وفق السيناريوهات اللبنانية المعهودة وعلى قاعدة التسويات السياسية التي يبرمها القيّمون على شؤون البلاد حينما تتلاقى مصالحهم وتبيح الضرورات المحظورات، وبعد ليلة صاخبة أنبأت بانفجار اجتماعي وشيك حاصرت السلطة السياسية – القضائية – المالية اليوم تداعيات مفاعيل قرار مجلس شورى الدولة الكارثية على احوال الناس المنهارة اساسا، واعادت إحياءَ تعميم مصرف لبنان الرقم 151 القاضي بسحب الاموال بالدولار من المصارف على سعر الـ3900 ليرة، وهي ربع القيمة الحقيقية لسعر صرف دولاراتهم المحجوزة في المصارف بفعل ازمة افتعلها السياسيون بفسادهم ويدفع ثمنها «الـمركزي» والشعب، ما دامت اموالهم «تستريح في الخارج» يتنعمون بها ساعة يشاؤون مقابل سلب اللبنانيين جنى عمرهم ووضعهم عنوة في أسوأ حال من الفقر والعوز واليأس.
سلامة
على اعلى مستوى، وفي حضور الاضداد في القصر الجمهوري، «عالج» رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تداعيات قرار مجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ تعميم مصرف لبنان الرقم 151، في خلال اجتماع ضم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس شورى الدولة فادي الياس، تقرّر على أثره «اعتبار التعميم رقم 151 الصادر عن مصرف لبنان ما زال ساري المفعول».
وردا على سؤال اكد سلامة ان «مصرف لبنان ليس مفلسا، واموال اللبنانيين موجودة في المصارف وليس لدى مصرف لبنان». وعن قول المصارف ان أموال المودعين هي لدى مصرف لبنان، أجاب «هكذا هم يقولون. المصارف لديها أموال من الدولة واموال دينتها للقطاع الخاص، واموال خاصة مودعة في الخارج».
تطبيق الـ151
من جهته، عقد مجلس إدارة جمعية المصارف اجتماعا برئاسة رئيسه الدكتور سليم صفير، وبحث في نتائج اجتماع بعبدا حول قرار «شورى الدولة» وخَلُص إلى التأكيد أن المصارف ستُعاود اعتباراً من الغد تطبيق تعميم مصرف لبنان الرقم 151، على رغم أن بعضها لم يلتزم اليوم بقرار مجلس شورى الدولة» اعتماد السعر الرسمي للصرف، والبعض الآخر فضّل التريّث إلى ما بعد اجتماع قصر بعبدا المالي – القضائي.
السلع المدعومة
إلى ذلك، رأس الرئيس عون اجتماعا ماليا في حضور حاكم مصرف لبنان تم في خلاله التداول في «تأمين تمويل المواد الأساسية المدعومة بالعملة الأجنبية». وتمت «مقاربة الحلول المتوافرة وفقا لقانون النقد والتسليف، على أن يتم التواصل بين وزير المالية والحاكم سلامة لهذه الغاية». وخلال الاجتماع، اجرى الرئيس عون اتصالا هاتفيا برئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ووزير المال.
التقنين الكهربائي
معيشيا ايضا، لا حلول لاي من الازمات، لا على صعيد المحروقات وعلى خط الدواء ولا ايضا على صعيد الكهرباء. وفي السياق، أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان عن ارتفاع اضافي في ساعات التقنين بسبب عدم تفريغ حمولات ناقلات الفيول بسبب عدم فتح اعتماداتها المستندية اللازمة».
لا محاكمة!
على ضفة الانهيار المالي لبنانيا ايضا، ألغى قضاة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان محاكمة جديدة للرجل المدان باغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري عام 2005 لأنهم يتوقعون نفاد أموال المحكمة واضطرارها للإغلاق قبل اتمام مهمتها.
التنازلات مطلوبة
ورغم الاجواء المأسوية هذه، لا اتصالات سياسية على خط التشكيل. وقد سُجلت مواقف لافتة لرئيس الجمهورية امس جاءت في حديث لمجلة «الامن العام»، اذ اكد «انني قدمت كل التسهيلات اللازمة لتأليف الحكومة لكن الرئيس المكلف لم يراع مبدأ الشراكة الوطنية. التنازلات مطلوبة اليوم من الجميع وما نحتاجه هو وقفة ضمير، وفرنسا تسعى عبر رئيسها ايمانويل ماكرون الى ايجاد ارضية مشتركة للتفاهم على الانقاذ في لبنان».
خيار الاعتذار
في المقابل، حمّل عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة الى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي يواصل رفض كل الاقتراحات كاشفاً عن صيغة حكومية هي العاشرة منذ التكليف طرحت على باسيل في اجتماعه الأخير مع النائب علي حسن خليل ورئيس لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا في إطار مبادرة الرئيس بري، ولكنه رفضها ولم يبلغ رئيس الجمهورية بها. ورفض الحجار في حديث الى «صوت كل لبنان»، وضع بيان المستقبل في إطار مهاجمة رئيس الجمهورية وموقع الرئاسة معتبرا أن المشكلة تكمن في سيطرة باسيل على القصر وتصرّفه وكأن رئيس الجمهورية مطيّة لأحلامه. واستبعد اقتراح تشكيل حكومة أقطاب لافتا الى ان تكليف الرئيس الحريري أتى على أساس تشكيل حكومة تتلاقى مع المبادرة الفرنسية من أصحاب الاختصاص وقادرة على اجراء الإصلاحات المطلوبة. وعن خيار الاعتذار لدى الرئيس المكلف قال الحجار إن كل الخيارات مطروحة أمام الحريري والاعتذار من بينها مشيرا في المقابل الى أنّ الأمور لم تصل بعد الى هذا الحد وخيار الحريري الحالي هو تكرار المحاولات للتوصل الى حلّ.
الحريري ومايكلز
وكان الحريري التقى قبل ظهر امس في «بيت الوسط» القائم بأعمال السفارة الأميركية في بيروت رتشارد مايكلز، وعرض معه المستجدات السياسية والأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
بكركي والمؤتمر الدولي
من جهة ثانية، لفتت تغريدة للبطريركية المارونية عبر حسابها على «تويتر» جاء فيها «نريد مؤتمرا دوليا خاصا بلبنان، برعاية منظمة الأمم المتحدة، غايته: تطبيق قرارات مجلس الأمن بكاملها، إستكمالا لتطبيق وثيقة الوفاق الوطني الصادرة عن مؤتمر الطائف (1989) بكامل نصها وروحها».