مع تقاعس المسؤولين عن القيام بواجباتهم في كل شيء: في البحث عن تسوية حكومية، في ترشيد الدعم، وفي منع خسارة الثروة الطبيعية بحراً، وغيرها الكثير، فإن الأمر المُثبت هو استمرار معاناة الناس وازدياد قهرهم اليومي. وبينما المعنيون في مواقعهم يهتمون بمصالحهم فقط، كان اللقاء الديمقراطي على موعد مع تقديم المزيد من الاقتراحات التي تُكمل ما يطرحه من عناوين وأفكار للحلول، وتصب في خدمة المواطنين جميعهم، وتسهم في دعم الوضع الاجتماعي والمعيشي.
في هذا الإطار جاء الاقتراح المقدم من رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، الهادف الى فرض ضريبة عادلة على أصحاب الثروات وأصحاب العقارات غير المستثمرة وأصحاب المؤسسات التي لم تنخرط بالعملية الاقتصادية الداخلية، اضافة الى أملاك وأوقاف كافة الطوائف التي لا تخضع حتى الآن لأي نوع من الضريبة.
هذا في وقت كانت لجنة الإقتصاد النيابية تقرّ بالإجماع اقتراح قانون تقدم به “اللقاء الديمقراطي” يرمي الى دعم الصناعات المحلية، في حين ناقشت لجنة الصحة النيابية اقتراح قانون مقدم من كتلة اللقاء لإعطاء المستشفيات والأطباء والممرضين 500 مليار ليرة لدعم القطاع ومساندته في هذه الظروف.
وبينما ينشغل اللقاء الديمقراطي في البحث عن توفير ما يحصّن المجتمع بدءاً من إصراره على اقتراحات ترشيد الدعم، يتواصل مسار تعطيل المبادرات الرامية لإنتاج حكومة، وقد كان لمساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل كلام صريح وجّه من خلاله رسالة قاسية للمعطلين بقوله من بعبدا إن “وقت تشكيل حكومة قد حان الآن وليس عرقلة قيامها، والآن هو وقت الإصلاح الشامل. وأولئك الذين يواصلون عرقلة تقدم أجندة الإصلاح، يغامرون بعلاقتهم مع الولايات المتحدة وشركائها ويعرضون أنفسهم للإجراءات العقابية”.
مصادر مواكبة اعتبرت أن تصريحات هيل يُبنى عليها الكثير لناحية قراءة موقف الإدارة الأميركية بأنها تعير الوضع في لبنان الاهتمام، وإلا لم يكن للمسؤول الأميركي ليقول ما قاله عن الحكومة وعن ترسيم الحدود البحرية. لكن المصادر أشارت إلى أن مجمل الاتصالات الخارجية لن تؤدي إلى أي تطور إيجابي محلي ما لم يبادر المعنيون في الداخل الى الاقلاع عن التسويف الذي يقبض على آخر أنفاس البلاد، مشيرة الى أن الأفرقاء المسؤولين عن تأخير الملف الحكومي، كلٌ منهم لاعتباراته ينتظر أن يتغيّر شيء ما في المعادلات الإقليمية لمصلحته حتى يخطو باتجاه الحكومة.
النائب السابق فادي الهبر استبعد في ظل ما يجري تسجيل أي تقدم على مستوى تشكيل الحكومة “لأن الدولة تعيش حالة تحلل سياسي غير مسبوق، والكباش بين بعبدا وميرنا الشالوحي مع بيت الوسط لا يمكن حلّه بزيارات الموفدين، فالمسألة تبدو من يستطيع ليّ ذراع الآخر”.
ورأى الهبر في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية أن “زيارة هيل تؤكد على الدور الأميركي في المنطقة وفي لبنان بالتحديد، وهي رسالة للجانبين الروسي والإيراني بأن لبنان ليس متروكاً”، معتبراً بالتالي أن “لا حل للمسألة الحكومية قبل جلوس الأميركي والإيراني على طاولة واحدة”.
الأمر نفسه أشار اليه أيضا رئيس حركة التغيير ايلي محفوض الذي تحدث عن “الإستثناء الواضح للنائب جبران باسيل من لقاءات الموفد الأميركي، فالمسؤولون الأميركيون لا يمكن أن يلتقوا مع شخص تصدر بحقه عقوبات”.
وكشف محفوض لـ”الأنباء” الإلكترونية عن “مساعٍ كثيرة محلياً وخارجياً وفي الولايات المتحدة بذلت لإقناع ديفيد هيل بلقاء باسيل، لكنها فشلت بإقناعه”، ولفت الى أمرين أكد عليهما هيل “الاستقرار الأمني وإبلاغ جميع الأفرقاء الذين لديهم إمكانية “الخربطة” بأن الأمن الداخلي في لبنان خط أحمر، والثاني هو الإصلاحات التي شدد عليها”.
وفيما اقتصرت محادثات الحريري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو على إتصال هاتفي بينهما، قللت مصادر بيت الوسط من أهمية عدم لقاء الحريري مع بوتين كما كان مقرراً لأسباب لم يكشف عنها بعد، غير أنها قالت إن “الاتصال امتد لخمسين دقيقة وكان ممتازاً”.
عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار أشار لـ “الأنباء” الإلكترونية الى أن الرئيس الحريري وضع المسؤولين الروس بتطورات الأزمة الحكومية ومدى الاحتياجات الاقتصادية والإجتماعية والصحية التي يحتاجها لبنان بغياب حكومة مكتملة الصلاحيات”، معرباً عن يقينه بأن الزيارة “ستكون ناجحة لأن المسؤولين الروس عوّدونا أن يكونوا الى جانب لبنان في كل الإستحقاقات”.
وأضاف الحجار: “الرئيس المكلف وبانتظار أن يفرج رئيس الجمهورية عن مراسيم تشكيل الحكومة العتيدة، فهو يقوم بما يمليه عليه واجبه الوطني تجاه بلده وأهله في السعي تجسيدا لإرادة عنده كما كانت عند والده الشهيد رفيق الحريري بتأمين خيمة أمان على لبنان في هذه المرحلة الصعبة جدا”، معتبراً أن “روسيا يمكنها ان تلعب دورا إيجابيا لاقناع ايران والقوى السياسية الداخلية اللبنانية المعرقلة بوقف عرقلتها والإسراع بتشكيل حكومة”.
وفي هذا السياق فإن عضو كتلة الوسط المستقل النائب علي درويش تحدث لـ”الأنباء” الإلكترونية عن إشارات تحملها زيارة الحريري الى موسكو بأن “هناك أموراً تتم معالجتها خارج لبنان”.