تواصل سلطة “العراضات” الالتفاف على أوجاع الناس والتعمية على عقم منظومتها الحاكمة بقنابل دخانية تملأ الفراغ باستعراضات “دستورية” “ونووية” و”كورونية”، فتتقدم أدوار “الكومبارس” على سطح المشهد السياسي اللبناني لتورية الأنظار عن “بطل” التعطيل والجهات الداخلية والإقليمية الراعية له، ضمن إطار لعبة شد حبال إيرانية مع الغرب، لم يعد حتى المسؤولون الإيرانيون يتنصلون منها، إنما جاء إدراج مساعد رئيس مجلس الشورى حسين أمير عبد اللهيان فرنسا على قائمة الدول المعادية التي تدفع باتجاه “عدم وجود حكومة قوية في لبنان لإضعاف المقاومة”، تصريحاً صريحاً بأنّ طهران “تخطف المبادرة الفرنسية وتمنع تنفيذ مندرجاتها، منعاً لتشكيل حكومة تخصصية لا يملك “حزب الله” سطوة سياسية عليها”، حسبما قرأت مصادر مواكبة للملف الحكومي في كلام عبد اللهيان، لا سيما وأنه رسم “معادلة ثلاثية جديدة” في لبنان تحظى بدعم إيران، قوامها “مثلث المقاومة والجيش والحكومة”!
وبحسب الأوساط نفسها، فإنّ ما لفت السفراء الذين يزورون قصر بعبدا، هو “حضور الوزير السابق سليم جريصاتي الطاغي على كل اللقاءات الديبلوماسية، بحيث يستأثر بالحديث ويسترسل في توجيه اتهامات العرقلة إلى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، إلى درجة اضطرت معها السفيرة الفرنسية آن غريو إلى الطلب منه إفساح المجال أمام رئيس الجمهورية ميشال عون كي يتحدث بنفسه، باعتبارها تريد أن تسمع رأي الرئيس وليس رأي مستشاريه”.
وعن لقاء السفيرة الأميركية دوروثي شيا مع عون، كشفت المصادر أنّها “كانت واضحة أمامه في التصويب على مسألة مطالبته بالثلث المعطل وفق ما كشفت المستندات في الآونة الأخيرة، فبادرها برمى كرة التعطيل إلى ملعب الرئيس المكلف متهماً إياه بأنه غير راغب بالتشكيل بانتظار قرار المملكة العربية السعودية”. وإلى “بيت الوسط” نقلت شيا للحريري ما سمعته في قصر بعبدا من اتهامات بحقه، وسألته عما إذا كان مستعداً للقيام بأي خطوة للخروج من المأزق، فذكّرها بأنه سبق أن أعلن استعداده للقيام بأي شيء يسهّل التأليف “تحت سقف عدم وجود ثلث معطل”، لافتاً إلى أنه أبدى مرونة مع عون في إعادة توزيع الحقائب والأسماء وإيجاد حل لحقيبة الداخلية والانفتاح على مسألة الأعداد في التشكيلة الوزارية لكن “كل هذه الطروحات اصطدمت بشرط الثلث المعطل”.
وإزاء استمرار مسلسل الدوران الحكومي في حلقة مفرغة، أفادت مصادر كنسية أن البطريرك الماروني بشارة الراعي أبدى امتعاضه أمام الحريري إزاء استمرار المناكفات، وجدّد دعوته الرئيس المكلف إلى الإجتماع مع عون وحلّ المشكلة الحكومية، مشدداً على أنه لا يقف مع فريق ضدّ الآخر، بل ما يهمه “هو حقوق الفقير قبل حقوق ملوك الطوائف”، مع التأكيد على أنه “لا يزال متمسكاً بحكومة اختصاصيين مستقلة ويرفض كل الطروحات التي تحدثت عن تشكيل حكومة سياسية، أو أن ينال أي فريق ثلثاً وزارياً معطلاً لأن المرحلة هي للعمل وليس للتعطيل”.
وفي الغضون، تفاعلت قضية نشر موقع “التيار الوطني الحر” الالكتروني صورة لطائرة رئيس الحكومة المكلف على مدرج المطار، فتولت أجهزة الأمن إجراء تحقيقات أولية بالموضوع انطلاقاً من كونه يشكّل “خرقاً أمنياً” لسلامة الحريري، فتبيّن، بحسب ما نقلت مصادر أمنية لـ”نداء الوطن”، أنّ الصورة تم التقاطها “من المبنى الرئيسي للإدارة العامة (مبنى الحوت، الطابق الثاني، قسم المالية)، وسرعان ما دارت الشبهات المتقاطعة أمنياً وإدارياً حول موظف يتواجد في المكتب يدعى (أ.ع.) وتربطه علاقات وثيقة بالتيار الوطني”.
وبعدما طلبت الضابطة العدلية في المطار من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي التوسّع في التحقيق ربطاً بتعامل التقارير الأمنية مع الواقعة على أنها تشكل “تهديداً لأمن الحريري وحركة طائرته”، عُلم أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل مارس ضغوطاً على القاضي عقيقي طالباً منه “صرف النظر عن الاستماع لإفادة الشهود وختم المحضر باعتباره مجرّد محضر معلومات من دون التوسع في التحقيقات”.