حضر وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان الى بيروت وغادر، وبقي سرّ حضوره إلى لبنان غامضاً. والسؤال المطروح على طول المشهد السياسي وعرضه: ماذا فعل لودريان في زيارة اليومين؟ وماذا طرح او قدّم أكثر من التوعّد بفرض مزيد من الضغوط على معرقلي الحل في لبنان؟ وماذا أخذ ممن التقاهم؟
يأتي ذلك، في وقت لفتت الانتباه فيه تغريدة اطلقها حساب البطريركية المارونية نقلاً عن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على موقع «تويتر» جاء فيها : «إنَّ ميثاقَ الأمم المتّحدة ونظامَها الداخليَّ مليئان بالموادِّ التي تُجيز عقدَ مؤتمرٍ أمميٍّ لحل هذه القضايا… فلا بدّ من الإسراعِ في عقدِ هذا المؤتمر لأنَّ التأخّرَ بات يُشكِّل خطرًا على لبنان الذي بَنياه معًا نموذجَ الدولةِ الحضاريّة في هذا الشرق، ويَستحقُّ الحياة».
منذ لحظة وصوله، ذاب الثلج عن زيارة لودريان؛ تبيّن انّه لم يحمل معه آلية تطبيقية للمبادرة الفرنسية المعطّلة منذ آب من العام الماضي.. كما انّه لم يأتِ بحّل، بل لم يطرح فكرة حل، ولم يقدّم اضافة عمّا سبق لفرنسا ان قدّمته منذ بداية الأزمة الحكومية، فقط كرّر الدعوة الفرنسية المتكرّرة بأنّ الحكومة في لبنان يجب ان تتشكّل. كما لم يقدّم اي اضافة على الغضب الفرنسي من المعطّلين سوى التلويح بالتشدّد بالضغوط والإجراءات على معطّلي الحل.
المتتبع لمجريات الزيارة وما رافقها، يتبيّن له انّ مستويات سياسية وغير سياسية عوّلت على الزيارة، وانّ لودريان لا يمكن ان يأتي الى بيروت في زيارة فارغة، بل على الاقل يحمل افكاراً تسرّع في العثور على مفتاح القفل الحكومي. ومع مغادرة لودريان – دون أن يبدّل في واقع الحال شيئاً ايجابياً لا على مستوى اعطاء دفع للمبادرة الفرنسية، ولا على مستوى تذليل العِقَد المانعة لتشكيل الحكومة – تفشّت «الخيبة» لدى من عوّل على ايجابيات وهمية، فلا حُقنت المبادرة بقوة دفع لها الى الأمام، ولا تحرّك الملف الحكومي من نقطة الصفر العالق فيها.
التناقضات
في اللقاءات التي اجراها مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلّف سعد الحريري، سمع التناقضات ذاتها – وخصوصاً بين الشريكين في عملية التأليف؛ رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف – ولم يتفهمها.
وفي مجالسه، وبحسب الأجواء التي وقفت عليها «الجمهورية»، توصيف قاتم للأزمة، وقال ما سبق له أن قاله حول الوضع اللبناني وقلّة مسؤولية القادة السياسيين وعدم ايفائهم بالتزاماتهم. القى اللوم على المعطّلين، وتوعّد بمزيد من «الخطوات الوطنية».
مع الرؤساء
في كل اللقاءات الرسمية التي اجراها لودريان، لم يجازف أي معني بما دار فيها، في الحديث عن ايجابيات، فالأمور محلّها، ولم يستطع لودريان دفعها الى الأمام. في اللقاء مع رئيس الجمهورية، لم يكن ثمة انسجام في المواقف. كان الرئيس عون حريصاً على التذكير باستعجاله تشكيل حكومة وفق ما يسمّيها المعايير والاصول، لكن المشكلة هي لدى الرئيس المكلّف الذي يريد فرض معايير واصول واعراف جديدة في تشكيل الحكومات.
وفي اللقاء مع رئيس المجلس النيابي، كان نقاش صريح، وتأكيد على انّ المبادرة الفرنسية تبقى هي فرصة الحل، كذلك كان الرأي مشتركاً في توصيف واقع الحال المتردّي في لبنان، والعمق الخطير الذي انحدرت اليه الأزمة، مع التشديد على الحاجة الملحّة على تشكيل حكومة فوراً.
وفي اللقاء مع الرئيس المكلّف كانت الصورة معاكسة تماماً، عرض لودريان موقف بلاده، وغضبها من المعطّلين (لم يُشعر لودريان الحريري بأنّه خارج هؤلاء)، وقد سمع من الرئيس المكلّف نقيض ما سمعه في بعبدا، لجهة التزامه، اي الحريري بتشكيل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، وفق المبادرة الفرنسية بشكل فوري، الّا انّ العِقَد المعطلة هي لدى رئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل.
واللافت في هذا السياق، ما تردّد في بعض الصالونات السياسية، عن انّ اللقاء بين الحريري ولودريان، كاد الّا يُعقد، لتباين في الرأي حول مكان حصوله. فالجانب الفرنسي كان رافضاً من الأساس ان يقوم لودريان بزيارة الحريري في «بيت الوسط»، فيما كانت رغبة الحريري في ان يتمّ اللقاء في «بيت الوسط». وثمة من تحدث في هذا السياق عن انّ الحريري كاد في ظلّ هذا الإصرار، ان يصل الى قرار بألّا يذهب. وحالت دون هذا القرار حركة اتصالات مكثفة جرت في الساعات السابقة لهذا اللقاء، واقنعت الحريري بقبول الدعوة الى زيارة لودريان في قصر الصنوبر بعد الافطار.
الأحزاب والجمعيات
اما في اللقاء بين لودريان وبعض الاحزاب المسيحية وممثلين عن المجتمع المدني، فبحسب معلومات «الجمهورية»، فقد أُحيط بتساؤلات حول الغاية من عقد هذا الاجتماع، ولماذا الاكتفاء بمن تمّت دعوتهم الى هذا اللقاء، واي رسالة اراد لودريان توجيهها خلف هذا اللقاء ولمن؟
امام هؤلاء، وعلى ما نقل بعض المشاركين في اللقاء، كان لودريان صريحاً ومقدّراً للجهود التي تُبذل من قِبل الحاضرين لإحداث تغيير في الواقع اللبناني. قدّم لودريان توصيفاً مأساوياً للوضع في لبنان، وقلقاً من مخاطر اضافية ستلحق به إن بقي الحال على ما هو عليه من تعقيد وتعطيل.
وبالتوازي، تحدث بلوم شديد جداً على الطبقة السياسية، التي لا تعمل لمصلحة لبنان بل للإضرار به وفق التجربة التي مرّت منذ بداية الازمة. بعض الحاضرين نقل ما مفاده، انّ الجانب الفرنسي وصل الى اليأس من الطبقة الحاكمة في لبنان، وانّ العالم فقد ثقته نهائياً بهذه النوعية من السياسيين، لعدم شعورهم بحراجة الأزمة، وعملهم لغير مصلحة لبنان.
ماذا قال لودريان؟
مصادر واسعة الإطلاع كشفت لـ»الجمهورية» ما ابلغه الوزير الفرنسي لمن التقاهم، كما يلي:
اولاً، حرص الوزير الفرنسي على إظهار جديّة في حديثه، وإبقاء ملامح الغضب قائمة على وجهه، خصوصاً حينما قارب موضوع العقوبات الفرنسية، حيث اكّد انّ الإجراءات والخطوات الوطنية التي اتخذتها فرنسا بحق معطّلي الحل في لبنان، كان لا بدّ من اتخاذها، وهي ستستمر بوتيرة اسرع وأشدّ بحق هؤلاء، الذين يعطّلون بلدهم. تجدر الاشارة هنا الى انّ لودريان لم يسمّ احداً ممن شملتهم الإجراءات الفرنسية، كما لم يوضح ماهية هذه الإجراءات. مع انّ كل من التقاهم كانوا ينتظرون منه ان يصرّح ولو بإسم واحد. وخلاصة ما تمّ استنتاجه مما قاله لودريان، هو انّ باريس على دراية تامة بوقائع لبنان وحقائق ما يجري فيه، لا يستطيع اي معطّل ان يخفي وجهه، ولا تنفع مع باريس اي محاولات من المعطّلين لحجب ادوارهم ومواقفهم والتنصّل من مسؤوليتهم التعطيلية التي تراكمت منذ اطلاق الرئيس ايمانويل ماكرون لمبادرته.
ثانياً، قال لودريان خلال لقاءاته: «فرنسا متضامنة الى أبعد الحدود مع الشعب اللبناني.. نحن حزينون عليكم، ولا نفهم لماذا لم تبادروا حتى الآن الى انقاذ بلدكم».
ثالثاً، لعلّ الأهم في ما حمله لودريان هو ابلاغه من التقاهم بصورة حاسمة وجازمة، بأنّ الازمة في لبنان داخلية. وفي هذا المجال، نُقل عنه قوله ما مفاده: «المشكلة القائمة في لبنان هي مشكلة داخلية مئة في المئة، وهي متأتية من أحقاد شخصية، فلا وجود لأي عامل خارجي يمنع الحل في لبنان ويعطل تشكيل الحكومة فيه، ولدينا تأكيدات على ذلك. وعلى انّ المجتمع الدولي يريد ان يرى حكومة في لبنان، تشرع في مهمة الإنقاذ وإجراء اصلاحات». (هذا الكلام ينفي ما تردّد في لبنان أخيراً عن عقبة سعودية امام الحكومة، و»فيتو» من المملكة على الحريري).
رابعاً، أوحى لودريان لمن التقاهم، انّ على لبنان ان يسارع الى تشكيل حكومة، ولا ينتظر اي تطورات او متغيّرات خارجية دولية او اقليمية. بمعنى انّه حمل نصيحة فرنسية بفصل لبنان عن التطورات المتسارعة في المنطقة والإسراع في تشكيل حكومة تعيد ضبط الوضع اللبناني.
مشكلتكم داخلية
الى ذلك، قالت مصادر موثوقة لـ»الجمهورية»، انّها لم تلمس من زيارة لودريان اي إيجابية يُبنى عليها. بل هي لم تؤسس لأي شيء، وخصوصاً انّها لم تبدّل في واقع الحال اللبناني شيئاً، حيث انّ لودريان لم يأتِ لا بعصا ولا بجزرة، بل جاء ليرى ما سبق ان رآه، ويسمع ما سبق ان سمعه، وليقل ما سبق له ان قاله لناحية انّ عليكم ان تشكّلوا حكومة مهمّة سريعاً. مضيفاً على ذلك ما يمكن اعتباره تطميناً لبعض القلقين في الداخل، حينما قال، مشكلتكم داخلية. وفي هذا الكلام دعوة فرنسية متجددة لوقف التذرّع بالخارج، فذريعة التلطّي بالخارج واتهامه بالتعطيل، اصبحت فارغة وبلا أي معنى.
وبحسب المصادر، انّ خلاصة زيارة لودريان انّه أزال العامل الخارجي كذريعة وكعنصر معطّل، وهي رسالة لعلّ اللبنانيين يفهمونها لوقف هذه المعزوفة، والانصراف الى تشكيل حكومة، تنظّم حال البلد المقبل على استحقاقات داهمة اقتصادية ومالية وانتخابية، وخصوصاً انّ الوقت اصبح قاتلاً، وكل تأخير له أثمان كبرى على لبنان ومصاعب اشدّ وأكلاف اضافية على اللبنانيين.
3 خطوط
مصدر سياسي رفيع تابع أجواء زيارة لودريان قال لـ»الجمهورية»، انّ الدور الفرنسي في لبنان يسير على ثلاثة خطوط: الاول مع «سيدر»، حيث تمّ توقيفه حالياً الى حين حل الأزمة السياسية، والثاني بدأ بعد انفجار المرفأ، ويتضمن شرط الإصلاحات، والثالث تأليف الحكومة. ونستطيع القول حالياً بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي، انّ المسار الثالث سقط بالضربة القاضية، يعني أُفرغت المبادرة الفرنسية من الهدف القريب المدى.
وتابع المصدر: «صحيح انّ الطبقة السياسية في لبنان مسؤولة عن التدهور الحاصل، إلّا أنّ فرنسا تتحمّل جزءاً من هذا الفشل، بتراجعها عن بنود عدة في المبادرة، اولاً عندما طلبت ان لا تتضمن المفاوضات بيان الحكومة الوزاري القضايا السياسية الخلافية، ثم عدلت عن هذا القرار، وتراجعت بعدها عن طلب حكومة اختصاصيين الى القبول بحكومة يشرف السياسيون على تشكيلها من دون ان تكون حزبية، كذلك قبلت بتعديل حجم الحكومة وعدد وزرائها، ما يعني انّ اداءها خلال الاشهر الثمانية الماضية كان مربكاً واحياناً لا قرار حتى لا نقول شيئاً آخر. هذا كله ينهي دورها في الشق الحكومي».
وذهب المصدر أبعد بتقديره، انّ السياسة اليمينية لماكرون اصطدمت مع المستشارين اليساريين العقائديين، وهذا خلق تناقضاً في تقويم الوضع اللبناني وسلوك خط سير لا يؤدي الى حل او تسوية. ولفت المصدر، الى انّ مجموعة لبنانية قريبة من الاليزيه متمولة، صديقة لماكرون منذ ايام الجامعة، انشأت صندوق دعم لحملة ماكرون الانتخابية، وهذا حقها، لأنّ القانون يسمح لها، كون أفرادها يحملون الجنسية الفرنسية، لكنهم يستعملون موقعهم لتوجيه فرنسا في لبنان باتجاه معين، نحو اطراف وجماعات ومجموعات لا صفة تمثيلية لهم. والكل يعلم انّ هذه المجموعة لا تستطيع ان تنتج طبقة حاكمة جديدة او نظام جديد.
لقاء صحافي
وكان لودريان عقد لقاء مع الصحافة المكتوبة في قصر الصنوبر قبل مغادرته لبنان صباح امس، اعلن خلاله انّ «فرنسا كانت دوماً الى جانب الشعب اللبناني وستبقى مجنّدة من اجل مساندته ودعمه».
واعتبر «انّ الاستحقاقات الانتخابية سنة 2022 هي استحقاقات أساسية، ويجب ان تشكّل فرصة لنقاش ديموقراطي حول مستقبل لبنان». وقال: «من الملح ان يخرج لبنان من المأزق السياسي الحالي. وهذه رسالتي الثالثة. ولقد عبّرت صراحة عن هذ الأمر خلال لقاءاتي مع الرؤساء الذين قابلتهم، من منطلق أنّهم معنيون دستورياً بالاتفاق على حكومة، ولاحظت أنّ الفاعلين السياسيين لم يتحمّلوا لغاية الآن مسؤوليتهم، ولم ينكبّوا على العمل بجدّية من اجل إعادة نهوض البلد».
اضاف: «انا هنا من أجل تلافي هذا النوع من الانتحار الجماعي، واذا لم يتحركوا منذ اليوم بمسؤولية، فعليهم تحمّل نتائج هذا الفشل ونتائج التنكر للتعهدات التي قطعوها. نحن نرفض ان نبقى مكتوفي الأيدي امام التعطيل الحاصل، ولقد بدأنا باتخاذ خطوات تمنع دخول المسؤولين السياسيين المعطّلين والضالعين بالفساد الى الأراضي الفرنسية. وهذه ليست سوى البداية. واذا استمر الأمر، فإنّ هذه الخطوات ستزداد حدّة وستُعمّم وستُكمل بأدوات ضغط يمتلكها الاتحاد الاوروبي وبدأنا بالتفكير فيها معه».
وتابع: «على الجميع تحمّل مسؤولياتهم، وبدورنا نتحمّل مسؤولياتنا. وعلى المسؤولين اللبنانيين ان يقرّروا اذا ما كانوا يريدون الخروج من التعطيل والمأزق الذي أوجدوه، وأعتقد أنّ الأمر ممكن اذا رغبوا في ذلك» وقال: «لقد قرّرنا زيادة الضغوط على المعرقلين، ولا يمكننا ان نبقى مكتوفي الأيدي امام كل ما يحصل، بدأنا باتخاذ قرارات تمنع دخولهم الى الأراضي الفرنسية وهذا ليس الّا بداية».
وحول الانتخابات النيابية، قال: «احترام المواقيت الديموقراطية في لبنان امرٌ لا مفرّ منه، ومحاولات تأجيل الانتخابات أمرٌ لن تقبل به المجموعة الدولية وحتماً فرنسا. وكل مرة تُطرح فيها المسألة اللبنانية في الهيئات الدولية الثلاث التي ذكرت، تُسأل فرنسا عن رأيها. وما قلته في هذا المجال نتشاطره جميعاً».
ولفت إلى أنّ «من التقاهم من المجتمع المدني والمعارضة امس عبّروا عن ارادة للنهوض، وأنّ الشعب اللبناني يعتز بنفسه ولا يريد ان يتورط مع قياداته والمسؤولين عنه».
ماذا بعد؟
الى ذلك، اكّدت مصادر معنية بالملف الحكومي لـ»الجمهورية»، انّ زيارة لودريان، وبمعزل عمّا اذا كانت قد حققت نتائج ايجابية او سلبية، هي دافع للبنانيين لكي ينظروا اليها كفرصة استُجدت لتحريك مياه التأليف الراكدة. ويبدو انّ الامور ستسير في هذا الاتجاه، مع الحديث عن تحضير جدّي لحراك مكثف حول هذا الملف، وينبغي في هذا السياق رصد عين التينة وما قد يقوم به الرئيس نبيه بري في هذا الاتجاه.
واستفسرت «الجمهورية» عمّا يمكن ان يقوم به الرئيس بري في هذا المجال، فتلقت تأكيدات بأنّ حركة رئيس المجلس مستمرة ولم تتوقف، وسبق له ان طرح مبادرة تُعتبر الطريق الأسلم لبلوغ حلول وتخطّي الازمة، وبالتالي وعلى الرغم من التشنجات والتعقيدات الراهنة، ما زال يعتبر انّ الباب لم يُغلق بعد على إمكان الولوج منه الى حل وتوافق، وهو يقوم بما عليه، لا يستطيع ان يكون مكتوف الايدي حيال مسألة خطيرة ترتبط بوجود لبنان، ويبقى المهم والاساس هو تجاوب الاطراف والتسليم بأنّ مصلحة لبنان تتطلب التعجيل بتشكيل حكومة.
الإحتياط والدعم
من جهة ثانية، وفي الوجه الآخر للأزمة، علمت «الجمهورية»، انّ كتاباً وصل الى وزارة الاقتصاد والتجارة ظهر امس الجمعة، يطلب فيه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقف العمل بالدعم بالآلية الموجودة الى حين وضع آلية جديدة. والكتاب نفسه وصل الى كل الوزارات المعنية بالسلع المدعومة أسوة بوزارة الاقتصاد. وكشف مصدر حكومي لـ«الجمهورية»، أنّ الحاكم بصدد مراجعة حساباته لمعرفة ما هو متوفر لديه بعد، لأنّه اصبح قريباً جداً من الاحتياط. وطلب من رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب كتاباً رسمياً يسمح له بصرف الاحتياط، في حال اصرّ دياب على صرفه، لتغطيته قانونياً، وإلاّ لن يمسّ بقرش واحد منه.
وعلمت «الجمهورية» في هذا الصدد، انّ المجلس المركزي بإجماع جميع اعضائه، وافق على قرار الحاكم بعدم المسّ بالاحتياط. وقال المصدر، انّ المواد الاستهلاكية اصبحت مكشوفة من الدعم، والمواطن يلمس هذا الامر من خلال ارتفاع اسعارها. كاشفاً انّ القمح والدواء المزمن سيستمر دعمهما، انما المشكل الكبير هو في الفيول، فلا تصور حتى الآن لآلية دعمه، وما اذا تقرّر ان تكون بنسب ام كلياً، خصوصاً انّ وضع الكهرباء حالياً «مكركب» الى أقصى الحدود.
وفي معلومات «الجمهورية»، أنّه وفي خلال اجتماع اللجنة الوزارية المختصة مناقشة مشروع البطاقة التمويلية عصر أمس الاول، نقل مدير عام رئاسة الجمهورية انطوان شقير رسالة من الرئيس عون، يطلب فيها عقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار البطاقة التمويلية، يُدعى اليها حاكم مصرف لبنان، فتكون بحضوره فيُلزم تنفيذ قرار الحكومة.