ليس ما حصل في اللقاء الثامن عشر الرئاسي في بعبدا امس سوى صورة طبق الاصل عما اوصل لبنان الى اعمق قعر الهاوية. نكايات وتسجيل نقاط وحساسيات وتقاذف تهم ليبرئ كل طرف نفسه من دم هذا الوطن، تحت شعار الحفاظ عليه. كل العبارات التي يتضمنها قاموس اللغة العربية الفضفاض لتوصيف قلة المسؤولية تكاد لا تكفي لانزالها على من يقودون سفينة البلاد نحو الغرق بمن فيها.
اللقاء الاخير؟
في الثالثة بعد الظهر استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الرئيس المكلف سعد الحريري في لقاء حمل الرقم 18، لم يدم اكثر من 22 دقيقة، قال بعده الحريري: مع الاسف ارسل لي الرئيس عون امس تركيبة وزارية تتضمن ثلثا معطلا لفريقه فقلت له ان ما حصل غير مقبول ودوري كرئيس مكلف تشكيل الحكومة، وأبلغته انني اعتبر رسالته وكأنها لم تكن و”رجعتلو ياها” وأبلغته أنني سأحتفظ بالنسخة للتاريخ، مضيفا “اللائحة التي أرسلها لي الرئيس غير مقبولة لأن الرئيس المكلف “مش شغلتو يعبي أوراق من حدا”. واضاف “هدفي واحد وضع حد للانهيار ووضع حد لمعاناة اللبنانيين وطلبت من الرئيس عون تشكيل حكومة إختصاصيين”. وختم “سأوزع عليكم التشكيلة التي قدّمتها للرئيس عون منذ اكثر من 100 يوم بعدما قال انني قدمت اليه تشكيلة غير مكتملة”. ولم يرد الحريري على اسئلة الصحافيين ولم يتم تحديد اي موعد للقاء جديد بين الرجلين.
تشكيلة الحريري
وتتضمن التشكيلة التي وضعها الحريري، الاسماء التالية: رئيس الوزراء سعد الحريري، وزير الصحة فراس أبيض، وزير الشؤون الاجتماعية والبيئة ناصر ياسين، وزيرة العدل لبنى مسقاوي، وزير المال يوسف خليل، وزيرة العمل مايا كنعان، وزير الاشغال العامة والنقل ابراهيم شحرور، وزير التنمية الإدارية والسياحة جهاد مرتضى، وزير الخارجية والزراعة ربيع نرش، وزير الدفاع أنطوان اقليموس، وزيرة الثقافة فاديا كيوان، وزير التربية والتعليم عبدو جرجس، وزير الشباب والرياضة والاعلام وليد نصار، وزير الاقتصاد سعادة الشامي، وزير الطاقة والمياه جو صدي، وزير الداخلية والبلديات زياد أبو حيدر، وزير الاتصالات فادي سماحة، وزير الصناعة والمهجرين كاربيت سليخانيان.
رد بعبدا
وردت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية على كلام الحريري فاعتبرت ان “الورقة المنهجية التي أرسلها عون الى الحريري، “تنص فقط على منهجية تشكيل الحكومة وتتضمن أربعة أعمدة، يؤدي اتباعها الى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف”.
رد على الرد
صدر عن المكتب الاعلامي للرئيس المكلف سعد الحريري البيان الاتي: “منذ تكليف الرئيس الحريري وبدء اجتماعاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون، كان رئيس الجمهورية يصر في كل اجتماع على التمسك بحصوله على الثلث المعطل، وهذا الامر لم يتغير من البداية وحتى اليوم، وهو ما بات معروفا لدى كل اللبنانيين.
ان المكتب الاعلامي للرئيس الحريري يأسف بشدة اقحام المديرية العامة لرئاسة الجمهورية ببيان لتضليل اللبنانيين وتزوير الحقائق والوثائق. وهنا نذكر ان الرئيس الحريري عندما قال من القصر الجمهوري ما حرفيته: “مبارح ارسلي تشكيلة كاملة من عندو فيها توزيع للحقائب على الطوايف والاحزاب، مع رسالة بيقلي فيها انو من المستحسن عبيها. بتضمن الورقة تلت معطل لفريقو السياسي، ب 18 وزير او 20 أو 22. وطلب مني فخامتو اقترح اسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية يللي هوي محضرها”
وانعاشا لذاكرة فخامة الرئيس واحتراما لعقول اللبنانيين ننشر الاوراق كما وصلت بالامس من رئيس الجمهورية”.
لودريان
وقبيل اللقاء، كان المجتمع الدولي أبدى اهتماما متعاظما بلبنان واوضاعه المتأزّمة. وفي السياق، أشار وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لو دريان الى أنه طلب من نظرائه في الاتحاد الأوروبي النظر في سبل مساعدة لبنان الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود. وقال لدى وصوله إلى اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد صباح اليوم إن “فرنسا تتمنى أن نبحث قضية لبنان اذ لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقف مكتوف الأيدي ولبنان ينهار”. وأضاف “البلد يسير على غير هدى ومنقسم وعندما ينهار بلد ما يجب أن تكون أوروبا مستعدة”، معرباً عن إحباطه من فشل جهود تشكيل حكومة جديدة في لبنان.
تنسيق دولي
ويأتي موقفه غداة اعلان الرئيس ايمانويل ماكرون منذ ايام حين قال “خلال الاسابيع المقبلة وبطريقة واضحة ومن دون ادنى شك، نحتاج الى تغيير النهج والاسلوب لانه لا يمكننا ان نترك الشعب اللبناني يتخبط منذ شهر اب الماضي في الوضع الحالي”.
وتابع “يجب تجنب انهيار البلد لذلك المطلوب الاسراع في تشكيل حكومة وتنفيذ الاصلاحات المرجوة.” وقد كشفت مصادر ديبلوماسية ان، وازاء اخفاق الطبقة السياسية اللبنانية في التوصل الى اي اتفاقات تخرج البلاد من مأزقها، وبعيد انقلاب المنظومة في معظمها على المبادرة الفرنسية، سيما في اعقاب مواقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الاخيرة التي نسفت جوهرها وافرغتها من مضمونها، بطرحه الذهاب نحو حكومة تكنو – سياسية، بعد هذه التطورات كلّها، ارتأى ماكرون الخروج من مربّع التفرج، الى مربّع التحرّك، وهو اليوم في صدد اتصالات اوروبية اولا، واقليمية ثانية، تشمل الدول الخليجية في شكل خاص، واميركية ايضا، للبحث والتنسيق في ما يمكن فعله لكسر الجمود اللبناني القاتل للناس وآمالهم واموالهم وصحّتهم ومستقبلهم.
مخاوف جنبلاط
محليا، إستقبل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، مساء اول امس الأحد، في كليمنصو، السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، في حضور النائب أكرم شهيب، وعرض معها التطورات السياسية في لبنان والمنطقة. وبعد ان كثر الحديث عن ترك المختارة الحريري وحيدا عقب مناداتها بالتسوية وعدم ممانعتها تكبير حجم الحكومة، أكد عضو اللقاء الديموقراطي النائب هادي ابو الحسن ان “من يتحدث عن انقلاب لوليد جنبلاط على الحريري أو غيرة هو كلام خاطئ ولا قيمة له”، لافتاً الى إن “الفكرة الأساسية المطروحة اليوم هي كيفية الخروج من الثلث المعطل وبالتالي محاولة تلاقي في نصف الطريق”.
امل والاختصاصيين
من جهته، وفي موقف لافت يعارض طرح حزب الله حكومة تكنوسياسية، جدد المكتب السياسي لحركة امل مطالبته الاسراع بتشكيل حكومة إختصاصيين غير حزبيين وفق ما تم التوافق عليه في المبادرة الفرنسية بعيدا من منطق الأعداد والحصص المعطلة وتحوز ثقة المجلس النيابي وكتله، وتكون قادرة وبسرعة على إطلاق ورشة الاصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي، ولديها القدرة على إعادة ثقة اللبنانيين بوطنهم، وتعزيز علاقات لبنان الخارجية ومع المؤسسات الدولية، وإدارة حوار بناء ومسؤول لإعداد حفظ الخروج من الازمة.
على صعيد آخر، وفي انتظار نتائج اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان لاطلاق منصة تحديد سعر الدولار،عاود الاخير ارتفاعه وتجاوز عتبة الـ 14 الف ليرة..