فيما عملية تدمير سمعة لبنان في الخارج على يد المنظومة، تُحقّق نجاحا باهرا، وتُسجّل يوميا فصولا جديدة، يُواصل «أهلُ الحكم»، في الداخل، مسيرةَ تدمير اي أمل باق لدى اللبنانيين، بإمكانية قيام بلدهم من المأزق الذي يتخبط فيه والذي جعل منهم شعبا فقيرا ومسروقا ومريضا، ويُسطّر هؤلاء، على هذا الخط ايضا، «إنجازاتٍ» قلّ نظيرها. فكل اطلالة او موقف يطلقونه، يساهم في وضع مداميك جديدة في الجدار السميك الذي يمنع اي حل سياسي – حكومي، ويكبّر حجم الهوّة التي تباعد بين المعنيّين بالحل والربط، ويصبّ الزيت على نار الخلافات ويُوسّع رقعتَها لتشمل جبهات جديدة، يتم إشعالها تباعا. في القضاء على المبادرات الانقاذية اذا، وفي إسقاط الدولة وهيكلها ونحر شعبها، المنظومةُ بارعةٌ جدا، ومتفوّقة، ويُمكن لها ان تفخر بنفسها!
قصف جبران
اللبنانيون كانوا منشغلين اليوم في إحصاء الخسائر السياسية والاقتصادية والتجارية التي يمكن ان تحلّ بهم بعد قرار السعودية وقف استيراد الفاكهة والخضار من لبنان، خصوصا اذا ما حذت دول عربية وخليجية اخرى، حذوها، الا ان الطبقة الحاكمة كان اهتمامها في مكان آخر. فرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، احتلّ الشاشة صباحا لساعة ونيف، ليطلق مواقف داعمة للقاضية غادة عون ومُدينة للرئيس المكلف سعد الحريري «الذي لا يريد تأليف الحكومة والخائف من التدقيق الجنائي ومن فتح ملفات الفساد التي من أجلها تتم محاربة القاضية عون»، وفي نبش اوراق الماضي للتصويب على القوات اللبنانية.
المستقبل يرد
اما تيار المستقبل فرد بعنف على باسيل قائلا «نجح جبران باسيل في الحصول على شهادة عالية بدرجة امتياز في تخريب عهد عمه ميشال عون ونزع صفة العهد القوي عنه وتقليده الوشاح الأكبر الاهتراء الوطني. كلما أطل هذا الرجل ليتحدث الى اللبنانيين، يضع مسماراً جديداً في نعش العهد وسيده.
وتابع «الكذب من شيم الكذابين والمتلونين والمطاردين بعقوبات من الداخل والخارج يا جبران.
التدبير السعودي
ورغم الغبار السياسي الكثيف هذا الذي يؤكد ان لا حكومة في المدى المنظور، بقي القرار السعودي حاضرا في صلب الاهتمام المحلي عموما، الشعبي والاقتصادي، خصوصا. وفي حين قال سفير المملكة وليد البخاري ان «دوافع القرار السعودي أمنية في المقام الأول وتهدف للحفاظ على سلامة وأمن المملكة العربية السعودية ومواطنيها والمقيمين فيها»، مشيرا أن «إجمالي ما تم ضبطه من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي مصدرها لبنان من قبل مُهربي المخدرات، بلغ أكثر من 600 مليون حبة مخدرة و مئات الكيلوغرامات من الحشيش خلال الست سنوات الماضية.»
واكد ان « الكميات التي يتم إحباط تهريبها كافية لإغراق الوطن العربي بأكمله بالمخدرات والمؤثرات العقلية وليس السعودية وحدها».
الراعي والمفتي
وفي السياق كشف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي انه اجرى اتصالا بالدكتور البخاري الموجود حاليا في الرياض، وأبلغناه إستنكارنا، وطلبنا إليه نقله إلى المملكة مع التمني بأن تأخذ في الإعتبار أوضاع لبنان والمزارعين الشرفاء. وفي المناسبة نطالب الدولة اللبنانية بالمحافظة على صداقاتها مع الدول العربية، خصوصا مع المملكة السعودية.
بدوره أبدى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان قلقه وتفهمه لقرار المملكة العربية السعودية «إقفال حدودها أمام المنتجات الزراعية اللبنانية بسبب عملية تهريب مدانة ومرفوضة شرعا وخلقا، وأمل أن «يكون القرار السعودي موقتا لحين معالجة الأمر من قبل الدولة اللبنانية التي ينبغي أن تخطو خطوات سريعة وحاسمة لمنع حدوث أي خلل في العلاقات اللبنانية السعودية»،
فضيحة جديدة
وفيما السلطة تشتكي وتدعو الى كشف الفاعلين والمهرّبين، أعلنت اليونان الجمعة عن ضبط 4 أطنان من مخدر الحشيش مخبأة بشحنة آلات لصنع الحلوى متجهة من لبنان لسلوفاكيا. وذكرت اليونان أنّ ضبط شحنة المخدرات القادمة من لبنان لسلوفاكيا تمّ بعد معلومات من الجانب الأميركي، كما تلقّت مساعدة من السعودية. وتقدّر القيمة السوقية لشحنة المخدرات المضبوطة بـ 33 مليون يورو. وفي التفاصيل، قالت السلطات اليونانية إنها ضبطت أكثر من أربعة أطنان من الحشيش مخبأة في شحنة من آلات صنع «الكب كيك» الصناعية متجهة من لبنان إلى سلوفاكيا، وفق ما نقلت وكالة أسوشيتد برس.
مبادرة وطنية
في الغضون، وبينما يرى اكثر من فريق لبناني، سياسي و»ثائر» ان لا حل لأزمة لبنان الا بتحرير «الشرعية» وباستعادة الدولة لقرارها المخطوف، بما يعيدها الى الحضن العربي، بعدما تبسط سلطتها على اراضيها وحدودها ومعابرها الشرعية وغير الشرعية، وتعتمد النأي بالنفس وتوقف تصدير الممنوعات و»المسلّحين» الى الجوار، سُجّل على هذا الخط لقاء لافت. فقد أقام النائب السابق فارس سعيد في دارته في قرطبا مساء الجمعة إفطاراً حضره الوزراء السابقون نهاد المشنوق ومروان حمادة واحمد فتفت والسفير سيمون كرم والدكتور رضوان السيد والمهندس مارون حلو والدكتورة منى فياض والاساتذة ريشار جريصاتي وفادي حافظ وأيمن جزيني. وتناولت النقاشات الازمة الهائلة التي تصيب لبنان اليوم كما تركز الحديث على ضرورة دعم مبادرة بكركي. وقد أكّد الحاضرون انهم سيسعون لجعل مبادرة البطريرك مبادرة وطنية وعربية ودولية.