مرت مسيرة الاغتراب اللبناني في العالم بمراحل عدة:
المرحلة الأولى، تبدأ من منتصف القرن التاسع عشر حتى سنة 1914حيث قصد اللبنانيون وادي النيل مصر،الولايات المتحدة الاميركية، ودول اميركا الجنوبية، والبرازيل والأرجنتين، وتشير الجداول في كتاب الهجرة اللبنانية في أيام المتصرفية للباحث عبدالله الملاح أن عدد المهاجرين إلى اميركا وأفريقيا بين 1884 و1902 بلغ 17894 مهاجراً في الولايات المتحدة الاميركية و 21706 مهاجراً في الأرجنتين و7310 مهاجراً في البرازيل و169 في غينيا و108 في السنغال.
وقد سجلت الهجرة ارتفاعاً ملحوظاً بين عام 1903 و 1906 إذ ارتفعت من 15.97% عام 1903 إلى 18.21% عام 1906 ويشير الإحصاء الرسمي لعدد المهاجرين لعامي 1913 و 1914 إلى 100657 مهاجر لبناني من أصل 407750 وهو عدد سكان المتصرفية.
أما المرحلة الثانية فتمتد من 1914 لغاية 1945 وقد عرفت الهجرة بعض التوقف في الحرب العالمية الأولى بسبب الحصار البحري ثم استؤنفت بعد الحرب الكونية ليبلغ عدد المهاجرين 65000 نسمة.
بين سنة 1945 و 1975 عرفت دول الخليج العربي الثورة النفطية وانطلاقة المشاريع العمرانية المتنوعة فقصدها الآف اللبنانيين طمعاً بربحٍ سريع على مقربة من الوطن الأم.
وقد شهد لبنان 1943 و1975 تبدلات في المعدلات السنوية للمهاجرين لأسباب تداخلت فيها الأوضاع الإقتصادية والسياسية والأمنية والديموغرافية وإذ تركزت الهجرة في هذه الفترة على دول الخليج العربي وافريقيا الغربية واستراليا.
أما مرحلة الأحداث الدامية التي مر بها لبنان بين سنة 1975 و1990 فقد ساعدت على هجرة حوالي 700000 من اللبنانيين إلى الدول العربية ودول أفريقيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا لأسباب متنوعة أهمها اضطراب الأمن انتشار البطالة وتدهور سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية، ويشرح الدكتور بطرس لبكي أن عدد المهاجرين إلى استراليا بلغ 12045شخصاً في الفترة الواقعة بين 1960 و1975 وأدرجت النهار العربي والدولي عام 1985 جدولاً أشارت فيه أن عدد المهاجرين إلى الولايات المتحدة بين عام 1960 و1971 قد وصل إلى 9965 مهاجراً.
عدد المهاجرين إلى كندا بين 1965 و1971 فوصل إلى 10440 شخصاً.
عدد المهاجرين إلى كندا بين 1956 و1971 فوصل إلى 10440 شخصاً.
معظم المهاجرين إلى الولايات المتحدة الاميركية منهم من أصحاب المهن والتقنيين وبلغ عددهم 1414 شخصاً وحرفيين 647.
ويمكن وصف هذه المرحلة بالهجرة القصرية نظراً للأحداث الداخلية التدميرية التي تعرض لها لبنان.
وسجلت هذه المرحلة 6 حروب أولها حرب السنتين 1975 و1976 والاجتياحين الاسرائليين عامي 1978و1982 وفترة الإنحدار الإقتصادي عام 1987 وحرب التحرير 1989 وحرب الإلغاء وتعرض لبنان في حرب السنتين أو ما يعرف بالحرب اللبنانية – اللبنانية واللبنانية – الفلسطينية من نيسان 1975 إلى آذار 1977 إلى هجرة قسرية كثيفة بلغت حوالي 625760 شخصاً عاد منهم في نهايتها 353260 مواطناً.
تبقى المرحلة الأخيرة الممتدة من عام 1990 حتى أيامنا هذه حيث اتخذت الهجرة بعداً آخر يمكن وصفه بهجرة البحث عن عملٍ في الخارج لأصحاب الكفاءات وقد واكب هذه المرحلة إغراءات مادية قدمتها الدول النفطية بالتزامن مع نهضتها العقارية والاقتصادية فارتفعت أجور اليد العاملة بما يوازي ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في لبنان، هذا الواقع دفع رجال الأعمال اللبنانيين وأصحاب الخبرات الإقتصادية والفاعليات المادية إلى السفر إلى دول الخليج.