مع تواصل التحركات الاحتجاجية في الشارع في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار وتردّي الأوضاع المعيشية، تتواصل معها مظاهر الفقر والجوع التي تتنقل من متجر الى آخر تهافتاً من قبل المواطنين على المواد الغذائية لا سيما تلك المدعومة منها، في ظل غياب أي خطة لترشيد الدعم وحماية العائلات المحتاجة التي لطالما نادى بها الحزب التقدمي الإشتراكي وقدم لها المقترحات التطبيقية فيما حكومة تصريف الأعمال تمعن في الحفر عميقاً في قعر الانهيار.
وفي هذه الأثناء، تستمر أيضا السجالات السياسية، بدلاً من أن يبادر المعنيون الى تذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة والتنازل لتأليف حكومة قادرة على النهوض بالاقتصاد وإجراء الإصلاحات اللازمة قبل وقوع ما لا يُحمد عقباه.
أسباب كثيرة هي التي دفعت القوى السياسية المسؤولة عن تعطيل البلاد إلى المسؤوليات في اليومين الماضيين. إنها مرحلة الضرب تحت الحزام، مرحلة استمرار الضياع بدون أفق أو بوادر لأي حلّ. ولم تعد هذه القوى تمتلك غير أسلوب إثارة الغبار وتقاذف الإتهامات للاستمرار في مرحلة تقطيع الوقت، فيما وحده رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط يقدم كل ما لديه في سبيل تسهيل ولادة الحكومة ومنع الفوضى.
أما المبادرة التي تم الحديث أنها قوبلت برفض الحريري ما أثار موجة التساجل الأخيرة، فقد كانت جريدة “الأنباء” الالكترونية كشفت قبل حوالى الأسبوعين عن تفاصيلها وهي ليست كما أشيع في اليومين الماضيين. فهذه المبادرة بدأت قبل سفر الرئيس سعد الحريري رحلته ما قبل الأخيرة، حيث في المعلومات أنه قبل مغادرته بيوم زاره اللواء عباس إبراهيم، وعرض عليه أن يوافق الرئيس ميشال عون على تشكيل حكومة من 18 وزيراً لا ثلث معطل فيها، لكن بشرط حصول عون على وزارتي الداخلية والعدل. وعندها اعتبر الحريري أن المبادرة هي مناورة ومحاولة من رئيس الجمهورية لتكرار تجربة وزارة المال مع الثنائي الشيعي عندما كان مصطفى أديب مكلفاً بتشكيل الحكومة، وبالتالي تحصيل مطلب وزارة الداخلية، وفيما بعد يتجدد الخلاف على نقاط أخرى.
وبحسب المعلومات فإن الحريري “لم يعط جواباً نهائياً يومها، وقال عندما أعود من السفر نبحث بالأمر بشكل جدي. وبعد عودة الرئيس المكلف، حصلت إتصالات، وكانت مبادرة البطريرك قد حققت تقدماً، فيما حزب الله لا يريد للفراغ القائم أن ينعكس في طروحات سياسية جديدة تقود إلى مبدأ التدويل، لذلك حصلت إتصالات حول إعادة تفعيل محركات تشكيل الحكومة لسحب النقاش من المؤتمر الدولي، إلى إمكانية تحقيق تقدم إيجابي على صعيد تشكيل الحكومة، فينشغل اللبنانيون بالأمر بدلاً من التركيز على المؤتمر الدولي”.
وعليه عاد ابراهيم وزار الحريري على قاعدة أن عون يوافق على 18 وزيراً ولا ثلث معطل، على أن يحصل على 5 وزراء زائد وزير للطاشناق، وقال إن عون مستعد للتوقيع على هذه التشكيلة بشرط الحصول على وزارة الداخلية، لكنه طلب أن يتم البحث مع باسيل حول مسألة موقف التيار الوطني الحرّ في مجلس النواب لناحية منح الثقة للحكومة، عندها قال الحريري إن رئيس الجمهورية وحيداً حصته 3 وزراء، وليس 6، لكنه مستعد لمنحه 6 وزراء بحال كان التيار الوطني الحرّ سيمنح الثقة للحكومة، وعلى هذه القاعدة يعتبر الحريري أن عون يمثل موقعه ويمثل التيار معه، أما بحال رفض التيار منح الثقة فيتمثل الرئيس بثلاث وزراء.
في هذا الوقت، تمت إثارة ملف اللواء عماد عثمان، وهنا فهم الحريري ان الرسالة مضاعفة والهدف إحراجه لعدم التمسك بالداخلية، وهذا ما أدى إلى تصعيد الموقف، وفق ما أفادت مصادر مطلّعة عبر “الأنباء” الالكترونية، خاصة أن الحريري اعتبر ان حزب الله يعمل على الضغط عليه من خلال قنوات متعددة، بدون ان يتبنى هذا الضغط ولذلك كان موقفه مرتفع السقف تجاه الحزب.
وبالتوازي مع الواقع السياسي المأزوم، صحياً لا يزال عدّاد كورونا على ارتفاعه، في حين عاد البلد الى حياته الطبيعية في ظل استهتار شعبي ورسمي لا يبشرّ بالخير كما حصل في مراكز التزلج، لا سيما وأن الإقبال على التسجيل عبر المنصة الوطنية لأخذ اللقاح لا يزال ضعيفاً، فكيف تسير عملية التلقيح حتى الآن؟
رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح “كورونا” الدكتور عبد الرحمن البزري أشار عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية الى أننا “ما زلنا في المرحلة الأولى من عملية التلقيح، والذين أخذوا اللقاح أصبحوا بحدود 70 ألف شخص”.
وقال البزري: “بدءاً من يوم الإثنين سنبدأ بالجرعة الثانية للذين أخذوا اللقاح المرة الاولى، والجرعة الاولى للذين ما زالوا لم يأخذوه. وهناك دفعة رابعة من لقاح “فايزر” ستصل يوم السبت الى لبنان، وفي 15 آذار الجاري ستصل دفعة كبيرة من لقاح “أسترازينيكا” ما يجعلنا نتحرك بشكل أسرع”.
وأضاف البزري: “عملية التلقيح ليست بطيئة واللقاح الذي يصلنا نقوم باستعماله، ونحضّر أنفسنا للجرعة الثانية”. وحول مدة التلقيح بين الجرعة الاولى والثانية، أوضح البزري انها “يجب ان تكون المدة بين ثلاثة وأربعة أسابيع على الأقل”.
وحول الخروقات التي تشهدها الآلية لا سيما عملية التلقيح الذي جرت في مجلس النواب وضمان عدم تكرارها، قال: “إن شاء الله هذا الامر لم يتكرر والامور إلى تحسّن، وليتحمل الناس معنا المسؤولية ولدينا أولوية بأن نعطي اللقاح للجسم الطبي ومن ثم المسنين ونعود ونبدأ بالفئة العمرية الثانية”.