لم يعد اللبنانيون يهتمون للحكومة ان تشكلت ام لا، ولا للرئيس المكلف سعد الحريري ان زار بعبدا ام لم يزرها، ولا للمفاوضات النووية ولا تلك الايرانية- السعودية ولا حتى لمسلسل النزف الدموي في القدس على مأسويته، جلّ همهم محصور في مكان واحد، تأمين لقمة العيش بعد رفع الدعم وثمن صفيحة البنزين للتنقل الضروري، وتوافر سرير في مستشفى اذا ما اقتضت الحاجة والقدرة على تسديد الفواتير.
هذا باختصار ما بات عليه مشهد لبنان المحزن المبكي اليوم، وهو على الارجح ما سعى اليه من يديرون السلطة في البلاد لمصلحة مشاريعهم الفئوية وتلك العابرة للحدود التي لا تخدم الا مصلحة العدو. لبنان السياحة والاستشفاء والمصارف ، لبنان قبلة انظار العرب والعالم، تحوّل بسرعة البرق الى دولة مارقة مفلسة، شبابه يهاجر الى دول تستثمر طاقاته، لرفد من تبقى من شعبه الجائع الفقير بحفنة دولارات تقيه الجوع والعوز، فيما تحولت اقصى طموحات من لم تفتح امامه ابواب الهجرة، ايجاد فرصة عمل في ما تبقى من شركات لم تفلس بعد في انتظار «فيزا» من بلد ما تنقله من جهنم وطنه.
السلطة غائبة
وسط جمود سياسي – حكومي غير مسبوق، لاتزال الملفات المعيشية تتصدر واجهة الحدث المحلي. هي تتفاقم وتتناسل في ظل احجام رسمي تام عن التدخل او التحرك لايجاد حل يخفف وطأة معاناة الناس المالية والاقتصادية.
الطوابير تابع
فلليوم الثالث على التوالي، امتنع العديد من المحطات امس وفي مختلف المناطق عن تزويد السيارات بمادة البنزين باستثناء قلة قليلة اصطفت امامها السيارات في طوابير امتدت عشرات الامتار فيما نفذت دوريات رقابة مصلحة الاقتصاد في الشمال بمؤازرة أمن الدولة جولة على محطات المحروقات في طرابلس -زغرتا -انفه -عكار- الضنية .وسطرت محاضر ضبط بحقّ المحتكرين.
من جهته، أكد ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا ان «لا رفع للدعم عن المحروقات حتى اليوم في ضوء الاتصالات التي نقوم بها». وقال في حديث الى «صوت لبنان» «الشركات التي لا تزال لديها بضاعة تعمل على تسليمها الى السوق وننتظر أن تفرغ البواخر الراسية في البحر حمولتها في أسرع وقت».
الصناعة والدعم
في الغضون، وبينما تحوّل رفع الدعم الى امر واقع، عقد وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال عماد حبّ الله اجتماعاً مع أعضاء هيئة مكتب مجلس إدارة جمعية الصناعيين اللبنانيين. وبحثوا في مواجهة موضوع توسّع رفع أو ترشيد الدعم المرتقب واعتماد بطاقة تمويلية أو تموينية، بوضع خطّة لضمان استمرارية الانتاج تدخل في التصنيع، وذلك بهدف حماية الصناعة والعمّال وتفادي حصول خلل في العمالة والمحافظة على الإنتاج وتنمية الصناعة في المرحلة المقبلة.
أزمة الكهرباء
على خط التقنين الكهربائي الذي سيتحوّل عتمة شاملة في غضون ايام. اجتمع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال بوزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر ورئيس لجنة الأشغال النائب نزيه نجم ومدير مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك ، استكمالا لاجتماع الأسبوع الماضي، وتم البحث في موضوع مشكلة الكهرباء. وبعد الاجتماع، قال النائب نجم: بحثنا في الوضع المالي للكهرباء وفتح الاعتمادات اللازمة لها. الا أننا قد نصادف مشكلة في آخر هذا الأسبوع وهي متعلقة بـKaradeniz وباخراتهم بعد قرار القضاء اللبناني بالحجز على البواخر للبت بغرامة الـ25 مليون دولار اذا كانت محقة أم لا. وبعد أن تم الادعاء على صاحب كارادينيز ، أخذ القرار وأعلمت المؤسسة أنها ستتوقف عن تشغيل المعامل. وهذا الأمر قد يؤثر علينا ويجلب العتمة الكاملة.
الدجاج
على الصعيد المعيشي ايضا، أصدر أمين سر النقابة اللبنانية للدواجن وليم بطرس بياناً أشار فيه الى ضغوط كبيرة يتعرض لها قطاع الدواجن منذ يوم الجمعة المنصرم جراء ارتفاع الطلب على الدجاج في السوق المحلية بحوالي 300 في المئة، عازياً ذلك الى هلع المواطنين ورغبتهم بتخزين الدجاج بعد الحديث عن وقف الدعم لقطاع الدواجن. وقال «بناء على تجربة الدعم الناجحة لقطاع الدواجن، وكونه قطاع انتاجي والوحيد الذي يؤمن كامل احتياجات لبنان من البروتيين، نطالب وبالحاح الاستمرار بدعم قطاع الدواجن، خصوصاً ان قيمة الدعم السنوية لا تتعدى الـ120 مليون دولار»، مؤكداً ان هذا التدبير من شأنه توفير مادة غذائية أساسية للبنانيين ويطمئن النفونس ويعيد الاستقرار الى الاسواق.
محاربة المخدرات
من جهة ثانية، وعلى ضفة تكثيف الاجهزة نشاطها لمحاربة صانعي ومهربي المخدرات في اعقاب القرار السعودي وقف استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية، دهمت قوة من الجيش مزرعة في خراج بلدة بوداي غرب بعلبك، أسفرت عن ضبط معمل في داخله معدات وآلات لإنتاج المخدرات وكمية موضّبة منها.
ضبط مهربين
وعلى خط التهريب ايضا،أوقفت وحدات الجيش المنتشرة في البقاع والشمال 3 مواطنين و3 سوريين، وضبطت سيارتين وصهريجاً وآلية نوع بيك أب محملة بحوالى 19500 ليتر من مادة المازوت، ومواد غذائية مدعومة، وكمية من الدخان والتنباك المعسل المُعدة للتهريب إلى الأراضي السورية.
اصحاب المستودعات
على صعيد آخر، ألزم النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم أصحاب المستوعبات التي كانت موجودة في مرفأ بيروت والتي كانت تحتوي مواد خطرة، والتي شُحنت من قبل الشركة الألمانيّة «كومبي ليفت»، بسداد كامل المبلغ الذي دفعته الدولة اللبنانيّة، وهو يفوق المليوني دولار أميركي، وذلك خلال مدّة أسبوع، ومنعهم من السفر، تحت طائلة التوقيف في حال عدم الدفع.