الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية: التأليف دخل البازار السياسي والمزايدات.. ومبادرة برّي مستمرة.. ولكن
الجمهورية

الجمهورية: التأليف دخل البازار السياسي والمزايدات.. ومبادرة برّي مستمرة.. ولكن

تنتهي مبادرة وتبدأ وساطة والنتيجة نفسها: لا تأليف حكومياً، والفراغ يراوح، وما تكاد تنتهي المبادرة حتى يبدأ الكلام عن احتمالات إنعاشها، أو انطلاق وساطة أخرى، وكأنّ هناك من لا يريد ان يقتنع بأن التأليف متعذِّر بين رئيس الجمهورية ميشال عون وخلفه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل من جهة، وبين الرئيس المكلف سعد الحريري من جهة أخرى، وعلى طريقة المثل القائل «لو بَدّا تشتي كانت غيمّت»، فلو كان ثمة بشائر تأليف كانت تألفت الحكومة بفعل المبادرة الفرنسية وقوة الدفع الخارجية والداخلية في آن معاً، ولكن لا حياة لمن تنادي، حيث اصطدمت كل محاولات التأليف بجدار التعنُّت والخلافات، في الوقت الذي يواصل البلد انهياره.

سؤالان تبادرا إلى ذهن كل مُتابِع لحظة اصطدام مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري بتطاير البيانات بين قصربعبدا و»بيت الوسط»، هذه البيانات التي طيّرت هذه المبادرة مبدئياً: ما هي احتمالات إنعاش مبادرة بري؟ وما البديل؟ وفي الإجابة عن السؤال الأول قد تكون الاحتمالات معدومة، لأنّ الخلاف يبدأ بالشخصي ولا ينتهي بالنظرة إلى الحكومة، وما بينهما تفاصيل التأليف، وطالما أنّ كل المساعي السابقة باءت بالفشل، فهذا يعني ان مصير كل المساعي اللاحقة سيكون نفسه، وما لم تصل القوى المعنية بالتأليف إلى هذه الخلاصة يصعب عليها التفكير او الانتقال إلى الخطوة التالية، في اعتبار انه لا يجوز مواصلة التركيز على ملف مفروغ منه أساساً، الأمر الذي يؤدي إلى تضييع الوقت في لحظة أحوَج ما يكون فيها البلد إلى كل دقيقة وقت للإنقاذ.

 

وفي حال وصلت القوى المعنية إلى اقتناع بأنّ التأليف متعذِّر بين عون والحريري، يمكنها الانتقال إلى 3 خيارات أو احتمالات:

ـ الاحتمال الأول إقناع عون والحريري بضرورة الذهاب إلى حكومة بوظيفة واحدة هي الانتخابات، وان يحظى رئيس الحكومة الذي سيتولى هذه المهمة بموافقة الحريري.

ـ الاحتمال الثاني، تفعيل حكومة تصريف الأعمال وليس تعويمها من أجل ان تتمكن من إدارة المرحلة الفاصلة عن الانتخابات بالحد المقبول الذي يُبقي البلاد واقفة ومستقرة.

ـ الاحتمال الثالث، تقصير ولاية مجلس النواب إلى الخريف من أجل تقصير مدة الفراغ، خصوصاً انّ موعد الانتخابات النيابية هو في الربيع. وبالتالي، يكون التقصير لمدة 6 أشهر، فضلاً عن انّ التقصير يعالج مسألة تزامن الاستحقاقين النيابي والبلدي.

ويبدو وفق معظم التقديرات انّ الفراغ سيستمر حتى الانتخابات النيابية، ولكن ماذا لو أطيح بهذه الانتخابات؟ وهل يحتمل الوضع المالي أساساً استمرار الفراغ؟

 

حفلة مزايدات

في هذه الاثناء لوحظ انّ الملف الحكومي دخل مرحلة من البازار السياسي وفي حفلة من المزايدات مكرّساً واقع اللاحكومة في المدى المنظور، ولا حكومة أصلاً بين عون والحريري ولا تسوية بين باسيل والحريري، ومن المتوقع ان تستمر الامور على هذا المنوال في الايام المقبلة، الحكومة «لا معلّقة ولا مطلقة» ومبادرة الرئيس نبيه بري قائمة مع وقف التنفيذ، والهدف جمهور الخصمين شعبويّاً، شَد عصب وتجييش قبل إعلان الخيارات السياسية لكل طرف بغية تحصينها من الشارع والالتفاف حولها.

وأكدت مصادر متابعة لملف المفاوضات الجارية في ملف تشكيل الحكومة لـ»الجمهورية» أن «لا جديد على الاطلاق طرأ على هذا الصعيد، وانّ الاجوبة المنتظرة تتطاير في الاعلى مصحوبة بحفلة من جنون لا يمكن العمل في مناخاتها». واشارت المصادر الى «انّ الوقت حالياً متروك لمعرفة الى أين ستنتهي حملات التخاطب العالية السقف وكباش البيانات واذا ما هدأت النفوس «منرجع منحكي».

 

حذر في بعبدا

الى ذلك، قالت مصادر مطلعة على اجواء بعبدا لـ«الجمهورية» ان الاهتمام بالملف الحكومي ما زال قائماً في موازة المعالجات الجارية للملف المالي والنقدي وما رافقَ البلبلة التي تسبّب بها قرار مجلس شورى الدولة في شأن تجميد العمل بالتعميم 151 ومنصة الـ 3900 ليرة. ولفتت المصادر الى انّ رئيس الجمهورية يتابع نتائج المساعي الجارية على مستوى مبادرة بري التي قيل انها مستمرة وانّ مصيرها لا يحسمه سوى بري نفسه، في إشارة الى استمرار تبادل المقترحات على اكثر من مستوى وعبر اكثر من شبكة من شبكات الوساطة التي عملت بكل طاقتها في الساعات الماضية منعاً لانهيار الصيغة التي يعمل عليها بري.

وفي المعلومات انّ بعبدا ايضاً تتابع مساعي البطريرك الماروني الذي انتهى لقاؤه مع عون أمس الأول الى انه سيكون على تواصل مع مختلف الاطراف، وخصوصاً مع بري والحريري.

وفي الوقت الذي قيل إنّ التواصل بين الراعي وبري قد حصل في الساعات الماضية، إلا ان مصادر قريبة من بكركي لفتت عبر «الجمهورية» إلى أن لا علم لها بما أجراه البطريرك من اتصالات ولا تعرف شيئاً محدداً بمعزل عن نيته في انه لن يوفّر مسعى يبنى على موقع بكركي وحرصها على المبادرات الوطنية الشاملة التي ترتد على المستوى الوطني.

 

في بيت الوسط

وفي «بيت الوسط» ساد صمت مطبق ولم تكشف أوساطه سوى عن لقاءات مع السفراء والديبلوماسيين، ومنها لقاء الحريري مع القائم بالأعمال الأميركي ريتشارد مايكلز في غياب السفيرة دوروتي شيا التي غادرت بيروت إلى واشنطن لأسبوعين او ثلاثة على الاقل في مهمة ادارية وزيارة خاصة.

وعلمت «الجمهورية» انّ مايكلز ركّز خلال اللقاء على استطلاع ما آلت اليه المساعي لتشكيل الحكومة والعوائق التي حالت إلى اليوم دون تشكيلها في ظل المواقف المتناقضة وما هو مطروح من صيغ للحل، مشدداً على اهمية إتمام الاستحقاق في اسرع وقت ممكن لتنطلق ورشة الاصلاحات لمواجهة الوضع الخطير وإحياء حركة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فالعالم ينتظر اكتمال عقد المؤسسات الدستورية في لبنان بغية إطلاق عملية إعمار محيط مرفأ بيروت والأحياء المتضررة وتقديم الضروري من المساعدات بالتوازي مع المساعدات الانسانية والصحية المتواصلة لمواجهة جائحة كورونا ومع البدء بالاصلاحات المالية والادارية المنتظرة منذ سنوات عدة.

 

مصرف لبنان والدولار

من جهة ثانية، لم يكن المخرج الذي أُعلن في بعبدا للأزمة التي أثارها أمس قرار مصرف لبنان لجهة الالتزام بقرار مجلس شورى الدولة وإلغاء العمل بالتعميم الذي يسمح بسحب الدولارات من المصارف على سعر 3900 ليرة للدولار، مُقنعاً. وبَدا واضحاً انّ ما حصل أحرجَ الجميع، بدليل انّ مصرف لبنان اضطر الى التراجع عن بيانه الاول واعلن عن تقديم مراجعة لوقف تعطيل التعميم وضمان مواصلة العمل وفق مندرجاته، كما اضطر مجلس شورى الدولة الى ابتكار مخرج مفاده انّ التبليغ لم يكن مختوماً، وبالتالي اذا تم تقديم مراجعة يمكن الاستمرار في العمل بالتعميم 151، في انتظار البت في المراجعة.

في كل الحالات، قلّما اهتمّ المواطن بتفاصيل المخرج الذي بدا واضحاً انه محاولة فاشلة لحفظ ماء الوجه، وكان البلد في غنى عن هذه الخضّة، وكان القضاء في غنى عن هذا الاحراج الاضافي، وكان مصرف لبنان في غنى عن لعبة عض الاصابع ورَد الكيل كيلين.

وأعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد الاجتماع المالي والقضائي في بعبدا، انّ «أموال الناس «ما راحِت»، وسنصدر تعميماً قريباً ‏لإعادة أموال المودعين»‎.‎ واضاف: «التعميم 151 ما زال ساري المفعول بما انّ مصرف لبنان لم يتبلّغ صورة صالحة للتنفيذ عن القرار الإعدادي لمجلس شورى ‏الدولة بوقف تنفيذه‎ .»‎وأكد أنّ مصرف لبنان «مش مفلّس‎».

 

مبادرة عون المالية

وفي وقت لاحق من ليل امس عبّرت مصادر قريبة من بعبدا، عبر «الجمهورية»، عن استغرابها للحملة التي شنّتها جهات عدة وعكستها بعض وسائل إعلام متعددة تجاه مبادرة عون للدعوة الى الاجتماع المالي والقضائي وردات الفعل التي تَلته.

وقالت هذه المصادر انّ رئيس الجمهورية مارسَ مسؤولياته في هذا الاجتماع الذي دعا اليه بين المعنيين بالأزمة المستجدة عملاً بقَسمه الدستوري آخذاً في الاعتبار سلامة المواطنين، خصوصاً في ظل التطورات التي حصلت أمس في الشارع ومنعاً لأي استغلال، وهذا يدخل في صلب مسؤولياته وليس فيه أي تجاوز.

ولفتت المصادر الى انّ رئيس الجمهورية طلب من طرفي الاجتماع شرح مواقفهما والأسباب الموجبة التي قادت الى ما تقرّر، فقدم رئيس مجلس شورى الدولة ما رافق صدور القرار المتخذ والعوامل التي قادت إليه بمعزل عن تداعياته وأسبابه. وفي المقابل تولى حاكم المصرف المركزي شرح تداعيات مثل هذا القرار على الوضع المالي والمصرفي، ما دعاه الى إعلان تعليق العمل بالتعميم 151 ظنّاً منه أنه تبلّغ هذا القرار رسمياً، ولم يُصدِر تعميماً او بياناً بل مجرد إعلان.

وأكدت المصادر انّ الاجتماع حفظ في شكله ومضمونه ونتائجه سلطة القضاء المطلقة والمستقلة والسيادية في اتخاذ ما يلزم من قرار بالنسبة الى مراجعة مصرف لبنان بموضوع وقف تنفيذ التعميم، وترك له التقدير المطلق لجهة ملاءمة التعميم مع قانونية الاجراء.

ولجهة الحفاظ على دور القضاء ومنعاً للتفسير الذي يعطيه مَن يدّعي الغيرة على القضاء، سيُبادر مجلس شورى الدولة وفقاً للاصول الى بَت المراجعة التي تقدم بها مصرف لبنان بالرجوع عن قرار وقف التنفيذ بعدما افاد الحاكم انّ ثمة عناصر جديدة لم تكن واردة في الملف، وخَلص الحاكم الى اعتبار التعميم سارياً طالما انه لم يتبلّغ القرار رسمياً.

واعتبرت المصادر «انّ الاجتماع حقّق الهدف منه، وهو تعطيل اي محاولة لإحداث توتر او مضاعفات سلبية ظهرت طلائعها ليل امس في عدد من المناطق. وبالتالي، ما فعله رئيس الجمهورية لا تجاوز فيه بل هو من صُلب مسؤولياته في المحافظة على الاستقرار وعلى مصالح المواطنين وسلامة الاوضاع المالية والاقتصادية، خصوصاً في ظل عدم انتظام عمل المؤسسات الرسمية.

 

«الكابيتال كونترول»

الى ذلك، تابعت لجنة المال والموازنة في جلسة برئاسة النائب ابراهيم كنعان وحضور اعضائها درس اقتراح القانون الرامي الى وضع ضوابط استثنائية وموقّتة على التحاويل المصرفية. وبنتيجة النقاشات، حصل تقدّم كبير في بَت اقتراح قانون «الكابيتال كونترول»، على صعيد البنود المالية المتعلّقة بالسحوبات النقدية بالليرة والدولار والتحاويل الطلابية. وسيستكمل النقاش في جلسة أخيرة تعقد العاشرة والنصف قبل ظهر الإثنين المقبل يليها ظهراً مؤتمر صحافي للنائب كنعان.

 

التقنين الكهربائي

على صعيد حياتي آخر، بشّرت مؤسسة كهرباء لبنان اللبنانيين بأنّ ساعات التقنين ستزداد في الايام القليلة المقبلة، لتعذّر تفريغ حمولات ناقلات الفيول «بسبب عدم فتح اعتماداتها المستندية اللازمة». وحذّرت المؤسسة من انّ «التدني في القدرة الإنتاجية يؤثر سلباً على ثبات الشبكة الكهربائية واستقرارها، حيث أنّ أي صدمة كهربائية تتعرّض لها الشبكة قد تؤدي إلى انقطاع عام وخروج كافة المعامل عنها»، بما يعني العتمة الشاملة.

 

إنفجار المرفأ

على صعيد انفجار المرفأ، كشف المحقق العدلي القاضي طارق البيطار أنّ «مرحلة التحقيق التقني والفني شارفت على الانتهاء». وقال: «بعد أسابيع قليلة، تبدأ مرحلة الاستدعاءات التي ستطاول أشخاصاً مدعى عليهم». وأبدى ثقته بـ»الوصول إلى الحقيقة وتحديد المسؤولين عن الكارثة التي حلّت بلبنان وبالعاصمة بيروت». وأوضح أنّ «التحقيق يركز راهناً على 3 فرضيات: الأولى، إمكان حصول خطأ في عملية تلحيم باب العنبر الرقم 12 أدى إلى اندلاع الحريق، ثم الانفجار. الثانية، حصول عمل أمني أو إرهابي متعمّد داخل المرفأ تسبب بالكارثة. والثالثة، فرضية الاستهداف الجوي عبر صاروخ». وأشار إلى أنّ «إحدى هذه الفرضيات استُبعدت بنسبة 70 في المئة، والعمل يجري على الحسم النهائي بين الفرضيتين المتبقيتين»، من دون أن يحددهما.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *