الازمة الحكومية في الثلاجة حتى اشعار آخر، ولا شيء في الافق يؤشر الى حصول تطورات ايجابية او قرب الفرج.
هذه هي خلاصة المشهد الحكومي بشهادة المراجع والجهات المعنية التي اكدت لـ «الديار» امس انه لم يطرأ اي جديد على الوضع منذ المؤتمر الصحفي الاخير لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وعودة الرئيس الحريري من جولته الى قطر والامارات العربية المتحدة.
ووفقا للمعلومات المتوافرة، فإن موقف باسيل ورد الحريري عكسا مزيدا من التصلب والتشدد بين الطرفين تجاوز الاجواء الملبدة اصلا التي كانت سادت في اللقاء الاخير بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
وفي ظل هذا المشهد المعقد تراجعت الجهود والمساعي الداخلية وتجمدت، في وقت لم تحصل اي اتصالات فرنسية جديدة منذ زيارة الحريري الاخيرة الى باريس. وقالت مصادر مطلعة ان لا شيء جديد على هذا الصعيد، وان فرنسا منزعجة جداً من مواقف الجهات اللبنانية المعنية واستمرار التصعيد السياسي والخلافات الداخلية التي اعاقت وتعيق تشكيل الحكومة، وبالتالي تساهم بشكل اساسي في اطالة الازمة وتفاقم التداعيات الناجمة عنها.
وكشف مصدر مطلع للديار ان اجواء بعبدا وبيت الوسط لا تبشر بأي تقدم او حلول قريبة، مشيرا الى ان هناك عاملا اساسيا يعمق الازمة الحكومية، وهو الصراع القوي وتبادل «الفيتوات» بين الحريري وباسيل الذي تحول الى معركة «كسر عظم».
وحسب ما ينقل من اجواء عن بيت الوسط، فإن الحريري يحمل بالدرجة الاولى باسيل مسؤولية عرقلة تاليف الحكومة ، مشيرا الى ان مواقفه في مؤتمره الصحفي تؤكد ذلك ولا تخرج تن اطار المناورة و«التشاطر» للحصول غلى الثلث المعطل.
مصدر في المستقبل
وبعد عودته الى بيروت اكد الحريري ، وفق مصدر نيابي في المستقبل، انه غير مستعد ولا يقبل صيغة الـ 20 او الـ 22 وزيرا ، معتبرا ان مثل هذه الطروحات ليست سوى غطاء او وسيلة للحصول على الثلث المعطل بأشكال مختلفة، عدا انها تتعارض مع ما كان اكد عليه من البداية لجهة عزمه على تشكيل حكومة مصغرة قدر الامكان لكي تقوم بمهامها، ووفقا لمضمون وروح المبادرة الفرنسية.
وحسب المصدر، فإن الهدف من طرح صيغة الـ 22 وزيرا هو السعي اولا واخيرا الى الحصول على الثلث المعطل، من خلال توزير درزي وكاثوليكي يدوران في فلك التيار الوطني الحر، ويكملان عقد هذا الثلث.
وجدد المصدر النيابي في المستقبل القول ان الحريري لا يزال متمسكا بحكومة الـ 18 وزيرا، مضيفا ان من يريد ان يفتح الباب امام الحلول ويدعي انه لا يطلب الثلث المعطل عليه ان يبدي استعدادا جديا بمتابعة البحث في التشكيلة التي قدمها الرئيس الحريري الذي ابدى استعداده لمناقشة موضوع تسمية وزير الداخلية مع رئيس الجمهورية واعادة البحث في بعض الاسماء والحقائب.
وقالت مصادر مطلعة ان الحريري بدا مصمما على رفض اي صيغة يمكن ان تغلف مطلب الثلث المعطل، مشيرة الى انه يستند في موقفه هذا الى الموقف الداخلي الرافض والى الفيتو على هذا المطلب الذي لمسه مجددا في جولته مؤخرا الى مصر وفرنسا وقطر والامارات.
التيار الوطني
وفي المقابل، قال مصدر نيابي في التيار الوطني الحر لـ «الديار» ان موقف رئيس التيار كان واضحا ولا يخضع لتأويلات وتفسيرات، وان اقتراحه بتشكيل حكومة من 20 او 22 وزيرا ليس جديدا بل يعود الى بداية عملية التأليف، لاننا نرى ان هناك 22 حقيبة، وان هناك ضرورة لان يتولى وزير كل حقيبة، خصوصا في حكومة الاختصاص لكي يتمكن من القيام بمهامه في هذه الظروف خصوصا.
واضاف : السؤال الذي يجب طرحه لماذا يصر الحريري على تشكيلة الـ 18 ؟ ولماذا يستمر في رمي المسؤولية والتهم على الآخرين بينما يواصل اضاعة الوقت؟ ثم ان طرح صيغة الـ 20 او الـ 22 يأخذ بعين الاعتبار زيادة تمثيل الكاثوليك والدروز، وهذا ينسجم مع موقف الكاثوليك وشريحة مهمة ووازنة من الدروز.
وعما اذا كانت مبادرة باسيل ما زالت قائمة ام انها ولدت ميتة قال: انها قائمة اذا تلقفها الاخرون ، ونحن لا نفرض حلولا او طروحات على احد. لكننا لا نقبل ان ترمى المسؤولية علينا بينما المسؤولية الاولى تقع على رئيس الحكومة المكلف الذي من واجبه ان يواصل العمل والجهود وفق الاصول للاسراع في تشكيل الحكومة بدلا من رمي الاتهامات على الاخرين.
تفاعلات موقف بكركي
وفي ظل تمسك كل طرف من الطرفين بمواقفه وجمود المساعي المتعلقة بالحكومة ، برزت تفاعلات وتداعيات دعوة بكركي الى مؤتمر دولي على وقع محاولات قوى سياسية توظيفها في اللعبة الداخلية لحسابات سياسية وشعبوية لا سيما في الشارع المسيحي.
وشهد الصرح البطريركي حركة ناشطة امس تمثلت بزيارة وفد نيابي موسع من القوات اللبنانية اعلن دعمه ومؤازرته لبكركي، عشية الدعوة الى تجمع شعبي يوم السبت المقبل تعبيرا عن تأييد مواقفها الاخيرة.
كما اوفد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير السابق غازي العريضي الذي حرص بعد لقاء البطريرك الراعي على نفي مطالبة غبطته بتطبيق البند السابع في دعوته الى عقد المؤتمر الدولي، معتبرا ان الهدف منه هو تلاقي الدول على دعم لبنان.
وفي السياق نفسه اكد النائب فريد هيكل الخازن ان لا علاقة للمؤتمر الدولي بالفصل السابع ولا بموضوع السلاح.
وكشف عن اتصال غير مباشر حصل بين بكركي وحزب الله بعد خطاب السيد نصرالله حول هذا الموضوع.
ولم يشأ مصدر في كتلة حزب الله التعليق على الموضوع، لكنه اشار الى ان الحزب من طبيعته ان لا يقطع مع احد ، وهذا لا يمنع من ان يقوم طرف ثالث بمثل هذا الدور.
وسألت «الديار» مصدرا بارزا في التيار الوطني الحر عن الحركة باتجاه بكركي فقال : بعض القوى تسعى لاستثمار ولاستمالة بكركي لطروحاتها. ونحن نرى ان تدويل الازمة لا يوفر الحل، وان التجارب السابقة برهنت ذلك.
واضاف ان تشكيل الحكومة شأن داخلي لبناني وان التدخلات والاملاءات الخارجية لا تخدم مصلحة لبنان واللبنانيين ، لا بل انها تساهم اكثر في تعقيد الازمة.
وفي هذا الشأن ايضا حذر مصدر سياسي من استغلال دعوة بكركي، معتبرا ان مواقف بعض القوى تندرج في اطار محاولة اظهار ان مواقف البطريركية المارونية تتماهى مع مواقفهم.
ولاحظ ان حماس القوات اللبنانية تندرج في اطار الصراع على الشارع المسيحي ومحاولة عزل بكركي عن رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر.
رسالة التيار الى البابا
من جهة اخرى، استفسرت «الديار» من النائب سيزار ابي خليل امس عن الرسالة الخطية التي بعثها التيار الى قداسة البابا، فأجاب انها تنطلق من موقعنا السياسي والمسؤول في ضوء موقف قداسته الذي افرد فقرة خاصة في 8 شباط عن لبنان، وتحدث فيها عن دور المسيحيين في لبنان والشرق، وما يشكله من نسيج رابط بين لبنان والمنطقة، وعن التنوع المميز في لبنان، ودعوته ايضا المسؤولين الروحيين والسياسين للعمل بشفافية من اجل لبنان واللبنانيين.
اضاف ابي خليل «اننا في ضوء كلام قداسته واهتمامه وجدنا انفسنا معنيين بإبداء تقديرنا وتأثرنا بهذا الموقف، وباستجابتنا لدعوته وتعاوننا مع الكرسي الرسولي لكل ما يخدم لبنان واللبنانيين والمسيحيين في لبنان والشرق».
وعما اذا تطرقت الرسالة الى الموضوع الحكومي اكد ابي خليل انها لم تتناول هذا الموضوع، فنحن نرى ان الحكومة شأن داخلي ونعمل في هذا الاطار. واذا ابدت الفاتيكان او اي دولة المساعدة مثلما فعلت فرنسا فنحن نقدر ونرحب، لكن مثل هذه المساعدة لا تدخل في تفاصيل الحكومة ولا تندرج اصلا في اطار الاملاءات.
خطة التلقيح والبنك الدولي
على صعيد آخر، تفاعلت قضية الثغر والخروقات التي برزت حتى الآن مع بداية خطة التلقيح ضد كورونا، وآخرها مسألة تلقيح عدد من النواب في البرلمان، واستمرت ردود الافعال المحذرة من تأثير مثل هذه الخروقات في مسار عملية التلقيح.
كما ارتفعت الاصوات والانتقادات بسبب تباطوء عمليات التلقيح وشكاوى بعض المراكز من قلة الاعداد التي تسلمتها من الوزارة، ما خفض ويخفض وتيرة الحملة.
واكدت مصادر الوزارة انها ملتزمة بتسليم المراكز اللقاحات بعدالة ووفق الخطة، مشيرة الى الكميات القليلة التي تسلمها لبنان في الاسبوعين المنصرمين.
وعلى صعيد ما حصل في البرلمان، جرى امس احتواء ذيوله بعد تلويح البنك الدولي باتخاذ خطوات ردا على مثل هذا الخرق.
وعلم ان الاتصالات والتوضيحات اسفرت عن تراجع البنك الدولي وتأكيده الاستمرار في تمويل وتنفيذ الاتفاق مع لبنان، مشددا على الا يتكرر مثل هذا الخرق او تحصل خروق اخرى مماثلة.
وكان رئيس اللجنة الوطنية لخطة التلقيح الدكتور عبد الرحمن البزري قد صرح نهار امس انه في ضوء التواصل والتشاور مع البنك الدولي الذي لوح باتخاذ اجراء بعد حادثة المجلس النيابي وبوقف القرض المخصص للتلقيح « اعتقد اننا تجاوزنا هذا الامر ولن يكون هناك اجراء جدي بهذا الشأن».
ولفت الى ان البنك الدولي كان اعطى تقييما جيدا للاسبوع الاول من حملة التلقيح ، وابلغ ذلك الى وزير الصحة ورئيس اللجنة.
واضاف انه في ضوء ما جرى «لن يذهب البنك الدولي الى سحب القرض، ولكن علينا الا يتكرر مثل ما حصل في المجلس النيابي».
وكشف عن جهات واشخاص نافذين ادخلوا لقاحات الى لبنان بطريقة غير شرعية لتأمينها الى عدد من اقاربهم واصدقائهم ومقربين منهم، معتبرا ان هذا الامر يشكل خرقا عضويا للخطة مماثلا لخرق المجلس.
وترأس الوزير حسن لقاء جامعا لمسؤولي مراكز التلقيح في كل المحافظات لتقييم سير المرحلة الاولى من خطة التلقيح، مشددا على وجوب الالتزام بكامل بنود الخطة والمواعيد المحددة من خلال منصة التسجيل وعدم تكرار المخالفات.
وكشف خلال اللقاء عن ارجاء اعتماد مستشفيي بعلبك والبترون لإخلالهما بضوابط الخطة.
وامس سجل ارتفاع عدد الوفيات جراء كورونا حيث بلغ 62 حالة وفاة، كما ارتفع عدد المصابين في الايام القليلة الماضية ليصل الى 3513.
ومع الدعوات المتتالية لوزارة الصحة من اجل السماح للشركات الخاصة باستيراد لقاحات كورونا، اوضحت مصادر الوزارة مساء امس انها منحت 20 شركة خاصة اذونات لاستيراد اكثر من نوع لقاح لكن هذه الشركات اصطدمت برفض الشركات المصنعة للقاحات.
ومساء امس اعلن وزير الصحة انه اتخذ قرارا سياديا بأن يتوجه الفريق الطبي الى المجلس النيابي من اجل اعطاء اللقاحات للنواب تقديرا لجهودهم، لان المجلس اجتمع خلال 7 ايام متتالية وأقر قانون الاستخدام الطارىء للقاح.