خرج الشارع باللحم الحي، يواجه الجنون الهستيري لارتفاع سعر صرف الدولار، بعدما تخطى سقف العشرة آلاف ليرة (راجع اعداد «اللواء» خلال الأسبوع الماضي)، ضمن خطة القابضين على سلطة المال ولقمة عيش المواطن، والسلع الغذائية والضرورية، في ظل عتمة، لا تنفع في تبريرها بيانات مؤسسة كهرباء لبنان، وسط تحفزات برفع الأسعار، وفقاً لهبوب الدولار، بدءاً من اليوم إلى بداية الأسبوع المقبل.
إذا، وسط صمت رسمي مطبق، عبّر عنه انقطاع انفاس المعنيين بحكومة جديدة، هبّ النّاس من الشمال صباحاً إلى الجنوب بعد ظهر أمس، إلى البقاع والجبل وبيروت، ونزلوا إلى الشارع، رافعين عبر حناجرهم آلام صدورهم وبطونهم وأجسادهم، وعبر قطع الطرقات إيصال الرسائل لمنع يعنيه الأمر، ان المسألة تخطت الانتظار، وان لا رجعة من الشارع، قبل قرارات توقف الانهيار، على مستويات عدّة، لعل نقطة التقاطع فيها، تجاوز مأزق تأليف الحكومة إلى طرح مصير الرئاسة الأولى، التي باتت تشكّل عقبة امام التفاهمات الداخلية، بمعزل عن مأزق الحكومة أو إمكان تجاوزه، المسألة باتت تطرح مصير السلطات القائمة، التي تمثل الطبقة السياسية القابضة على السلطات في البلد، سواء في السياسة، أو التنفيذ، أو التشريع، وصولاً إلى السلطات النقدية.
وتتحدث مصادر على اطلاع عن حلول دولية يجري التبادول فيها، من بينها اجراء انتخابات رئاسية مبكرة، في حلول أيّار المقبل، كل ذلك بالتزامن مع سير المفاوضات الجارية حول ملفات شائكة في الإقليم، أبرزها يتعلق بالملف النووي الإيراني.. وجلوس الأميركيين والايرانيين إلى طاولة المفاوضات، تمهيداً لتفاهمات جديدة..
وفيما استفحلت ازمة تشكيل الحكومة بعد انقطاع التواصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري منذ اسابيع ولم تنجح المساعي المبذولة لتحريك المشاورات بينهما من جديد، وبعد سلسلة المواقف المميزة التي اطلقها البطريرك الماروني بشارة الراعي لعقد مؤتمر دولي لحل الازمة اللبنانية، ومع استمرار تدهور الاوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية، تلقت الدوائر الرئاسية تقريرا من مرجع امني بارز، يحذر فيه من حصول حراك وتظاهرات شعبية حاشدة جراء تفاعل الأزمة المالية الضاغطة على الناس الى احتجاجات واسعة النطاق تطال مختلف المناطق اللبنانية، وهناك مخاوف وتحسبات متوقعة من اختراقات محتملة لهذه التحركات وتحويلها عن غاياتها المعيشية والاجتماعية للرد بلغة طائفية ومذهبية على مبادرة البطريرك، لتاجيج الأجواء العامة بالبلد وتسعير الخلافات بين اللبنانيين على خلفيات الانقسامات الطائفية ولقطع الطريق على اي محاولات ممكنة لوضع مبادرة البطريرك موضع التنفيذ الفعلي ودفنها في بدايتها وتحويل الانظار الى اتجاهات اكثر سخونة.
وتضمن التقرير ابداء القلق من تدهور الاوضاع على هذا النحو والخشية الجدية من استفحاله نحو الأسوأ وعدم قدرة القوى الأمنية والعسكرية على ضبطه واستيعابه كما حصل منذ تظاهرات العام الماضي، نظرا لما تحملته هذه القوى من تبعات الانتفاضة الشعبية لاكثر من عام والضرر الذي لحق بتدني قيمة رواتبها، بفعل تدهور سعر العملة الوطنية. ونصح التقرير بضرورة الاسراع بالمعالجة السياسية من خلال تشكيل الحكومة الجديدة لتنفيس الاحتقان الحاصل والمباشرة بخطوات سريعة لحل الازمة المالية والاقتصادية.
وردت الدوائر الرئاسية بالتقليل من هذة المخاوف واعتبرت هذه التحركات الشعبية في مجملها من تحريض القوى السياسية المعارضة لرئيس الجمهورية وتحديدا الرئيس المكلف سعد الحريري والرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط للضغط عليه، لكي يتنازل عن شروطه لتشكيل الحكومة ويتسنى لهم تشكيل الحكومة التي يريدون وهذا لن يحصل على الاطلاق.
بالمقابل، اعتبرت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن التحركات والاحتجاجات التي تحصل على الأرض يتوقع لها ألا تقتصر على ما جرى بالأمس ومعلوم أن معالجات طريقها يبدأ من تأليف الحكومة وليس معروفا ما إذا كانت الخطوات الاحتجاجية ستخرج الملف الحكومي من الجمود.
وقالت المصادر لـ«اللواء» أنه حتى الاجتماعات غير قادرة على لجم ارتفاع سعر الدولار مشيرة إلى أن من يسمع التحليلات المالية يتيقن أن المشهد لن يكون صحيحا اقله قبل ان تسلك إجراءات الحكومة الجديدة طريق العمل للتفاوض مع المؤسسات الدولية التي تساعد لبنان وفق شروط معينة.
ليلة الاحتجاج بانتظار الحدث الكبير!
وهكذا، مضت أوصال العاصمة بين قطع شوارع وطرقات وإعادة فتحها، واشعال الاطارات ومستوعبات النفايات ثم اطفائها، ونام المحتجون على أمل اللقاء في يوم احتجاجي آخر.
ومع تسجيل سعر صرف الدولار ظهر أمس سعراً تراوح بين 9950 و10.000 ليرة لبنانية، بالتزامن مع التقنين القاسي، حتى بدأ المواطنون بالخروج إلى الشارع واقدموا على قطع طريق الرينغ بالاتجاهين، ثم انسحبت النيران لتقطع الطريق في ساحة الشهداء عند مسجد الأمين بالإطارات المشتعلة والحجارة، ثم طريق بشارة الخوري بالاتجاهات كلها، يليه طريق الشفروليه – فرن الشباك بالإطارات المشتعلة أيضاً، وصولاً حتى تقاطع فردان – قريطم، قرب دار الطائفة الدرزية.
تزامناً، أفادت غرفة التحكم المروري عن قطع السير على اوتوستراد الاسد مقابل ملعب الانصار بالاتجاهين، وكذلك طريق المدينة الرياضة بحاويات النفايات المشتعلة، ومثلها طريق المطار القديم.
كما أقدم عدد من المحتجين على إشعال الاطارات عند نزلة جسر يسوع الملك قرب «مارشيه دوبون» باتجاه بيروت، ما تسبب بزحمة سير خانقة على المسلك، وسط انتشار لعناصر الجيش، ليتجمّع العشرات من المحتجين إلى جانب الطريق العام عند مستديرة عشقوت – كسروان وسط إنتشار القوى الأمنية، إضافة إلى إقفال المسلك الشرقي لأوتوستراد حالات بالإطارات المشتعلة، في حين قطع محتجون طريق برج حمود بالاتجاهين، تزامناً مع قطع طريق الدورة باتجاه الشمال بشكل كامل بالإطارات المشتعلة والعوائق ومستوعبات النفايات، لينجح الجيش بعد فترة بإعادة فتح طريق جسر الدورة باتجاه نهر الموت.
وفي صيدا وشتورة عمد محتجون الى اقفال محال الصيرفة بالقوة، معتبرين أنه « بسبب تلاعبهم باسعار صرف الدولار الأميركي وصلت الأوضاع إلى ما هي عليه».
وعمل الجيش والقوى الامنية طيلة الوقت عل محاولة فتح الطرقات فنجحت في مكان واخفقت في مكان آخر.
ومساء، وبعد الإحتجاجات في الشارع، تراجع سعر صرف الدولار في السوق السوداء مقابل الليرة اللبنانية وسجل 9925 ليرة للشراء و9975 ليرة للمبيع.
عون والحكومة
في حين نفت رئاسة الجمهورية صحة الكلام الإعلامي المنسوب إلى الرئيس عون امس حول الملف الحكومي، قال رئيس الجمهورية امام وفد الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم: نحن نسعى حاليا لتأليف حكومة لنتمكن من خلالها من التفاوض مع المؤسسات المالية المستعدة للمساعدة، لا سيما وان لبنان بأمس الحاجة لهذه المساعدة من قبل هذه المؤسسات، ومن قبل أبنائه المغتربين الذين بإستطاعتهم انشاء مؤسسات وخلق فرص عمل للشباب اللبناني للحد من رغبتهم بالهجرة نتيجة الأوضاع الراهنة. واملنا كبير في ان يبادر لبنانيو الاغتراب الى المساعدة، ما يزيد ارتباط المقيمين بأرضهم. كما نحاول إعادة البناء وتنمية القطاعات قدر الإمكان، وقد تمكنا من تنمية القطاع الزراعي أخيرا ما ضاعف انتاجه.
وفد المستقبل
في المقابل، في اطار الجولة على المرجعيات الروحية، زار وفد من نواب كتلة «المستقبل»، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده وشيخ عقل الطائفة الدرزية نعيم حسن، مؤكداً «حرص الرئيس المكلف سعد الحريري الدائم على حقوق جميع اللبنانيين مسلمين ومسيحيين وفقا للدستور والقوانين وان الحفاظ على حقوق اللبنانيين، يبدأ من بناء الدولة واحترام مؤسساتها الدستورية والتزام قوانينها المرعية».
وتحدث النائب نزيه نجم : وضعنا المطران عودة في أجواء الاتصالات والجهود التي يبذلها الرئيس المكلف في موضوع تشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين غير حزبيين للتصدي للازمة الخانقة التي يعيشها لبنان، والتصدي لوقف الانهيار واعادة اعمار ما دمره انفجار المرفأ وتطبيق الاصلاحات المنشودة.
وحذّر «تكتل لبنان القوي» بعد اجتماعه امس، من الانعكاسات السلبية لتأخير تشكيل الحكومة، وهو لا يزال ينتظر من الرئيس المكلّف ان يبادر لإجراء المشاورات اللازمة والتعاون مع رئيس الجمهورية لتقديم التشكيلة الحكومية بحسب الأصول الميثاقية والدستورية، ومن دون اي التباسات او غموض لكي يتم الاتفاق عليها واصدار مرسومها بأقصى سرعة.
ويعتبر التكتل ان تحرّك المصرف المركزي سواء عبر هيئة الرقابة او هيئة التحقيق في اطار تنفيذ التعميم 154 يؤكّد قدرته على اجراء اللازم لاعادة جزء من الأموال المحوّلة وهذا من شأنه احداث صدمة ايجابية في الوضع المالي والنقدي لإعادة الثقة في النظام المصرفي بتحقيق المطالب الأساسية للناس.
تمنيات شنكر
تمنى مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق ديفيد شنكر على إدارة الرئيس جو بايدن، «أن تعتبر لبنان أولوية»، وقال: يجب على إدارة بايدن أن تُشعر اللبنانيين بعواقب تساهلهم مع الفساد وتجاوزات حزب الله.وبغض النظر عن شكل الإدارة الأميركية يجب إبقاء تصنيف حزب الله منظمة إرهابية.
واضاف: ان الجانب اللبناني كان متعاوناً في بداية المفاوضات مع إسرائيل (حول الحدود البحرية)لكنه عاد وتراجع وكانت مطالبه تعجيزية خلال المفاوضات مع إسرائيل.
وتابع شنكر: برغم الواقع الاقتصادي المزري، إلا أن الحكومة اللبنانية ليست على عجلة من أمرها والشعب اللبناني يعيش مأساة حقيقية بسبب ممارسات حكومته.
وقال: «حزب الله لا يكترث ولا تعنيه مصلحة الشعب اللبناني والسلطة اللبنانية تعاملت مع المفاوضات مع إسرائيل باستهتار كما فعلت بانفجار المرفأ
وكشف شنكر الى انه «في حال اقتربت إيران من امتلاك سلاح نووي إسرائيل ستمنعها بشكل أحادي وإسرائيل ستقوم بضربات استباقية لمنع إيران من تطوير السلاح النووي».
380019 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة في الساعات الماضية 3098 إصابة جديدة بفايروس كورونا و62 حالة وفاة، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد إلى 380019 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.