كل ما في البلد يؤكد أنه بات في قلب متاهة من الصعب جداً الخروج منها إذا ما استمر الكباش القائم من دون التقدم ولو خطوة واحدة نحو الحل او الالتقاء في منطقة وسطى للعبور نحو مرحلة الإنقاذ ووضع حد للانهيار والافلاس الحاصل.
فالمسعى الذي حاولت باريس القيام به لتذليل بعض الحواجز الشخصية بين الرئيس سعد الحريري والنائب جبران باسيل قد بات مستبعدا، والنتيجة هي الإعلان رسميا في قاعة مجلس الشيوخ الفرنسي عن تحوّل في النظرة الفرنسية والبحث الجدي في فرض عقوبات، وفق ما فهم من تصريح وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان العالي السقف تجاه الواقع اللبناني مشيراً إلى ان “الأيام المقبلة ستكون مصيريّة”.
وقد توقفت أوساط بيت الوسط عند هذا الموقف معتبرة أنه “يشكل تحوّلاً كبيراً في موقف القيادة الفرنسية”، واصفة التلويح بالعقوبات ضد كل الذين يعرقلون تشكيل الحكومة “بمثابة إنذار لهذه القوى التي عليها أن تراجع حساباتها وتضم صوتها لصوت الساعين لتشكيل الحكومة في أقرب وقت”.
في هذه الأثناء، كانت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري الى لبنان ولقاءاته بعدد من القوى السياسية، مستثنيا كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وحزب الله ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، مكتفيا بالتصريحات العامة من دون اعلان أي مبادرة واضحة للخروج من الأزمة القائمة، داعيا الى تشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين لإنقاذ لبنان وتحظى بثقة المجتمع الدولي والقيام بالاصلاحات المطلوبة.
مصادر سياسية مطلعة أشارت إلى ان “الوزير شكري لم يحمل معه مبادرة معينة إنما اكتفى بالوقوف على رأي القوى السياسية التي التقاها”، مشيرة لجريدة “الأنباء” الالكترونية الى أن امتناعه عن لقاء باسيل وحزب الله “رسالة واضحة من مصر ضد الذين يعطلون التأليف”.
بدوره، لفت النائب السابق فارس سعيد في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية إلى ان “عدم زيارة شكري باسيل وحزب الله رسالة عربية واضحة بأن الثنائية المتمثلة بالتيار الوطني الحر وحزب الله تكرّس الاحتلال الايراني على لبنان، والوزير المصري تجنب ان يكرّس هذا الاحتلال”.
من جهتها، أوساط بيت الوسط أشارت عبر “الأنباء” الإلكترونية الى “أجواء إيجابية سادت اثناء لقاء شكري بالحريري، الذي أبدى ارتياحه للزيارة وللمؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير المصري من دارته وكلامه الذي عبّر عن الدعم المطلق من مصر للحريري واستعدادها للمساعدة على حلحلة العقد التي تعترض تشكيل الحكومة”.
النائب السابق باسم الشاب الذي حضر اللقاء مع شكري، اكتفى بالقول ردا على سؤال “الأنباء” الالكترونية: “الزيارة كانت ايجابية جدا”.
بدورها، أعربت مصادر عين التينة عن ارتياحها لزيارة شكري إلى لبنان ولقائه الرئيس نبيه بري والثناء على جهوده لتشكيل الحكومة، آملة ان تساعد هذه الزيارات واللقاءات على حلحلة العقد التي ما زالت تعترض تشكيل الحكومة. لكن المصادر لفتت الى ان شكري لم يكشف عن مبادرة خاصة بالنسبة للتأليف.
في غضون ذلك خرج رئيس الجمهورية ميشال عون بموقف حول التدقيق الجنائي توجه فيه الى “القيادات السياسية وغير السياسية” وإلى مصرف لبنان والمصارف محملا الجميع مسؤولية عدم السير بالأمر.
وعن مغزى رسالة عون للبنانيين، اعتبر النائب السابق سعيد ان “حزب الله كلّف عون ليقول إن الأزمة اللبنانية ليست بسبب احتلال ايران للبنان، إنما هي أزمة فساد وسوء تدبير وهدر وتهريب أموال يتولاها مصرف لبنان والمصارف اللبنانية”. واعتبر سعيد أن “عون أنهى بكلامه ما تبقى من نوافذ للبنان على الغرب التي تتمثل أولا بالقطاع المصرفي بحيث لا يوجد مصرف لبناني ألا وله شريك في الدول الغربية، وعندما ينتهي القطاع المصرفي ينتهي الجيش والمؤسسات العسكرية، وإلا فمن أين سيقبضون رواتبهم؟”.