لم تفاجئ عودة الشلل والجمود الى المشهد السياسي، المأزوم أصلا، جميع المعنيين والاوساط المراقبة مع مطلع الأسبوع، اذ ظلت ترددات التوتر العلني او المضمر على خلفية ما آلت اليه جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال #عون الى مجلس النواب ورد الرئيس المكلف سعد #الحريري عليها، طاغية على مجمل الوضع السياسي. بل ان المخاوف من بلوغ الازمة الحكومية حافة اليأس الحقيقي من إيجاد مسالك لاختراق الانسداد الذي يطبعها، تفاقمت بقوة في ظل الشكوك الواسعة في ان ينجح ما تردد عن عودة تحريك رئيس مجلس النواب نبيه #بري قنوات الاتصالات بين بعبدا وبيت الوسط، عله ينجح في تعويم مبادرته وتطويرها ان اقتضى الامر، واذا بدا ان هناك أرضية معقولة تسمح بتحرك جدّي جديد. اذ ان كفة الشكوك ظلت راجحة على كفة هذا الرهان حتى بعد توجيه الرئيس بري امس رسالته في مناسبة #عيد التحرير مطلقا من خلالها مواقف بارزة حيال الازمة الحكومية تبدو معها الأمور امام شبح كارثي اكثر منها قابلة للحل. ولكن العنصر الجديد الطارئ الذي اثار اهتمام الأوساط المعنية والمراقبة تمثل في التناغم البارز واللافت الذي طرأ على مواقف كل بري والبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس #الراعي عقب الجلسة النيابية اذ يبدو ان هذا العامل فتح كوة من امل وبناء حسابات إيجابية عليه لتحقيق اختراق ستكون الأيام القليلة المقبلة فترة اختبار أساسية له.
ومع ان ثمة جهات عدة لا تشاطر بري موقفه من اعتباره الازمة “داخلية مئة في المئة”، فان ذلك لم يقلل أهمية الدلالات التي طبعت موقفه امس من الملف الحكومي اذ دعا في الكلمة التي وجهها في عيد التحرير الى “الإعتراف بأن مشكلتنا الحكومية الراهنة “مئة بالمئة” محض داخلية وشخصية و”سوس الخشب منو وفيه”، وان نملك القدرة على ان نضحي من أجل لبنان لا ان نضحي بلبنان من اجل مصالحنا الشخصية”، واعتبر ان “المدخل الالزامي للانقاذ ان يبادر اليوم المعنيون بالتأليف والتشكيل وبعد ذلك التوقيع، ان يبادروا اليوم وقبل الغد ومن دون شروط مسبقة ومن دون تلكؤ الى ازالة العوائق الشخصية التي تحول دون تشكيل حكومة وطنية أعضاؤها من ذوي الاختصاص غير الحزبيين لا اثلاث معطلة فيها لأحد”. وقال “وأنا هنا أعيد وأكرر ما قاله غبطة البطريرك في هذا الصدد لا أثلاث معطلة لأحد ووفقا لما نصت عليه المبادرة الفرنسية، برنامج عملها الوحيد إنقاذ لبنان واستعادة ثقة ابنائه به وبمؤسساته كوطن للعدالة والمساواة، حكومة تستعيد ثقة العالم به وبدوره وخصوصا ثقة أشقائه العرب جميع العرب . إحتكموا للدستور في مقاربة الملف الحكومي ، انصتوا لوجع الناس وقلقهم على مصير وطنهم ، تعالوا الى كلمة سواء ننقذ بها لبنان “.
ولم يخف بري امام “النهار” قوله ان مسألة اعادة النظر في تفسير بعض بنود #الدستور مطروحة، ولكن الاكيد ان الوقت اليوم ليس مناسباً أبداً لهكذا طرح. ذلك ان فتح هذا الباب من شأنه ان يستدرج الامور الى أماكن اخرى لا وضوح بعد او توافق على مقاربتها.
وبدا واضحاً ان البطريرك من خلال اشادته بخلاصة الجلسة النيابية كما من خلال دعوته الحريري الى تقديم صيغة محدثة للتشكيلة الحكومية والتوافق عليها مع رئيس الجمهورية، أعطى بري مفتاحاً للمضي في محاولة تعويم مبادرته وفتح قفل التأليف العالق. وتكشف المعلومات المتوافرة على ضوء كلام بري انه سيطرح مبادرة تقوم على طرح لائحة جديدة من الاسماء يتم التفاهم عليها مع البطريرك الراعي .
ولم ينف بري هذه المعلومات، كاشفاً عن عزمه على تحريك الاتصالات ولا سيما مع الرئيس المكلف من اجل فتح ثغرة في حائط التأليف.
ولكن ثمة اشارات عدة وردت في طيات التحذيرات التي اطلقها بري وفهم منها ان على المعنيين تحمل كامل مسؤولياتهم وعدم التمترس خلف مواقف لا يمكن التراجع عنه امام التحديات التي تهدد البلد . وأبلغ بري مواقفه هذه للحريري ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل منذ السبت الماضي. وسيواصل بري بذل كل مساعيه لكنه اذا وصل الى طريق مسدود حيال التخبط الحاصل في تأليف الحكومة قد يدفعه هذا الامر الى فرملة محاولاته وامتناعه عن القيام بأي مسعى.
البطاقة التمويلية
وسط هذه الأجواء السياسية حصل تطور بارز في الملف المعيشي الاجتماعي تمثل في توقيع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني امس مشروع قانون معجلا معدا من رئاسة الحكومة ويرمي إلى إقرار البطاقة التمويلية وفتح إعتماد إضافي استثنائي لتمويلها، علما ان مشروع القانون يحتاج بعد الى تواقيع وزراء الاقتصاد والتجارة والشؤون الاجتماعية ورئيس الجمهورية بالاضافة الى توقيع رئيس الحكومة على ان تتم إحالته على مجلس النواب لإقراره .
وعلمت “النهار” ان القيمة الاجمالية التي يلحظها الاعتماد المطلوب لتغطية تمويل البطاقة تصل الى 1.2 مليار دولار على ان يتم إدراج هذا الاعتماد كإعتماد إضافي ضمن مشروع موازنة العام 2021 .كما تشير المعلومات الى ان مشروع القانون الخاص بالبطاقة التمويلية، يلحظ إستفادة 750 الف عائلة لبنانية من هذه البطاقة ويتم تحديد هذه العائلات من وزارة الشؤون الاجتماعية ضمن ألية ومعايير محددة. أما القيمة التي سيتم إضافتها في هذه البطاقة فتصل الى 137 دولارا شهريا لكل عائلة والاهم ان هذه الاموال سيتم دفعها بالدولار الاميركي مباشرة، وليس بالليرة اللبنانية، ويدور النقاش حاليا حول المصادر المحتملة لتمويل هذه البطاقة، فيما البوصلة تتجه مرة جديدة لما تبقى من إحتياطات أجنبية لدى مصرف لبنان .
من جهة اخرى، ترأس الرئيس عون امس اجتماعا ضم رئيس الوفد اللبناني الى المفاوضات غير المباشرة ل#ترسيم الحدود البحرية الجنوبية العميد الركن الطيار بسام ياسين وأعضاء الوفد وتم خلال الاجتماع عرض لآخر التطورات المتعلقة بعملية المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والخطوات الواجب اعتمادها في ضوء توجيهات رئيس الجمهورية في هذا الصدد. وبدا لافتا انعقاد الاجتماع وسط توقف المفاوضات قبل اكثر من أسبوعين من دون تحديد موعد جديد للجولة المقبلة . ولم يستبعد متابعون لهذا الملف ان تكون ثمة مؤشرات لاعادة تحديد موعد جديد للمفاوضات اللبنانية الإسرائيلية غير المباشرة برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة .