حركة لافتة تشهدها الكواليس والمقرات، بعد السقوف العالية التي بلغت حدود القطيعة. التحرك الديبلوماسي من قبل سفراء أميركا، فرنسا والسعودية، حرّك المياه الراكدة، فذهبت القوى المختلفة تبحث عن مخارج.
بحسب ما تكشف معلومات جريدة “الأنباء” الالكترونية فإن السفيرة الأميركية دوروثي شيا تعمل بناءً على هامش موسع لها على إيجاد صيغة للوصول إلى تسوية بين القوى اللبنانية، وتقول مصادر متابعة إن شيا بحثت مع رئيس الجمهورية ميشال عون في إمكانية الذهاب إلى تسوية والتنازل عن الشروط التي يفرضها. وقد نفى عون أنه يفرض شروطاً، وأنه يطالب بالثلث المعطل، بحسب مصادر “الأنباء” لكن السفيرة الأميركية قالت له إن الصيغ التي خرجت من عنده إلى الرئيس المكلف سعد الحريري كلها تتضمن مطالبته بالثلث المعطل، إلا أن عون أصر على نفيه معتبراً أن التقسيمات التي أوردها في التشكيلة التي أرسلها للحريري كان يقصد بها التقسيمات الطائفية والمذهبية وليس العددية.
بناء على هذا الكلام، حاولت السفيرة الأميركية انتزاع تعهد من عون بأنه مستعد للموافقة على تشكيل حكومة بدون الثلث المعطل، فلم يعط إجابة واضحة. وبناء عليه خرجت من اللقاء ودعت إلى ضرورة الذهاب نحو تسوية. وهي بحثت مع الرئيس سعد الحريري الأمر نفسه، فكان واضحاً بأنه منفتح على البحث في كل الخيارات باستثناء اعطاء الثلث المعطل. وقد أبدت السفيرة الأميركية تأييدها لكلام الحريري، واستمرت بالعمل من خلال اتصالاتها. كذلك فعلت السفيرة الفرنسية، كما تشير المصادر.
تتحرك السفيرة الأميركية بناء على معطيات من واشنطن تفيد بأن ليس هناك داخل الإدارة الأميركية من يعارض تشكيل حكومة في لبنان، ولا شروط كما كان أيام الحكومة السابقة، لكن الأهم هو برنامج الحكومة، هذا الكلام تفسّره مصادر سياسية لجريدة “الأنباء” الالكترونية بأنه يعني أن لا مشكلة لدى المجتمع الدولي بمشاركة حزب الله في حكومة من خلال وزراء إختصاصيين لا ينتسبون إليه رسمياً بل على طريقة جميل جبق وحمد حسن. والأهم بالنسبة إلى الحكومة هو برنامجها والتزامها بشروط المجتمع الدولي.
بناء عليه، حصل لقاء بين الرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري تم البحث فيه بإمكانية إيجاد صيغة أو مبادرة جديدة يمكن أن تؤدي إلى تشكيل حكومة، المبادرة تقوم على تشكيل حكومة من 24 وزيرا أي صيغة “ثلاث 8” بدون ثلث معطل، وهو طرح كان تقدم به رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لكن السقوف العالية للمواقف لم تتلقفه. وعليه سيبدأ بري التحرك حول هذا الطرح من جديد لمعرفة موقف عون، وحتى الآن لم يأت الجواب من القصر الجمهوري.
توازياً، جاء موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب مطلع الأسبوع ليعزز الفراغ الرسمي في ظل رفض الحكومة المستقيلة لتفعيل دورها والعودة الى الاجتماع في ظل الظروف المأزومة التي يعيشها لبنان، الأمر الذي من شأنه أن يحد بعض الشيء من سرعة الانهيار والإفلاس التام. فحكومة تصريف الأعمال لن تكون قادرة على وضع خطط انقاذية واستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي والقيام بالإصلاحات المطلوبة دولياً، لكنها قادرة بالحد الأدنى على فرملة الانهيار من خلال بعض الخطوات الاجرائية لا سيما تلك المتعلقة بترشيد الدعم ووقف نزيف احتياطي مصرف لبنان ومراقبة الأسواق وجشع التجار والتهريب وغيرها من القرارات.
وفيما أطلق الحزب التقدمي الاشتراكي صرخة جديدة مستغرباً هذا الموقف الرافض لتفعيل حكومة تصريف الأعمال، أشار عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد نصرالله عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية الى أنه ليس هناك نصوصاً دستورية لإعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال، أي نصوص واضحة تعالج هذه الحالة”، لافتا الى أن “هناك تفسيرين، الأول يقوم على تفعيل الحكومة انطلاقًا من الواقع المأساوي الذي نعيشه، والأمر الآخر أن الموضوع يتطلب تغطية من المجلس النيابي”، معتبرا ان هذه الأمور تتطلب نقاشاً هادئاً مع كل الكتل النيابية. وقال نصرالله: “هذه قصة خلافية ومع الأسف الشديد لبنان يمرّ اليوم بواقع مأساوي جداً ولقد أصبحنا نعيش في واقع مؤلم والآتي أعظم”.
وفيما الجمود السياسي على حاله، فإن فيروس كورونا لا يزال على انتشاره وأعداده المرتفعة لناحية الاصابات، كما الوفيات، في ظل تحذيرات من موجة ثالثة للوباء قد تكون أقوى من سابقاتها، في حين أن عملية التلقيح مستمرة، ولكن ليس بالسرعة التي كانت متوقعة لها، خاصة وأن الإقبال على التسجيل في منصة التلقيح جاء مخيّباً للآمال والمطلوب الاستمرار دائما بالتشجيع عليه، فليس هناك من حل ولا سلاح لمواجهة هذا الوباء الا بأخذ اللقاح.
لقاح “فايزر” لن يستطيع أن يغطي كل المقيمين على الأراضي اللبنانية، كما تشير مصادر طبية عبر “الأنباء” الالكترونية، لذلك كان لا بد من توسيع رقعة اللقاحات المستهدفة من قبل الدولة اللبنانية، وقد بدأت شحنات لقاح “استرازينيكا” بالوصول الى لبنان، هذا الى جانب إشراك القطاع الخاص في عملية التلقيح من خلال بدء استيراد لقاح “سبوتنيك”، الذي لن يكون متوفراً للأفراد إنما عبر شركات ومؤسسات، وطبعاً عبر المنصة الرسمية للتلقيح، الأمر الذي من شأنه تعزيز المناعة المجتمعية وتسريع عملية التلقيح.
وحول الآلية التي ستعتمد بالنسبة لاسترازينيكا، أشار طبيب الأمراض الجرثومية بيار أبي حنّا في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية الى أن “لقاح استرازينيكا متاح في دول الخارج لكافة الفئات العمرية، أما في لبنان فسوف يكون متاحاً لمن هم فوق سن لـ65 عاماً”.
ومرة جديدة ردّ أبي حنا على كل الشكوك التي اثيرت حول هذا اللقاح، مطمئناً اللبنانيين بأن “منظمة الصحة العالمية والمنظمة الاوروبية للقاحات قد أقرت بفعاليته”.
وتعقيباً تؤكد المصادر الطبية انه “بالتالي لا داعي للقلق ولا بد من عدم التردد لأخذ اللقاحات التي باتت متوفرة في لبنان لا سيما وأن لبنان على أبواب عيدي الفصح والفطر، وأخذ اللقاح سيوفّر بيئة امنة خلال الأعياد، وأما استمرار التردد والخوف فستكون نتيجته طفرة جديدة بالإصابات والوفيات كتلك التي شهدها لبنان بعد عيدي الميلاد ورأس السنة، فأخذ اللقاح مع الالتزام بقرار المجلس الأعلى للدفاع بالاقفال التام خلال الأعياد لمدة 3 أيام سيشكل حماية مجتمعية مقبولة بشرط عدم التفلت منه والتحايل على قرار الاقفال بالتجمع والاختلاط في المنازل.
كلمات مفتاحية