لبنان قبل زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، كما بعدها، لا خرق جدّي في ملف تشكيل الحكومة، ولا أي تطور مختلف. صحيح أن فرنسا قامت بما ليس من حجة للبنانيين عليها بل وأكدت أنها ستستمر في تقديم المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية، لكن حركتها لم تثمر نتيجة إيجابية، بل وأكثر من ذلك انتهت إلى تعميم غير منطقي في رمي مسؤوليات التعطيل وقد ساوى بصمته بين المعرقلين وأولئك الذين سهّلوا لأقصى الحدود، وهذا التعميم لا يقتنع به أحد بعدما علم القاصي والداني حقيقةً مَن كان مِن الأطراف معرقلاً، ومن عمل ولا يزال كل المستطاع لتوفير فرصة لولادة الحكومة.
غادر لودريان، وبقي اللبنانيون إلى قدرهم، فيما القوى الممعنة في تعطيل البلاد تمكث في كهوف الصنمية لا تبحث هناك عن بدائل. وكما أجهضت مزايدات المعنيين كل مساعي التأليفؤط، أجهضوا أيضا مفاوضات ترسيم الحدود البحرية.
أوساط سياسية علّقت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية على تطورات الأيام الأخيرة، بالقول: “بذلك سيصبح لبنان إحدى الأوراق المتطايرة تعاني من الشرور المستطيرة بدلاً من أن يكون قد وضع على سكة الحلّ”، معتبرة ان “طريقة مغادرة الوزير الفرنسي، ومواقفه المتصلبة في لقاءاته السياسية، تشي بالخطورة التي وصل إليها البلد، خصوصاً أن لحظة انتهاء القدرة على الدعم تقترب، ما ينذر بانفجار إجتماعي لن يكون بعيداً هذه المرة عن احتمالات التفجر الأمني أو التوتر بالحدّ الأدنى”.
وفيما كان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري يلوح باحتمال الإعتذار قبيل وصول لودريان، تؤكد معلومات جريدة “الأنباء” الالكترونية أنه “عزف عن تلك الخطوة حالياً، وقد تلقى نصائح عديدة حول ضرورة الإقدام على إنجاز التسوية لحماية الموقع ومؤسسة رئاسة الحكومة، وعدم ترك الرئيس ميشال عون يتفرد بالسلطة والحكم، بالإضافة إلى مواكبة تطورات الأوضاع في المنطقة”، ولكن تشير المعلومات إلى أن “الحريري قد يبادر بالتحرك باتجاه البطريرك الماروني بشارة الراعي لتنسيق المواقف، والتفكير في إعادة تحريك عجلة تشكيل الحكومة، كذلك قد يتحرك الحريري باتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري لإعادة البحث في إمكانية تشكيل حكومة من 24 وزيراً”.
حركة لا بد انها تنتظر موقف رئيس الجمهورية الذي تشير المصادر القريبة منه إلى أنه “لا يزال يدرس تداعيات مواقف وزير الخارجية الفرنسي لبناء على الشيء مقتضاه”.
في هذه الأثناء، لا صوت يعلو على الهمّ المعيشي في ظل الخوف من اقتراب رفع الدعم والذي بدأت مؤشراته في العديد من القطاعات الأساسية.
وفي هذا السياق، رأى عضو مجلس القيادة في الحزب التقدمي الاشتراكي المهندس محمد بصبوص أن “قرار رفع الدعم لم يبدأ بعد، أو قرار الترشيد القاسي للدعم، لكن كما تعودنا بالبلد لا يوجد أي خطة قبل الوصول الى المشكلة، فالامور كما هي واضحة وصلت الى المسّ بالاحتياط، إذا لم نقل أن مسار الدعم الذي اتخذ بالسابق كان يمس بالاحتياط”.
ولفت بصبوص في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية الى ان “المسّ بالاحتياط ليس بالأمر السهل، فهناك حديث عن أن المودعين يتحضرون لتقديم دعاوى، وكذلك نقابة المحامين’.
وأشار بصبوص الى أن “غياب سياسة نقدية واضحة لتفادي قرار رفع الدعم سيؤدي الى كارثة، وأصبحنا اليوم أمام فاصل زمني قصير جدا لا يتعدى الأسابيع”، لافتاً الى “تحذير مصرف لبنان من الوصول الى المسّ بالاحتياطي، وهذا يعتبر حكماً انه سيعلن عن توقف الدعم، والمشكلة الكبيرة انه إذا توقف الدعم بهذه الطريقة من دون تأمين بديل كالبطاقة التمويلية هذا يعني الوصول الى الكارثة”، مشيرا الى ان “الحزب التقدمي الاشتراكي كان حذّر مراراً من الوصول الى هذه اللحظة ودعا الى ترشيد الدعم والعمل من أجل إصدار بطاقة تمويلية، لكن على ما يبدو ان التأخير بإصدار البطاقة كأنه إما انهم سيصلون الى رفع الدعم او الذهاب الى بديل عبر مجلس النواب بتعديل قانون النقد والتسليف ليتسنى لهم الصرف من الاحتياطي، لأنه لا يمكن الذهاب لقرار رفع الدعم من دون تأمين البديل، والبديل الوحيد هو البطاقة التمويلية”.
وشدد بصبوص على “ضرورة تحمّل حكومة تصريف الاعمال مسؤوليتها فهي التي بدأت بسياسة الدعم، وزارة الطاقة دعمت المحروقات، والاقتصاد هي من قام بوضع السلة الغدائية، وعليهم الآن تحمل مسؤولياتهم، ووضع سياسة دعم واضحة من الحكومة وليس مصرف لبنان، والحكومة بالتالي عليها أن تأخد المبادرة”.
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنبـاء:غادر لودريان مساوياً بين المعرقلين والمسهّلين وبقيت عقبات التأليف.. وأزمة الدعم تنذر بالانفجار القادم