مع ان أي جديد لم يسجل في المشهد الداخلي خلال الساعات الأخيرة من شأنه ان يحمل مؤشرات معينة حيال أي تحرك لحلحلة الازمة الحكومية المستعصية، فان هذا الجمود الظاهري لم يعكس كما يبدو حقيقة الاستعدادات الجارية التي بدأت في اختبار جديد على مسار تذليل التعقيدات التي عطلت عملية التأليف وشلتها تماماً. واذا كانت المعطيات الماثلة في هذا الصدد تتوقع ان ينطلق الاختبار الجدي والأخير لاعادة تحريك عملية تأليف الحكومة بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت في الساعات المقبلة، فان ما استرعى اهتمام المراقبين والقوى السياسية الداخلية تكثيف المبادرات والدلالات والرسائل الأميركية والفرنسية على نحو متزامن وغير مسبوق في شأن دعم الجيش اللبناني، الامر الذي يدفع هذا التطور الى الواجهة نظرا الى ما ينطوي عليه من خلفيات بارزة ان بالنسبة الى تعاظم خشية المجتمع الدولي على الاستقرار في لبنان، وان بالنسبة الى انهيار الثقة الدولية انهياراً مبيناً وشاملاً بالسلطات السياسية اللبنانية.
واتخذ هذا البعد مداه العميق أولا من خلال الاصداء التي اثارها استقبال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لقائد الجيش العماد جوزف عون، ومن ثم من خلال أهمية اعلان السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا امس عن رزمة المساعدات والدعم الكبيرة التي خصصتها الإدارة الأميركية للجيش اللبناني والتي يجري تسليمها اليه تباعاً. وجاء اعلان السفيرة شيا في ختام “التمرين المشترك” وهو احد اكبر المناورات السنوية للجيش الأميركي مع الجيش اللبناني والذي استمر أسبوعاً فتحدثت عن “ثلاثة إعلانات إضافية تمت مؤخراً عن تمويل من الحكومة الاميركية للجيش اللبناني: أولا، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عزمها تحويل مبلغ 120 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي الى الجيش اللبناني للسنة المالية 2021. هذه الهبة العسكرية سوف تزود الجيش اللبناني بأنظمة وخدمات وتدريبات دفاعية بالغة الأهمية. وهي تمثل زيادة قدرها 15 مليون دولار عن السنوات السابقة. وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها ستقدم العام المقبل للبحرية اللبنانية ثلاثة زوارق خفر سواحل أميركية للدوريات من طراز Protector-class. هذه القوارب ستعزز قدرات الدوريات البحرية اللبنانية إلى حد كبير. وأخيرا، بدأت وزارة الدفاع الاميركية بتحويل 59 مليون دولار إلى الجيش اللبناني، والتي ستستخدم لتعزيز قدرات الجيش الأمنية على الحدود الشرقية”. وقالت شيا: “الولايات المتحدة تواصل النظر بسلطات إضافية يمكن للولايات المتحدة من خلالها، بموجب القانون الأميركي، تقديم مساعدات استثنائية للجيش اللبناني. وأود أن أذكر الجميع هنا، مرة أخرى، بالالتزام الطويل الأجل للولايات المتحدة تجاه لبنان والجيش اللبناني”.
لقاءات تمهيدية
في غضون ذلك، وعلى الصعيد السياسي، أفادت معلومات ان اجتماعا عُقد اول من امس بين رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ومعاون رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب علي حسن خليل، في اطار المساعي لتسهيل مبادرة بري الحكومية. كما افيد ان اتصالات جرت بين باسيل ومسؤولين في “حزب الله”.
وفي انتظار عودة الحريري لفت اعلان نائب رئيس “تيار المستقبل” مصطفى علوش انه “كانت هناك جرعات وافرة من التفاؤل في كلام المسؤولين لكن يبدو أن الكلام كان من باب الإستهلاك فقط، بدليل أنه لم تصدر أية بوادر تبشر حقيقة بتسهيل ولادة الحكومة عند المسؤولين الذين أداروا محركات التأليف. ولم نسمع بوضوح قبول الرئيس عون الذهاب بحكومة مستقلين ومن دون ثلث معطل. وبذلك صار التفاؤل وراءنا”. واضاف: ان “ما شهدته عطلة العيد من حراك على جبهة حزب الله والتيار الوطني الحر حمل المزيد من الأفكار الجديدة الإيجابيّة أضف إليها خطاب السيد حسن نصرالله في ذكرى التحرير والذي أعطى زخما لتحريك ملف تشكيل الحكومة، لكن كل الأمور لا تزال في مكانها لا شيء تغير في مواقف الرئيس عون، وإلا لكان تبلغ بها الحريري الذي لا يزال على منطقه وكلامه. حتى المساعي التي يقوم بها الوسطاء على جبهة الرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط لم تحمل أي معطى جديد فعلى أي أساس سيتوجه الحريري إلى القصر؟ وإذا صح أن هناك بوادر إيجابية فلتوضع على الطاولة”.