كل المعطيات والمؤشرات تدلّ على انسداد آفاق الحل السياسي وبقاء الوضع على ما هو عليه، مع ما يعنيه ذلك من ازدياد الانعكاسات السلبية على حياة المواطنين الذين يحصدون وحدهم ثمن التعطيل السياسي في ظل الغلاء المستفحل الذي قضى على كل مدخراتهم بعدما تحوّل دخل الفرد منهم إلى أقل من 100 دولار، ويبقى الخوف من الآتي مع الحديث عن رفع الدعم بحدود نهاية شهر أيار المقبل.
وفي الوقت الذي أبقى فيه مجلس القضاء الأعلى جلساته مفتوحة، مكتفيا بطلب الاستماع الى موقف النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون التي يُتوقع حضورها اجتماع مجلس القضاء اليوم، كشفت مصادر قضائية لجريدة “الأنباء” الالكترونية ان المجلس “كان على دراية بالمؤامرة الكبيرة وعملية التفكيك لكل مؤسسات الدولة، فبعد أن ضُرب القطاع المصرفي، ضُرب أيضا القطاع التعليمي والقطاع الصحي، وبعد أن كان لبنان مصرف ومستشفى وجامعة الشرق، تحوّلت فيه هذه القطاعات الى أشلاء. وبعدها جرت عملية ممنهجة استهدفت قائد الجيش جوزيف عون والآن جاء دور القضاء”.
المصادر القضائية أشارت الى أنها “المرة الأولى في تاريخ لبنان نشهد هذا الانقسام العمودي في القضاء”، معتبرة أن ”عدم اتخاذ مجلس القضاء الأعلى لتدابير تأديبية ضد القاضية عون جاء تداركاً لفرط الجسم القضائي”، واصفة ما جرى بأنه “تهديم للعدالة في لبنان ولهذا تريّث مجلس القضاء بإصدار العقوبات، خاصة وأن هذا المجلس يتألف من قضاة ينتمون الى كل المذاهب والأطياف ولهم ميولهم السياسية”.
وتوقعت المصادر ذاتها أن تكون الساعات المقبلة حاسمة، وفي حال لم يتخذ المجلس قراراً “فعلى الدنيا السلام”، معتبرة أنّه يجب “أقلّه ان يصار الى إعفاء القاضية عون من مهامها ومن موقعها الحالي، فهذه ليست أولى الشكاوى ولا الضجة الأولى حول ما تقوم به، وتحقيقا للعدالة يجب اعفائها من مهامها الى حين انقشاع ما ستؤول إليه الأمور داخل الجسم القضائي”.
الى ذلك استبعد عضو كتلة المستقبل النائب وليد البعريني وجود حلحلة في الشأن الحكومي، مشيراً الى ان “الأمور معقدة جدا وأصبحت أصعب من الماضي بكثير”، مستبعدا أية مبادرة خارجية لحل الأزمة سواء جاء وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان الى لبنان او لم يأت، محذرا من ان البلد مقبل على أزمات عدة اقتصادية ومعيشية وأمنية.
ولفت البعريني في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية الى أن “الجانب الروسي لم يكن لديه مبادرة معينة فهو استمع لشرح الرئيس سعد الحريري حول الأزمة معلناً عن تأييده تشكيل حكومة مهمة برئاسة الحريري، لكنه لا يملك اية مبادرة في هذا السياق”.
وعن زيارة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى موسكو، اعتبر البعريني انها “تندرج في إطار تجميع المعلومات من قبل القادة الروس الذين لديهم مصالح في المنطقة ويريدون ان تكون علاقاتهم جيدة مع الجميع”.
وأبعد من أزمة التأليف، رأى النائب جهاد الصمد أن “المعركة ليست معركة تشكيل الحكومة لأن الحكومة التي ستُشكَّل هي التي ستتولى المسؤولية في البلد بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وهي ستكون شبيهة بحكومة الرئيس تمام سلام بعد نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان”.
الصمد أشار في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية الى أن “الأكثرية القائمة لا يمكنها ان تنتخب رئيس جمهورية لأن انتخاب الرئيس يتطلب الثلثين وهذا ليس مؤمنا في المجلس النيابي الحالي، لذلك فإن المعركة هي معركة مَن يحكم اذا لم يتم انتخاب رئيس جمهورية، ولهذا السبب لا يريدون تسليم الحكومة لفريق واحد”، داعيا للعودة الى “مفهوم الديمقراطية التوافقية لأن التصادم ليس في مصلحة أحد”.