ذكر تقرير مطول نشرته صحيفة “واشنطن بوست” أن الشركات التكنولوجية العملاقة في الولايات المتحدة، تراجع مواقفها بشأن السماح لموظفيها بالعمل عن بعد بشكل دائم، كما حدث خلال فترة تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
وكانت شركة آبل قد طلبت من موظفيها العودة للعمل داخل المكاتب ثلاثة أيام في الأسبوع على الأقل اعتبارا من بداية شهر سبتمبر المقبل.
وأوضح الرئيس التنفيذي للشركة في منشور له أنه ورغم كل ما تمكنا من تحقيقه، فإن الحقيقة (خلال فترة الجائحة) فإن هناك ثمة شيء أساسي فقدناه منذ العام”.
وأضاف: “لقد اختصرت المكالمات والاجتماعات عبر الفيديو المسافة بيننا. ولكن هناك أشياء لا يمكن تعويضها”، مشيرا إلى أنه سيطلب من معظم الموظفين الحضور إلى المكتب أيام الاثنين والثلاثاء والخميس. مع خيار العمل عن بُعد يومي الأربعاء والجمعة.
وأعلنت أبل الفرق التي تحتاج إلى العمل بشكل جماعي، أنها ستعود للعمل في المكاتب من أربعة إلى خمسة أيام في الأسبوع.
وسيتمتع موظفو آبل بفرصة العمل عن بعد لمدة تصل إلى أسبوعين في العام، لـ”السماح لهم في أن يكونوا قريبين من عائلاتهم وأقاربهم وأحبائهم، أو لأسباب شخصية أخرى، أو في حال الاضطرار للسفر دون الرغبة في أخذ إجازة”.
أما بالنسبة للمدراء، فسيحتاجون إلى موافقات مسبقة في حال رغبتهم بالعمل عن بعد.
وكان تيم كوك قد أخبر الموظفين في شهر ديسمبر الماضي أنه قد يُطلب منهم العودة إلى المكتب في وقت مبكر من شهر يونيو.
وفي نفس السياق، لم تغلق عملاق التجارة الإلكترونية “أمازون” كافة مكاتبها في مجمعها الضخم في سياتل والذي تبلغ مساحته 11 مليون قدم مربع ويضم عدة أبراج.
فقد استمر بعض العمال والموظفين بالقدوم إلى أماكن عملهم خلال ذروة تفشي جائحة كورونا في البلاد.
وتقوم أمازون حاليا ببناء مقر ثانٍ في شمال ولاية فيرجينيا، حيث تقول إنها ستستثمر 2.5 مليار دولار، معلنة أنها تخطط لإعادة بقية موظفي مكاتبها في وقت مبكر من هذا الصيف وقبل انتهاء فصل الخريف.
وقالت أمازون في مدونة أواخر مارس: “خطتنا هي العودة إلى ثقافة تتمحور حول المكتب كخط أساس لنا”. “نعتقد أنه يمكننا من الابتكار والتعاون والتعلم معًا بشكل أكثر فعالية”.
نقاشات في “غوغل”
أما بالنسبة لشركة غوغل، فتتضمن خططها حضور معظم العمال في المكتب ثلاثة أيام في الأسبوع، مع احتمال أن يبقى 20 بالمائة منهم مستمرين بالعمل من المنزل بشكل دائم.
قال أحد الموظفين التقنيين لـ”واشنطن بوست” مشترطا عدم الكشف عن هويته، أن المحادثات الداخلية لا تزال مستمرة في الشركة، وبالتالي لا تزال هناك الكثير من الأمور غير واضحة بشأن سياسة العودة إلى الشركة في مختلف مقارها ومكاتبها ولكل طواقم وفرق العمل.
بالمقابل لم تلتزم شركة فيسبوك بأي سياسات جديدة للعمل من المنزل حتى الآن، رغم أنها ستبدأ فتح أبواب بعض مكاتبها في 2 يوليو، مشيرة إلى أن الذين سيعملون داخل المكاتب سيحظون بيوم عمل واحد عن بعد، وهو الأمر الذي كانت تطبقه الشركة قبل تفشي وباء كوفيد-19.
وقالت المتحدثة باسم فيسبوك، كاتلين بريوني، في بيان: “مع اقترابنا من إعادة فتح مكاتبنا على نطاق واسع، فإننا لا زلنا ندرس نهجنا بشأن العمل في المكتب، ونتوقع أن يتطور هذا الأمر على الأرجح”.
ولكن بعض الموظفين في الشركة، أعربوا عن عدم رضاهم عن المعايير التي قد توضع بشأن من يحق له العمل عن بعد بشكل كامل، في حين أكدت “فيسبوك” أنه جرت الموافقة على طلبات 90 بالمئة ممن أبدوا رغبة في العمل عن بعد بشكل دائم. غير راضين عن نظام اختيار من يمكنه العمل عن بُعد بشكل دائم دون تقديم أي أرقام عن أعدادهم.
“هو المستقبل”
وكان الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، مارك زوكربيرغ، أشار في وقت سابق من العام الماضي إلى أن العمل عن بعد يمثل المستقبل.
وأخبر زوكربيرغ موظفي فيسبوك وقتها أنه سيكون بإمكانهم العمل من المنزل ذات يوم بشكل دائم، طالما أنهم يحصلون على موافقة مديرهم.
وكان زوكربيرغ قد كشف في حوار مع موقع أخبار التكنولوجيا “ذا فيرج” في العام المنصرم عن أنه يتوقع أن يعمل حوالي نصف موظفي شركته عن بعد خلال العشرة أعوام القادمة
ولكن أكد أن نسبة 50 بالمئة تبقى مجرد تقدير منه وليست إعلاناً رسمياً.
ويبدو أن كلام زوكربيرغ يعبر عن توجه قد يغطى في المستقبل لدى العديد من الشركات الكبرى في سبيل استقطاب المواهب والعقول للعمل لديها والحفاظ عليها.
وفي هذا الصدد، قالت مسؤولة الموارد البشرية في شركة “سلاك”، ناديا رولينسون، إن ذلك سيكون عاملا حيويا للمنافسة والمحافظة على الصدارة وروح المنافسة والابتكار.
وأشارت إلى أن العمل في مجال التكنولوجيا يتسم دائما بالمرونة والتنافسية، لافتة إلى أن العمل عن بعد أضحى أمرا بشكل خاص للشركات التي في الحصول على مزيد من التنوع العرقي واندماج الموظفين في فرقها وطواقمها.
وكانت شركة “سلاك” قد أعلنت أنها ستسمح لمعظم موظفيها بالعمل عن بعد، ولكن مع تعديل في الرواتب والأجور بحسب المنصب والموقع الوظيفي، لافتة إلى أن الرئيس التنفيذي للشركة، ستيوارت باترفيلد، انتقل بعيدًا عن منطقة خليج سان فرانسيسكو إلى ولاية كولورادو ويخطط للعمل عن بعد من هناك.