الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : جنون هستيري للدولار وابتزاز مستمر في الكهرباء والناس تبحث عن الأكل الحكومة وإلا… إنها الهاوية
الانباء

الأنباء : جنون هستيري للدولار وابتزاز مستمر في الكهرباء والناس تبحث عن الأكل الحكومة وإلا… إنها الهاوية

اغتيال الوطن مستمر، على وقع الفوضى التي تنذر بهاوية “أخطر من الاحتلال” وفق تعبير رئيس الحزب التقدمي ‏الإشتراكي وليد جنبلاط الذي حذّر من مغبة ما يحصل حيث بات الأكل والدواء هو الهمّ الأساس، داعيا إلى التسوية ‏لإنتاج الحكومة لأنها الأولوية لانطلاق خطوات المعالجة‎.‎

وإلى الفوضى، كان الإبتزاز المتكرر أمس بين العتمة أو السلفة. فقد أقر مجلس النواب سلفة قدرها 200 مليون دولار ‏لمؤسسة كهرباء لبنان من أجل إستقدام كمية من الفيول بهدف إستمرار تشغيل معامل الكهرباء، وإلّا، فإن العتمة ‏الشاملة ستحل مع إنطلاق شهر نيسان، وسط معارضة كتلة “اللقاء الديمقراطي” التي رفضت الخضوع لمنطق استغباء ‏الناس وتركهم فريسة الصفقات‎.‎

لكن سياسة الإبتزاز نجحت مرة أخرى، واستطاعت وزارة الطاقة فرض شروطها على مجلس النواب والناس معاً، ‏وسحبت من أموال المودعين 200 مليون دولار نقداً وعلى سعر صرف 1500، في حين أن المواطنين يختبرون ‏مختلف أنواع الذل لسحب مبلغٍ يسير، وبالليرة، من ودائعهم. إلّا أن السلفة هي جزء لا يتجزأ من المليار دولار التي ‏طلبتها المؤسسة لشراء الفيول حتى نهاية العام، وهذا المبلغ لن يستطيع مصرف لبنان تأمينه دون المس بالإحتياطي ‏الإلزامي، رغم أن خبراء يعتقدون أنه مسّ به أساسا. والمبلغ المطلوب من الوزارة يعني أن عملية الإبتزاز ستتكرر 4 ‏مرات على أقل تقدير لتحصيل المبلغ الكامل، وإلّا فالتهديد بالعتمة سيتكرر‎.‎

المدير العام السابق للإستثمار في وزارة الطاقة غسان بيضون أشار إلى “صعوبةٍ سيواجهها حاكم مصرف لبنان رياض ‏سلامة في تأمين مبلغ المئتي مليون دولار لوزارة الطاقة في الأساس، فالمسؤولية كبيرة وهو أساساً يصرف من أموال ‏المودعين، وفي هذا الإطار يجب إنتظار ردة فعل الحاكم، وملاحظة تعاطيه مع هذا الملف، ما إذا كان سيكون إيجابياً ‏أو سلبيا، نظراً للظروف الصعبة التي يعانيها مصرف لبنان جراء تراجع الإحتياطي‎”.‎

كما سأل بيضون في إتصال مع “الأنباء” الإلكترونية: “وفق أي سعر صرف سيمنح مصرف لبنان السلفة بحال تخطى ‏جميع العوائق؟ سياسة الدعم لا تشترط دعم الدولارات المعطاة لمصرف لبنان على سعر صرف 1500 ليرة، وفي حال ‏تخطينا هذا العائق أيضاً، فإن مبلغ المئتي مليون دولار لن يكفي أكثر من شهرين أو ثلاثة، حسب الإستخدام والإنتاج، ‏مع العلم أنه من المرشح التوجه نحو سياسة تقشفية في هذا المجال، وبالتالي زيادة ساعات التقنين، وحينما تنتهي الفترة ‏المذكورة، فعندها ستعاود مؤسسة كهرباء لبنان طلب سلفة جديدة، وستعود عملية الإبتزاز من جديد‎”.‎

وتابع بيضون: “على الناس التأقلم مع الواقع الجديد، ما من حلول سحرية حالياً إلّا التقشف في إستخدام الفيول ‏وتخفيض الإنتاج لإطالة أمد الفترة، وفي حال إنتهت المبالغ فعندها سيتوجه مصرف لبنان لإستخدام نسبة من ‏الإحتياطي الإلزامي. ومن جانب مؤسسة كهرباء لبنان، عليها تحسين الجباية من جهة، ورفع التعرفة مع وقف الهدر، ‏كما متابعة موضوع إستقدام المحروقات من العراق، واستبدال الكميات غير الصالحة للإستخدام في المعامل اللبنانية ‏بأخرى تصلح‎”.‎

إلّا أن بيضون كشف أن “طلب مؤسسة كهرباء لبنان مبلغا كبيراً يقدر بمليار دولار، هو مطلب ملغوم، والهدف منه ‏تمرير مستحقات للبواخر والشركات المقدمة للخدمات، فالبواخر مثلاً تحتاج إلى 180 مليون دولار، ويبدو أن مجلس ‏النواب قد إستدرك الأمر ولم يعطِ سلفةً أكثر من 200 مليون دولار لشراء الفيول فقط”، لكنه لفت هنا إلى أن “الشركة ‏المالكة للبواخر في لبنان سبق أن أعلنت أنها ستوقف خدماتها في وقت قصير، ومن ثم لم نسمع شيئا عن الموضوع، ‏لربما تلقوا وعوداً لدفع مستحقاتهم عبر السلفة، إلّا أن اليوم الأمر بات غير قابل للتنفيذ، وعليه قد نسمع قريباً تهديد ‏جديد على صعيد البواخر والعتمة‎”.‎

وفي ختام حديثه، ذكر بيضون أن “مؤسسة كهرباء لبنان كان عليها الإستعانة بالشركة الألمانية “سيمنز”، وطلب ‏مساعدة خبرائها للإشراف على صيانة المعامل، كما وتعزيز الفرق بمهندسين تابعين لمؤسسة، بدل التعاقد مع شركة ‏إستشارية‎”.‎

بدوره المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية زياد عبد الصمد أشار إلى مفارقة خطيرة، سائلا: ‏‏”هل يمكن فصل إقرار سلفة الكهرباء عما حصل في سوق القطع بالأيام الأخيرة؟ لقد تزامن إقرار السلفة مع إرتفاع ‏جنوني لسعر صرف الدولار، فإذا كان ينوي مصرف لبنان تأمين المبالغ من الأسواق، عندها سيفقد القدرة على التحكم ‏بسعر الدولار في السوق المحلي‎”.‎

وأبدى عبد الصمد في إتصال مع “الأنباء” تخوّفه من “لجوء مصرف لبنان في كل مرة تطلب فيها مؤسسة كهرباء ‏لبنان إلى السوق لتأمين الدولارات، فعندها سيواجه لبنان ما قد اختبره في الأيام الماضية على صعيد إرتفاع سعر ‏صرف الدولار، في حال كان سبب إرتفاع سعر الصرف في الأيام الأخيرة سحب مصرف لبنان الدولارات لتأمين قيمة ‏مبلغ السلفة”. وفي هذا الإطار، تابع عبد الصمد: “ما من مصادر لمصرف لبنان لتأمين الدولارات، وبالتالي من أين ‏سيمول السلفة؟‎”.‎

على خطٍ آخر، ومع وصول الدولار إلى مستويات جنونية فاقت الـ14,000 ليرة، حدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال ‏حسان دياب موعد “وقف الدعم”. إذ إن دعم المحروقات سيتوقف نهاية شهر آذار، في حين أن دعم المواد الغذائية قد ‏يستمر حتى حزيران المقبل. من جانبه، فقد أعلن وزير المال غازي وزني أعلن أن الدعم عن البنزين سينخفض من ‏‏90% إلى 85%، حالاً، وسيتم إتخاذ إجراءات على صعيد دعم المواد الغذائية لإستثناء بعض المواد غير الضرورية ‏من سياسة الدعم. إلّا أنها ليست المرة الأولى التي يسمع فيها اللبناني هذه الوعود، وكان حريّ بالمعنيين ترشيد الدعم ‏منذ سنة، لتمديد الفترة أكثر، قبل الوصول نحو الإنفجار المحتّم‎.‎

لكن أخطر ما أعلن عنه وزني، هو أن لدى مصرف لبنان 16 مليار دولار فقط، منها 1.5 مليار للإستخدام، علماً أن ‏الإحتياطي الإلزامي يبلغ 17.5 مليار دولار. وعلى ما يبدو، لجأ مصرف لبنان إلى تخفيض نسبة الإحتياطي الإلزامي، ‏وهو الأمر الذي ذكرته جريدة “الأنباء” الإلكترونية قبل أشهر، حول توجّه “المركزي” للقيام بالخطوة المذكورة‎.‎

في هذا المجال، ذكر عبد الصمد أن “الإحتياطي كان يساوي 17.5 مليار دولار، وبالتالي يبدو أنهم خفّضوا نسبة ‏الإحتياطي، علما أنه ما من شيء إلزامي، ويمكنهم خفض النسبة‎”.‎

وردا على نية الحكومة ترشيد الدعم اليوم، لفت عبد الصمد إلى أنه “ما من تعامل جدي تقوم به الحكومة على هذا ‏الصعيد، فهي لم تقم بأي دراسات في هذا الصدد، علماً أن المواد الغذائية تُهرب‎”.‎

إنطلاقا من هذه النقطة، أشار نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي الى أن “ما من سعر صرف موحّد معتمد ‏في الأسواق، الأسعار خيالية والفوضى تعم، والمحتجون يلجأون إما إلى التظاهرات والتحركات وقطع الطرقات، او ‏إلى التعدي على المصالح والمحلات التجارية‎”.‎

وذكر في إتصال مع “الأنباء” الإلكترونية أنه “ما من خطوة إتخذتها الدول اللبنانية في هذا الإطار، ولم تجد أي طريقة ‏للجم إرتفاع سعر صرف الدولار، فلبنان يواجه فلتاناً أمنياً ومالياً، والمؤشرات تشير إلى المزيد من الإنحدار، حتى ‏الوصول إلى السقوط الكبير‎”.‎

كما نبّه من أن “المستوردين يواجهون مصاعب على صعيد تأمين الدولارات من أجل إستيراد المواد، إذ أن حاملي ‏الدولارات يترقبون إرتفاع سعر الصرف ولا يصرفون دولاراتهم في السوق، وبالتالي الدولارات تتراجع في الأسواق، ‏وهذا يؤثر سلبا على الإستيراد‎”.‎

أما حول الإشكالية التي إنشغل بها اللبنانيون في الأيام الأخيرة، وهي توجّه المحلات التجارية والسوبرماركت إلى ‏التسعير بالدولار، فقد لفت بحصلي إلى أن “الأمر سيقتصر على التسعير، لكن الدفع سيبقى بالليرة، والأمر هدفه تسهيل ‏عملية التسعير فقط كي لا يتم تبديل الأسعار يوميا مع تغير سعر الصرف، لكن الموضوع الأساس ليس التسعير، بل ‏قدرة اللبنانيين على الدفع، فقد بات همهم تأمين أكياس الحليب لأطفالهم‎”. ‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *