رمى مصرف لبنان “كرة النار” في “حضن” الطبقة السياسية، واعلن عمليا رفع “الدعم” من “بوابة” الدواء، طالبا منها ايجاد الحلول للازمة، وفيما الدولة عاجزة عن القيام بمهامها، فالنتيجة الحتمية ان المواطن سيدفع الثمن، لانه بدءا من مساء امس دخلت البلاد في مرحلة اقتصادية ومالية صعبة قوامها اقفال المركزي لـ “حنفية الدعم” دون قرار سياسي معلن، انعكس سجالات وتقاذفا للمسؤوليات بين وزير الصحة الذي هدد “المركزي” باللجوء الى القضاء! وفيما البلاد تستعد لازمة كهرباء خانقة مطلع الشهر المقبل وسط “هبات” “ساخنة وباردة” في ملف المحروقات حيث يتواصل مسلسل اذلال اللبنانيين، تدور النقاشات الحكومية في “حلقة مفرغة حتى الان، ولم تصل بعد اجوبة الرئيس المكلف سعد الحريري على طروحات رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى بيروت بعدما وعد انه سيقدمها خلال يومين، ووعد انه سيحملها معه عند عودته من الامارات، وسط “تململ” واضح في “عين التينة” من البرودة التي لا يزال الحريري يتعامل فيها مع المبادرة مع العلم ان “الخط الساخن” شغال مع بعبدا وميرنا الشالوحي حيث يجري الحديث عن “ايجابيات” مبدئية لكن لا شيء نهائي بعد في ظل ازمة الثقة الكبيرة بين الحريري وباسيل..
لماذا تحركت شيَا؟
في هذا الوقت، دخلت السفارة الاميركية في بيروت على خط “التحريض” على حزب الله من “بوابة” الحرب الاسرائيلية على غزة والتوتر على الحدود الجنوبية، فكما اجبرت الادارة الاميركية على الالتفات الى الشرق الاوسط رغما عن “انفها” بعد العدوان الاسرائيلي على غزة، عادت واشنطن للاهتمام بالملف اللبناني لكن من الزاوية الاسرائيلية، ولا شيء آخر غير حماية الامن الاسرائيلي، بعدما ثبت عدم جهوزية الجيش الاسرائيلي لخوض مواجهة مع حزب الله، وكان لافتا في تحرك السفيرة الاميركية دوروثي شيا في اليومين الماضيين، وآخرها اللقاء مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع بالامس، تحريضها على حزب الله من بوابة زعمها انه يعرض امن لبنان للخطر، وطالبت بالتزامات لبنانية حيال الوضع العسكري “الهش” على الحدود الجنوبية بعدما وصفت “الرسائل” الصاروخية خلال المواجهات في غزة، بانها كانت محسوبة بدقة، حيث تفترض التقديرات او المعلومات الاميركية ان كل ما حصل كان تحت “رعاية” حزب الله الذي ادار “صندوق البريد” بحرفية متناهية سمحت له بفرض حضوره على الحدود دون الانزلاق الى اي مواجهة، ولكنه كان يشير بشكل شبه يومي الى انه موجود وحاضر للتدخل عند الضرورة.
تحريض اميركي!
وهو امر “مزعج” وخطر جدًا، بحسب تقييم الخارجية الاميركية التي تولت عوكر نقل “رسائلها” وآخرها الى معراب بالامس حيث ضمت الى “مضبطة الاتهام” اقرار يحيى السنوار القائد الحمساوي الاكثر حظوة في غزة بعد محمد الضيف، بان كل ما حصل على الحدود كان منسقا مع قيادة المقاومة في لبنان والتي كانت مستعدة للتدخل في الزمان والمكان المناسبين. وهو امر يستأهل برأي شيا ردا لبنانيا حاسما، خصوصا من القوى “السيادية” لمنع حزب الله من “توريط” لبنان!
تحذيرات واغراءات
ووفقا للمعلومات، فان التحذيرات الاميركية في بيروت لم تخرج عن سياق التاكيد بعدم رغبة ادارة بايدن بحصول حسابات خاطئة جديدة قد تؤدي الى فتح جبهة جديدة لا ترغب في حصولها، وقد تكون مكلفة على لبنان، لكنها فعليا تاتي في سياق تامين “شبكة الامان” لاسرائيل المنهكة من “بروفة” غزة، في وقت تسير ادارة بايدن بخطوات “واثقة” باتجاه اعادة الحياة للاتفاق النووي مع ايران، ولا ترغب باي حدث كبير في المنطقة يعيدها الى نقطة “الصفر”، وذلك بحسب تقدير مسؤول سياسي بارز مطلع على مروحة اتصالات شيا الاخيرة، حيث اوحت بان بلادها مهتمة باعادة اطلاق “عجلة” التفاوض على الحدود البحرية في وقت قريب، وذلك في اغراء واضح للجانب اللبناني بضرورة الحفاظ على الهدوء جنوبا، ولهذا حضت المسؤولين عن الملف على اعادة صياغة الموقف اللبناني التفاوضي بما يساعد على احراز التقدم المطلوب، وهذا ما يفسر انعقاد الاجتماع المفاجىء في بعبدا قبل يومين للرئيس عون مع الوفد المفاوض!
اسرائيل غير جاهزة للحرب
هذا القلق الاميركي على امن اسرائيل يأتي في سياق التقييم المشترك بين الحليفين للمواجهة في غزة، حيث خلصت التقديرات الى ان الجيش الاسرائيلي غير جاهز للمواجهة مع حزب الله، وفي هذا السياق، لفتت صحيفة “يديعوت احرنوت” الى ان اكثر المشاكل وضوحا كان الاخفاق في اتمام خطة المشتريات لبطاريات القبة الحديدية، وصواريخ الاعتراض، لكن المهمة الاكثر الحاحاً تتعلق بالاسراع في اقامة “العائق الأرضي” في الشمال لمواجهة حزب الله وهذا الامر لم يحصل حتى الآن، وتقع المسؤولية على نتنياهو.
نصرالله “وكي الوعي”
واشارت الصحيفة الى انه في الحملة ضد غزة خرجت حماس والجهاد الإسلامي إلى المعركة مع آلاف الصواريخ، وأطلقتا نحو 4 آلاف منها… وهذه تقريباً 10 في المئة من قدرات حزب الله في الجبهة الشمالية… وفي اشارة منها الى اهمية “رسالة” الامين العام لحزب الله في خطابه الاخير قالت “رأينا زعيم حزب الله، حسن نصر الله، في خطاب إشكالي جداً، وحظي بلقب “خطاب السعال”، لأنه سعل كثيراً، واستصعب التنفس، وبدا شاحباً جداً، وقالت محافل أمنية إن هناك احتمالاً في أن يكون مصاباً بكورونا. ولكنه مع ذلك تقول “يدعوت” ظهر بمثابة الرجل الواعي جداً لأهمية الكاميرا “وكي الوعي”، واختار أن يخطب بل ويهدد بأن المس بالقدس سيجر إلى حرب إقليمية..”
الحسابات الخاطئة
ونصحت الصحيفة القيادة الاسرائيلية بعدم ارتكاب حسابات خاطئة على الجبهة اللبنانية، وقالت ان تقديرات الاستخبارات تشير الى أن حزب الله مردوع ومنشغل بالمشاكل الاقتصادية الداخلية، ولن يفتح حرباً، ولكن في الحملة الأخيرة في غزة – مثلما في حملة “الجرف الصامد” أيضاً، تعلمنا أنه لا يمكن التعويل بشكل مطلق على تقدير الاستخبارات بالنسبة لنيات “العدو”، وعليه، يجب الاستعداد للسيناريو الأخطر.
نقص جهوزية في “الشمال”؟
ربما تقول “يديعوت” انه ليس هذا مكاناً نصف فيه الفجوات القائمة بشكل دقيق في الشمال، ولكن من واجبنا الإشارة إلى تلك الهفوات التي لم تعالج على مدى السنين والتي كانت كلها تحت قيادة رئيس الوزراء إياه… وكشفت الصحيفة ان هيئة الأركان اجرت هذا الأسبوع مداولات في موضوع استخلاص الدروس من الحملة الاخيرة والمعاني الناشئة عن الحرب في جبهتين، واتضح لديها الحاجة العملياتية العاجلة للتسلح والتي كان ينبغي أن تخرج إلى حيز التنفيذ منذ زمن بعيد. و قد اتخذ القرار بملء المخازن بصواريخ القبة الحديدية وبالسلاح الدقيق للطائرات القتالية، وزيادتها بشكل واضح، بمساعدة الاميركيين لكن هذا غير كاف برأيها، فيفترض بالجيش أن يكون جاهزاً مع خطة دفاع جوي إقليمي دائمة للشمال تستوجب تسلحاً سريعاً بالجساسات لسلاح الاستخبارات وبطائرات مسيرة. ويمكن التقدير أن تكلفته نحو خمسة مليارات شيكل، وثمة مشكلة لا تقل أهمية، وهي بناء العائق الأرضي على الحدود مع لبنان كي يمنع تسلل قوات برية لحزب الله إلى بلدات الجليل الموجودة على خط الحدود تماماً. ولكن لا توجد ميزانية حتى الآن لإقامة هذا العائق، وتبلغ كلفته نحو ملياري شيكل…
القلق من الدعم الايراني
هذا الاحتضان الاميركي غير المفاجىء للمصالح الاسرائيلية على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، لم يخف القلق من عودة اميركا الى الاتفاق النووي التي باتت حتمية، بحسب الاعلام الاسرائيلي حيث سترفع العقوبات المركزية كلياً عن إيران، ولن تكون المطالب الإسرائيلية المتعلقة بمنظومة إنتاج صواريخ أرض – أرض الإيرانية، ودور إيران في الشرق الأوسط جزءاً من هذه الصفقة. وقد ابلغت اسرائيل وزيرالخارجية الأميركي انطوني بلينكن في زيارته قبل ايام انها شديدة القلق من التوقعات بنجاح المرشح الايراني المحافظ ابراهيم رئيسي الذي يمثل الجناح المحافظ في إيران في الانتخابات المقبلة، وبحسب صحيفة “اسرائيل اليوم” فقد تم ابلاغ رئيس الدبلوماسية الاميركية بان هذا الجناح يسيطر على البرلمان، وعلى جهاز القضاء، وبالطبع على الحرس الثوري والجيش. وانتخاب رئيسي وهو الخليفة المرجح لللمرشد علي خامنئي، سيضمن لهذا المعسكر السيطرة التامة في إيران التي ستكون ملتزمة أكثر بتعميق المساعدة لحزب الله، وحماس والمنظمات الفلسطينية في غزة.
استياء من غياب الحريري
في هذا الوقت، يواصل رئيس مجلس النواب نبيه بري تحريك مبادرته بعيدا عن الأضواء، دون نتائج مضمونة حتى الان، في ظل استياء واضح في “عين التينة” من استمرار غياب الرئيس المكلف سعد الحريري خارج البلاد، ووفقا لزوار عين التينة تبلغ بري وعودا بعودته من الامارات نهاية الاسبوع الحالي او مطلع الاسبوع المقبل، لكن ذلك لا يعفيه من السؤال عن اسباب هذه “البرودة” في التعامل مع المستجدات، ولذلك استعان بري “بصديق” شارحا لرئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة طرحه المتجدد، طالبا منه التواصل مع الرئيس المكلف لايجاد مخرج للعقدة الأخيرة حول تسمية وزيري الداخلية والعدل والوزيرين المسيحيين الإضافيين خارج معادلة 3 ثمانات كيلا يدخلا ضمن حصة رئيس الجمهورية ميشال عون أو اي فريق آخر.
الضمانات اولا؟
وفي الانتظار يدور الحديث في “بيت الوسط” عن مطالبة الحريري بضمانات وموقف رسمي مسبق من بعبدا حول تخليها عن “الثلث المعطل”، ويبررون غياب الحريري بانه يجري تقييما للمرحلة الماضية ويعمل مع مستشاريه على صياغة الموقف لمواكبة المستجدات قبل اتخاذ القرار بتقديم تشكيلة حكومية جديدة. ولم تؤكد تلك الاوساط موافقة الحريري بعد على صيغة الـ “24” مع التاكيد على الانفتاح عليها اذا تأمنت شروط نجاحها، واهمها عدم تكريس حق رئيس الجمهورية في تسمية الوزراء المسيحيين.
“المستقبل” يشكك بالانقاذ!
وفي سياق التاكيد على شروط الحريري أكد نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش، ان الفكرة الأساسية للرئيس المكلف هي ألا يتمكن أي طرف من تعطيل الحكومة أو اسقاطها. وفي كلام واضح يفضح تردد الحريري في الاقدام على الحل، قال علوش ان قدرة الحكومة المقبلة على وقف الانهيار كان ممكنا منذ شهرين، لكن في هذه اللحظة هناك علامات استفهام، الا ان وجود حكومة قادر على الأقل على إدارة الانهيار بشكل منطقي.
“انفجار” ازمة الدواء
وفيما يشهد سوق الدواء، فوضى عارمة، انفجرت الازمة بين وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن والمصرف المركزي، وسط تقاذف في المسؤوليات، فيما النتيجة واحدة، لا حل بعد لازمة الدواء المفقودة والمكدسة في مخازن المستوردين، فيما تبدو خطوة “المركزي” واضحة لجهة البدء بتنفيذ خطوة رفع الدعم من طرف واحد.. وقد انتقد حسن الإعلانات المفاجئة لحاكمية مصرف لبنان وحملها “مسؤولية عدم الانتظام في سوق الدواء”. وقال حسن “لا يمكن ان يتخذ المصرف المركزي قرارات فجائية دون التنسيق مع وزارة الصحة، والمستوردين يرفضون التسليم قبل توقيع مصرف لبنان الذي دفع القليل من الفواتير للمستوردين في العام 21، على عكس ما يقول، واشار حسن نحن في قانون تعبئة عامة ولا يمكن ان نتحمل تبعات قرارات اعتباطية، ولسنا في مزرعة ويجب الزام المصرف بالدفع، وعلى القضاء ان يقول كلمته؟
“المركزي” يفرض رفع الدعم
ولاحقا، اصدر مصرف لبنان بيانا اكد فيه ان الكلفة الاجمالية، المطلوب من مصرف لبنان تأمينها للمصارف نتيجة سياسة دعم استيراد هذه المواد الطبية، لا يمكن توفيرها من دون المساس بالتوظيفات الالزامية للمصارف، وهذا ما يرفضه المجلس المركزي لمصرف لبنان. بناءً عليه، يطلب مصرف لبنان من السلطات المعنية كافة ايجاد الحل المناسب لهذه المعضلة الانسانية والمالية المتفاقمة، خصوصاً أن الأدوية وباقي المستلزمات الطبية بمعظمها مفقودة في الصيدليات والمستشفيات، وقد أفاد معالي وزير الصحة بشكل صريح وعلني أن هذه الأدوية متوافرة في مخازن المستوردين.
ازمة المحروقات والكهرباء
وعلى خط مواز، وفيما تلوح في الافق ازمة كهرباء خانقة بدءا من شهر حزيران، اكد ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا، من خارج “المنطق” السائد ان لا تغيير في اسعار المحروقات، مطمئناً إلى أن “لا رفع للدعم عن المحروقات في وقت قريب”. وأعلن أنه تبلّغ من المعنيّين أن “مشكلة البواخر التي لم تتمكّن من تفريغ حمولتها بسبب تحويل الأموال، قد حُلّت”.
سرقة العصر!
في هذا الوقت، يفترض ان تقر لجنة المال الموازنة خطة الكابيتال كونترول يوم الاثنين المقبل بعد تأخير لنحو عام ونصف العام، فيما لا يبدو اقراره يسيرا في ظل معارضة المصارف لبعض بنوده الاساسية وتهدد من الان بالطعن فيه، وكانت اللجنة استكملت نقاشاتها حول خلاصات اللجنة الفرعية، ودخلت في هيكلية الاقتراح وما تضمنه من التزامات وموجبات وعقوبات، ولكنها سألت عن الأرقام التي طلبتها من مصرف لبنان وجمعية المصارف في الجلسة السابقة، ولم تصلها الى الآن. من جهته، وصف النائب انور الخليل القانون بانه “سرقة العصر” وقال ان “ما نقوم به اليوم هو باختصار التشريع لإعفاء المصارف إلى حد بعيد ومصرف لبنان من إعادة الودائع بكاملها إلى المودعين وتحميلهم القسم الأكبر من الكارثة المالية”.
لماذا رفض دياب التوقيع؟
قضائيا، رفض رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب توقيع مشروع مرسوم وزيرة العدل ماري كلود نجم القاضي بتعيين 4 قضاة في مجلس القضاء الأعلى وردّ المرسوم لنجم عبر الأمانة العامة لمجلس الوزراء مؤكدًا أنه لا يجوز التعيين في ظل حكومة تصريف أعمال ومفندًا عددا من الملاحظات على أداء الوزيرة. ووفقا للمعلومات، لدى دياب الكثير من الملاحظات حول ما يرى فيه محاصصة حزبية في التعيينات المقترحة…؟