وكأن لبنان لم يكن ينقصه إلا أسراب الجراد ليكتمل المشهد القاتم وصور الجوع والفقر التي باتت من يوميات الشعب اللبناني، فيأتي الجراد ويقاسمه حتى “اليباس” في هذا البلد الذي فشلت كل المبادرات والمساعي الداخلية والخارجية لإخراجه من النفق ويعيش مسؤولوه انفصاماً عن الواقع غير مسبوق، رغم عمق الدرك الذي آلت إليه الأمور والافلاس الرسمي للدولة.
وربما من سمات زمن السقوط الرسمي هذا أن يصبح التفلّت الأمني ملازماً للكثير من المجالات، وما القرار السعودي بوقف استيراد المنتوجات الزراعية اللبنانية في محاولة منها للحد من ظاهرة تهريب المخدرات الى المملكة من لبنان، إلا مثالاً على عجز الدولة عن السيطرة على معابرها الشرعية وغير الشرعية، حتى باتت تشكل خطراً على غيرها من الدول، ومرة جديدة يدفع الثمن المواطن اللبناني الذي استنزفه التهريب وقاسمه مقدّرات بلده، فيأتي هذا القرار ليقفل أمامه واحداً من أبرز مصادر العملة الصعبة التي يحتاج اليها لبنان اليوم أكثر من أي وقت مضى.
تزامناً، أجواء سلبية لا تزال تطغى على ملف تشكيل الحكومة، كما تؤكد مصادر سياسية عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية، رغم الحراك الذي يقوم به الرئيس المكلّف سعد الحريري في العواصم الغربية والعربية، الا أن لا ترجمة عملية لها في الداخل اللبناني، حيث يسود الجمود السياسي.
عضو كتلة المستقبل النيابية عثمان علم الدين شدد على “دلالات أساسية ومهمة” تكمن في زيارة الرئيس الحريري إلى الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس، “فهي تحمل رسائل فحواها أن سعد الحريري إبن الشهيد رفيق الحريري هو ضمانة الإعتدال في لبنان وأحد رموز العيش المشترك”.
وفي إتصال مع “الأنباء” الإلكترونية، لفت علم الدين إلى أن “الكنيسة تتابع الملف اللبناني الذي يحظى بإهتمامها، وأوساطها على علم بالجهات المعرقلة، وهي تعرفهم وعلى قناعة بممارساتهم المعرقلة”.
إلّا أن علم الدين ذكر أن “زيارات الحريري إلى الخارج هدفها التواصل مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل إتخاذ إجراءات فورية لوقف الإنهيار الحاصل في البلد بعد تشكيل الحكومة، لكن يبدو أن رئيس الجمهورية ميشال عون لا يعي حجم الإنهيار الحاصل، ويريد فرض تسويات تضمن وصول الوزير جبران باسيل إلى سدة الرئاسة، كتلك التي حاول إرساءها في العام 1988، أنا أو لا أحد، لكن هذه التسويات لن تمر”.
وختم علم الدين حديثه معتبراً أن “البلد محكوم من قبل جهة عسكرية مرتبطة مباشرةً بإيران، وبالتالي فكرة ربط موعد تشكيل الحكومة بالمفاوضات الأميركية – الإيرانية في فيينا، والمفاوضات الإيرانية – السعودية في بغداد، هي فكرة غير مستبعدة”.
في مقابل هذا المشهد السياسي، أصدرت شركة “موديز” العالمية منذ يومين تحذيرا حول فقدان لبنان لعلاقات المراسلة المصرفية بسبب التعدي على الاحتياطي الإلزامي للمصارف. وتعليقاً على هذا التحذير، أشار مدير أنظمة الدفع سابقا في مصرف لبنان رمزي حمادة في حديث عبر جريدة “الانباء” الإلكترونية الى أن “المصارف المراسلة توقفت بعدما وصل لبنان الى هذا الحد من الانهيار في ظل غياب حكومة، فكلما زادت الازمات السياسية والإقتصادية ووقف دفع سندات اليوروبوند كلما تراجع تصنيف لبنان الائتماني”.
وشدد حمادة على ان “هذا الأمر في غاية الخطورة، فعندما نريد ان نستورد يجب علينا ان ندفع بالدولار ويلزمنا وسيط للعملة بالدولار الذي يتواجد بأميركا، فكيف علينا ان نحوّل وأن نشتري من الخارج من دون مراسل؟ وكيف نفتح اعتمادا وكيف يستطيع مصرف لبنان أن يشتري القمح والمواد الغذائية والدواء وغيره؟”.
وأكد حمادة أنه “لا بديل عن المصارف المراسلة، ولبنان بلد غير منتج، ودائما علينا ان نستورد، وإننا الآن نمس بالإحتياطي الإلزامي الذي يتراجع، وبالتالي من أين له مصرف لبنان أن يدفع؟”، مضيفا “اذا استمرينا في هذه السياسة سوف ننقطع عن العالم”.