الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : تبرّؤٌ سياسي وشعبي من الوزير “اللامسؤول” وتعقيدٌ إضافي حكومياً.. لبنان في دركٍ خطير
الانباء

الأنباء : تبرّؤٌ سياسي وشعبي من الوزير “اللامسؤول” وتعقيدٌ إضافي حكومياً.. لبنان في دركٍ خطير

لا يذكر التاريخ أن لبنان بلغ سابقاً هذا الدرك الذي وصله هذه الأيام. التخبط القاتل يودي بالبلاد إلى التهلكة الحتمية، ‏وقرارات وتصرفات وتصريحات الخبط عشواء، بل والخارجة عن كل منطق وصواب تضرب كل فرص إنقاذ لبنان، ‏ولا تعكس إلّا رعونة في التعاطي وفقدان رجال الدولة التي باتت تلفظ أنفاسها في ظل كل هذا الضرب في جسدها، ‏سياسياً، دبلوماسياً، وصولاً إلى الملفات المالية والمعيشية التي لم يتم تنفيذ اي حلول لها، رغم توفرها‎.‎
في السياسة سجل رئيس الجمهورية ميشال عون سابقة بإرسالة رسالة إلى مجلس النواب حول التأخير في تأليف ‏الحكومة، مطالباً إياه بمناقشتها، على أن يتم الخروج بموقف أو إجراء أو قرار مناسب. لكن عون، الذي لجأ إلى حق ‏دستوري بمراسلة المجلس النيابي، إنما يضع البلاد أمام منعطف دقيق هي بالغنى عنه ستؤدي إلى خسارة المزيد من ‏الوقت وتعطيل كل فرص تأليف الحكومة، إذ من شأنها أن تعقّد ملف التأليف أكثر وتزيد الهوّة بين رئيسي الجمهورية ‏ميشال عون والمكلف سعد الحريري، ولن تفضِي إلى أي حل للأزمة الواقعة بها البلاد، وبالتالي فإن إحتمال الوصول ‏إلى التسوية ستضعف أكثر لمصلحة التصلب، في وقت يختبر اللبنانيون كل أنواع الذل يومياً، ويحتاجون لحكومة ‏بأسرع وقت‎.‎
الخبير القانوني أنطوان صفير أشار إلى أن “لا تأثير تنفيذياً للرسالة، يعني أن مجلس النواب سيناقشها لكنه غير مُلزم ‏بإتخاذ أي موقف منها، خصوصاً وأنه غير قادر أساساً على سحب التكليف من الرئيس المكلف الذي يمتلك وحده هذا ‏الحق، في ظل غياب لأي آلية متعلقة بهذا الشأن في الدستور، وأقصى ما يمكن أن يفعله المجلس هو إصدار توصية‎”.‎
وذكر صفير في حديث مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية أن “الرسالة هي موقف مبدئي يخاطب عون عبرها مجلس ‏النواب، وهو سبق أن أرسل رسائل تتعلق بأمور وملفات أخرى، وبالتالي هي سابقة في ملف التشكيل فقط، لكنها لا ‏تُعد خرقاً للدستور‎”. ‎
عضو كتلة “التنمية والتحرير” قاسم هاشم لفت إلى أن “الرسالة ستخضع للنقاش في مجلس النواب، وعلى ضوئه ‏يصدر الجواب وفق الأصول، وحسب الإطار الجوابي المحدد بالرسالة‎”.‎
وفي حديث لجريدة “الأنباء”، وردا على إحتمال سحب التكليف، أشار هاشم إلى أن “التعاطي بملف تشكيل الحكومة ‏بهذا الشكل يشكل سابقةً، فالدستور لم يلحظ مثل هذه الحالات من قبل، لكن ستتم مناقشة المواد الدستورية بطريقة ‏موضوعية، والأبواب مفتوحة وفقاً للإجتهادات‎”.‎
لكن هاشم شدد على أن “البلدَ محكومٌ بأعراف متفق عليها وتوازنات سياسية مكرسة، وبالتالي الأمور ليست بالسهولة ‏التي يعتقدها البعض، وقد يكون من سلبيات هذا النظام الطائفي الدرك الذي وصلنا إليه نتيجة التوازنات الطائفية‎”.‎
وإذ اعتبر أن “للكل وجهة نظره ورأيه في أسلوب التعاطي وحل الأزمات”، شدد هاشم على أن “إرسال الرسالة إلى ‏المجلس قد يؤدي إلى مزيد من التوتر السياسي ويضاعف من حدة الخلاف‎”.‎
من جهته، فقد ذكر عضو كتلة “المستقبل” النيابية وليد البعريني لفت إلى أن “مجلس النواب سيناقش الرسالة، ومن ‏المرتقب أن يصدر موقفاً واضحاً عن الكتلة أيضا، ولكن على ما يبدو، فإن عون يريد إحراج المجلس النيابي‎”.‎
وحول إحتمال سحب التكليف ومن الحريري، لفت البعريني في إتصال مع “الانباء” الإلكترونية إلى أن “الأمر ليس ‏وارداً، وهذا الأمر أساساً يشكل سابقةً، وقد يؤدي إلى فتنةٍ في البلد، وهو بالتأكيد خرق للدستور‎”.‎
وإلى التعقيد الحكومي، كانت الإساءة التي وجهها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه مثار ‏اجماع لبناني على الاستنكار والشجب والرفض لمثل هذا الكلام الذي أدى إلى أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين لبنان ‏ودول الخليج العربي، نتجت فقط عن خفة وانعدام مسؤولية وهبة في التعاطي مع الملفات الدبلوماسية للبلاد، في وقت ‏يحتاج فيه لبنان أكثر من أي وقت مضى إلى مساندة الخليج العربي الذي كان ماضياً وحاضراً الداعم والحاضن للبنان ‏وشعبه، ويؤمن مئات الآلاف من الوظائف للبنانيين يعملون في دول الخليج، ويعتد عليه لبنان للخروج من ضيقته‎.‎
واذا كانت رئاسة الجمهورية تبرأت من كلام وهبة، واعتبرت أنه يعبر عن رأيه الشخصي، فإن الاخير يمثل موقعه، ‏وكان حري به التحلي بمسؤولية الموقع‎.‎
وكإجراء دبلوماسي، قامت وزارات الخارجية في المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين بإستدعاء سفراء لبنان ‏لديها للإعراب عن إستنكارها، وسلّمتهم مذكرات إحتجاج، في حين تزور وفود نيابية وشعبية غدا السفير السعودي في ‏لبنان وليد البخاري لتأكيد الرفض اللبناني العام لهذه الاساءات والتمسك بالعلاقات الطيبة مع دول الخليج، وسيكون ‏لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط ووفد من الكتلة لقاء مع السفير البخاري، في حين كان رئيس الحزب ‏التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط قد أجرى اتصالاً به امس مؤكدا التضامن مع السعودية قيادة وشعباً‎. ‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *