كتبت صحيفة الديار تقول: قد يبدو المشهد السياسي العام وتنقل السفراء بين المرجعيات السياسية والرئاسات في لبنان مشهداً عادياً لمعظم اللبنانيين، خاصةً بعد اطلاق المبادرة الفرنسية من بيروت وتحديدها لشكل ومضمون الحكومة العتيدة، فالشعب اللبناني “المقهور” مشغول بتأمين قوته اليومي وسط هذه الفوضى المعيشية والاقتصادية التي أوصلته اليها الطبقة السياسية الرثة، اضافة الى التقبل العام لحركة القناصل والسفراء والمندوبين الدوليين ودخولهم قاموس الحياة السياسية من بابها العريض في ظل فقدان معظم الطبقة السياسية اللبنانية تاريخياً وحالياً لأي حس بالكرامة الوطنية والسيادة على المسائل ذات الصلة. اذ لم يصدر حتى الان أي ادانة او حتى “استغراب” من أي جهة لحركة السفراء وتدخلهم المباشر في شأنٍ يجب أن يكون ضمن المسائل السيادية البحتة، أي تشكيل الحكومة، لا بل تخطى الأمر الى اشتكاء المسؤولين على بعضهم بعضاً ورمي تهمة التعطيل على الآخر أمام ما توافر لهم من سفراء دول أجنبية وعربية.
وكانت حركة السفراء تكثفت مع زيارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري لقصر بعبدا ولقائه الرئيس عون بطلبٍ من الرئيس، ومن ثم لقاء السفيرة الأميركية دوروثي شيا الرئيسين عون والحريري، اضافة الى تحركات واتصالات كل من السفيرة الفرنسية آن غريو والقائم بالاعمال البريطاني مارتن لنغدن وصولاً الى زيارة البخاري للمختارة ولقائه رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط. وتقسم أهداف وأسباب هذه الحركة الدبلوماسية الى عدة محاور:
أولاً، محاولة العهد ترميم صورته أمام السفراء الأجانب واظهار عرقلة تأليف الحكومة على انها نتاج المقاربة الخاطئة للرئيس الحريري، اذ يعتبر العهد أن من نتائج زيارات واتصالات الحريري الخارجية تشويه صورته و”حشره” دولياً وتصوير مطالبه على انها تعرقل تشكيل الحكومة “الانقاذية”. ثانياً، تهدف حركة السفراء، ان عبر لقاءاتهم فيما بينهم أو مع المسؤولين اللبنانيين، الى التأكيد على المطالب الدولية في تشكيل حكومة لبنانية جديدة سريعاً، منعاً للانهيار والشروع في تنفيذ لائحة الاصلاحات الموعودة، والتي كان لبنان تعهد بها أمام المجتمع الدولي في المؤتمرات الخارجية، وأهمها مؤتمر أرز 1 “سيدر”. اذ يخشى هؤلاء من تسارع وتيرة الانهيار في لبنان الى حد يصبح من الصعوبة منعه، كما حذر القائم بالأعمال البريطاني لنغدن، وما يشكله ذلك من خطر انفلات الأمن في لبنان وانعدام السيطرة المحلية على اللاجئين، وبالأخص السوريين والفلسطينيين وامكانية أن تشهد أوروبا موجات جديدة من المهاجرين الى أراضيها في ظل ضائقة اقتصادية تعاني منها القارة العجوز، اضافة الى مخاطر وباء كورونا وخروجه عن السيطرة على أراضيها.
أما على صعيد تحرك السفير السعودي البخاري، فيبدو أن قراراً ما اتخذ بعودة السعودية التدريجية الى الساحة اللبنانية تحت عنوان دعم “العروبيين” في مسعى واضح للتوازن مع ايران وعدم ترك حلفاء واصدقاء المملكة وحيدين أمام ما تعتبره السعودية “التوسع الايراني” في لبنان. كما ترى المملكة أنه في ظل الاستدارة في السياسة الاميركية في المنطقة، لا بد من العودة الى ساحاتها، أي سوريا ولبنان لامتلاك أوراق قوة تخولها الجلوس حول طاولة المفاوضات الحقيقية متى اتت التسوية على الملف الايراني وانتشار نفوذ ايران في المشرق العربي.
مبادرة الرئيس بري وهجوم “التيار”
وبرز معطى جديد في ملف الحكومة من جهة الرئيس بري الذي شغّل “محركاته” للدفع باتجاه تشكيل الحكومة. وفي هذا الاطار، تفيد مصادر عين التينة ان عدد الوزراء في الحكومة المقبلة تم تخطيه من قبل الأفرقاء وأن لقاء بري مع الحريري كان مثمراً، والأخير كان متجاوباً مع طروحات رئيس المجلس النيابي. وتفيد المصادر أن الحكومة قد تكون من 24 أو 22 على ان لا يحصل أي حزب على الثلث المعطل، مشيرة الى أنه تم تخطي عقدة وزير الداخلية عبر طرح يتضمن تقديم الرئيس عون اسماء للحريري يختار منها شخصية للموقع، وبما خص
العقدة الدرزية يكون الأسم الثاني بالتوافق بين النائب طلال ارسلان والوزير السابق وليد جنبلاط.
وفي هذا السياق، تربط مصادر مطلعة زيارة مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم الى فرنسا للقاء نظيره الفرنسي بالمعطيات الحكومية الجديدة، والذي سيسعى مع الفرنسيين لتأمين عناصر النجاح لها في لبنان. ولذلك تؤكد مصادر عين التينة أن ما أن يتم تخطي عقدة الثلث المعطل، تشكل الحكومة في اليوم التالي. وفي اطار آخر، علمت الديار أن من ضمن المواضيع التي قد يتطرق اليها اللواء ابراهيم مع الفرنسيين، مسألة الموقوف جورج عبدالله الذي كان محط متابعة من قبل ابراهيم في الفترة السابقة.
هذا ولم يتأخر التيار الوطني الحر في الرد مواربةً على مبادرة الرئيس بري، فقد أعلن المكتب السياسي للتيار في بيانه الأسبوعي أنه لن يسمح للحريري بامتلاك النصف زائد واحد في الحكومة، ما يعني أنه يضع الحريري وتيار المردة وجنبلاط وحركة أمل في حلف وفريق واحد، ويخشى أن يكون التيار يسعى مرة جديدة لإجهاض مبادرة بري تحت عنوان منع التحالف الرباعي (بري، جنبلاط، الحريري، فرنجية) من تطيير التدقيق الجنائي، بيد أن العنوان الحقيقي هو منع هذا التحالف، والذي يرشح رئيس المردة سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، من امتلاك النصف زائد واحد، دون أن يكون للتيار وعون الثلث المعطل في الحكومة الموعودة.
الانقلاب على اللجنة الوطنية للقاح المضاد لـ “كورونا”
على صعيد الحملة الوطنية للتلقيح ضد وباء كورونا، قال رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن ا لبزري للديار، ان المعضلة الأساسية التي تواجهها الحملة تكمن في النقص في عدد اللقاحات المستوردة حتى الان، وذلك ناتج من عدم مصداقية مؤسسة كوفكس للقاحات التابعة للأمم المتحدة والشركة المصنعة للقاح “أسترازينيكا” في احترام وعودهم، حيث كان من المتوقع ان يستلم لبنان حتى الآن ما بين 700 و 800 ألف جرعة من اللقاحات بينما العدد الذي تلقاه لبنان لا يتعدى ال 300 ألف جرعة.
أما على صعيد المنصة، فقال البزري ان المنصة تمت برمجتها على عجلة، ففي حين يجب العمل عليها لأشهر، أوجدت المنصة خلال أيام، ما تسبب بوجود خلل ونقاط ضعف فيها، وهذا ما سمح لبعض مراكز التلقيح بالتصرف خارج الخطوط العريضة للخطة الوطنية للتلقيح، غير أن الأمور قيد المعالجة وهي تستقيم.
وفي سياق آخر، استغرب البزري تأليف وزارة الصحة للجنة جديدة تعنى بالحملة الوطنية للقاح كورونا، معتبراً أن اللجنة التي يرأسها تدفع ثمن اعتراضها على الاستثناءات التي حصلت في الماضي، وأبرزها تلقيح النواب في المجلس النيابي من خارج الخطة الوطنية للتلقيح. وأشار البزري الى أنه اذا كان المقصود بالأمر الامساك بالملف وأن تستباح عملية التلقيح للاستثناءات الفئوية والسلطوية، فإن كل الخيارات مطروحة، ومن ضمنها الاستقالة من مهامه الحالية
الرئيسية / صحف ومقالات / الديار: السفراء بين الدفع الحكومي والتدخل المباشر : تشكيل الحكومة مسألة سيادية؟ الحكومة المستحيلة : النصف زائـد واحد للحريري وبري وحلفائهم.. والثلث المعطل لـ التيار السلطة تنقلب على لجنة لقاح كورونا… والبزري لـ الديار : خيار الاستقالة مطروح