كتبت صحيفة الديار تقول: لا يزال الارتفاع “المريب” للدولار يتواصل والذي قفز الى ما فوق الـ 12 ألف ليرة، في ظل غموض كبير عن مصير البلاد والاتجاه الذي تسلكه على جميع الأصعدة. فلا تهديد وزير الطاقة السيد ريمون غجر ان البلاد مقبلة على العتمة في حال لم يتم تأمين سلفة بقيمة مليار دولار لشراء الفيول، ولا كلام وزير الداخلية العميد محمد فهمي الذي قال أن البلد مكشوف، وكل الاحتمالات واردة وليس فقط بالاغتيالات وذلك بسبب الخلاف السياسي، ولا مناشدات البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بايجاد الحلول والخروج من الأزمة، كل هذه المناشدات والمعطيات لم تلين من مواقف كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، كما لم تردعهما عن الشروط المضادة والجديدة أمام كل مبادرة. واذا صدقت النيات، وصح ما قيل عن مبادرة اللواء ابراهيم التي عرف منها قبول الرئيس عون بصيغة الـ 5+1، فقد تكون الطابة الان في ملعب الرئيس الحريري الذي وضع شرطاً جديداً يقول فيه أنه في حال لم يعط تكتل لبنان القوي الثقة للحكومة فلا يحق للرئيس عون أن يتمثل بست وزراء.
اذن، كلما تقدم طرح جديد في مسار تشكيل الحكومة سارع أحد الاطراف الى وضع شروط جديدة تعيد الأمور الى المربع الأول، وآخر المعلومات تتحدث عن انتظار من سيبادر الى الاتصال بالآخر، عون أم الحريري، لاجراء لقاء تقييمي لآخر الطروحات الحكومية. وهنا تقول مصادر واسعة الاطلاع “يظن المرء في بعض الاحيان اننا نتحدث عن مشكلة بين الأعضاء في نادٍ ريفي جانبي، وليس بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. وكما ان البلاد بألف خير، وليست مهددة بشتى أنواع المخاطر الأمنية والاقتصادية والمعيشية والنقدية”.
وعلى صعيد متصل، كشف مسؤول في حزب الله لـ”الديار” أن الحزب لا يتوقع انفراجاً قريباً في ملف تشكيل الحكومة، وأن لو نجح مسعى اللواء ابراهيم في تذليل العقبات “الحكومية” لما دخل رئيس مجلس النواب على الخط عبر مبادرة أساسها ما طرحه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله سابقاً، أي لا ثلث معطل لأحد الأطراف وتوسيع الحكومة من 18 وزير الى 20 وزيراً أو أكثر.
وفي سياق متصل، تضيف مصادر مطلعة أن الرئيس عون قبل بمبادرة اللواء ابراهيم غير ان الرئيس الحريري “وضع التكليف بجيبتو” ويجول في العالم ويتعامل مع الأزمة والحلول المطروحة بانكار، لتضيف “الحريري ما بدو يشكل” لأسباب محلية وخارجية ينتظر تبلورها في المستقبل القريب.
حراك الشارع
ومع تخطي الدولار عتبة الـ 12 الف ليرة امس، توافد اللبنانيون الى ساحة الشهداء لرفع الصوت ضد الاوضاع المعيشية الصعبة والمطالبة بتأليف حكومة إنقاذية مؤلفة من مستقلين سريعاً.
وفي محيط مجلس النواب، اعتصم عدد من المحتجين أمام مداخل مجلس النواب في ساحة الشهداء، وقاموا برمي المفرقعات والحجارة باتجاه المجلس، وسط انتشار امني كثيف للقوى الامنية.
وتمكن المحتجون من كسر وإقتلاع أحد الأبواب الحديدية لمدخل مجلس النواب في وسط بيروت، بعد أن قامت القوى الأمنية برمي القنابل المسيلة للدموع بإتجاههم، ثم غادروا باتجاه ساحة الشهداء.
بعدها، عاد التوتر الى محيط مجلس النواب، حيث قام عدد من الشبان برمي الحجارة باتجاه القوى الأمنية.
وفي وقت سابق، وصلت المسيرة التي بدأها العسكريون المتقاعدون إلى مرفأ بيروت بعد انطلاقها من ساحة الشهداء. وتوجه المحتجون ايضا للاعتصام أمام المرفأ، وذلك للتضامن مع أهالي الشهداء، وللمطالبة بمعرفة حقيقة انفجار المرفأ.
الى ذلك، أعيد نصب الخيم في وسط العاصمة، ورفعت الاعلام اللبنانية، كما بثت مكبرات الصوت الاغاني والاناشيد الثورية والوطنية.
وكانت العديد من المناطق شهدت تحركات إحتجاجية على وقع إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة في السوق السوداء، وإحتجاجاً على تردي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية.
الاستحقاقات المالية واستمرارية الخدمات العامة
وفي ظل انعدام التقدم في الملف الحكومي، ينتظر لبنان في المديين القريب والبعيد استحقاقات مالية خطيرة، اذا لم تسددها الدولة وبالعملات الأجنبية، فقطاعات أساسية مهددة بالتوقف. نبدأ بما صرح به وزير الطاقة ريمون غجر من قصر بعبدا ان لبنان مقبل على العتمة الشاملة ما لم تقر سلفة خزينة بقيمة مليار دولار أميركي، والسؤال هل لدى الدولة أو مصرف لبنان القدرة على تسديد هذه الفاتورة العالية لشراء الفيول؟ وماذا عن المستحقات للشركات المشغلة للمعامل والتي هددت أيضاَ بالتوقف عن عملها ما لم يتم تسديد مستحقاتها؟
بعد الكهرباء، تأتي الاتصالات حيث على لبنان تسديد رسم سنوي بالدولار الأميركي مقابل خط قدموس للحصول على الداتا والاتصالات الخارجية، ثم ماذا عن المطالبات المستمرة بتطوير مطار بيروت ليتماشى مع المعايير الدولية والتي تكلف مبالغ طائلة، فهل نصل الى يومٍ ترفض فيه شركات الطيران الدولية الهبوط في مطار بيروت الدولي؟
أما عن الدعم “الفوضوي” لعدد كبير من القطاعات، يقول خبير اقتصادي ومسؤول سابق في الدولة اللبنانية لـ”الديار”: نتفهم دعم القمح على سبيل المثال، ولكن لا نفهم كيف أن الدولة تدعم استيراد الأدوية بينما الصيدليات خالية منها، اذ اي مواطن يريد الاستحصال على دواء عليه أن يقوم بجولة على أكثر من صيدلية للحصول على مبتغاه، ما يعني ان الدواء يحفظ للبيع لاحقاً على سعر أعلى أو يهرب الى دول اخرى كما رأينا مؤخراً في عدد من التقارير الاعلامية. أما عن دعم البنزين، فما الحاجة منه اذا كان لا يقتصر على فئات محددة. على سبيل المثال يجب دعم النقل المشترك أو تحديد أصحاب الدخل المحدود والفقراء وتزويدهم ببطاقات تخولهم الحصول على البنزين المدعوم، أما أن يبقى الدعم على شكله الحالي، فذلك يعني أن أصحاب السيارات الفاخرة يستفيدون منه كما يستفيد الفقير، اضافة الى استمرار دعم التهريب الى الخارج، وبذلك نوفر الدعم للمهربين. ويضيف الخبير، سياسة الدعم هذه ليست سوى استنزاف لما تبقى من ودائع اللبنانيين وسوف توصلنا الى الخراب، لذا لا بد من ترشيدها وتحديثها مع ما يتماشى مع المصلحة العامة.
ماذا قال البزري لـ”الديار” عن لقاح “أسترازينيكا”؟
وكان قرار عدد من الدول تعليق استخدام لقاح “أسترازينيكا” بعد بروز مخاوف من وجود صلة بتشكل جلطات دم ناتجة عن تلقي اللقاح، خلق بلبلة وتشويش على عملية التلقيح حول العالم. حيث علقت السلطات الصحية في كل من النروج والدنمارك استخدام اللقاح المذكور بشكل مؤقت الى حين تبيان الحقيقة في تسببه “بحالات خطيرة لجلطات دموية لدى أشخاص حصلوا على لقاح أسترازينيكا”. كما أن دول أخرى أبدت تريثها باستعمال اللقاح كما الحال في تايلند، في حين جمدت النمسا العمل بوثقة محددة من اللقاح بعد ورود شكوك عن تسببها بعوارض خطيرة.
وفي لبنان، أكد الدكتور عبدالرحمن البزري، رئيس اللجنة الوطنية للقاح المضاد لكورونا في حديثٍ مع “الديار”، أن السلطات الصحية وتوصيات اللجنة تضمنت التريث في الحكم على لقاحات “أسترازينيكا” واستعماله في لبنان، بانتظار التحقيقات الجارية في هذا الشأن في كل من وكالة الدواء الأوروبية ومنظمة الصحة العالمية، والتي شكلت لجان تحقيق تزود بشكل يومي كل الهيئات العالمية والوطنية المعنية بعملية التلقيح عن تقدم التحقيق. وأضاف البزري، شحنة “أسترازينيكا” لم تصل بعد الى لبنان، ومتوقع أن تصل بداية الأسبوع المقبل، لذا لدينا الوقت الكافي لانتظار التحقيقات العالمية الجارية والتأكد من البيانات والمعلومات، وذلك انطلاقاً من “حرصنا على اللبنانيين وعدم تساهلنا ولو بنسبة واحد في المئة بصحة أهلنا في لبنان”. وأشار البزري، ان دولاً عديدة لم تعمد الى تجميد العمل بلقاح “أسترازينيكا”، ومنها فرنسا وبريطانيا والمانيا، واعتبر ان اصابة هذا اللقاح بنكسة سوف يشكل ضربة كبيرة للحملة العالمية لمحاربة وباء كورونا، كون اللقاح المذكور يعتبر الأقل كلفة مقارنةً باللقاحات الأخرى حيث يتراوح سعره بين 4 و6 دولارات أميركية. ولتبديد المخاوف المتعلقة باللقاح، أكد البزري للديار أن الشركة المصنعة للقاح، تتابع بشكل دوري أكثر من 10 ملايين فرد تلقوا اللقاح حول العالم، وحتى اللحظة لم يواجه أي متلقي للقاح عوارض خطيرة أو مرتبطة بالجلطات الدموية.
هذا وقالت منظمة الصحة العالمية إنه لا يوجد سبب لوقف استخدام لقاح فيروس كورونا الذي تنتجه شركة أسترازينيكا.
كما قالت الهيئة المنظمة للأدوية في الاتحاد الأوروبي إنه لا يوجد ما يشير إلى أن لقاح أكسفورد ـ أسترازينيكا ضد فيروس كورونا مرتبط بزيادة خطر الإصابة بجلطات الدم.
وأشارت إلى أن عدد الحالات بين الأشخاص الذين جرى تلقيحهم لم يكن أعلى منه عند عموم السكان.
الرئيسية / صحف ومقالات / الديار: الدولار يواصل تحليقه والبلاد تتجه نحو المجهول أمنياً وإقتصادياً … والشارع ينتفض استحقاقات مالية خطـيرة تنتـظر لـبـنان… والـدعم الغير مشروط الى متى؟ ما مصير آلاف الجرعات من لقاح “أسترازينيكا” بعد توقف استعماله في عدد من الدول؟