كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : تدخل الحركة الاحتجاجية الواسعة الجديدة اليوم يومها الثالث وسط استمرار #قطع الطرق الرئيسية والأوتوسترادات على امتداد المناطق اللبنانية في مشهد لم يعد تنفع في التقليل منه التفسيرات والاجتهادات المتنكرة لجوهر انفجار اجتماعي متدحرج مهما قيل في ظواهر التحرك الشعبي الجديد ووقائعه. ذلك ان مرور اليوم الثاني امس من قطع الطرق وتقطيع أوصال البلاد وشل الدورة العامة تقريبا في كل لبنان بدا بمثابة تثبيت لحالة الاحتجاج الشمولية بما نزع عنها الانطباع بانها حركة اعتراضية فورية لن تتجاوز اطار اعلاء الغضب الظرفي جراء الارتفاعات القياسية المتواصلة في سعر الدولار الأميركي بإزاء الليرة اللبنانية. وباتت الحالة الاحتجاجية في موجتها الجديدة تثير تساؤلات كبيرة ومصيرية ليس اقلها هل يشكل قطع الطرق الذي يدخل اليوم يومه الثالث المؤشر العملي للنسخة المتجددة من الانتفاضة الشعبية التي انحسرت وتوقفت وتراجعت الى حدود كبيرة طوال اكثر من سنة؟ واي افق سيحدد اطر استمرار هذه الحركة ومطالبها وهل تتجاوز ملف الانهيارات المالية والاقتصادية لتلامس العنوان السياسي المتوهّج المتصل مثلا بالمناداة باسقاط السلطة والعهد والطبقة السياسية والنيابية برمتها؟ والاهم هل سيكون ثمة موقف موحد للحركة الاحتجاجية الجديدة اذا لاحت فعلا معالم جهود جديدة للافراج عن حكومة انقاذية برئاسة الرئيس #سعد الحريري واي موقف سيكون من حكومة تتطابق مع التشكيلة التي طرحها الرئيس الحريري ؟
في أي حال بدا من اليوم الثاني (هذا الاسبوع) للحركة الاحتجاجية من خلال تثبيت قطع الطرق وعدم حصول محاولات حثيثة وجدية للقوى العسكرية والأمنية لفتح الطرق ان شيئاً كبيراً حقيقياً وجدياً وجديداً طرأ على المشهد الرسمي والأمني من خلال عدم استجابة الجيش والقوى الأمنية لاحد البنود الأساسية التي اقرت في الاجتماع الوزاري والأمني والمصرفي الذي عقد اول من امس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون والذي طلب من القوى العسكرية والأمنية بوضوح فتح الطرق ومنع إقفالها الامر الذي لم يحصل امس. هذا التطور لم يكن امراً عابراً في واقع تعامل الدولة مع اخطار الانزلاق نحو اتساع الانتفاضة الشعبية وربما دخول البلاد في متاهات الفوضى على خلفية الكلام الكبير الذي اطلقه قائد الجيش العماد #جوزف عون في اجتماعه مع القيادات العسكرية اول من امس والذي ظل يتردد بقوة في الساعات الأخيرة في الكواليس السياسية والديبلوماسية راسماً الكثير من التساؤلات عما اذا كانت تداعيات الانهيار المالي بدأت تهدد فعلا بفرز مختلف للاتجاهات والمواقف في داخل الدولة الى حدود غير مسبوقة. وقد لفت معنيون في هذا المجال الى ان تمايز قائد الجيش عن اتجاهات السلطة السياسية ورفع صوته في مواجهة الأوضاع الخطيرة يضع السلطة في وضع محاصر ومعزول لن يمكنها ان تبقى معه متمترسة وراء سياسات الانكار والتجاهل ورمي التبعات والمسؤوليات على أي فريق سياسي أخر ما دام قائد الجيش نفسه لم يعد يقوى على الصمت امام التعامل الشكلي والسطحي مع الانهيار وعدم التصدي للكارثة بحل حكومي انقاذي. فهل يعني ذلك ان المعطيات التي تراكمت وتقاطعت دفعة واحدة في اليومين الأخيرين بالإضافة الى مواقف دولية بارزة من مثل التحذيرات التي اطلقتها الولايات المتحدة لرعاياها حيال اخطار امنية في لبنان او من مثل الموقف الروسي البارز الذي تبلغه الرئيس المكلف سعد الحريري امس من وزير الخارجية الروسي #سيرغي لافروف باستعجال تشكيل حكومة تكنوقراط ستدفع نحو تزخيم الجهود المتجددة لتذليل التعقيدات امام تشكيل الحكومة ؟
وساطة ابرهيم
لعل البارز في هذا السياق انه وسط استمرار حركة الاحتجاجات الشعبية في الشارع وقطع الطرق لليوم الثاني، تحرك المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم بطرح متجدد لتسوية بين الرئيسين عون والحريري حول تشكيلة الحكومة ولكن لا تزال الشكوك تحوم حول احتمالات نجاحه وتقدمه قبل معرفة ردود الفعل الجدية لكل منهما على الطرح. وأثارت زيارة اللواء ابرهيم امس ل#بكركي ولقائه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي اهتماما واسعا اذ بدت الزيارة بعد أسبوع من زيارة ابرهيم السابقة ترجمة لشراكة الجهود بين البطريرك وإبرهيم على خط الملف الحكومي. واعلن مسؤول الاعلام في الصرح البطريركي وليد غياض ان “أجواء اللقاء كانت ايجابية والأمل موجود بتشكيل الحكومة في وقت ليس ببعيد والضغط يجب أن يتركز في كل الاتجاهات حاليا من اجل التشكيل”. واذ افيد ان تحقيق الخرق المرجو لا زال يحتاج جهدا إضافيا وان رئيس مجلس النواب نبيه بري ليس بعيدا من مساعي ابرهيم، أوردت “وكالة الانباء المركزية” ان بعض جوانب المخرج للازمة الحكومية الذي يعمل عليه ابرهيم يقوم على تأليف حكومة مهمة من 18 وزيرا من الاختصاصيين غير السياسيين لا تتمثل فيها الاحزاب، وتكون بعيدة من المحاصصة ويُعطى الرئيس ميشال عون وفريقه في هذه التركيبة، 5 وزراء زائد وزير للارمن، من دون ان ينال ثلثا معطلا. في الموازاة، تُعطى وزارة العدل للرئيس المكلف سعد الحريري وكذلك الداخلية، على ان يختار الحريري الاسمَين من ثلاثة اسماء يقترحها عون لشخصيات غير سياسية وغير حزبية وغير استفزازية. وعلى ذمة هذه المعطيات فان عون وافق على الاقتراح، الا ان الحريري طلب موافقة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ايضا عليه من دون ان يشترط اعطاء نواب التيار الثقة للحكومة.
الحريري ولافروف
في غضون ذلك التقى الرئيس المكلف سعد الحريري امس في ابوظبي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في حضورنائب الوزير الروسي ميخائيل بوغدانوف ومستشار الحريري جورج شعبان. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن الوزير لافروف التقى خلال زيارة العمل التي يقوم بها الى ابو ظبي، رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، “وجرى البحث بشكل معمق في وجهات النظر بالنسبة الى وضع حد للوضع المتأزم في لبنان، مع التركيز على أهمية الإسراع في اجتياز الازمة الاجتماعية والاقتصادية، من خلال تشكيل حكومة مهمة قادرة من التكنوقراط “. وأضاف البيان أن اللقاء “تناول أيضا دعم القوى السياسية الاساسية في البلد وجرى عرض بعض المشاكل الإقليمية، بما فيها تكثيف جهود المجتمع الدولي من أجل حل الازمة السورية على قاعدة قرار مجلس الامن رقم 2245، لا سيما مسألة عودة اللاجئين السوريين الى ديارهم. وكذلك تم بحث افكار جديدة في سبيل تطوير وتوطيد علاقات الصداقة الروسية اللبنانية وتطوير التبادل التجاري والاستثماري والاجتماعي، مع التركيز على مساعدة روسيا للبنان في مكافحة وباء كورونا “. وقد عاد الحريري مساء الى بيروت.
بين بكركي والحزب
الى ذلك عقدت اللجنة الثانية للحوار بين البطريركية المارونية الممثلة بالمطران سمير مظلوم وحارس شهاب، وبين “#حزب الله” الممثل بعضوي المجلس السياسي للحزب محمد سعيد الخنساء ومصطفى الحاج علي، اجتماعا امس وأصدرت بيانا اشارت فيه الى ان المجتمعين “تباحثوا في الاوضاع المأسوية التي يمر بها لبنان وأكدوا ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على معالجة الكوارث التي يرزح تحتها الشعب اللبناني، وضرورة انعاش الإقتصاد على المستويات كافة. وجرى البحث بموضوع الحياد الإيجابي الذي طرحه البطريرك مار بطرس الراعي واتفقوا على استكمال هذا البحث في إجتماعات لاحقة. كما ثمّن المجتمعون الزيارة التي قام بها البابا فرنسيس في العراق، وتوقفوا عند اللقاء التاريخي مع المرجع آية الله السيد السيستاني والذي يُشكل دعامة كبرى في العلاقات الإيجابية الإسلامية المسيحية ومواقفهما من تشجيع العيش المشترك بين الأديان واحترام حقوق الإنسان أيا يكن انتماؤه الديني”. وعلمت “النهار” ان توافقا حصل على استمرار الحوار وان لقاء قريبا سيعقد بين البطريرك الراعي وأعضاء اللجنة.