عقد وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان لقاء مع الصحافة المكتوبة، في قصر الصنوبر قبل مغادرته لبنان امس، في حضور السفيرة الفرنسية آن غريو اعلن خلاله ان “فرنسا كانت دوما الى جانب الشعب اللبناني وستبقى مجندة من اجل مساندته ودعمه”.
وأوضح أنه “مقابل التعطيل الذي تمارسه القوى السياسية لمست حيوية المجتمع المدني اللبناني”، وقال:” لقد قمت بزيارتي لهؤلاء اللبنانيين الملتزمين الذين يعملون للمحافظة على مستقبل لبنان ونموذجه المجتمعي، والتعايش والإنسجام السلمي بين طوائفه وثقافته وهذا ما يشكل قوة وحدة لبنان وفرادته.
ورأى أن “التحضير للمستقبل يكمن في الرهان على قوة حيوية الديموقراطية اللبنانية وتجند كل المواطنين والشباب فيه من اجل السماح باعادة تثبيت دولة قادرة على الإجابة على الحاجات والتطلعات المشروعة لشعبها، وان الاستحقاقات الانتخابية سنة 2022 هي استحقاقات أساسية.
أضاف: “من الملح ان يخرج لبنان من المأزق السياسي الحالي وهذه رسالتي الثالثة ولقد عبرت بصراحة عن هذ الأمر خلال لقاءاتي مع الرؤساء الذين قابلتهم من منطلق أنهم معنيون دستوريا بالاتفاق على حكومة، ولاحظت أن الفاعلين السياسيين لم يتحملوا لغاية الآن مسؤوليتهم ولم ينكبوا على العمل بجدية من اجل اعادة نهوض البلد. أنا هنا من أجل تلافي هذا النوع من الانتحار الجماعي، واذا لم يتحركوا منذ اليوم بمسؤولية فعليهم تحمل نتائج هذا الفشل ونتائج التنكر للتعهدات التي قطعوها. نحن نرفض ان نبقى مكتوفي الأيدي امام التعطيل الحاصل، ولقد بدأنا باتخاذ خطوات تمنع دخول المسؤولين السياسيين المعطلين والضالعين بالفساد الى الأراضي الفرنسية، وهذه ليست سوى البداية واذا استمر الأمر، فإن هذه الخطوات ستزداد حدة وستعمم وستكمل بأدوات ضغط يمتلكها الاتحاد الاوروبي وبدأنا بالتفكير بها معه”.
وتابع: “على الجميع تحمل مسؤولياتهم وبدورنا نتحمل مسؤولياتنا، وعلى المسؤولين اللبنانيين ان يقرروا اذا ما كانوا يريدون الخروج من التعطيل والمأزق الذي أوجدوه، وأعتقد أن الأمر ممكن اذا رغبوا في ذلك. كل ما تقوم به فرنسا هو من اجل اللبنانيين لكي لا يفقدوا الأمل بإمكان وجود دولة عادلة وحكم فعال. نحن هنا لمواكبة اللبنانيين في بناء مستقبل يحددون هم خطوطه العريضة، ولقد التقيت بالأمس لبنانيين قرروا رفع هذا التحدي بعزة وشجاعة، وقلت لهم إن فرنسا ستكون الى جانبهم وستساند تطلعاتهم المشروعة”.
أضاف: “لقد قررنا زيادة الضغوط على المعرقلين ولا يمكننا ان نبقى مكتوفي الأيدي امام كل ما يحصل، بدأنا باتخاذ قرارات تمنع دخولهم الى الأراضي الفرنسية وهذا ليس الا بداية”.
وهل يؤثر التقارب بين الأطراف المتنازعة في المنطقة مثل ايران والسعودية على الأوضاع في لبنان عموما أجاب :”منذ بداية الأزمات في الشرق الأوسط وفي لبنان ومنذ ان بدأت زياراتي الى هنا، كنت اسمع دوما من كل المسؤولين اللبنانيين انهم مع مبدأ النأي بالنفس عما يحصل في المنطقة، وهذا ما سمعناه مع بدء الأزمة في سوريا، ونحن مع النأي بالنفس ايضا في الأزمة وخلالها وبعدها، وأعتقد أنه من غير المبرر أن نبحث في مكان آخر عن التفسيرات والأعذار لما يحصل هنا، فالمسؤولية هي أولا في لبنان”.
وبالنسبة إلى الانتخابات النيابية، قال: “لقد أمضيت يومين ونصف اليوم في لندن خلال مشاركتي في مجموعة السبع، والتقيت وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن ووزراء خارجية الدول السبع، واذكر ايضا بأن فرنسا عضو في مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة الذي سأتولى رئاسته بعد أسابيع. من جهة أخرى، إنني ألتقي نظرائي في الاتحاد الأوروبي وأقول لهم جميعا وأقولها أيضا في بيروت، بأن احترام المواقيت الديموقراطية في لبنان امر لا مفر منه، ومحاولات تأجيل الانتخابات أمر لن تقبل به المجموعة الدولية وحتما فرنسا، وكل مرة تطرح فيها المسألة اللبنانية في الهيئات الدولية الثلاث التي ذكرت تسأل فرنسا عن رأيها، وما قلته في هذا المجال نتشاطره جميعا”.
وقال ردا على سؤال: “لم آتي الى هنا للدخول في التجاذبات السياسية، واذا زرت رئيسي الجمهورية والمجلس والتقيت الرئيس المكلف لأنهم يمثلون لبنان والمؤسسات، والمعيار الأساسي بالنسبة إلي هو التزامات تعهد بها المسؤولون اللبنانيون والقوى السياسية اللبنانية هنا في قصر الصنوبر. الالتزام الأول يتعلق بخريطة طريق مع اتخاذ مجموعة من القرارات على الأمد القصير، وقد عبر كل ممثل عن القوى السياسية شخصيا عن موافقته عليها امام رئيس الجمهورية الفرنسية ايمانويل ماكرون. ثانيا: التزام تأليف حكومة مهمة مؤلفة من اختصاصيين والجميع وافق عليها شخصيا كما تم التزام التأليف في مدة 15 يوما ومر نحو 9 اشهر ولم يحصل شيء. على اللبنانيين القيام بمسؤولياتهم على ضوء التزامات تعهدوا بها. السؤال هو: هل يعرفون ان يبقوا مخلصين للتعهدات التي قطعوها، واحترام كلمتهم؟”.
وختم: “أنهي مهمتي بتصميم حول متابعة الضغوط على المسؤولين من اجل احترام تعهداتهم وبنفس الوقت أغادر مع شيء من التفاؤل عندما أرى إرادة هذا الشعب الراغب بالتعبير عن قوته وفخره بتحديد مصير لبنان”.