يبدو ان تحديد مصير مبادرة رئيس مجلس النواب #نبيه بري، ومن خلالها المحاولة الأخيرة لإنقاذ عملية #تأليف الحكومة من أفخاخ التعطيل، لن يطول كثيرا، وربما ليس اكثر من 48 ساعة في ظل الإيجابية الحذرة التي بادر بها الرئيس المكلف #سعد الحريري رئيس المجلس بعد ساعات من عودة الحريري الى بيروت بما شكل انكشافا لخطة دعائية كانت ترمي الى حمله على التصعيد وإجهاض الفرصة الأخيرة في مهدها. واذا كان من خلاصة عريضة لانطلاق مساعي الفرصة الحكومية الأخيرة قبل بلوغ ما يتوعد به افرقاء التعطيل به من خيارات، فهي ان عبور تشكيلة الـ 24 وزيرا لن يكون متاحاً الا اذا قوبلت الإيجابية الحريرية الحذرة بتجاوز “حاجز” الثلث المعطل للعهد وفريقه قولاً وفعلاً وبلا تفخيخ، والا ستذهب كل الجهود هباء منثوراً بفعل قرار متكلس غير قابل للتغيير مهما برع أصحابه في التورية والتمويه والمناورة. وتكتسب المحاولة الجديدة أهميتها ليس فقط لكونها محاولة مصيرية، بل لان بعثة من صندوق النقد الدولي ستصل الجمعة الى بيروت الامر الذي يضاعف الأهمية المعلقة على دفع الملف الحكومي.
فبعد ساعات من عودة الحريري فجراً الى بيروت جمع لقاءٌ عُقد قرابة الثانية والنصف من بعد الظهر في عين التينة، رئيسَ المجلس والرئيس المكلف استمر حتى الرابعة، غادر بعدها الحريري من دون الادلاء بتصريح، وصدر بيان افاد ان “رئيس مجلس النواب استقبل في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، الرئيس المكلف في حضور المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل ومستشار الرئيس الحريري هاني حمود. استمر اللقاء ساعتين، تم في خلاله البحث في الاوضاع العامة وآخرالمستجدات السياسية سيما الموضوع الحكومي. وتخللته مأدبة غداء حيث كان في خلالها نقاش في مسار تشكيل الحكومة والمراحل التي قطعتها وكانت الاجواء ايجابية.”
وعلى الأثر عقد عصراً لقاء في “بيت الوسط” ضم الرئيس الحريري ورؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام، تم خلاله التداول في آخر المستجدات، ولاسيما ما يتعلق منها بمسار ملف تشكيل الحكومة الجديدة.
وفي معلومات “النهار” ان الحريري بدا متجاوبا بحذر مع مساعي بري وانه ابدى استعداده لتسهيل مبادرته، وانما ضمن الأصول الدستورية والاحترام الكامل لهذه الأصول ولصلاحيات رئاسة الوزراء وأوضح انه سيجري مزيدا من المشاورات التي بدأها بلقاء رؤساء الوزراء السابقين الثلاثة .
رؤساء الحكومات ولقاء البياضة
وعلمت “النهار” ان رؤساء الوزراء السابقين اكدوا الوقوف الى جانب الرئيس المكلف في مهمته مع ابداء كامل الحرص على الدستور والتفاهم على الموقف الذي يتخذه الحريري من الموضوع الحكومي. واكد الاجتماع استمرار الحريري في مهمته وعدم اعتذاره عنها واستعداده لمد اليد ضمن الالتزام بالدستور. وتناول الاجتماع ضرورة تاليف حكومة انقاذ من اختصاصيين غير حزبيين خارج اطار توزيع الحصص مع العلم ان المعطيات تشير الى ان الملف الحكومي لا يزال يراوح مكانه طالما لم تحترم المعايير الدستورية التي على أساسها تحصل عملية تشكيل الحكومة.
وتشير معلومات “النهار” الى انه في سياق متصل اجرت القوى الأساسية المعنية بتأليف الحكومة مشاورات امتدت لساعات مساء امس ابرزها بين حارة حريك وميرنا الشالوحي. وفي هذا الاطار عقد لقاء مساء في منزل رئيس التيار الوطني الحر النائب #جبران باسيل ضمه والمعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين الخليل ورئيس لجنة الارتباط في حزب الله وفيق صفا. وفهم انه جرى تداول بعض الأفكار التي طرحت في لقاء بري والحريري واتفق على استكمال المشاورات. وعلمت ”النهار” ان اللقاء لم يشهد خرقا في المناخات، ولكن يبدو كأنه اطلق النقاش مجددا وبجدية حول المخارج الممكنة للازمة.
وعلى رغم التكتم الشديد الذي سعى بري والحريري واوساطهما الى الالتزام به، منعاً لأي تشويش على المبادرة، عكس اللقاء تعاطياً مرناً مع ملف التشكيل، انطلاقاً من المعايير التي اقترحها بري في مبادرته، والتي وافق عليها الحريري، سيما وأنها تلاقي في العديد من بنودها المبادرة الفرنسية التي انطلق منها بري في مبادرته.
وأفادت معلومات انه في الجوهر، بدا الحريري جديا في تلقفه المبادرة والسير فيها، ولا يناور، لكن شرط ان تلقى استجابة من رئيس الجمهورية اذا وافق على الاسمين المسيحيين المقترحين لحقيبتي الداخلية والعدل ولم تتجدد محاولات الحصول على الثلث المعطل مداورة.
وفي حين لم يكن حدد امس اي موعد بعد للرئيس بري على جدول لقاءات بعبدا، اكتفت اوساط القصر الجمهوري بالقول “ما يعنينا من هذه المسألة ان يزور الرئيس المكلف القصر حاملا معه طرحا جديدا يناقشه مع الرئيس ميشال #عون والا فخلاف ذلك كلام يشبه بعضه” .
التشكيلتان وبكركي
وفي مواكبة المشاورات المتجددة بعد عودة الحريري لا يخفى ان الاستغراب بلغ ذروته لمسألة تقديم بعبدا تشكيلتين حكوميتين في ما شكل استفزازا سياسيا سافرا لجهة الخرق الدستوري الموصوف التي تكرر في تعامل بعبدا مع عملية تشكيل الحكومة. وبدا الاستغراب متسعا لقبول بكركي تسلم التشكيلتين بما يرتب عليها شكلا ومضمونًا التساهل مع محاولة سافرة لخرق الدستور.
وفي محاولة للتخفيف من وطأة هذه المسألة تشير بعض المعطيات إلى أنّ موقف البطريرك الماروني يتمثّل بدعم تشكيل حكومة وضرورة استخلاص العبر في حال عدم التوافق بين الجهات المعنيّة بالتاليف، مع التأكيد مجدّداً أنّه لا يريد الدخول في لعبة التسميات الحكومية، رغم أنّه مستعدّ لتسهيل أيّ مهمّة بما في ذلك تقريب وجهات النظر بين المعنيين بالتأليف، لكنّه لن يدخل أبداً في تسميات ولن يتولّى على عاتقه تسمية الوزيرين المسيحيين المتبقيين في صيغة الـ24 وزيراً، بل يشدّد على ضرورة الاتفاق على تأليف حكومة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف.
وعُلم أنّ اللقاء الذي جمع الرئيس المكلّف ورئيس مجلس النواب قد تطرّق بشكل خاص إلى البحث في أفكار حول كيفية تسمية الوزيرين المتبقيين في صيغة الـ24 وزيراً، من دون نيل أي فريق سياسي “الثلث المعطل”، مع الإشارة إلى أنّ التعبير عن أيّ ايجابيات لا يزال مرهوناً بما ستحمله الساعات الـ48 المقبلة.
في المقابل تعبّر أجواء فريق العهد عن أنّ رئيس الجمهورية لم يقدّم أي اسم في الصيغتين اللتين قدّمهما، بل عبّر عن تصوّر أو هيكلية قابلة للبحث مع الرئيس المكلفّ وقد ترك الاسمين المتبقيين من دون تحديد دور الجهة التي يمكن أن تعيّن الوزيرين على أن يتّفق على تسميتهما بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف. وترى المصادر المواكبة أنّ الملف الحكومي دخل في مرحلة حسم خلال الأسبوع الجاري. وتتحدث المصادر عن مجموعة خيارات يمكن أن يتخذها على عاتقه فريق رئيس الجمهورية السياسيّ في حال استمرار المراوحة. وتعتبر الاستقالة من البرلمان إحدى الأفكار والخيارات التي يمكن السير بها والمتداولة في ذهن فريق رئيس الجمهورية، لكنه قرار يترتّب عليه مسؤوليات ولا يمكن اتخاذه بلحظة.
في المواقف، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد #جنبلاط عبر “تويتر”: “لا بد من التفتيش عن القوى الخفية التي تحول دون تشكيل الحكومة”.