حسم مجلس القضاء الاعلى الكباش بين مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات والقاضية غادة عون لمصلحة الاول بعد جلسة ماراتونية صاخبة عقدها يوم أمس انطلقت صباحا بالاستماع الى وجهة نظر القاضية «المتمردة» قبل ان يتخذ في ساعة متأخرة من بعد الظهر قرارا حاسما بالطلب من هيئة التفتيش القضائي إجراء المقتضى بحقها والتشديد على ضرورة التزامها بقرار النائب العام لدى محكمة التمييز.
ولم يرق هذا القرار لمناصري «التيار الوطني الحر» الذين كانوا قد تجمعوا صباحا أمام قصر العدل، رافعين شعارات مؤيدة للقاضية عون، التي أفادت المعلومات عن تقدمها امام مجلس القضاء الاعلى بثلاث شكاوى، ضد كل من وزيرة العدل والنائب العام التمييزي والتفتيش القضائي متهمة اياهم بمخالفة القانون في القرارات التي تم اتخاذها بحقها.
وبحسب معلومات «الديار» فان القاضية عون لا تخطط للتراجع بعد قرار مجلس القضاء الاعلى، وهي ماضية بما تعتبره «معركتها» حتى النهاية، واصلا هي لم تظهر خلال جلسة الاستماع اليها بموقع الدفاع عن النفس انما بموقع الهجوم.
ودخل رئيس الجمهورية يوم أمس على خط هذه المستجدات، فشدد على «حق التظاهر السلمي كتعبير حر وبعيدا عن المنطق الطائفي والمذهبي». وتوجه الى وفد من اللجنة الأسقفية للحوار المسيحي – الإسلامي في لبنان زاره بالامس، قائلا « على الدولة ان تحفظ العدالة للجميع اما انتم فعليكم تقريب الجميع لبعضهم».
وتؤكد المعطيات ان المستجدات على المستوى القضائي لن تتوقف عند قرار المجلس الاعلى، بحيث ان هناك توجها عونيا للتصعيد.
الحريري يشكو عون وباسيل للبابا
وليس التشنج الحاصل على مستوى القضاء الا انعكاسا للصراع السياسي والذي بلغ مداه بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ما ادى لتجميد مفاوضات تشكيل الحكومة وانكباب كل منهما على تحميل الآخر مسؤولية تفاقم الازمات. وتندرج الزيارة التي يقوم بها الحريري يوم غد الى الفاتيكان في هذا السياق. اذ كشفت معلومات «الديار» ان الهدف الابرز للزيارة هو تحميل رئيس الحكومة المكلف كل من رئيس الجمهورية ومن خلفه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل مسؤولية تعذر تشكيل الحكومة وبالتالي تفاقم كل الازمات على مستوى البلد. وسيسعى الحريري ايضا خلال لقاءاته في الفاتيكان وبخاصة خلال لقائه بالبابا الى طمأنته لوضع المسيحيين في لبنان وحرصه على حقوقهم وذلك ردا على الاتهامات التي يوجهها له العونيون بالسطو على الحقوق المسيحية في عملية تشكيل الحكومة.
ودائما على الصعيد الحكومي، بدا لافتا ما اعلنه عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن عز الدين عن «أن حزب الله مستمر بحواره مع الجهات المعنية في تشكيل الحكومة، وبذل الجهود لتذليل العقبات المتبقية لتسهيل ولادة حكومة جديدة، قادرة على التصدي للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والمالية القاسية، التي باتت ترخي بثقلها بشكل كبير على جميع المواطنين في لبنان»، معتبرا ان ذلك «يفرض على جميع المسؤولين الابتعاد عن الكيدية السياسية والمزاجية، والترفع عن الحسابات الضيقة من أجل إنقاذ لبنان».
ولم يتأخر عز الدين بدعوة حكومة تصريف الأعمال الى «أن تتحمل مسؤولياتها، وأن تفعل عملها، وتسير أمور الدولة لا سيما مع الاستمرار في تعثر تأليف حكومة جديدة». وفي هذا المجال، قالت مصادر مطلعة على جو الحزب ان «لا مسعى او مبادرة جديدة يقوم بها حزب الله لحل الازمة الحكومية لاقتناعه بأن الارضية الداخلية غير مهيأة»، واشارت المصادر في حديث لـ «الديار» ان «الحزب كما الرئيس عون مستاءان من عدم تجاوب حسان دياب مع الدعوات لتفعيل عمل حكومة تصريف الاعمال خاصة وان معظم الدستوريين والقانونيين اقروا بوجوب ودستورية اجتماعها في الظروف الاستثنائية والطارئة التي تمر فيها البلاد».
دياب خالي الوفاض
في هذا الوقت، ورغم الاجواء الايجابية التي أصر فريق رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب على اشاعتها قبيل وبعد زيارته الى قطر التي بدت بمثابة كسر لعزلة دياب العربية والدولية، تشير المعطيات الى انه عاد الى بيروت خالي الوفاض، «فالدوحة بنهاية المطاف غير قادرة على كسر الحصار العربي والدولي المفروض على لبنان». وفي ختام زيارته الى قطر، صدر عن مكتب دياب بيان قال فيه ان الدوحة تفتح قلبها دائما للبنانيين، ولم تتخل يوما عن محبتها للبنان»، لافتا الى أنه وجد في الدوحة ما يبحث عنه، من دون ان يحدد ماهيته. واشار الى ان قطر أكدت موقفها الثابت من دعم لبنان وشعبه وامنه واستقراره. وشدد على ان لبنان يمر بمرحلة صعبة، ويفتقد إلى جهد عربي موحد.
عدوان يهدد الحكومة!
في هذا الوقت، ورغم تراجع النقاشات العلنية في اليومين الماضيين المرتبطة بتعديل المرسوم ٦٣٤٤ ما يؤدي لتوســعة الحدود البحرية الجنوبية للبنان، شهدت الســاعات القليلة الماضية اخذا وردا بعد معلومات صحفية عن تعديل قيادة الجيش مقترحها لترسيم الحدود، سارعت مديرية التوجيــه ووزيرة الدفاع لنفــيها تماما، في وقت عقدت لجنة الادارة والعدل جلسة برئاسة النائب جورج عدوان وحضور وزيرة العدل في حكومة تصريف الاعمال ماري كلود نجم، والنواب قال عدوان على الأثر انها خصصت للمقاربة التي يجب ان تعتمد لتعديل المرسوم 6433 المتعلق بترسيم الحدود. وشدد عدوان على ان موقف القيادة «لم يتغير وهو مبني على اسس علمية وقانونية، وبالتالي من غير الطبيعي ان يتبدل او يتغير. ثم عادت واتصلت بقائد الجيش الذي اكد لي الامر نفسه، وقال لي ان الجيش، ومنذ فترة، وعبر التقنيين لديه، يدرس الموضوع وان ذلك افضى الى الخط 29 سواء أكان تقنيا ام قانونيا.واكد ان التفاوض يجري وسيجري وهم لا يزالون ثابتـين في موقفهم. وبالتالي اتمنى في قضية وطنية بهذا الحجم، يجب ان نكون جميعنا كلبنانيين واقفين وراء المفاوض، ان نتأكد من أي معلومة، والاهم ان المعلومات التي لدينا تصب في خانة دعم الوفد الوطني اللبناني بتفاوضه وبموقفه الواضح». واوضح عدوان «ان لجنة الادارة والعدل، وفي حضور وزيرة العدل ورئيسة هيئة التشريع والاستشــارات ايضا، لديها الموقف نفسه، ونحن كلجنة ادارة وعدل نقف كليا وبالاجماع، وهذا موقف وطني، خلف الوفد المفاوض ومطلبه المحق القانوني والتقني المبني على القانون وعلى معطيات علمية موثقة». واشار عدوان الى ان لجنة الادارة والعدل «تحمل الحكومة المستقيلة المسؤولية الكاملة لكي تجتمع فورا وتتخذ قرارا بتــعديل المرسوم 6433 تحت طائلة المساءلة الدستورية بالاخلال بالواجب الوطني»، طالبا منها «بالحاح ان تقوم بذلك قبل فوات الاوان وضمن المهل المطلوبة، وان تتخذ كل التدابير لابلاغ الامم المتحدة بموقف لبنان والتعديلات عليه، وهي موثقة ومثبتة وفقا للعلم وللقانون».