بعد الفشل الذي أحاط الملف الحكومي، والذي امتد من باريس عاصمة المبادرة الفرنسية، الى بيروت عاصمة التباينات السياسية و»العداوات» الشخصيّة، احتقن المشهد الداخلي بكلّ اسباب وعناصر الشحن، إلى حد بات ينذر غليانه بفوران خطير، يُخشى ان يأخذ البلد الى حريق سياسي يصعب اطفاؤه، ويفرض واقعا جديدا اكثر سوادا من العتمة الحالية المطبقة على لبنان واللبنانيين. ولا تنعزل عن كلّ ذلك «حرب التدقيق» التي اعلنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والتي تؤكد كل المؤشرات حولها بأنّها ستكون حامية الوطيس والعنوان الاساس لمواجهات مفتوحة على كل المستويات.
قدم الفرنسيون، ومنذ أن طرحوا مبادرتهم في آب الماضي، أقصى ما امكنهم ان يقدموه من حشد لأوروبا معهم، وحضور متواصل ودائم على حلبة الازمة في لبنان، وجهود ومحاولات مضنية، ولكنهم فشلوا في جلب الأضداد السياسيين في لبنان الى بيت طاعة بلدهم. واصطدموا بانسداد احبط مبادرتهم. وها هم تبعاً لهذا الفشل يتحضّرون لعقوبات تأديبية لمن سمّوهم معطّلي حكومة المبادرة الفرنسية.
وفي السياق الخارجي ايضا، حضر لبنان في موقف أميركي فرنسي، حيث اكد وزيرا الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والفرنسي جان ايف لودريان، في اتصال بينهما امس، على القادة السياسيين في لبنان تحقيق إصلاحات حقيقية تخدم مصالح الشعب اللبناني.
العرب
وحضر العرب، من مصر الى جامعة الدول العربيّة وجرّبوا ان يحرروا الحكومة من شبكة التعقيدات العالقة بها، بعدما اصطدموا بعجزهم عن لَحْمِ الشعرة الحكومية المقطوعة بالكامل ولم يعثروا ولو على خيط رفيع يربط بين الشريكين في تأليف الحكومة؛ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري. وتبعاً لذلك استسلموا لهذا الواقع، وقفلوا عائدين مُثقَلين بخيبة أمل من ذهنيّة الاصرار على ابقاء لبنان مخنوقا بحبل غليظ فوق فوّهة الانهيار القاتل للبلد، الذي تقرع طبوله بتسارع خطير.
كل هذا الحراك وصل الى طريق مسدود، ترتفع في نهايته لافتة بالخط العريض تلخّص جوهر الأزمة: لا حكومة بين ميشال عون وسعد الحريري. وفي محاذاة هذه اللافتة بلد يُحتضَر، وشعب يدفع أغلى الاثمان.
مبادرة بري
السؤال الذي يطرح نفسه في موازاة هذا الفشل: ماذا بعد؟ واما الجواب البديهي لهذا السؤال القلق، فتتقاطع حوله مختلف التوجهات السياسية على التأكيد بأنّ لبنان وسط ما يبدو انه «قرار نهائي» بتفشيل تشكيل الحكومة، بات مشرّعاً على احتمالات صعبة، واطراف المعركة الحكومية يحشدون، او بالأحرى هم حشدوا ذخائرهم السياسية وغير السياسية لفترة طويلة من الاشتباك الا اذا استطاعت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري قطع الطريق على التوترات المنتظرة وما قد يترتب عليها من تداعيات خطيرة في السياسة ومزيد من الانهيار الاقتصادي والنقدي والمعيشي، خصوصاً ان هذه المبادرة هي وحدها المطروحة جديا كمخرج للأزمة، وترتكز على آلية حل متوازن تفضي الى حكومة اختصاصيين لا سياسيين توافقية (بمعزل عن عددها) وفق المبادرة الفرنسية، ولا ثلث معطلا فيها لأي طرف. ولعل الشرط الاساس للنجاح الفوري لهذه المبادرة متوقف على الموافقة على اخراج «الثلث المعطل» من الطريق، ومن شأن ذلك أن يشكل الكلمة السحرية المنتظرة لفتح باب المغارة المحبوسة فيها هذه الحكومة منذ اشهر طويلة.
الا ان هذه المبادرة ما زالت حتى الآن، تصطدم بعدم التلقف الايجابي لها من قبل بعض اطراف الخلاف الحكومي، وهذا رهن بحركة الاتصالات والجهود التي تبذل في اتجاه جذب كل الاطراف اليها، وهو ما يسعى اليه الرئيس بري في حركة المشاورات المكثفة التي يجريها في اكثر من اتجاه. وقد اشار الى هذا الأمر معاونه السياسي النائب علي حسن خليل في حوار سياسي مع كوادر حركة «امل» حيث قال «إن الرئيس بري يقود حراكاً جدياً جداً للوصول إلى خواتيم حقيقية لتشكيل الحكومة وفقاً لما نصت عليه المبادرة الفرنسية».
واذ لفت الى أن «الإيجابية على مستوى الحراك المتصل بتذليل العقبات، تستدعي من الجميع وعي المخاطر التي يمكن أن تهدد لبنان على مختلف المستويات، وهي ربما تكون الأخطر في تاريخ البلاد»، قال: إن الاستقرار السياسي هو المدخل للتأسيس للاستقرار المالي والاقتصادي، وكل ذلك مرتبط بشكل محوري وإلزامي بأن تكون لدينا حكومة وزراؤها من الاختصاصيين غير الحزبيين، ومن دون أن يحصل طرف فيها على «الثلث المعطل»، حكومة تتبنى في بيانها الوزاري كافة البنود الإصلاحية التي وردت في المبادرة الفرنسية».
صورة معقدة
واذا كانت مبادرة بري تشكل الخيط الرفيع المتبقي الذي يمكن ان يعيد ربط الاطراف المتصارعة حكومياً، بالتفاهم الذي لا بد من بلوغه وتشكيل حكومة في اسرع وقت ممكن تُجنّب سقوط لبنان في الكارثة الكبرى، على حد تأكيد الرئيس بري، الا أنّ الصورة في المقابل تبدو في غاية التصعيد والتعقيد بين الرئيسين عون والحريري، اللذين تعكس الاجواء المحيطة بهما بأنهما اتخذا قرارهما بالمواجهة، ولكل منهما اسبابه. وكل منهما في ذروة تصلّبه ولا تنازل او تراجع امام الآخر.
فرئيس الجمهورية، ووفقاً لما يعكسه الوسطاء الذين تحركوا بين بعبدا وبيت الوسط، وكذلك وفقاً لاجواء المحادثات التي اجراها الموفدون العرب في بيروت خلال اليومين الماضيين، يعتبر ان الرئيس الحريري لا يريد ان يشكل حكومة، وانه سيبقى يماطل لأطول وقت ممكن. وهذا ما يفسّر من جهة هروبه المتواصل في سفرات متتالية الى الخارج، ومن جهة ثانية محاولة استئثاره بتأليف الحكومة والسعي لفرض اعراف جديدة وتحويلها قواعد للتأليف تتجاوز موقع رئيس الجمهورية وصلاحياته، وبمعنى آخر انه يحاول ان يستنزف العهد. واما الرئيس الحريري، بحسب هذه الاجواء، فهو قد وصل الى قناعة بأن رئيس الجمهورية يسعى الى إحراجه فإخراجه ودفعه الى الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة وانه بدأ وضع العصي في طريقه حتى ما قبل تكليفه وكذلك ما بعده، وبالتالي فإن الرئيس المكلف لا يرى امكانية للتفاهم في ظل هذا المنحى، وكذلك مع الطروحات التي يقدمها رئيس الجمهورية وفريقه السياسي والاساس فيها الثلث المعطل بقصد التحكم بالحكومة والامساك بقرارها.
ويعترف الوسطاء بأن كلّ المحاولات السابقة للتقريب بين عون والحريري وتدوير الزوايا الحادة بينهما قد فشلت، وكل المحاولات اللاحقة ستفشل حتماً، ذلك ان التباينات بينهما متشابكة بشكل رهيب وثمة صعوبة جدية وبالغة في تفكيكها، وخصوصا بعد دخول العامل الشخصي بطريقة شديدة الحدة بينهما، الى حد تبادل مشاعر حادة من نفور فما فوق، وهذا ما تمّ تلمّسه في المحادثات التي اجراها الوسطاء مع الطرفين والتي اظهرت هوّة شديدة العمق بينهما. فكلاهما على قناعة اكيدة بأنّ الآخر هو المعطّل للحكومة، وهو المصرّ على اشعال الازمة. وبالتالي، فإن ردم الهوّة بينهما بما يؤدي الى تشكيل حكومة، بات بحق يتطلّب معجزة. وحتى ولو حصلت هذه المعجزة وتشكلت الحكومة، فكيف يمكن لحكومة أن تقلّع وتحكم وتقوم بإصلاحات مع عقليتين متنافرتين؟
العامل خارجي
الى ذلك، وعلى الرغم من تأكيد المعنيين بالملف الحكومي على ان التعطيل الحكومي مرده الى اسباب داخلية مرتبطة بالرئيسين عون والحريري، فإنّ اوساطاً سياسية تخالف هذا التأكيد وتؤكد بدورها انها لا تستطيع ان تعزل تعطيل تشكيل الحكومة عن عامل خارجي، وتقول: فلننظر الى ما يجري في المنطقة، وتحديداً الى سوريا والعراق وايران واليمن واخيرا الى الاردن، كلها نقاط متفجرة، فهل ان لبنان معزول عما يجري. هناك بالتأكيد شظايا تصل الى لبنان من خارجه، وهناك انفجارات سياسية داخله، ولبنان كما دلت التجربة والوقائع والحقائق ارضه خصبة للصراعات اكثر مما هي ارض خصبة لإنتاج الحلول، لذلك ينبغي ان ندقق في ما يجري في النقاط المتفجرة تلك والبحث عن الخيوط التي تربط لبنان ببعض تلك النقاط وتمنع بلوغه حلولا لأزمته.
باريس: إستياء
في هذه الاجواء، نقلت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية انّ باريس واكبت عن كثب، مجريات الحراك العربي الاخير في بيروت، وعلّقت بعض الامل على أن تتمكن هذه الجهود من تحقيق اختراق يعجل بولادة الحكومة في لبنان. الا انها شعرت بخيبة من الفشل الذي انتهى اليه، ودفعت اليه «الجهات المعروفة»، التي اكدت تعنّتها وإصرارها على اعاقة الحل في لبنان.
ولفتت المصادر ان الخطاب الأخير للرئيس ميشال عون، كان له الصدى السلبي في الاوساط في باريس، وثمّة من قرأه على انه يقطع الطريق على إمكان تشكيل حكومة.
واشارت المصادر الى انّ باريس باتت تُراكم سلبيات بعض المكونات السياسية في لبنان، والاجواء هنا تشير الى أن الجانب الفرنسي يعدّ، او هو ربما على شفير ان ينتهي من إعداد مقاربة قاسية تجاه الوضع في لبنان، تتضمّن، وفق ما هو متداول في الاوساط الفرنسية المعنية بالملف اللبناني، ما قد يُفاجىء الكثيرين في حدّته وصراحته وإلقاء مسؤوليات مباشرة على بعض المسؤوليين وكذلك على بعض السياسيين التي أدرجتهم باريس في خانة المعطلين للحل الفرنسي في لبنان ومنع تشكيل حكومة المهمة الانقاذية فيه، مع إعلان سلّة اجراءات وخطوات عقابية في حق هؤلاء.
وعندما سُئلت المصادر عن توقيت اعلان السلة العقابية، اكدت عدم امتلاكها لموعد محدد، الا انها قالت: لقد ألزَمت باريس نفسها باتخاذ خطوات ضاغطة بحق معطّلي الحل في لبنان، وكل ما يحيط بالموقف الفرنسي حيال هذا الأمر يؤشّر الى أننا قد نرى تلك الخطوات قريبا جدا، ما يعني ان المسألة هي مسألة ايام لا أكثر.
زكي
وسط هذه الاجواء تابع الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي لقاءاته مع عدد من الشخصيات السياسية، وبرز لقاؤه مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وكذلك مع قائد الجيش العماد جوزف عون الذي زار بدوره بكركي والتقى البطريرك الراعي.
وقال زكي إنه شرح للبطريرك هدف الزيارة ونتيجة الاتصالات التي تمّت حتى الآن، وأضاف: «هي لم تكتمل نظراً لضرورة اجراء المزيد من التواصل، ولكن نعتقد انّ هناك رغبة في التوصل الى مخرج للازمة السياسية رغم صعوبتها ودقتها، ورغم انّ الكل يبدو متمسّكاً بمواقفه لكن الامر يحتاج الى صبر وعمل وارادة سياسية».
وكان لافتاً تأييد زكي لموقف البطريرك من الحياد، وقال: ان موقف البطريرك لجهة حياد لبنان هو موقف يتماهى تماماً مع قرارات مجلس الجامعة العربية في ما يتعلق بموضوع النأي بالنفس عن كل الصراعات والنزاعات في محيط لبنان، وقد دعمنا هذا الموضوع ونرحّب به، ويمكن ان يكون هناك مصلحة اكيدة للبنان فيه. واكد زكي خلال لقائه رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل على السعي لبلوغ حل بين اللبنانيين، فيما اشار الجميّل الى ان «اللبنانيين شعروا في الفترة الأخيرة أنهم متروكون من قبل أصدقائهم»، آملاً أن «يكون هذا الأمر قد تغير وان تهتم كل الدول العربية والاصدقاء في العالم بمصير الشعب اللبناني الذي هو بأمسّ الحاجة لدعمهم». وعبّر الجميّل «عن وجهة نظره بضرورة تشكيل حكومة مستقلة بالكامل»، لافتاً الى انّ «تشكيل حكومة من اختصاصيين معيّنين من الأحزاب هو أمر أسوأ من حكومة سياسية».
زكي وباسيل
وقد برز امس ما تردد عن التباس أحاط ما حُكي عن تواصل بين زكي ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، حيث افيد بأن زكي حاول الإتصال بباسيل الذي كان خارج السمع.
وأفيد أيضاً أن مكتب النائب باسيل ابلغ زكي أن رئيس التيار موجود في اللقلوق بسبب ارتباطات مسبقة وهو مع ذلك مستعد لاستقباله، ولكن زكي طلب أن يتم الإجتماع في مقرّ التيار الوطني الحر في ميرنا الشالوحي نظراً لضغط الوقت، ليعتذر مكتب باسيل عن عدم التلبية واقترح ان يمثّله وفد رفيع من القيادة، فتضاربت المواعيد وبالتالي لم يحصل الموعد.
التدقيق
من جهة ثانية، بقيت الساحة الداخلية محكومة لارتدادات الحرب التي أعلنها رئيس الجمهورية في وجه من يحاول منع التدقيق الجنائي، في وقت تكثف الحراك حول هذا الامر في اوساط سياسية ومالية.
وفي رد على ما أعلنه رئيس الجمهورية في خطابه الاخير ومن دون ان يسمّيه، بادرَ مصرف لبنان الى الاعلان امس بأنه زوّد وزير المالية في 13 تشرين الاول 2020 أجوبته المتعلقة بلائحة المعلومات المطلوبة من قبل شركة ألفاريز ومارسال، وذلك عملاً بالقوانين المرعية الإجراء في حينه. كما انه بناء على القانون رقم 200، والذي بموجبه تمّ تعليق العمل بأحكام قانون سريّة المصارف الصادر بتاريخ 3/9/1956 لمدة سنة واحدة، اكد مصرف لبنان بقرارين منفصلين صادرين عن المجلس المركزي بتاريخ 10/2/2021 و24/3/2021 استعداده الكامل للتعاون التامّ الإيجابي مع شركة ألفاريز ومارسال لقيامها بالمهام التي ستوكل إليها.
كما اعلن مصرف لبنان انه بناء على قرار المجلس المركزي المنعقد استثنائياً بتاريخ 9/4/2021 (امس) تمّ تسليم مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان قائمة المعلومات المقدّمة من قبل شركة ألفاريز ومارسال بعد أن تمّ تحديثها لتأكيد إتاحة المعلومات المطلوبة من قبل الشركة المذكورة وذلك بغية تسليمها إلى وزير المالية».
وفي وقت لاحق، أُعلن انّ وزير المالية غازي وزني تسلم قائمة المعلومات المحدثة وأرسلها الى شركة الفاريز ومارسال.
الى ذلك، عكس النائب علي حسن خليل موقف الرئيس بري حيال موضوع التدقيق. وقال: من يريد المحاسبة لا يلجأ إلى «البروباغندا»، وابدأوا بالتدقيق الجنائي من المكان الذي تريدون، أنتم السلطة الاجرائية، وأنتم المطالبون بالقيام بهذا التدقيق الذي هو مطلبنا، ولا غطاء فوق رأس أحد، فنحن أصحاب قانون التدقيق الجنائي وتبنّيناه انسجاماً مع قناعات الرئيس بري وحركة أمل بأنّ الإصلاح ومكافحة الفساد يجب أن يكون نهج حياة في الدولة وفي الإدارة وفي المؤسسات وليس فعلاً دعائياً شعبوياً بهدف التهرّب من التزامات سياسية بات الهروب منها يمثّل جريمة بحق الوطن والمواطن».
وشدد خليل على «أنّ كل من يعرقل تسليم المستندات للتدقيق يجب أن يحاسب». داعياً السلطة الإجرائية من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال للعمل مع وزارة المالية لاتخاذ قرار من اليوم قبل الغد في هذا الإطار.
جعجع
وفي بيان له أمس، اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع انّ «التدقيق الجنائي واجب الوجوب، ومدخل إلى أيّ إصلاح منشود. ونقطة البداية الطبيعيّة للتدقيق هي مصرف لبنان، على أن يشمل تباعاً وزارات، وإدارات، وصناديق الدولة جميعها والتي شابَها الهدر في الحقبة الماضية. وهذا أمر لا يختلف لبنانيّان عليه.
اضاف: في كلمته الاخيرة التي تطرّق فيها فخامة الرئيس إلى التدقيق الجنائي، خرج بمجموعة حقائق هي موضع إجماع عند اللبنانيين، الا ان رئيس الجمهورية أسقط حقيقة واحدة تغيِّر مجرى الأمور بأكملها، وهي أنّه في السنوات الخمس الأخيرة كان رئيساً للجمهورية، وبجانبه أكثريّتان وزاريّة ونيابيّة. إذا كان للمواطن العادي الحَق بأن يتوجّه بكلّ التساؤلات التي وجّهها فخامته، فهل يعقل أن يقتصر دور رئيس الجمهورية على توجيه الاسئلة؟ ولماذا أحجم أساساً عن تأييد مطلبنا للتدقيق الجنائي منذ العام 2017؟ ولماذا سمح أو غطّى تهجُّم أقرب المقربين إليه على «القوات اللبنانية» بسبب مطالبتها بالتدقيق الجنائي؟