وسط أجواء الترقب لما ستؤول إليه المساعي الهادفة الى فتح كوة في جدار تشكيل الحكومة العتيدة، والتي تتمحور حول حركة اللواء عباس ابراهيم، معطوفة على الدور الذي لعبه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في الدفع نحو خيار تسوية وطنية، إلى التحرك البعيد عن الأضواء لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، يتطلع المراقبون إلى الحراك الروسي في المنطقة، على خلفية حضور الملف اللبناني بقوة في جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى منطقة الخليج العربي، وزيارته الإستثنائية إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ولقائه رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، والتشديد على تشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة الحريري تأخذ على عاتقها إنقاذ الوضع اللبناني المأزوم.
هذا فضلاً عن الإتصالات التي كان أجراها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف مع عدد من الشخصيات اللبنانية منذ أسابيع وتوجيهه دعوة لجنبلاط لزيارة روسيا، إضافة إلى الزيارة المرتقبة لوفد من حزب الله برئاسة النائب محمد رعد الى موسكو لإجراء محادثات مع القيادة الروسية تتعلق بموضوع التسوية في سوريا وإنعكاسها على لبنان. يأتي كل ذلك بالتزامن مع رفع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان للهجة خطابه في تحميل المسؤولين اللبنانيين وزر عدم المساهمة في التصدي لخطر الانهيار، معربا عن اعتقاده أن “الوقت ضئيل جداً، …، إذ لا يزال هناك وقت للعمل اليوم، لكن غدًا سيفوت الأوان”.
وفي السياق اعتبرت اوساط سياسية مُعارضة في حديثها لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أن “زيارة وفد حزب الله إلى روسيا تتعلق بشكل أساسي بالتسوية في سوريا التي ترعاها روسيا، في ظل التوجه الغربي بعدم وجود قوات أجنبية في سوريا غير القوات الروسية”، لكن الأوساط توقعت أن “يكون ملف تشكيل الحكومة حاضراً في محادثات الوفد مع المسؤولين الروس، خصوصاً بعد اللقاء المطول الذي عُقد في أبو ظبي مع الرئيس الحريري وتشديد الجانب الروسي على تشكيل حكومة إنقاذ برئاسة الحريري”.
وتعليقا على الزيارة، اعتبر نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية أنه “حتى الساعة لا شيء واضحاً حول أسبابها”، مغلّباً عليها بحسب رأيه “الطابع البروتوكولي والإعلامي ليس أكثر”، وقال: “لو كانت الأمور تتعلق بتشكيل الحكومة لكان الروس طلبوا ذلك من إيران وليس من حزب الله، وعندها تطلب إيران من الحزب أن يسهل تشكيل الحكومة وينتهي الأمر”، فالموضوع بحسب علوش “مسرحي لا أكثر ولا أقل”، متحدثاً في الوقت نفسه عن أن “الروس يرفضون الوجود الإيراني في سوريا، وليس فقط وجود حزب الله”.
وفي موضوع تشكيل الحكومة، اعتبر علوش أن “العقبة الأساسية تتمثل بعون وباسيل، لأن تاريخ ميشال عون يؤكد بانه مشهور بالإنتحارات ولا يهمه إذا خرب لبنان أم لا، كل ما يهمه تأمين خليفته باسيل”. وفي المقابل أكد علوش أن “طرح الرئيس الحريري بالنسبة للحكومة يحظى بتأييد أميركي وأوروبي وروسي، وموقف الخارجية الروسية دليل واضح على دعمهم للحريري”.
وعن قيام الحريري بزيارة قريبة إلى بعبدا، إستبعد علوش ذلك “لأن رئيس الجمهورية لم يوجه أي إشارة إلى الحل، كما أنه لم يرشح أي أمر إيجابي عن مبادرة اللواء عباس إبراهيم ما يعني أن العقد لا زالت على حالها”.
بدوره النائب السابق فارس سعيد رأى أن “الروس قاموا بخطوة إعلامية مهمة تجاه المنطقة، وبالأخص منطقة الخليج، فقد زاروا السعودية بعد قصف منطقة أرامكو بينما لم يزرها وزير خارجية الولايات المتحدة أو أي مسؤول غربي، كما كان مقرراً”.
سعيد وفي حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية اعتبر أن “روسيا من خلال إستدعاء وفد حزب الله لزيارتها، تريد القول إنها تمسك بأوراق تشكيل الحكومة اللبنانية، وهي حاضرة في سوريا”، مستبعدا أن “تتحول الشطارة الروسية من قبل دبلوماسيتها إلى خطوات ملموسة في الملف الحكومي، لأن الروس في خلاف مع الأوروبيين والإدارة الأميركية الجديدة”، ولفت إلى أنه بحال نجحت عناصر القوة الروسية لتشكيل الحكومة من خلال تفاهم روسي إيراني، “فهل هذه الحكومة سيكون لها القدرة على فتح علاقات مع السعودية ودول الخليج؟”، معتبرا بالتالي أنه “إذا تشكلت الحكومة بتوافق روسي إيراني ستكون حكومة حسان دياب برئاسة سعد الحريري”.
سعيد ذكّر في سياق آخر بأنه “عندما تكلم البطريرك الراعي عن حياد وعن مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان، تم اتهامه بالخيانة، بينما هم يذهبون الى موسكو للتكلم عن حكومة لبنان، فهذا الحزب يتعامل بالسياسة على طريقته، وما يحق له لا يحق لغيره، ويتعامل مع التدويل على طريقة الميني ماركت”.
رئيس حركة التغيير إيلي محفوض قال من ناحيته إن “زيارة وفد حزب الله إلى روسيا لا علاقة لها بتشكيل الحكومة”، مشيرا أيضا في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية إلى أن “الروس يرفضون وجود حزب الله في سوريا، على الرغم من انهم برهنوا في الفترة الماضية أنهم إلى جانب إيران وحزب الله وكانوا إلى جانب النظام السوري، لكن اليوم هناك متغيرات تأتي ترجمة للإتفاقات السابقة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي السابق ترامب”.
محفوض لفت إلى أن “الجانب العوني الذي سعى لإقناع روسيا بالوقوف إلى جانبه وتأييد مواقفه جُوبه برفض روسي للقاء باسيل، وبالتالي اللقاء مع وفد حزب الله له دلالات كبيرة كون حزب الله موجود داخل الفريق اللبناني، وهو يأتي بعد بيان الإليزيه الذي حمّل باسيل مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة ما جعل باسيل يدفع أثمانا باهظة في الداخل، فهو لم يعد قادرا على إلزام حزب الله الدفاع عنه ولا يستطيع إقامة تحالفاً مع نبيه بري، وقد أفرغ كل ما بجعبته ضد سعد الحريري، وهو ليس قادرا على التحالف مع وليد جنبلاط، ولم يبقَ له سوى الهجوم على القوات اللبنانية”.