خرج القضاء بمخرج لائق ستر العيوب التي اعترت جسده في الأيام الأخيرة. وعلى الطريقة اللبنانية حفظت النتيجة في الشكل هيبة مجلس القضاء الأعلى، فقد طلب المجلس من هيئة التفتيش القضائي إجراء المقتضى المناسب بما يتعلق بملف “تمرّد” القاضية غادة عون، كما طلب منها الإلتزام بقرار النائب العام لدى محكمة التمييز، وفي الوقت نفسه أكد المجلس أن مواصلة التحقيقات في الملفات التي قادت عون تمردها على أساسها أياً كان القاضي الذي يتولاها. وطبعاً تبقى العبرة بالتنفيذ.
هذا على مستوى السلطة القضائية، أما على مستوى السلطة التنفيذية فلا مساعي تجري على خط تأليف الحكومة الذي دخل في غيبوبة سريرية، في حين تعيش حكومة تصريف الأعمال في واد آخر بعيد عن عالم الواقع. ويكتفي رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بالتنظير والمواعظ والتحذير وكأن لا مسؤولية يحملها على عاتقه في التصدي للأمور الخطيرة، التي نبّه اليها بنفسه من على منبر الدوحة.
ينتظر دياب تشكيل حكومة جديدة لتأخذ القرارات التي كان عليه إتخاذها في وقت سابق، إلّا أنه إختار الإستقالة من منصبه ومسؤولياته على حد سواءٍ، وهو العالم بأن تأليف الحكومة ليس بالأمر القريب. إذ وحتى اليوم، ورغم كل المبادرات التي تم تشييدها، والزيارات الإقليمية والدولية التي تم إجراؤها، ما من تقدم يُذكر على صعيد الملف، وكأن البلاد تمتلك ترف الوقت.
وفي جديد الزيارات الخارجية، تلك المرتقبة للنائب جبران باسيل إلى موسكو، حيث لفت عضو تكتّل “لبنان القوي” النائب ماريو عون إلى أن “ما من جدول أعمال معيّن لباسيل حتى الآن في موسكو، إلّا أن الزيارة ستتمحور حول الوضع اللبناني والملف الحكومي، بالإضافة إلى مسألة النزوح السوري. كما أن روسيا تواصلت مع مختلف القوى والأفرقاء في لبنان، فحزب الله توجه إلى روسيا كما الحريري، وسيتوجه عدد من السياسيين إلى روسيا بعد إنتهاء زيارة باسيل”.
وذكر عون في إتصال مع “الأنباء” الإلكترونية أن “روسيا تعمل على تسهيل الأمور في لبنان، ولديها القدرة على التحرك والحلول مكان الفرنسيين بعد تعثّر مبادرتهم، خصوصًا في ظل تقاعس بعض الدول الغربية وبالأخص الولايات المتحدة الأميركية التي فرضت عقوبات على شخصيات لبنانية، وهو الأمر الذي لا يساعد على التسهيل، علماً أن لروسيا نفوذاً واسعاً في الشرق الأوسط إنطلاقاً من بوابة سوريا والعراق”.
وعن إرتباط موعد تشكيل الحكومة بالمحادثات التي تجريها إيران مع الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، إستبعد عون وجود أي علاقة بين إحراز تقدّم بالملف الحكومة والمفاوضات، إلّا أنه أكد “إحتمال إنعكاس هذا التقارب الدولي إيجاباً على لبنان لتنفيس الإحتقان وتسهيل مهمة الحريري في تمثيل حزب الله في الحكومة، وهو أمر كان يغيظ السعوديين”.
عون اعتبر أنه “تم إجتياز نصف الطريق نحو تشكيل الحكومة، إذ تم الإتفاق على حكومة 24 وزيراً، لكن الأمور ما زالت عالقة عند توزيع بعض الحقائب، كالداخلية والعدل”.
وفي سياق متّصل، رأى النائب هنري شديد أن “عدم تشكيل الحكومة مرتبط بعدة أسباب، منها ما هو داخلي ناتج عن سوء تفاهم بين الأطراف، ومنها ما هو متعلق بعوامل خارجية، وتنعكس سلبا على الداخل اللبناني. فهناك من يصف الأمور بأنها صراع دولي، وهنا أستذكر الحكمة التي يرددها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، “عند صراع الدول إحفظ رأسك”، لكن كيف سنحمي رأسنا ونحن موجودون في هذا المنطقة الجغرافية؟”.
واعتبر شديد أن “عدم ممارستنا للديمقراطية الحقيقية هو السبب الذي أوصل لبنان إلى أسوأ حال، ولا حل اليوم إلا بتطبيق اتفاق الطائف وتنفيذ ما يتعلق بالإستراتيجية الدفاعية، لأنها تخفف جدا من إنعكاسات سياسات حزب الله وتواصله مع بعض دول المنطقة”. وعن تلويح المجموعة الأوروبية بفرض عقوبات على من يعرقل تشكيل الحكومة، رأى شديد أن ”العقوبات ضرورية بسبب وجود الفساد”.
وبعيداً عن الضياع وسوء الإدارة، يجول وفد من جمعية الصناعيين على الكتل النيابية لعرض مطالب القطاع في ظل التحديات المفروضة بسبب الأحوال الإقتصادية. فقد زار الوفد يوم أمس رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، الذي يولي والحزب التقدمي الاشتراكي اولوية خاصة للقطاعات المنتجة في مقدمها الصناعة وطبعا الزراعة، حيث يجب ان ينصب جهد القوى السياسية بدلا من المعارك الوهمية وتفتيت ما تبقى من البلد.
نائب رئيس الجمعية جورج نصراوي أشار إلى أن “بعض الصناعات في لبنان تشهد إزدهاراً ونمواً رغم الأزمة، والمصانع تتوجه إلى زيادة عدد العمّال، إذ وبسبب تخلّف المصارف عن تحويل الأموال لعدد من التجار من أجل الإستيراد، عمل قطاع الصناعة على تأمين بدائل محلية للسوق اللبناني، خصوصاً على صعيد المواد الغذائية والصحية، إلّا أن الصناعيين يعانون أيضاً من الإعتكاف عن تحويل الأموال، وبالتالي تتأثر عملية إستيراد المواد الأولية سلباً”.
وفي حديث له مع “الأنباء” الإلكترونية، لفت نصراوي إلى أزمة جديدة يواجهها القطاع، “وهي طلب الحكومة ومصرف لبنان من الصناعيين إستقدام الأموال الناتجة عن التصدير بقيمتها الكاملة إلى لبنان، في حين يعمد عدد منهم إلى إبقاء نسبةً من أموالهم في المصارف الخارجية لضمان تأمين المواد الأولية، علماً أن جزءًا كبيراً من المبالغ تحوّل إلى لبنان لسداد التكاليف المحلية والتشغيلية، وهذا الملف كان محور البحث مع اللقاء الديمقراطي ومختلف الكتل النيابية التي نسعى وإياها للعمل على حل الموضوع”.
نصراوي نبّه إلى خطورة الإجراء المفروض على الصناعيين “فإلزامهم على إستقدام أموالهم إلى المصارف اللبنانية قد يدفع بالصناعيين بإتجاه ترك القطاع، كما وتراجع إستيراد المواد الأولية وبالتالي تراجع الصناعات، بسبب القيود التي يفرضها القطاع المصرفي
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : مخرج قضائي “لستر العيوب”.. التأليف في غيبوبة و”التيار” يسعى لـ”مبادرة روسية” بدل ”الفرنسية”