لم تفلح كل المبادرات الداخلية والخارجية في إحداث كوّة في الجدار الحكومي العالق بين فكيّ كماشة بعبدا وبيت الوسط، فيما تسير كل الأمور في البلد على وقع الأزمة والتشتت الرسمي على كافة المستويات، فحكومة تصريف الأعمال تخلّت عن واجباتها لصالح اجتماعات تبقى مقرراتها حبراً على ورق، وعلى هذا النحو جاء الاجتماع في قصر بعبدا لمتابعة قضية تهريب المخدرات الى الدول العربية والقرار السعودي بوقف تصدير المنتوجات الزراعية اللبنانية الى أراضيها.
مصادر سياسية مواكبة أعربت في اتصال مع جريدة “الأنباء” الالكترونية عن “خيبة أمل” كبيرة من القرارات التي وصفتها “بالصبيانية”، والتي صدرت عن الاجتماع، سائلة عن ”أسباب غياب الإجراءات الصارمة التي يمكن أن تطمئن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ويمكن أن تعطي إشارة بأن ما حصل لم يتكرر تحت أي ظرف، خاصة وأن عملية توضيب شحنة الرمان المخدّر جرت في سوريا وتم نقلها الى لبنان حيث تم تغيير شهادة منشئها قبل إعادة شحنها الى المملكة، وبالتالي كان لا بد من اجراءات عاجلة بحق المتورطين خاصة وأنه من المؤكد وجود مَن سهّل المهمة لبنانياً”.
المصادر تمنت لو أنه “لم يُعقد الاجتماع الأمني في بعبدا وتكليف الوزراء المعنيين، لكان الوضع أفضل بكثير من أن يتم عقد اجتماع موسّع يعجز عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تكرار الحادثة، والاكتفاء بالتمنّي على السعودية العودة عن قرارها بأسلوب انشائي لا أكثر ولا أقل”.
تزامناً، أشارت مصادر أمنية عبر “الأنباء” الالكترونية الى أن “الأخطر من شحنة الكبتاغون هو كيفية مرور الشاحنة التي كانت تقلّها عبر معبر شرعي، والخطورة أنه يوجد في هذا المعبر ما يكفي من العناصر الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي وجمارك وأمن عام”، مع اشارتها الى “ثغرة أساسية تتمثل بعدم وجود أجهزة “سكانر” على المعابر اللبنانية، وهذا له تفسير واحد أننا في لبنان أصبحنا في دولة محكومة من مافيات”، مبدية أسفها “لتحوّل لبنان الى كولومبيا الشرق ومعبر لانتقال المخدرات الى العديد من الدول”.
هذا التردد الرسمي عن المعالجة الجذرية لمشكلة التهريب بات يشكل عبئا كبيرا على لبنان، اقتصاديا من خلال استنزاف مقدرات الخزينة من العملة الصعبة عبر تهريب المحروقات والسلع المدعومة من لبنان الى سوريا، والآن سياسيا وأمنيًا من خلال هزّ ثقة العالم العربي بلبنان، وإقفال باب دعم أساسي للبنان، خاصة وأن 96 في المئة من الصادرات الزراعية تذهب الى الدول العربية بما يعادل 55 مليون دولار سنويا، المبلغ الذي سيخسره لبنان كما المزارعون إذا لم تعالج الدولة مسببات القرار السعودي، في وقت لبنان بأمسّ الحاجة لأي مصدر يدخل العملة الصعبة الى البلد في ظرفه الصعب.