستقيل سامي الجميل تلقيه إتصالاً من مجلس النواب قبل أيام من أجل تسجيل إسمه وعائلته ضمن اللائحة من أجل تلقي اللقاح، علماً أنه دون السن، ما يعني أن المجلس كان ينوي تلقيح جميع النواب بغض النظر عن أعمارهم، وتجيير 252 جرعة لحسابهم، وسحبها من أمام الطاقم الطبي وكبار السن وأصحاب الأمراض المُزمنة.
على الأثر، حذّر المدير الإقليمي لدائرة المشرق في مجموعة البنك الدولي ساروج كومار عبر حسابه على “تويتر” بأنه ”عند تأكيد الانتهاك، قد يتعلق تمويل اللقاحات ودعم إستجابة COVID19 في جميع أنحاء لبنان!! أناشد الجميع، بغض النظر عن موقفكم، تسجّلوا وإنتظروا دوركم”، في حين هدد رئيس اللجنة الوطنية للقاح الدكتور عبد الرحمن البزري بإعلان إستقالته ثم عاد وتراجع عنها.
وقد أسف البزري في إتصالٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية لما حدث في هذا السياق، “خصوصاً وأن الفعل نتج عنّه هزّ ثقة المواطنين بعدما بدأوا يثقون بالعملية ويتسجّلون على المنصة، ويتوجّهون لتلقي اللقاح في المراكز المخصصة وفقاً للأولويات بنظام، علماً أن شعور الفخر كان يساورنا بسبب نجاح إنطلاقة العملية بعد الجهود المحلّية في التنظيم رغم المآسي التي يمر بها لبنان بشكل عام، لكن ما حدث أمس أمرٌ مُحزن وكان يمكن تفاديه، خصوصاً وأنهم ممثلون عن الشعب، وكان من المفترض بهم أن يكونوا قدوة، وأن يتابعوا ملف التلقيح في المناطق ومساعدة وتشجيع الأهالي على التسجيل، علماً أن الإلتزام بالمنصة والأولويات هو مكسب للجميع لإنجاح عملية التلقيح”.
وأكد البزري أن “المخالفات واضحة، فالأعمار أظهرت أن بعض من تلقّوا اللقاح من النواب ليس ضمن فئة المرحلة الأولى، كما أن إعتماد مجلس النواب كمركز من أجل التلقيح غير مُبرر، وهذا يعتبر خلل أساسي يختلف عن الأخطاء التكتيكية التي تحصل عادة، ويسيء للحملة وللقيمين عليها، والمطلوب عدم تكرار الأمر مرّةً أخرى”.
ولفت البزري إلى ان “اللجنة المخصصة ستعقد إجتماعاً يوم غد الأربعاء من أجل الوقوف على ما حدث، علماً أنني تلقيت إتصالات عدّة لثنيي عن الإستقالة، منها من منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، الذين أبدوا بدورهم أسفهم عمّا حصل، وأؤكد أن الإستقالة في حال حصلت لن تكون هروباً من تحمّل المسؤوليات، بل سنسمتر في نضالنا من أجل إنجاح العملية”.
لكن وبعد المخالفة ذات الطابع النيابي، سارع مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ليعلن تلقي الرئيس ميشال عون واللبنانية الأولى وعشرة أشخاص من فريق عمله اللقاح قبل يومين. في هذا الإطار، كشف البزري أن “عون فضّل أولاً، برفقة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، عدم تلقي اللقاح، على أن يأخذه بعد بضعة أيام، وهذا ما حصل، علماً أنه ضمن الفئة العمرية المحدّدة، وبعض الدول تلجأ إلى تلقيح الرؤساء مع إنطلاق أول مرحلة من العملية”. لكن الأشخاص الذين تلقوا اللقاح مع عون لم يتم الإفصاح عنهم وبالتالي بقيت الشبهات تدور حول احتمال وجود مخالفات بطابع رئاسي.
لكن مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية وليد خوري، كرر مقولة إن “عون رئيس البلاد، وهو ضمن الفئة العمرية التي تتلقى اللقاح في المرحلة الأولى، وبالتالي ما من خطأ حصل في هذا الأمر، كما أن عدداّ من المحيطين به سبق أن أصيبوا بالفيروس سابقاً، ما يعني أنه كان ضمن دائرة خطر الإصابة بالفيروس، وعليه تلقّي اللقاح”، دون أن يشير كذلك إلى باقي الأشخاص الذين تلقوا اللقاح في القصر الجمهوري.
وحول توقيف البنك الدولي تمويله لعملية إستقدام اللقاحات بعد إعطاء الجرعات لأشخاص دون السن، فإن خوري رد بالقول إن “التمويل هو على شكل قرض وليس هبة، وبالتالي لبنان سيدفع المستحقات المترتبة عليه، كما أن البنك لن يلجأ إلى وقف العملية بسبب هذا الخطأ، رغم أنه وضع شروطاً ويراقب العملية برقفة الصليب الأحمر الدولي، ويجب الإلتزام بهذه الشروط”.
وحاول خوري بشكل غير مباشر تبرير حصول اشخاص من خارج الفئة العمرية المستهدفة، بالقول أن “هناك عددا من المواطنين تلقوا الجرعة الأولى دون موعد من وزارة الصحة، والسبب ان كميات اللقاح رغم شحّها في لبنان، تجاوزت عدد المقبلين على المراكز من أجل التلقيح. إذ إن عددا من المواطنين المفترض بهم تلقي اللقاح لم يحضروا إلى مركز التلقيح، واللقاح لا يصمد أكثر من 5 أيام بعد إرساله إلى المستشفى، ما دفع إلى تلقيح مواطنين خارج إطار المواعيد كي لا تفسد اللقاحات”، بحسب قوله، وأضاف: “وعلى سبيل المثال، تم إرسال 240 جرعة إلى مركز تلقيح في حين لم يحضر إلّا 120 شخصاً، لكن وزارة الصحة عادت وإستدركت الأمر وأصدرت بياناً منعت فيه إعتماد هذه الآلية”.
من جانبه، إستغرب مقرر لجنة الصحة النيابية ماريو عون عبر “الأنباء” تلقيح عدد من النواب في المجلس، معلناً ”عدم موافقته على الخطوة، إذ أن النائب كغيره من المواطنين يجب عليه إحترام الأولويات والمنصة والمواعيد لإعطاء مثال صالح للمواطنين، خصوصاً في ظل وجود عدد من الذين يستحقون اللقاح قبل النواب، من مرضى وكبار السن”.
عون أكد رفضه لهذه العملية عند الإتصال به قبل أيام من قبل مجلس النواب لتسجيل إسمه، وعدم معرفتهم كلجنة صحة نيابية بالأمر إلّا عندما أصبح أمراً واقعاً، علماً أنه تلقى الجرعة الأولى في وقت سابق بحكم مهامه كطبيب في مستشفى، وشدد عون على أن ما حصل هو “خطأ وصار، ويجب ألا يتكرر، لكن البنك الدولي لن يوقف تمويله لعملية إستقدام اللقاح لأن في ذلك أذى للبنانيين عامةٍ”.
في السياسة، وبعد اللقاء اللافت شكلاً ومضمونًا الذي جمع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بلقاء سيدة الجبل ولجنة المبادرة الوطنية، والذي وصفته مصادر مشاركة بالحوار الصريح والواضح، الذي اتّسم بالتلاقي في التحذير من خطورة ما بلغه واقع الدولة والكيان، تتجه الأنظار إلى بكركي في الأيام المقبلة، حيث أن التيار الوطني الحر سيقصد البطريرك بشارة الراعي، كما والقوات اللبنانية وغيرهما من القوى، بالإضافة إلى الوفود الشعبية التي ستنظّم مسيرةً نحو المقر البطريركي السبت.
التيار سيزور البطريرك الراعي في إطار سعيه إلى إعادة ترتيب العلاقة بعد التباعد الذي حصل إثر تحميل الأخير فريق رئيس الجمهورية جزءًا من مسؤولية التعطيل، في حين أن وفد معراب سيدعم الراعي في معركته، وسيؤيّد طرحه لتدويل الأزمة اللبنانية والحياد.
إلأ أن مسعى التدويل يجب أن يترافق مع إجماع داخلي من أجل التوجه نحو الأمم المتحدة، على أن يُقابل بحماس دولي لمساعدة لبنان للخروج من أزمته. الإجماع الداخلي مفقود، خصوصاً وأن فريقاً سياسياً أساسياً يرفض فكرة التدويل، وقد وصّفها أمين عام حزب الله حسن نصرالله وكأنها “دعوةٌ للحرب”. وفي السياق، وباستثناء الاهتمام الفرنسي، ما من مساعٍ دولية حقيقية تهدف لإعادة الإستقرار السياسي إلى لبنان، ما يقلل من فرص نجاح محاولة البطريرك.
عضو كتلة الجمهورية القوية النائب جوزيف إسحق أشار في حديث لـ”الأنباء” إلى أن “البطريرك الراعي توجّه إلى الأمم المتحدة بعد أن أُنهك ويئس من عدم تجاوب السلطة الحالية لتقديم الحلول الداخلية، كما أن لبنان من مؤسسي الأمم المتحدة وعضو أساسي فيها، ولذلك تم التوجّه نحوها”.
وحول مدى احتمال التجاوب الدولي مع الدعوة الى التدويل، لفت إسحق إلى أن “لا مؤشرات حتى الآن، لكن من المفترض التوجه إلى الأمم المتحدة قبل من أجل رصد الحماس من قبل الدول، كما أن في الأمم المتحدة أصدقاء للبنان، والمبادرة الفرنسية هي في الأساس مبادرة دولية. من الممكن أن يواجه لبنان نفس المصير الذي اختبره مع المبادرة الفرنسية، علماً أن السلطة الحاكمة أفشلتها ولم تتجاوب معها”.
إسحق لم يخفِ رغبته بإيجاد حلول داخلية من خلال الإصلاحات، “عندها لا داعي للتوجه نحو الخارج، لكن السلطة الحاكمة والأكثرية لم تتلقف الدعوة للشروع بالإصلاحات، وبالتالي ما من خيار إلّا عبر التدويل أو الإنتخابات النيابية المُبكرة، خصوصاً في ظل الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها اللبنانيون، من ضيقة إقتصادية وإنهيار سعر الصرف، علماً أن الأزمة ستتفاقم أكثر بعد رفع الدعم”.
وفي ختام حديثه، وحول إحتمالية الوصول إلى صدام طائفي في الشارع اللبناني، أكد إسحق أن “البطريرك داعي سلام، وما من أحد مستعد للصدام”.