أيام قليلة تفصل عن زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى بيروت، فيما المسؤولون يتحسسون نتائجها مسبقاً خشية مما أعلنته باريس عن قيود على المعرقلين لتأليف الحكومة. وبانتظار معرفة ما بجعبة لودريان، يواصل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط توجيه نداءاته الإنقاذ في كل اتجاه وتأكيد استعداده للتسوية مع أي طرف لإنقاذ لبنان، دون أن يتلقف أصحاب الشأن الفرصة السانحة في دعواته. وفيما يثبت جنبلاط في كلامه في العلن كما في المجالس الخاصة أنه الأحرص، يخسر لبنان بفعل التعطيل المستمر من المعنيين آخر فرص الحياة.
وعلى خط سياق مساعي الإنقاذ، يستمر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في رفع صوته أيضا بوجه معرقلي تشكيل الحكومة، داعيا الى الكف عن شروط لا تخدم الوطن والمواطنين، بل مصالح السياسيين.
مصادر بكركي أكدت أن مسعى الراعي كان ينطلق باتجاه جمع رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري للإتفاق على النقاط المختلف عليها، وروت لـ “الأنباء” الإلكترونية التفاصيل التي سبقت مبادرته فقالت “إن الرئيس المكلف كان يصرّ على أنه سلم عون تشكيلة الحكومة ووعده بدراستها وإبداء ملاحظاته عليها. وأبلغ الراعي أنه في حال التقى رئيس الجمهورية مجددا سيطلب منه فتح “الجارور” الذي وضع فيه التشكيلة الحكومية والتي سلمه إياها قبل عيد الميلاد ليعرف منه أين مكامن الخطأ فيها”، وأشارت المصادر الى أن “الحريري يصر على أن أسماء الوزراء المسيحيين التي تضمنتها تشكيلة الـ 18 وزيرا كان قد تسلمها من ضمن القائمة التي قدمها له الرئيس عون، ولكن بمجرد أن وضع الأسماء في المسودة التي قدمها جرى الإنقضاض عليها من قبل النائب جبران باسيل وإتهامه أنه يتدخل بوضع أسماء الوزراء المسيحيين. ومن يومها كلما تقدم بخطوة الى الأمام هناك من يريد إعادته الى المربع الأول بهدف تعطيل تشكيل الحكومة”.
وأضافت المصادر: “إنطلاقا من هذا الموقف المتشدد للحريري الذي تتفهمه بكركي، كان مسعى الراعي يرتكز على طيّ هذه الصفحة والبحث مجددا بصيغة جديدة إنطلاقا من التسوية التي سبق لرئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط أن تحدث عنها وهي حكومة “ثلاث ثمانات” ومن دون ثلث معطل” مشيرة الى أن “الحريري أبلغ الراعي أن لا مشكلة لديه بتشكيل حكومة من 24 وزيرا وبدون ثلث معطل، شرط أن يعلن عون موافقته المسبقة عليها ويبلغ ذلك الى الراعي، وهذا لم يحصل بعد”، ولذلك تستبعد مصادر بكركي أي تطور إيجابي يؤشر الى تشكيل الحكومة في وقت قريب، وهي أكدت “حرص الراعي على أن يكون على مسافة واحدة من الجميع كي لا يتهم أنه منحاز الى الحريري أو الى خصومه”.
في المقابل نقلت مصادر بيت الوسط عن الحريري إستياءه من “الحملة المبرمجة ضده من قبل فريق العهد الذي لم يتوانَ عن إتهامه بالقيام بجولات سياحية لكسب الوقت، فيما الحقيقة هي عكس ذلك تماما”. وقالت المصادر “الأنباء” الإلكترونية إن “الحريري يسعى لتأمين الدعم المالي والإقتصادي للبنان، وأن كل الدول التي زارها بما فيها روسيا أبلغته إستعدادها لتوفير الدعم اللازم متى تشكلت الحكومة”.
وتوقفت المصادر عند مساعي جمع الحريري بالنائب باسيل، ونقلت عن الرئيس المكلف “رفضه لهذا الطلب لأن باسيل لم يسم الحريري في الإستشارات النيابية، وأنه من اليوم الأول أعلن رفضه التعاون معه، وأنه لم يكتفِ بذلك بل أعلن مرارا وتكرارا أنه لن يمنح الحكومة الثقة، وأن الحريري سأل عن مبرر لقاء شخص لا يريده، وأنه يؤكد أنه خارج اللقاء مع رئيس الجمهورية الشريك الأساسي في تأليف الحكومة لن يلتقي أيا من القوى السياسية قبل أن تشكل الحكومة”.
كما نقلت المصادر عن الحريري قوله إن “الأمور بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسية الى بيروت لن تكون كما قبلها، وإن الحريري يدرس كل الإحتمالات”، متوقعة أن الموقف الذي قد يتخذه عقب زيارة لودريان “قد يقلب الطاولة على الجميع”.
والى كلام مصادر بيت الوسط تحدث عضو كتلة المستقبل النائب هنري شديد لـ “الأنباء” الإلكترونية عن “مؤشرات إيجابية سيحملها معه لودريان الى بيروت لكنها لن تصل الى حل عقدة تشكيل الحكومة”، الذي سيبقى برأيه معلقا الى “ما بعد إنجاز مفاوضات الملف النووي الإيراني”.
من جهته رأى عضو تكتل الجمهورية القوية النائب وهبه قاطيشا أن “لا حل قبل نهاية العهد القابض على حياة اللبنانيين وأخذهم رهينة لمصلحة فريق الممانعة المتمثل بالمحور الإيراني – السوري – العراقي”، معتبرا لـ “الأنباء” الإلكترونية أن “زيارة لودريان تنطلق من أمرين: الدخول الروسي على الخط، والعقوبات التي سيبحثها مع القوى التي سيلتقيها واستبدالها بتوجيه إنذارات لأن العقوبات تعني فشل المبادرة الفرنسية”، وقال أن ما يسعى اليه الوزير الفرنسي “يتركز على بعث الروح في هذه المبادرة”.
الى ذلك وقبل أيام من عودة مفاوضات الترسيم بين لبنان وإسرائيل قالت مصادر مواكبة لـ “الأنباء” الإلكترونية إن “الوفد اللبناني لديه كل المعطيات التي تضمّن حق لبنان في البلوكين 9 و 10 وأن المساحة المتنازع عليها هي بحدود 860 كلم مربع الى 1200 كلم مربع”، وأشارت الى أن “ديفيد هيل حصل في زيارته الأخيرة على شيء ما في الغرف المغلقة، وأن وعودا أطلقت لم يُكشف عنها بعد”.